السبت، 25 مارس 2023

كتاب الروح والنفس القسم الاول


المقدمة

      بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وعليه نتوكل، والصلاة والسلام على من بُعث رحمة للعالمين وعلى آله الطبيبن الطاهرين. 

     بسم الله الواحد الأحد، بسم الله الفرد الصمد، الحمد لله حمدا كثيرا، وصلاة وسلام على رسوله واله الاطهار والذي اصطفى وتتجلى وسطية الإسلام واعتداله في وحدانية الله سبحانه، فهناك تسليم بأنه لابد لكل مخلوق من خالق، فمن غير الممكن أن تكون السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والبحار والأنهار والأمطار والإنسان والحيوان والنبات والجبال والصخور، من غير خالق بل إن أهل الجاهلية وهم أشد الناس كفرا اعترفوا بالإله الخالق، كما حكي القرآن الكريم : وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ([1])" وقال:وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ([2]) . بل كان بعضهم يستدل على وجود الله تعالى بما حوله من الآيات الكونية فيقول:" البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير". ورواية النبيّ Jالذي مرّ على عجوز بيدها مغزلها وسألها عن وجود الله تعالى فقالت: أستدلّ عليه بهذا المغزل، أي برهان الحركة ([3]) فيقال إنّه قالJ: عليكم بدين العجائز فإنّه دين الفطرة، الحمد لله الذي علم الانسان بالقلم، علمه ما لم يعلم، والذي وفقني التحدث معكم من خلال الكتابة حول ((الرُّوحِ والنفس والجسم)) وقبل أن أبدأ البحث اعتذر عن كل سهو او خطأ غير مقصود والحقيقة كل كتاباتي عمل فردي إلا النقاشات والحوارات التي اثير اغلبها لأجل الحصول على المعلومة ومناقشتها مع بعض الافاضل الكرام جزاهم الله خيرا.

       الى سادتي النفوس الفاخرة، بحور العلوم الزاخرة، شفعائي في الآخرة، وأوليائي، أئمة الخلق وولاة الحق، سيدي ومولاي الحبيب المصطفى، ومولاي عليا المرتضى والى سيدتي فاطمة أم الأئمة الطاهرين والى السيدين الحسن والحسين، والى السيدة الكبرى خديجة والائمة المهدين وإليك يا أبا الفضل، يا من أسس الفضل والإباء، إليك يامن قلت مدافعا عن العقيدة , إليك يا معلم الأجيال الدفاع عن المعتقد بكل غال ونفيس والى اختك الحوراء زينبB بطلة كربلاء ولسان الثورة الحسينية والى من علمني حب اهل البيت b والدي أهدي هذا الكتاب المتواضع راجيا القبول والشفاعة.

    أود أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان إلى من دعموني في هذا البحث وكان له فيه أثر واضح من الافاضل الكرام سماحة الشيخ علي النجفي واستاذنا سماحة الشيخ فاضل الربيعي المشرف على البحث وسماحة الشيخ حسن الربيعي وسماحة الشيخ محمد رضا الطرفي والأفاضل من طلبة الحوزة والاخوة من اهل البحث والمعرفة.

                                                                                     عادل الزركاني

                                                              5 شوال 1443هـ

مقدمة البحث

       في هذا البحث نحاول ان نقدم شيء ما حول هذا الموضوع الواسع جدا والذي كتبَ فيه الكثير ولم يصل الى قراره احد, ولن يصل , وكما أي طالب علم نحاول الخوض في هذه الابحاث العميقة لأجل الفائدة والمعرفة ليس إلا , ونحن نؤمن تماما بما جاء عن أهل بيت الرحمةb  لكن نحن نبحث في مواضيع شتى وفي هذا الموضوع بالذات ليس لاي انسان مهما كان ,لا يمكن ان يحيط به، وممكن الوجود لا يمكن ان يحيط بكل شيء , نحن نـتأمل في الافاق المعرفية ليس إلا والاخذ من اهل العلم والعلماء كما بينا , نأخذ من اهل الفلسفة , والفلسفة لعبت دوراً مهماً في تفسير الحياة الإنسانية في وسائل الحصول على معرفة الحقيقية ومصادرها وخاصة في ما يخص الإنسان ذاته والكون عموماً! , وأن الكثير كانوا ولا يزالون لا يثقون بما تقدمه الفلسفة من معارف , وهذا من حقهم لان الاعتقاد ان هذا لم يأتي من طريق الدين , وكل ما لا يوافق الدين لا يمكن الاخذ منه , او لا يمكن الوثوق فيه , وهناك من يعتقد ان الفلسفة تتعارض مع الدين , لكن هل هناك تعارض بين الفلسفة والدين او توافق بينهما ؟

   أقول : الفلسفة أداة يستعملها الانسان للمعرفة كما استعمل المنطق([4]) وهي نشاط عقلي يسعى لإدراك الكون الذي نعيش فيه، وتحليل العلاقة بيننا وبين هذا الكون، والدين بدوره يقوم بتفسير هذا الكون , كما يحدد كيفية تعاطينا مع الحقائق الموجودة فيه، سواء كانت مادية أم روحية والفلسفة هي رديف للحكمة، وهي ليست فقط استعمال العقل والتفكير، فهذه عملية فيزيولوجية يمارسها جميع الناس على اختلاف درجات علمهم وفهمهم، أما الفلسفة فهي العلم في معرفة حقائق الأشياء حسب مقدرة وطاقة الإنسان، ولذلك فإن فلسفة الشيء هي معرفة حقيقته، وأدواتها امتلاك المعرفة والمقدرة على تسخير الأدوات العقلية في التفكر في كنهه وماهيته ،       ومآلاته، وليست مجرد البحث والتجريب فذلك هو العلم التجريبي , وعندما نقول فلسفة نعني الحكمة يعني الحكماء لا مع السفسطائيين الذي يتلاعبون بالمدارك وفلسفية القياس المغالطي منه والمرائي والمشاغبي والجدل , وهناك من يقول الحضارة الإسلامية او الدين بشكل عام يرفض الفلسفة لأنها منتج الملحدين وهذا كلام منقوض، بل العكس هو الصحيح، لان كما تقدم الفلسفة (الحكمة) التي اخذها المسلمون او عرفها المسلمون والموحدين ليست فقط من الحضارة اليونانية او ان الفلسفة الحديثة منشؤها يوناني، ومنبتها غربي، ومطوروها فلاسفة أوروبيون، كما رسخ الفكر الغربي هذه الفكرة , لكن  الحقيقة قد سبقهم فلاسفة بلاد ما بين النهرين الإغريق بثلاثة قرون ومنهم أبيقار الحكيم([5])، وكذلك فلاسفة حضارة وادي النيل أو «الفلسفة الشرقية القديمة» فلقد أوضحت في كل هذه الكتب أن لفظة الفلسفة نفسها من أصل مصري قد بين الكاتب (مارتن بيرنال ) في كتابه «أثينا السوداء»، كما أن فيثاغورس([6]) أول من استخدم مصطلح الفلسفة ومعناها (محبة الحكمة) فهو يعتقد أن الحكمة حكر على الله، فالفلسفة تأتي من محبة حكمة الله المتمثلة في كمال خلقه في كل الموجودات ودوام التأمل فيها لمعرفة كنهها ,وكما ظهرت الفلسفة التاوية والكونفوشيوسية في الصين وغيرها من الحضارات, وكل الشعوب بينهم حكماء  وفلاسفة , والحكم مفهوم اعم واعمق من الفلسلفة , لقمان الحكيم A([7]) ظهر في الزمن البابلي بالإيمان والصلاح والتقوى وليس بالزندقة وهناك سورة في القران الكريم باسم (لقمان) قال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ , وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)([8]) .

سأل حماد الإمام الصادق A عن لقمان وحكمته : أما والله ما أوتى لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال , ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله، ساكتا سكينا، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستعبرا بالعبر، لم ينم نهارا قط، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستره وعمق نظره وتحفظه في أمره، ولم يضحك من شيء قط مخافة الإثم، ولم يغضب قط، ولم يمازح إنسانا قط، ولم يفرح بشيء إن أتاه من أمر الدنيا ولا حزن منها على شيء قط، وقد نكح من النساء وولد له من الأولاد الكثيرة، وقدم أكثرهم أفراطا فما بكي على موت أحد منهم)([9]) كان حكيما عالما مفكرا عرف بالحكمة والتقوى، وفي كل عصر فلاسفة (حكماء) كما بينا، وهناك من ترجم فلسفات الأقدمين ولم يمنعهم أحد بحجة أنها تناقض الدين، ولم نقرأ شيء من سيرة اهل البيت b فيها منع لهذه الأمور، وبعضهم يعتبر ان الكلام في الفلسفة هو الابتعاد عن خط اهل البيت b والميل نحو الصوفية والمبتدعة وغيرهم! نعم اذا كان كما الصوفية او الزنادقة هذا خلاف الحكمة بل ضدها , لكن الكلام في الفلسفة او التفلسف لا اشكال فيه ان لم يكن خروجا عن الايمان والعقيدة، ومن الفهم الخاطئ والذي يروج له بعض من لا يمكن فهم المطالب او يجد الصعوبة في الوصول للحكمة وهو يأخذ مسلمات ونتائج جاهزة فقط ويعمل عليها وان كانت غير صحيح في بعض الأحيان , وفي نظرهم ان الفلسفة والعلوم العقلية لم يعتمدها أهل البيت b وأنهم نهوا عنها , لكن هذا الزعم  غير صحيح ولا وجود له , كيف يتم النهي والكثير من الآيات في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة تعتمد على المبادئ العقلية الاستدلال البرهاني العقلي , نبين شيء من بعض تطبيقات الأصول العقلية والمبادئ التصديقية البديهية التي وردت في القرآن الكريم وأحاديث أهل بيت الحكمة b من المبادئ العقلية الاساسية والبديهية والتي هي اساس اي برهان ولولاها لانعدم طريق العلم والوصول إلى اي حقيقة ولما ميزنا بين الحق والباطل والصحيح والخطأ والواقعي والوهمي: مبدأ عدم اجتماع النقيضين.. وأن لكل معلول علة.

هذان مبدأن عامان واساسيان واليهما ترجع جميع استدلالاتنا خاصة المبدأ الأول واليه يعود المبدأ الثاني، لنرى كيف اعتمدهما القرآن الكريم في استدلالاته البرهانية ونكتفي بمثال واحد، قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) ([10]) هنا برهان عقلي خالص، يعتمد على مبدأي العلية وعدم التناقض، فالله الحكيم تعالى شأنه لا يريد منا اتباعا بلا علم، كم علمنا وحثنا على اتباع الدليل والبرهان وألا نكتفي بالظنون والأوهام.

وهناك من يأخذ الفلسفة بعيدا عن الدين ويرى أن في الفلسفة الحق الصريح وانه بها وحدها يصل إلى الحقائق مستغنيا بذلك عن القرآن الكريم والعترة الطاهرة فقد خالف الحق الثابت بالبرهان بل وقع في دائرة الشرك بالله جل جلاله وسار في طريق الزندقة , الدين الإسلامي وكل حكماء الإسلام ليس بالضد من العلم الصحيح ولا حتى من الفكر والتأمل على العكس تماما يشجعون عليه , ويقبلون الاخر ويناقشون الجميع وفي مقدمته اهل البيت b ولا يخافون على الدين من الفكر  او من الفلسفة وغيرها , من يؤذي الدين هم المتطرفون سواء في معاداة الدين خوفا منه، أو الجاهلون خوفا عليه، فلا يمكن أن تنقض أي فلسفة وجود الله تعالى، لأن الالحاد مبني على الشك فقط، والشك لا يبني نظرية إنما يثير التساؤل والبحث فقط، لكن في الوقت نفسه فلا يمكن إيجاد إثبات واحد على عدم وجود الله، وهذا هو التحدي الأعظم للعقل، لذلك فإن الدين دعا إلى التفكير والبحث بعكس ما يدعيه المنغلقون على فكرة معاداة الإسلام .

الكلام الفلسفي ليس تقيدا للمطالب وانما هو بيان لفكر ومستوى بين المفكرين بمعنى ادق استعمال مصطلحات ومفاهيم واضحة بين اهل الاختصاص والفلسفة وهل الحكمة وكما لكل علم مصطلحات خاصة ومن خلال الحكمة يبدأ "الوعي"، وتتكون لدينا أفكار واعية وعالية.

     وبظهر النظريات المادية التي اعتمدت على نقض الدين، بإيجاد تفسير بديل لفكرة وجود خالق، ولما لم يكن من الممكن إثبات عدم وجود خالق لأن كل الدلائل العقلية المنطقية تدل على وجوده، لكن كونه خارج مدركات الإنسان الحسية، وكان كل جهد الملحدين يتركز على عدم الاعتراف بالوجود غير المحسوس، باعتبار الوجود هو المادة المجسمة، وهذا أمر خاطئ علميا فهناك الكثير مما هو مؤكد وجوده لكن لا يمكن ادراكه بالحواس البشرية لذا لا يمكن نفي وجوده , والفلسفة غرضها الأساسي هو محاولة كشف أسرار الكون وتحليل العلاقات القائمة به بين مكوناته وان لم تتمكن لكن هي محاولة ولا بائس في التأمل والتفكير. ([11])

 النتيجة : لا تعارض بين الدين والفلسفة بل هي علم يمكن الاستفادة منه كباقي العلوم، وكل هذه الأفكار تحصل من خلال النقاش والمباحثة مع الأساتذة والزملاء وفي مطالب عديدة وكثيرة مرة سؤال يحتاج وقت طويل للإجابة , ومبحث نأخذ فيه زمن وقد لا نصل , وهنا يجب ان نلفت النظر على قضية مهمة جدا , قبل الجواب المفروض مقدمات لأجل الفهم التام ([12]), وإلا يكون الجواب ناقص , وقد لا تصل الفكرة ويبتعد عن الموضوع أكثر وتتكون لديهم شبهة جديدة  , جلسات مع اهل الفكر والاستماع الى اساتذتنا المراجع (حفظهم الله ورحم الله الماضين منهم) ودروس في الحوزة العلمية , ومن ضمن هذه الأشياء والتساؤلات الذي اخذ وقتا طويل ( بدء الحياة والخلق ), وكيف خلق الإنسان , وباعتباري مؤمناً بوجود الله تعالى بدافع هذا الإيمان وجب علي البحث والسؤال عن الخلق والخالق وعن البداية والنهاية .

     تساؤل ينطلق من الإيمان بالله تعالى ونسعى الى تعزيزه والارتباط به أكثر , ونحن كبشر ليس لنا إلا ما أوتيتنا من العلم والمعرفة الممكنة والحسية , والغيب لا يعلمه الا صاحب الغيب قال تعالى : (قُل لا يَعْلَمُ مَن في السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ)([13]) ومن ارتضى من رسوله قال تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا , إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ) ([14]) لكن الانسان بطبيعة يمتاز بالنزوع نحو التفكير والبحث ولهذه القوى جانبان: ظاهري وباطني، الأول يخص الحواس الخمس، والثاني يخص الحس المشترك كالخيال والوهم والذاكرة , ومهما تصورنا انها غير محدودة فهي محدودة سواء شئنا ام لم نشأ, أشياء كثيرة اهمها بشريتنا الضعيفة التي لا تستطيع ان نجعلها في حالة كما نريد وان لا يصيبها ضرر , رغم ما يخدعنا غرورنا بما ان وصلنا الى القمر او كواكب الأخرى , ولم نلتفت الى بشريتنا الضعيفة التي هي في الواقع لا تختلف كثيرا عن البشر من قبل بالرغم من ما نراه من تغيير وما نراه من تقدم علمي او تكنولوجي عمن كان قبلنا, فهو قشرة تافهة لا تحسب بالقياس الى عملية خلق الإنسان في حد ذاتها, ولكي نقارن ذلك التقدم البشري بعملية خلق الإنسان, فلنقارنها او فلنقيمها بما يمكن له ان يحققه وما يمكن له ان يتحمله, مثال بسيطة جدا لكن عظيم وكبير , هذا الفيروس التافه  الذي لا نستطيع ان نراه وحتى بميكروسكوب, يمكن ان يهزم ذلك الإنسان الضخم القوي ويمكن ان ينهى حياته, وانهى حياة الكثير وخاصة في هذه الأيام وهو مجرد فيروس! وكل العلم وكل ما اكتشفناه في معرض التكنولوجيا وغيرها، قد لا يستطيع ان يقف أمام هذا الفيروس الضعيف الذي لا يرى، ولا يستطيع ان يقف امامه ولا يستطيع ان يخلقه، فكيف بخلق الإنسان نفسه؟!

 نعم الخالق العظيم خلق الانسان وجعل فيه عقل يقود هذا الجسم وجعل بهذا العقل يكتشف ما حوله ويصنع العلاج ويحضر الطعام ويبني ويخطط والخ، لكن هذا المخلوق البسيط والذي لا يكاد يرى يفعل هكذا فكيف بغيره الأكبر والأكثر قوة وهم بالمليارات من المخلوقات، وكل عالمنا هذا كوكب صغيرة داخل مجرة درب التبانة، وتحتوي مجرة درب التبانة على حوالي 400 مليار نجم، ويبلغ قطرها 100000 سنة ضوئية. ولكنها لا تُعد كبيرة عند مقارنتها بمجرات أخرى... أشياء عظيمة في هذا الخلق لم نصل لحقيقتها ولن نصل إلا بما وصل له الحس البشري , قد نتوهم عندما نطلق العنان لأفكارنا بطريقة لا إرادية انا نعرف كل شيء ونتحدث عن عملية الخلق , وكيف كانت والى اين تنتهي, ونتصور انا خلقنا أشياء عظيمة تشبه الخلق الى حد ما في مجال الفن او النحت او التصوير او حتى الاستنساخ الحيواني ويمكن الاستنساخ البشري , نعتقد ان هذا العالم او ذاك المبدع قد خلق شيئا, او ان المخترع قد خلق شيئا, نعم لعقولنا كبشر خلق شيء عظيم , والحقيقة هو لم يخلق شيء  ونحن كبشر لا نستطيع ان ( نخلق) أي شيء  مطلقا, ولا حتى نفحة هواء, المخلوق لا يخلق ,وكل شيء نفعله له مكونات, نحن قد نغير تلك المكونات, قد نغيرها فنيا او علميا او كيمائيا او كهرومغناطيسيا ليس إلا , ولكن ان نخلق شيء فهذا مستحيل, فعملية الخلق هو ان تبدأ من العدم تماما, ومن لا شيء وتنتهى بشيء , المواد الأولية موجودة المكونات مخلوق والانسان استعملها ضمن تجارب وحصل على نتيجة وهذا صناعة وحاجة للإنسان (الحاجة أم الاختراع), للخلق تعريفان او كلمتان تطلقان على مفهوم الخلق تصلح إحداهما ان تطلق بديلة عن الأخرى وليس العكس ,فعندما نتحدث عن الخلق من عدم أي من لا شيء كخلق السموات والأرض او خلق الأكسجين والهيدروجين من لا شيء مثلا , فهنا نستطيع ان نطلق عليه  فطور أو فطر( وهى خاصة بالله جل جلاله لا شريك له) : ﴿فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ([15]) وايضا خلق أو تخليق  (أي خلق من لا شيء أي بدون مكونات سابقه نغير ونبدل فيها ) .

اما عندما نتحدث عن خلق شيء من شيء كخلق الماء من عنصري الأكسجين والهيدروجين فهنا نطلق عليها تعريف وكلمة الخلق ولا يمكن ان نطلق عليها الفطر او الفطور، ولذلك جاءت صفة الفطر خاصة بالله سبحانه وتعالى، وجاءت صفة الخلق والخالق مشتركة بينه وبين مخلوقاته ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ([16]).

قال اهل البلاغة صيغة افعل تدل على المشاركة إلا فيه سبحانه , فهذه الصيغة كما على الشراكة لا استحالته , ولو سلمنا فهي مجازي لا اسناد , وهذا القول مشهور , فعندما نقول تبارك الله احسن الخالقين صيغه افعل لا تدل على مشاركته في الخلق بخلاف الممكن لو قلنا فلان احسن من فلان بمعنى ان فلان له حسن لكن فلان اكثر حسنا وبعضهم ادعى خلاف ذلك وقال تدل على المشاركة لكن بنحو المجاز , فلو قلنا الله احسن الخالقين معنى الخلق في العبد ليس كمعنى خلقه سبحانه انما معنى التدبير والابداع فيكون البشر خالق بهذا المعنى المجازي , لكن القول المشهور ان افعل التفضيل قاطبة تدل على المشاركة بين الممكنات ولا تدل على المشاركة فيه سبحانه , كمثل إطلاق كلمة الله والرحمن على ربنا سبحانه وتعالى وحده بينما نطلق صفات واسماء رؤوف وكريم ورحيم على مخلوقاته ايضا , والآية تشير بأنّ هناك خالقينَ سوى اللّه ليكون هو أحسنهم ! في حين أنّه تعالى ينفي بكلّ شدّةٍ أن يكون خالقٌ غيره إطلاقاً وأنّه خالق كلّ شيء ولا خالق سواه، جاء  في التعبير القرآني ان الله تعالى أحسنُ الخالقينَ , مّا يشير بأنّ هناك خالقينَ سوى اللّه ليكون هو أحسنهم  , الخَلق  هنا بمعنى الإبداع وإيجاد الصورة بالتركيب الصناعي أمرٌ يَعمّ، فقد حكى اللّه  تعالى عن المسيح A : ﴿أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ ([17]) وقوله : ﴿ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي([18])، والخَلق في كلام العرب ـ ابتداع الشيء، وإنّما يخصّه تعالى إذا كان إنشاءً لا على مِثال سَبَقَه، وكلّ شيءٍ خَلقه اللّه فهو مٌبتَدِؤه على غير مِثال سَبَق إليه، ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ... ([19]) والانسان لم يخلق شيء ابدا حتى كلامه لم يستطيع ان يأتي بجديد فيه ولم نؤلف كلمة, فلم نخلقها لأنها تكونت من حروف لم نخلقها نحن , لا نستطيع خلق اقل او أصغر مخلوق ولا نعرف عملية الخلق كيف كان ومن أي مواد تكون، فكيف يمكن ان نحكم على الخالق، وكيف يمكن لنا مجرد ان نتصور اننا نستطيع ان نفهم الخالق او نعلم ما هي الكينونة العملية للخلق او ان نناقش ما يفعله في عملية الخلق! ([20])، شبهات التساؤلات لم نجد لها جوابا او تفسيرًا، وأخرى جدلية بأدوات عقلية بشرية قاصرة وعاجزة، ومن قناعات نفسية ليس لديهم دليل على نفيها سوى الجهل بها! وهناك أسالة لم تتمكن حتى أفضل العقول من الإجابة عليها، نعم وليس بالإمكان ان يصل لها عقل الانسان مثل الروح التي تحرك الانسان قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ([21])  فكيف بخالق الروح وكل هذه الخلق من انسان وحيوان ونبات وحشرات وجماد وماء وسماء والى اخره من خلقه تعالى، ومثال لهذه الأسئلة والتي نحاول المرور عليها سريعا، من هذه الأسئلة للبداية البحث نمر عليها سريعا ونذكر الجواب العلمي والديني في هذه المقدمة للفائدة وهو السؤال الذي يقولون عنه أزلية:

 

أيهما وجد أولًا البيضة أم الدجاجة؟

   قالوا: تعتبر أول دجاجة في التاريخ ناتجة من طفرة وراثية حدثت على مستوى بويضة ملقحة لزوجين من كائنات تشبه الدجاج، وأكدت بعض الدراسات أن البيض الملقح ظهر منذ ما يقارب 340 مليون سنة، في حين تطور الدجاج قبل حوالي 58 ألف سنة، لذا رجح أتباع هذه النظرية أن البيضة جاءت أولًا، وجاء بعدهم علماء وضعوا حداً لما يُعرف بالنقاش البيزنطي، فهم يؤكدون ان الدجاجة قبل البيضة.

أجرى علماء بريطانيون عدداً من الأبحاث والتجارب التي أثبتت بحسب تأكيدهم ان الدجاجة خلقت قبل البيضة ([22]), وقد اعتمد الباحثون في بناء استنتاجهم هذا على ان قشرة البيضة تحتوي على بروتين "أوفوسليدين 17" موجود في مبايض الدجاجة، التي تفرز هذه المادة بهدف الإسراع بتكوين قشر البيض خلال 24 ساعة قبل ان تبيضها واعتبر العلماء بناءاَ على هذه الحقيقة انه لا يمكن ان توجد البيضة قبل الدجاجة التي تعتبر برأيهم المصدر الوحيد لمادة "أوفوسليدين 17"، مما يعني بحسب هذه الدراسة ان الدجاجة وجدت قبل البيضة , وعلى الرغم من ان الفريق خلص الى هذا الاستنتاج، إلا ان عددا من المشرفين على الدراسة أعربوا عن شكهم بأن تكون نتيجة هذه الدراسة نهائية وغير خاضعة للنقاش هذا الجواب العلمي.

 والاعتقاد على النظرية يطرح سؤالاً جديداً، ربما سيصبح السؤال الملح الثاني أمام من كان يتساءل "الدجاجة ام البيضة أولاً"، فبحسب العلماء الذين يؤمنون بأن البيضة وجدت أولاً، فلابد من كائن حي وضع هذه البيضة، من هو؟ البيضة والدجاجة كلاهما يتوقف وجوده على الآخر، ولا نصل الى نتيجة، ولابد أن ينتهي بنا الاستنتاج الى من وُجد اولا البيضة او الدجاجة، وهذا هو قانون الدور حيث يثبت بطلانه منذ الوهلة الأولى، قانون الدور في علم المنطق والفلسفة هو توقف وجود الشيء على شيء آخر، وذلك الشيء الآخر يتوقف وجوده على وجود الشيء الذي أوجده. ([23])

معضلة الدجاجة والبيضة شغلت الكثير من العلماء والفلاسفة عبر العصور، من الفيلسوف ارسطو الى العالم الفزيائي الشهير ستيفن هوكينج.

فلصعوبة وتعقيد المعضلة ذهب كل يفسر بطريقة مختلفة تخدم مجاله التخصصي او اعتقاده الشخصي.

    الجواب الديني : هذه الفلسفات الجدلية دون دليل ولن تصل الى نتيجة لأنها بعيدة عن الايمان بالله تعالى، وحول هذا الموضوع ورد في الكتب السماوية واخرها القران الكريم عن الله تعالى وقد أراحنا ودلنا على بداية الخلق فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ([24])، وهذا يعني أنه لا بد من وجود الديك الذي يخصب البيضة في رحم الدجاجة، لأن الحياة تتكون من ذكر وأنثى , والتكاثر لا يتم بنوع واحد وإنما يتم بالنوعين معًا وبمشيئة الله تعالى، ولو تنازلنا جدلا مع من يقول البيضة أولا وحدها لا يمكن تكفي ، هذه البيضة تحتاج حاضنة حتى تفقص ورعاية بعد ذلك، نقول فرضنا كان في مكان نفس درجة حرارة الدجاجة والريح تحرك البيضة مع الذي يقول بالصدفة، هذا الفرخ كيف ستستمر الحياة بعدها؟

أقصد كيف أمكن لجنس الدجاج الذي نراه اليوم الاستمرار ان كانت بدايته مجرد بيضة؟ ان افترضنا أن الفرخ او البيضة صمدت في وجه الطبيعة بالطبع (بالرغم أنّ نسبة بقائه 0%) كيف ومع من ستتكاثر؟

لذلك نجد أن هذا يحتاج لبيضة أخرى وربما أكثر (لنحصل على ذكر وأنثى) والّا لن يكون هناك حيوانات تُدعى الدجاج في كوكب الأرض، وان كان هذا السؤال جدلي لا يراد منه مند اللحظة الأولى، به شيء منه الجواب المنطقي فقط للتشكيك، كمن يسال عن رأس الدائرة ويدعك تبحث عن الرأس في الدائرة المرسومة وتبقى تبحث هكذا دون جدوا، لأنه فاتتك لحظة رسم الدائرة فيستحيل ان تعرف رأسها لان رسمها اكتمل، وليس امامنا الا العودة للقران او للدين بشكل عام هو من يجب على هذه المسألة، قال تعالى: ﴿خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ([25]).

وهناك من اشكال حول هذه الآية الكريمة كما زعم الطاعنون أن القرآن قد أخطأ من الناحية العلمية وهناك من الاحياء ما ليس له زوج كالخلايا والحيوانات الابتدائيّة والدِيدان تتكاثر من غير ما حصول لِقاح جنسي، وهكذا بعض الثِّمار تنعقد من غير لِقاح ومن غير أن يكون فيها ذكر وأُنثى؟!

هي شُبهة كما غيرها لا تقف امام الردود العلمية واللغة واضحة قد لا يفهما من وضع هذه الشبهة وغيرها من الشبهات او هو عالم لكن يضع هذه الأشياء للتشكك فقط , وسنضع ما قاله اهل اللغة والاختصاص في هذا المجال وبإيجاز , الآية الكريمة المُتبادر إلى الأذهان، الزوجيّة مِن ذكرٍ وأُنثى (اللِقاح الجنسي) لكن الحق والمُراد هناك التزاوج الصنفي أي المتعدّد من كلّ صنف، كما في قوله تعالى : ﴿فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ([26])أي صِنفان كنايةً عن التعدّد مِن أصناف مُتماثلة ؛ ذلك لأنّ الفاكهة ليس فيها ذكر وأُنثى وليس فيها لِقاح، إنّما اللِقاح في البذرة لا الثمرة , ومِثله قوله تعالى : ﴿وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ([27])، أي صنفَين متماثلَين، والثمرة نفسها ليس فيها تزاوج جنسي وكذلك الآية : ﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ أُريد بها الصنفان مِن كلّ نوع،كنايةً عن التماثل في تعدّد الأشكال والألوان، كما في قوله سبحانه : ﴿وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ([28]) أي متماثلاً وغير متماثل , إطلاق لفظ التزاوج وإرادة التماثل والتشاكل في الصنف أو النوع غير عزيز، قال تعالى : ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ([29])  أي مِن كلّ نوعٍ متشاكل، وقوله : ﴿ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى([30]) قال الراغب : أي أنواعاً متشابهةً، وقوله : ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ([31]) أي أصناف , وذَكر المفسّرون القُدامى وهم أعرف وأقرب عهداً بنزول القرآن وبمواقع الكلام الذي خاطب به العرب آنذاك .

قال الطبري: وقال بعض أهل العِلم بكلام العرب مِن الكوفيّين: الزوجان ـ في كلام العرب ـ الاثنان، قال: ويُقال: عليه زَوجا نِعَالٍ إذا كانت عليه نَعْلان، ولا يقال: عليه زَوج نِعالٍ، وكذلك: عنده زَوجا حَمام، وعليه زَوجا قيود، وقال بعض البصريّين من أهل العربيّة ـ في قوله: ﴿قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ([32]) جَعَل الزوجَين الضربَين الذُكور والإناث، قال: وزَعَم يونس أنّ قول الشاعر:

         وأنت امرؤٌ تَعدو على كلِّ غرّةٍ

 

فتُخطي فيها مرّةً وتصيبُ ([33])

يعني به (بالمرء) الذئب، وهذا أشذّ من ذلك (أي إطلاق المرء على الذئب أشذّ من إطلاق الزوج على كلّ ذي صنف). وقال آخر: الزوج اللون، وقال لبيد:

         وذي بَهجةٍ كَنَّ المقانِبُ صوتَه

 

وزيّنه أزواج نُورٍ مشرَّب ([34])

 وهذه الشبهات قد أحدثها خصوم الإسلام في العصور المتأخرة، وليس بينها شبهة واحدة ترجع إلى عصر البعثة والوحي والتنزيل، وان كان هناك نقاشات حول لغة القران الكريمة هل كلها عربية هي أيضا شبهات لكن كانت الإجابة عليه في حينها وتنتهي.. فأغلب هذه الشبهات تحاول الزعم بوجود تناقضات واختلافات بين آيات القرآن الكريم وهي لا تصمد امام الحقيقة , وهؤلاء يتحدثون من فهم الناقص للمعنى او محاولة لزرع الشبهات والتشكيك بالكلام المنزل من السماء , والقرآن الكريم في آياته تحدى واضح للكفار منذ لحظة نزوله، ليس فقط بالإتيان بشيء من مثله، وإنما بالعثور على أي تناقض فيه، وذلك عندما قال: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا)([35]) وقوله تعالى : ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ([36]) وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ.([37]) وقوله تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ.([38]) وهذا القران العظيم محفوظ  قال تعالى : ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ([39]) .

      وكما قال احدهم لو كان محمد Jكما باقي البشر تتحكم به العواطف والاحاسيس كما أي انسان والذي يقول ان القران الكريم هو من كتبه لماذا ذكر النبي عيسى A اكثر من نفسه , ويذكر السيدة مريم العذراء B ولم يذكر امه السيدة امنة بنت وهب Bوذكر أيضا أبو لهب نزلت فيه اية: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ([40]) ولم يذكر عمه أبو طالب A الذي تكفله ورباه وعمه حمزة سيد الشهداء A وأبو لهب لو أنه اسلم كذبا نفاقا لكذب القرآن الكريم , لكن حتى هذه لم يفعلها ومات كافرا , وهذا دليل ان القران سماوي ,كما يقول احد المستشرقين , المشكلة في هذه الشبهات وحتى الأبحاث وتساؤلاته التي إلى ما لا نهاية نتيجة جدلية وغير علمية وهذا ما يتخذه الذي يبتعدون عن الدين وعن معرفة الخالق الواحد .

 في هذا الكتاب سيكون لنا اشبه بالنقاش مع بعضهم من خلال تساؤلاتهم وحواراتهم ونقاشاتهم وآرائهم ونظرياتهم الفلسفية او غير الفلسفية وحتى الجدلية لأجل بيان الحق، ولأجل الاطلاع، وما هو السبب وهل مازالت نظرياتهم ثابته ام تغيرت مع التطور العلمي والتقدم الزمني.

      أقول: مفهوم الحياة لدينا غير واضح تماما وهذا الكون يختلف عن مفهومنا تمامًا، وهذا ليس خلل في العقول او عدم قدرة بل على العكس الانسان يبحث في كل الأشياء واكتشف عالمه وكل ما يحيط به عن طريق الحس، ولكن هناك أشياء ليس للإنسان القدرة على معرفتها والوصل لها، والسؤال الساذج كيف لنا ان نعرف الله تعالى؟!

     وكما بينا العقل الحسي لا يمكن ان يصل الى معرفة ما هو أكبر من العقل ومثل هذه الأسئلة والتي كما تبدو فلسفية معقدة، محرجة ومعقدة على السائل والمسؤول لان الإجابة تحتاج مقدمات وبيان والمتلقي هو الاخر يريد ان يفهم كعقل المفكر والباحث.

 السؤال الأول: الانسان يملك حواس وهذه الحواس والأدوات التجريبية مختصة بمعرفة ما هو في دائرة عالم المادة فقط، وهي عاجزة عن إثبات وجوده تعالى بصورة مباشرة، وهو منزّه عن عالم المادة، ولكن يمكن الاستعانة في هذا المجال بصورة غير مباشرة، وذلك عن طريق معرفة النظام المهيمن على هذا العالم عن طريق الحواس، ومن ثمّ الاستنتاج عن طريق العقل بوجود منظّم حكيم وراء هذا النظام الدقيق.

      السؤال الثاني: الله سبحانه وتعالى موجود في ذاته، وأن الله لم يخلقه أحد، وأن الكون كله يحتاج إلى رب عظيم، ونستشعر وجود الله تعالى لكن لا يمكننا أن نراه، لكن يمكننا ان نرى عظمته في مخلوقاته المختلفة والكثيرة.

 وان شاء الله تعالى نحاول أن نبين اكثر تفصيلا في طيات البحث , وهذا طبعا على حسب الإمكان العقلي وفهمي للمطالب وترجمة الأفكار بشكل مبسط وان كنت قاصراَ , نسأله ان نكون على قدر ذلك , هي محاولة في البحث عن نشأة وتطور الخليقة من كافة الجوانب، واعتذر مقدما ان انقل عبارات او أبحاث قد لا يحتملها القارئ الكريم وفيها شيء من الصعوبة لان من الصعوبة بمكان شرحها بأكثر من ذلك لأنه سيكون خلل او خطأ في الطرح , وليس معنى هذا وضع الجمل الصعبة او الأبحاث الفلسفية لأجل غاية معينة او لأجل الفلسفة كفلسفة , او لأجل نكتب للصفوة التي تتطلع على هذه الأبحاث , لا ابدا ليست هذه الغاية وانما هي الاصطلاحات والمفاهيم والمتعارف عليها ولا يمكن ان اضع بدل عنها كلمة او الكلمة المرادفة لها لعل في الامر خلل وتأخذ هذه الزيادة بعد مختلف عن ما يراد منه , ولأجل ان نسير مع المطالب العلمية وبلغتها ومصطلحاتها وما يريده اول من وضع المصطلح او البحث , وهذه الأشياء التي سنضعها لا اعتقد فيها بالمجمل ولا ارفضها جميعا , وما هي إلا أقوال علماء ونظريات وفرضيات قالوا بها سابقا وحاليا مازال من يؤمن بها ويحاول اثباتها , مثل نشأة الخلق , ونظرية الانفجار العظيم , وكيف بدأ الخلق قبل ما يقدر بأكثر من 13 مليار عام، وبينما كان الكون كتلة واحدة متناهية في الصغر حدث له انفجار وهو ليس انفجارا بالمعنى الحرفي بل هو تمدد أو تضخم أدى لارتفاع درجة الحرارة بطريقة عالية وارتفاع كثافته بسبب التمدد أو التوسع وبينما كانت أشلاء هذا الانفجار تتوسع بعيدا عن بعضها البعض سمح هذا نوعا ما بتكوّن المجرات والكواكب المكوّنة لها ونشأة الذرات التي ستكون سببا في نشأة الحياة على الكون بعد ذلك عبر آلاف السنين , وكيف ظهرت الحياة على السطح الأرض؟

 قالوا يرجع أصل الحياة على الأرض على أن جزيئات غير حية أو ما سميت بوحيدة الخلية قامت بالتفاعل مع الضوء مما نتج عنه خلية حية بعد ملايين السنين عن طريق التخليق الضوئي، بدأت الحياة تتشكل على الأرض شيئًا فشيئًا ونتج فيما بعد الخلايا المعقدة ثم كائنات المتعددة الخلايا، ثم الحيوانات البسيطة ثم المفصليات الأرجل ثم الحيوانات المعقدة ثم الأسماك والبرمائيات ثم نباتات الأرض ثم الحشرات والبذور ثم البرمائيات ثم الزواحف ثم الثدييات ثم الطيور ثم الأزهار والمدة التي استغرقتها ظهور كل هذه الكائنات منذ نشأة الكون نفسه أكثر من 4500 مليون سنة ووجدت الكائنات المختلفة إلا أن هذه الكائنات قد انقرضت بفعل الثلوج التي غطت العالم فيما يعرف بالعصر الجليدي ثم بعد ذلك بملايين السنين بعد أن ضرب نيزك الأرض أدى إلى انقراض الديناصورات والزواحف العملاقة التي سيطرت على الأرض منذ ما يقرب من 60 مليون سنة، وظهر أخيرا الجد الأكبر للإنسان القرد وهو ما سمي بالهومو منذ 2.5 مليون سنة أو ما يسمون بالقردة العليا , وهذا الكلام حسب المنهج العلمي فإن أسلاف البشر والقرود الذين استطاعوا الانتصاب على قدمين قد أسسوا لوجود الإنسان ومهدوا له، وهذا حسب تشارلز داروين ([41]) مؤسس علم التطور الذي يفسر وجود الإنسان على الأرض حسب المنهج العلمي.

   محاولات والنظريات والتساؤلات والتصورات حول نشأة الكون ووجوده بما فيه، بعضها فُنّد بنظرياتٍ أكثر قابلية للتصديق ودلائل علمية صحيحة، وأخرى لا زالت قيد البحث وتدرس، نذكر بعض منها على سبيل المثال لا الحصر (نظرية الكون الساكن) ويُطلق عليها اسم نظرية الكون غير المحدود، أو الكون الثابت اللانهائي. هذه النظرية؛ تقترح أن الكون ثابت لا يتغير مُطلقاً.

بمعنى أنه لا يتوسع أو ينكمش، أو يتحرك، وليس له نقطة بداية أو نهاية وعلى النقيض منها، اقترح ألبرت أينشتاين نموذجاً مشابهاً لكونٍ لانهائي زمنياً؛ لكنه محدود مكانياً. ([42]) ودُحضت تلك النظرية حينما اكتشف «إدوين هابل» الشعاع الأحمر للمجرات التي تتحرك في تباعد عن مجرتنا، مُعلناً بذلك أن الكون يتحرك، وتتباعد مجراته أيضاً. ونظرية الكون الثابت أو نظرية الحالة الثابتة: هي نظرية تم تطويرها عام 1949 بواسطة كلّ من «فريد هويل، توماس غولد، هيرمانبودي» كبديل لنظرية الانفجار العظيم (النموذج القياسي) ونص تلك النظرية على أن كثافة المادة في الكون الآخذ في الاتساع؛ ثابتة دون تغيير بسبب خلقٌ مستمر للمادة، واخر النظريات الوجود من عدم، وهذا ما قاله الفيزيائي ستيفن هوكنغ ([43]):

إنَّ الكون نتيجة العدم وقوانين ميكانيكا الكمّ فبالنسبة إلى ميكانيكا الكمّ، تنشأ الجُسيمات الافتراضية من العدم ومن ثم تختفي بسرعة هائلة ما يجعل من الممكن أن ينمو الكون من العدم.


 

من هو الخالق ﴿الصانع

       الحقيقة هذا المبحث مهم جدا، لكن مع مراعاة الآداب وتحقيق المنفعة العلميّة، حيثُ رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق A أَنهُ قَالَ: "إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ عَلَيْهِ قُفْلٌ وَمِفْتَاحُهُ الْمَسْأَلَةُ"([44]) نحن نبحث لزيادة المعرفة ولأجل ان نضع الجواب المناسب للتساؤل وللسائل وطالب العلم المفروض يكون متخصص أو مطلع على علوم اهل البيت b لديه جواب لنفسه أولا ولمن يريد المعرفة على اقل المقادير وكما بينا كيفية المعرفة وحدودها ندخل في النقاشات والرؤى، والسائل ثلاث أنواع الأول:

   السؤال الأول: تعلّماً.

 السؤال الثاني: تعنتاً.

  السؤال الثالث: وسوسةً.

 الأوّل لا بأس به حيثُ يزيدُ صاحبهُ نوراً، والثاني يزيدُ صاحبهُ ذلّةً وغروراً، والثالثُ لابدّ مِن معالجته، والمجيب عليه ان يكون ملتفتا للسؤال وفنه وقواعده، ومهما بدا مقبولاً فإنه قد يكون مبنيًا على مغالطة لا يلتفت لها صاحبه، والسؤال الخاطئ لا يمكن أن يجاب عنه بإجابة صحيحة مباشرة، بل لابد من توضيح المقدمات اللازمة حتى يمكن الوصول إلى إجابة ترفع الإشكال، وفي نفس الوقت توضح المغالطة، وأكثر الوسواسَ في العقيدةِ لان يدخل في شبهة او ادخلَ فيها دون ان يشعر.

      ونحن في هذا العالم نطالع ونسمع ما يقوله اهل العلم ونظرياتهم في بداية والكون كذلك لهم الآراء ونظريات في خالق الكون ونحن نضع إشارات من الاقوال للمثال: فيزيائيو الجسيمات على أنه جسيمات، تقترح نظرية الأوتار اهتزازات على طول هذه الأوتار، ويعمل العلماء على هذه النظرية منذ السبعينيات في محاولة للجمع بين الجاذبية والقوى الأساسية الأخرى للطبيعة- الجاذبية والقوة الضعيفة والقوة القوية والكهرومغناطيسية، وقال كاكو ([45]): "لنفترض أن الشطرنج هو قواعد الكون. بعد 2000 عام، اكتشفنا أخيرا كيف تتحرك البيادق، وكيف يتحرك الفرسان. وبعد ذلك أفترض أنه في يوم من الأيام سنحصل على "معادلة الله"، وهذا سيخبرنا كيف تتحرك رقعة الشطرنج بأكملها وبعد ذلك سنصبح سادة. سنكون قادرين على تطبيق هذا للإجابة عن بعض أعمق الأسئلة التي لم يتم حلها في النسبية، على سبيل المثال، هل السفر عبر الزمن ممكن؟

     ويمكن أن تساعد "معادلة الله" النهائية في حل بعض الألغاز الأكبر، مثل ما يحدث بعد الثقب الأسود؟ هل السفر عبر الزمن ممكن؟

 وما حدث قبل الانفجار العظيم، ويعتقد كاكو أنه يمكن أن يساعد أيضا في حل المشكلات مع النموذج القياسي - وهي نظرية في فيزياء الجسيمات تصنف الجسيمات دون الذرية وثلاثة من القوى الأساسية الأربعة للطبيعة، وغيرها من النظريات والأبحاث التي تنتهي كل تقدم الزمن.

       لا حرمة في التفكير والبحث الشارع المقدس يشجع على ذلك وان نستخدم قواعد العقل، إلا انه وضع ضوابط وحدود لهذا التفكر في معرفة الله تعالى ممكنة، ولكن معرفة كنه ذاته المقدسة ممتنعة، لأن العقول لا تحيط بحقيقة ذاته، كيف يحيط العقل وهو مخلوق بكنه حقيقة خالقه والتفكير في ذاته مجازفة ومسلك خطر، المؤمن يتساءل عن طبيعة المخلوقات وكيفيّة خِلقتها، وكلّما زادت معرفته بحكمة صُنعتها زادت معرفته بحكمة صانعها وبارئها، وزاد إيمانه بالخالق العظيم اعتقاده به الواحد الاحد.

    وانا أقول الحقيقة الذي يريد ان يبحث في إثبات وجود الله تعالى دون حاجة ملحة أنه يجب أن يؤدب تأديبا بليغا ومن ابتلي بالخوض في ذلك فعليه أن يستشعر عظمة الله تعالى ,وأن لا يخوض في هذه القضية الهائلة إلا بقدر الحاجة، والله المستعان ونعوذ بالله من وساوس الشيطان , في هذا البحث لا اريد إثبات وجود الله تعالى لا ابدا الله تعالى ثابت عندي بالعقل والفطرة أن الله تعالى لا يخفى على عباده فالعقل والكون كله وجميع المخلوقات من نام وجماد، وساكن ومتحرك، كلها تدل على وجود الله سبحانه وتعالى , وتشهد بقدرته وحكمته ولطفه وعظمته جميع ذرات هذا الكون , ولهذا فلسنا في حاجة إلى الإتيان بحشود الأدلة على وجوده فهو أمر فطري، و في كتاب الله تعالى وسنة نبيه المصطفى J واهل بيته الكرام b ما يشفي ويكفي لمن عنده أدنى شك في وجود المولى عز وجل، ومن العجيب أن يستدل الملاحدة على إنكار وجود الله تعالى بأدلة هي أقوى الأدلة على وجوده وخلقه لهذا الكون وتدبيره له، ولعل الذين جرءوا فنفوا وجود الله عز وجل إنما حملهم على هذا ما وجدوه من أوصاف الإله سبحانه في التوراة والأناجيل من أنه شاخ وكبر وينسى ويأكل ويشرب ويمشي ويجلس ويحزن ويندم ويهم بالشيء ثم لا يفعله.([46]) هذا النوع في كل زمان ومكان والمشككة والملحدين بكل اصنافهم والذي يقولون ان هذا الإله لا وجود له إلا في أذهان الرجعيين لأنه غير منظور وغير موجود , وهذا من الجهل طبعا , ليس كل موجود حتما يرى، كوجود الهواء الذي نحس به ولا نراه، ووجود العقل في الإنسان، إذ نفرق بين المجنون وبين العاقل، ووجود الروح إذ نفرق بين الحي والميت وأمثلة كثيرة , الله تعالى الحكيم القدير الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور إله يعلم السر وأخفى إله خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، يعرف بآياته وآثار صنعه، ويعرف بسبيل معرفة أوليائه الذين جعلهم حفظة لسره وعيبة لعلمه وساسة لعباده وأمناء على بلاده وخلفاء في أرضه وهم أهل البيت b الذين ورد عنهم (لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا)([47]) نتفكّر في خلق الله عزّ وجلّ عن رسول الله J: (تفكّروا في كلّ شيء, ولا تفكّروا في ذات الله) وعنه J: (تفكّروا في خلق الله, ولا تفكّروا في الله فتهلكوا) وعنهJ: (تفكّروا في الخلق، ولا تفكّروا في الخالق، فإنّكم لا تقدرون قدره) وعن الإمام الصادقA: (إياكم والتفكّر في الله, فإنّ التفكّر في الله لا يزيد إلاّ تيها, إنّ الله عزّ وجلّ لا تدركه الأبصار ولا يوصف بمقدار) وعنهA: (من نظر في الله كيف هو  هلك) وعنهA : (يا سليمان! إنّ الله يقول: (وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنْتَهَى) ([48]) فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا). تيقن كل إنسان أنه لم يخلق نفسه، ولا يمكن ان يخلق غيره وأن فاقد الشيء لا يعطيه فلا المادة ولا الطبيعة خلقت أحدا إذ هي مخلوقة مقهورة، نزلت التوراة لموسى A في القرن الخامس عشر ق.م. قبل الإسلام بأكثر من عشرين قرنا من الزمان.

وكما والانجيل على النبي عيسى A قبل الإسلام بستة قرون تقريبا واليهودية والمسيحية يؤمنان بنفس الإله , العهد الإلهي الجديد للمسيحية يتمم ويحقق العهد القديم لليهودية , ورسول الله محمد J، خاتم الأنبياء والرسل وكتابه القران الكريم أن إله الإسلام هو إله التوراة والإنجيل: قال تعالى : (وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)([49]) "وقوله تعالى : (قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ)([50]) بعد أنْ أثبتنا ان هناك خالق او ان الانسان لا يمكن له ان يخلق نفسه , وجوب علينا معرفته تعالى، بيانُ كيفية تلك المعرفة، من خلال الاتصال الحقيقي ومن جعلهم أبواب لمعرفته ورحمته وشفعاء للناس يوم الدين أهل البيت b ولدائرة معرفة الله تعالى حدودًا يقفُ عندها العقل والنقل، ولا يتجاوزها العقل، ولا حتى النقل، فقد دلّ كلٌّ منهما على عدم إمكان وجواز اكتناه الذات الإلهية المقدسة.

      روايات اهل البيت b تبين لنا كيفية المعرفة ومن خلالها ندخل في افاق هذه المعرفة العظيمة , صورة من صور المعرفة روي عن الإمام الكاظم A: واعلم أنّ الله تعالى واحد، أحدٌ، صمدٌ، لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك، ولم يتخذ صاحبة ولا ولدًا ولا شريكًا، وأنّه الحي الذي لا يموت، والقادر الذي لا يعجز، والقاهر الذي لا يغلب، والحليم الذي لا يعجل، والدائم الذي لا يبيد، والباقي الذي لا يفنى، والثابت الذي لا يزول، والغني الذي لا يفتقر، والعزيز الذي لا يذل، والعالم الذي لا يجهل، والعدل الذي لا يجور، والجواد الذي لا يبخل، وانه لا تقدره العقول، ولا تقع عليه الأوهام، ولا تحيط به الاقطار، ولا يحويه مكان، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير. (ما يكون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعهم ولا خمسة إلاّ هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلاّ هو معهم اينما كانوا ) وهو الأوّل الذي لا شيء قبله، والآخر الذي لا شيء بعده، وهو القديم وما سواه مخلوق محدث، تعالى عن صفات المخلوقين علوًّا كبيرًا ([51]) الانسان عليه معرفة الخالق بل وجوب معرفته تعالى، وتعيّن بيانُ كيفية تلك المعرفة من خلال أهل البيت b ومعرفة الله تعالى أول الدّين، وأوليّة الشيء تدل على شرفه؛ حيث روي عن أمير المؤمنين A : أوّل الدين معرفته"([52]) ولا عبادة لمن لا معرفة له بالله تعالى، كما روي عن الإمام الباقر A: إنّما يعبد الله مَن عرف الله ، فأمّا مَن لا يعرف الله كأنّما يعبد غيره هكذا ضالاً"([53]).

فكيف نعرف الله سبحانه وتعالى حدود معرفة الله تعالى هنا يقفُ عندها العقل والنقل، ولا يتجاوزها العقل ولا حتى النقل، فقد دلّ كلٌّ منهما على عدم إمكان وجواز اكتناه الذات الإلهية المقدسة كما بينا في الاحاديث السابقة، والنقل فقد روي عن أبي جعفرA أنّه قال: "دعوا التفكر في الله فإنّ التفكر في الله لا يزيد إلا تيها لأن الله تبارك وتعالى لا تُدركه الأبصار ولا تبلغه الأخبار"([54]) والمعرفة درجات وليس معرفة الانسان العادي كالعالم والعالم ليس كالمعصوم قطعا هناك معرفة اكثر من الأخرى , وأعلى المعرفة هنا يتجلى الكمال المعرفي، ولا يناله إلاّ ذو حظٍ عظيم، وقد ناله نبي الله الخاتم محمد Jوآله الميامين b وأيّ معرفةٍ أشرف من المعرفة بالواحد الأحد , روي عن الإمام الصادق A أنه قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي فَضْلِ مَعْرِفَةِ الله عَزَّ وَ جَلَّ مَا مَدُّوا أَعْيُنَهُمْ إِلَى مَا مَتَّعَ الله بِهِ الْأَعْدَاءَ مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ نَعِيمِهَا، وَ كَانَتْ دُنْيَاهُمْ أَقَلَّ عِنْدَهُمْ مِمَّا يَطَئُونَهُ بِأَرْجُلِهِمْ، وَ لَنُعِّمُوا بِمَعْرِفَةِ الله جَلَّ وَ عَزَّ، وَ تَلَذَّذُوا بِهَا تَلَذُّذَ مَنْ لَمْ يَزَلْ فِي رَوْضَاتِ الْجِنَانِ مَعَ أَوْلِيَاءِ الله ([55]) وجب على كل عبد معرفة الخالق عز وجل  ولو ادنى معرفة , سُئل الإمام الهادي A عن أدنى المعرفة بالله تعالى، قال : الإقرار بأنّه لا إله غيره، ولا شبه له ولا نظير، و أنّه قديم مثبت موجود غير فقيد، وأنّه ليس كمثله شيء ([56]) المعرفة العقل أدنى المعرفة , ما يستطيع العقل أنْ يحكم به كمعرفةٍ بالله تعالى هو وجود إله منظم لهذا الكون، وطبقًا لقاعدة: الأثر يدل على المؤثر يحكم بأنّ للخالق وجود فلابد من معرفته، لكن لا بالتقليد؛ بل بالبرهان القاطع , وأعلى المعرفة يتجلى هنا الكمال المعرفي ؛ فنفس القواعد العقلية لدينا ممكن الوغول في هذه العلوم، حسب إدراكات العارف ؛ لتنبهه على معرفة الله تعالى، بل وتزداد الدرجات بدراسة القواعد الفلسفية التي لا تتعارض مع الكتاب والسنة النبوية، فتكون عندئذٍ شعاعًا وهّاجًا للعقل، وأداةً لاستنباط نوعٍ من المعارف العليا التوحيدية.

لقد أعطى رسول الله محمد J قاعدةً كليّة فيما روي عنه من حديث: كلُّ مولودٍ يولد على الفطرة"([57]) وبقرنِ مقدمةٍ صغرى وبعد النقل والعقل: النبي الاكرم J وآله b، الخالق (الصانع) هو الله سبحانه وتعالى واحد أحد ليس كمثله شيء، قديم لم يزل ولا يزال، هو الأول والآخر، عليم حكيم عادل حي قادر غني سميع بصير. ولا يوصف بما توصف به المخلوقات، فليس هو بجسم ولا صورة، وليس جوهرا ولا عرضا، وليس له ثقل أو خفة، ولا حركة أو سكون، ولا مكان ولا زمان، ولا يشار إليه.

       وسنبين وباختصار طرق معرفة الله تعالى وان كان وجوده تعالى أغنى من أن يحتاج إلى بيان أو يتوقّف على برهان، حيث أدركه كلّ ذي عقل، وأحسّ به كلّ ذي شعور، وفهمته كلّ فطرة، حتّى الذي ينكره بلسانه لا محالة يتوجّه إليه عند الاضطرار بقلبه وجَنانه، قال تعالى :( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ) ([58]) بل يمكن القول بأنّ وجوده تعالى فطري لا يحتاج في الحقيقة إلى دليل وهناك طق الى معرفته سبحانه تعالى.

    الطريق الأول: الله تعالى: قال أمير المؤمنينA في دعائه: يا مَنْ دَلَّ عَلى ذاتِهِ بِذاتِهِ وَتَنَزَّهَ عَنْ مُجانَسَةِ مَخْلُوقاتِهِ وَجَلَّ عَنْ مُلاءَمَةِ كَيْفِيّاتِهِ، يا مَنْ قَرُبَ مِنْ خَطَراتِ الظُّنُونِ.

  الطريق الثاني: الفطرة: هي عبارة عن قضية محسوسة للإنسان ومسلمة لديه كما يذكر في علم النفس ان الفطرة عبارة عن "الوظائف الاولية المستقلة"([59]) بعبارة أخرى ما جبل الله الإنسان عليه في أصل الخِلقة من الأشياء المادية والأمور المعنوية الظاهرة والباطنة، عن الإمام الباقر A: "فطر الله الناس... على المعرفة به ([60]) فينتج أنّ المعرفةَ طريقٌ لمعرفة الله تعالى، والإنسان لو تُرك من دون مؤثرات خارجية لاهتدى إلى وجود إله خالق للكون.

الطريق الثالث: النبي وآله b: فعلٌ من أفعال الله تعالى؛ لخلقه إياهم هداةً، قادةً، ومن المعلوم أنّ الفاعل يمكن التعرف إلى صفاته عبر فعله، وعليه يمكن التعرف إلى الله تعالى عبرهم، يعضّد ذلك ما نقرأهُ في الزيارةِ الجامعةِ الكبيرةِ: مَن أراد الله بدأ بكم" المصطفى محمد واله bاول الخلق، نور محمّد وال محمّد قبل الخلق بأربعمائة ألف سنه واربعة وعشرين ألف سنة ([61]) نذكر ذلك في بحث اول الخلق ان شاء الله.

الطريق الرابع: العلم: روي عن أمير المؤمنين A: "بالعلمِ يُعرف الله ([62]) العلم باب لمعرفة الله تعالى وكل ما زاد علم الانسان زادة معرفته بالله تعالى قرن سبحانه المعرفة بالعلم، لا المعرفة بالتقليد، فمن يعرف ربّه بالعلوم النقلية أو العقلية أفضل من الذي يعرف ربّه تقليدًا لأبويه مثلًا.

الطريق الخامس: العقل: روي عن الإمام عليّ A: "لم يُطلعِ الله تعالى العقول على تحديد صفته، ولم يحجبها عن واجب معرفته"([63]), اشارةً منه A إلى إمكان معرفته بصفاته وأفعاله"_ ونضيف أيضا الأدلّة العقلية على وجود الله تعالى لأجل الفائدة والاطلاع أكثر.

    الأوّل برهان النظم: أوضح الأدلّة على إثبات الله تعالى الذي يحكم به العقل، هو دليل النظم والتدبير، فالكلّ يرى العالم بسماواته وأراضيه وما بينهما من مخلوقات من الذرّة إلى المجرّة، فنرى أجزاءها وجزئيّاتها مخلوقة بأحسن نظام، وأتقن تدبير وأتمّ صنع وأبدع تصوير، فيحكم العقل أنّه لا بدّ لهذا التدبير من مدبّر، ولهذا التنظيم من منظّم، ولهذا السير المحكم من الحكيم وذلك هو الله تعالى.

       الثانية امتناع الصدفة: إنّا إذا لم نؤمن بوجود الخالق لهذا الكون العظيم، لا بدّ من القول بأنّ الصدفة هي التي أوجدته، وأنّ الطبيعة هي خالقة الحياة.

     الثالث برهان الاستقصاء: إنّ كلّا منّا إذا راجع نفسه يدرك ببداهة أنّه لم يكن موجوداً أزلياً، بل كان وجوده مسبوقاً بعدم، وقد وُجِد في زمانٍ خاصّ، إذاً فلنفحص ونبحث: هل أنّنا خلقنا أنفسنا؟ أم خلقنا أحد مثلنا؟ أم خلقنا قادر وهو الله تعالى؟

     الرابع برهان الحركة: إنّا نرى العالم بجميع ما فيه متحرّكاً، ومعلوم أنّ الحركة تحتاج إلى محرّك؛ لأنّ الحركة قوّة والقوّة لا توجد بغير علّة.

 الخامس برهان القاهرية : إنّ الطبيعة تنمو عادةً نحو البقاء، لولا إرادة من يفرض عليها الفناء، فالإنسان الذي يعيش، والأشجار التي تنمو، لا يعرض عليها الموت أو الزوال إلّا بعلّة فاعلة قاهرة , الله تعالى الخالق القادر الله، اسم عَلم دال على الذَّات المقدسة واجبة الوجود، وجامع لكل أوصاف الكمال الإلهي، ولذا لا يجوز أن يتسمَّى به أحد، وسائر الأسماء قد يتسمَّى بها غيرُه ، وهو أوّل أسمائه سبحانه وأعظمها، وينطق باللاّم المفخَّمة ما لم تسبقه الكسرة أو الياء، ويذكر عادة مقروناً بألفاظ تدلّ على الإجلال , ويُشار إليه اصطلاحًا بـ«لفظ الجلالة»،في الديانات التوحيدية الربوبية(والنظم العقائدية الأخرى).يوصف "الله" وقد نسب أحد رجال الدين اليسوعيين إلى علماء اللّغات الساميّة أنّ هذا الاسم مشتق من أصل آرامي "ايل" (אל)، ومفخّم بزيادة الهاء في الكلدانيّة والسريانيّة على صورة آلها (אלהא) فقالوا بالعربيّة الله" بلام أصليّة مفّخمة.

 وقد جاء الاسم الكريم في الكتابات النبطيّة والصفويّة, فالنبطيّة ذكرته منسوباً إليه كزيد الله وعبد الله وتيم الله وورد في الكتابات الصفويّة منفرداّ ([64]) على أنه الخالق الكلي القدرة والمتحكم والمشرف على الكون، وهو ذو غيب منيع لا يدرك , وأرجع علماء الدين مجموعة متنوعة من السمات لمفاهيم مختلفة عن الله الأكثر شيوعاً بينها هي المعرفة (العالِم بكل شيء)، والقدرة (القادر على كل شيء)، وفي بعض الديانات باللا محدودية (حاضر في كل مكان)، وفي ديانات أخرى التنزيه عن المكان، والكمال (الكمال لله)، وأزلية الوجود الأبدية الدائمة اللامنتهية , ويُقال الله على وجوه شتّى: فهو "موجود.

      طُرحت الأسئلة حول ماهيته (أرسطو، الفارابي، ابن سينا) ولطالما أُقيمت الأدلة على وجوده (ابن رشد، ديكارت، سبينوزا)؛ وهو "اسم" تارة يُحرّم النطق به،كما عادة اليهود، وتارة هو خالق تبلغ أسماؤه المئة، كما هو حال المسلمين؛ وهو لدى المحدثين "فكرة" رأى ديكارت أنّها تخطر في الذهن من الذات نفسها، وذهب كانط إلى أنّها فكرة ترنسندنتالية تنبع من طبيعة العقل ولا تأتيه من أيّة جهة غريبة عنه، وقال هيغل إنّها فكرة تأمّلية تقود تاريخ العالم؛ بل هي لدى نيتشه "شخص" سردي ومفهومي يبدو أنّه مات في ضمير أوروبا، وصار ينبغي اختراعه من جديد، وعلى البشر أن يشرئبّوا إلى "علامات" آتية على ألوهة من نوع آخر، "فكم من آلهة جديدة ما تزال ممكنة"، كما كتب في بعض شذراته الأخيرة . أصغر زهرة او حشرة تتكون بطريقة مذهلة، وهذا الوجود الهائل للبشر والحيوانات والنباتات، الذين يعيشون في تعقيد وبنية كوكب الأرض والكون بأسره، يثبت أنه يجب أن يكون هناك خالق هناك صانع ألن يكون كائنًا مثاليًا؟

وهل هذا الوجود العظيم والمعقد وُجد مصادفة؟!

وهل تستطيع المصادفة أن توجد كل هذا الجمال والكمال في كل شيء في الكون؟

    الخالق هو الله سبحانه وتعالى هو اسم علم مفرد لا جمع له في اللغة العربية يدل على "المعبود", يوصف "الله" على أنه الخالق الكلي القدرة والمتحكم والمشرف على الكون، وهو ذو غيب منيع لا يدرك، وإنّ وجوده تعالى وجود غير مادّي، فهو موجود في كلّ مكان، وفي كلّ جهة، لا بمعنى التحّيز والمحدودية، بل بمعنى الإحاطة القيومية والإشراقية، ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان، بل نسبة جميع الأمكنة إليه سبحانه وتعالى على السواء؛ قال تعالى: ﴿وَللّه المَشرق وَالمَغرب فأَينَمَا توَلّوا فثَمَّ وَجه اللّه إنَّ اللّهَ وَاسعٌ عَليمٌ ([65]).

         نتواصل في نقاش معرفة وقدرة الانسان على معرفة الله تعالى هل له قدرة، نعم للإنسان قدرة على المعرفة عن طريق العقل والحسِّ والفِطرة ([66]) كما بينا سابقا ونبين، إدراكَ وجود إله خالق، يَختلف بالكلية عن الإنسان، بل وكل الموجودات، وهذا النظام والجمال والكمال وكل شيء في الكون أبدع خلقه وأتقنه، ووضع كل شيء في موضعه، كل هذا هل وُجدت مصادفة كما يقول بعضهم، وهل لا يمكن ان يكون بدون صانع؟!

وأدلة وجوده تعالى كثيرة جدًا وكل شيء في الكون يدل على وجوده سبحانه وتعالى، إذ ما من شيء إلا وهو أثر من آثار قدرته سبحانه، ومن أدلة وجود الله سبحانه وتعالى دليل الخلق والإيجاد بعد العدم قال تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ ([67]).

هذه الحجة في الأسئلة الإنكارية: هل خُلقوا من غير شيء فوجدوا بلا خالق؟ وذلك في الفساد ظاهر، لأن تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الأمر فلا بد له من خالق، فإذا أنكروا الإله الخالق، ولم يجز أن يوجدوا بغير خالق أفهم الخالقون لأنفسهم؟

وذلك في الفساد أظهر، لأن ما لا وجود له كيف يخلق؟

 وكيف يجوز أن يكون موصوفًا بالقدرة؟

وإذا بطل الوجهان معًا قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقًا فليؤمنوا به.

   النتيجة في المقام، السماواتُ والأرضُ موجودتان، وقد تقرّر في بداهةِ العقول أنَّ الموجودَ لا بدَّ من سببٍ لوجودِهِ. وهـذا يدركُه راعي الإبل، فيقول: البعرةُ تدلُّ على البعيرِ، والأثرُ يدلُّ على المسير، فسماءٌ ذاتُ أبراجٍ، وأرضٌ ذاتُ فِجاجٍ، أفلا يدلُّ ذلك على العليمِ الخبيرِ.

     والإيمانَ بوجودِ خالقٍ لهـذا الكونِ قضيةٌ ضروريةٌ لا مساغَ للعقلِ في إنكارِها، فهي ليستْ قضيةً نظريةً تحتاجُ إلى دليلٍ وبُرهان، ذلك لأنَّ دلالةَ الأثرِ على المؤثِّرِ يدرِكُها العقلُ بداهةً، والعقلُ لا يمكنُ أن يتصوّر أثراً من غيرِ مؤثِّرٍ، أيَّ أثرٍ، ولو كانَ أثراً تافهاً، فكيف بهـذا الكون العظيم؟! ولذلك لم يناقشِ القرآن الكريم هـذه القضية حتى حينما أوردَ إنكارَ فرعونَ لربِّ العالمين، يوم أن قال تعالى: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ([68])  :﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ([69]) قال تعالى :﴿يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا ([70]) فكان موسىA لا يعيرُ اهتماماً لهـذه الإنكارات، وتعاملَ مع فرعونَ على أساسِ أنَّه مؤمنٌ بوجودِ الخالقِ، فتراه يقولُ له مثلاً: ﴿قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَٰؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ([71]) تتفاوت المفاهيم حول الله بين الأديان المختلفة مثل التوحيدية، الواحدية، الأديان الثنوية، والهينوثية وتمتد إلى مستويات مختلفة من التجريد، قد يعتبر أنه على هيئة الإنسان، لكنه قدير وخارق للطبيعة، أو كمفهوم مقصور على فئة معينة باطنية أو كيان لفلسفي، وقد يعتبر أنه مطلق الوجود"، الصالح الأعظم" والمطلق اللانهائي"،"المتعالي"، أو الوجود أو الكينونة نفسها، ويعتبر أنه أساس الوجود، الركيزة الوحدانية، التي لا يمكننا فهمها.

     والإنسانية حين تتفلسف هي لا تطرح على نفسها من الأسئلة إلاّ ما يقبل الامتحان الكلي لدى أيّ نوع من الناس. ما هو الله؟ هو سؤال كلّي.

     أمّا السؤال: هل المسيح إله أم لا؟ فهو سؤال لاهوتي وخاص بجماعة روحية محدّدة، وفي أفضل الأحوال هو تساؤل ثقافي.. ومن ثمّ، فإنّ البحث في ماهية الله أو في معنى الإله أو في مفهوم الألوهة. هي مهامّ نظرية فلسفية، وليست سجالا لاهوتيا أو نزاعا حضاريا أو خصومة هوية، كلّ شعب يحق له أن يخوض معارك حول مصادر ذاته، ومنها المعارك حول وجود الله أو صحة النبوة أو قدسيّة الكتب الدينية أو حقيقة الوحي أو معنى الإيمان، لكنّ الشعوب لا تخوض معارك فلسفية أو نزاعات تأويلية حول مفهوم الله أو فكرة الإله، وفيما تقدم كانا مع ادلة العقلية والنقلية وهنا سنحاول ان نعرض أدله إثبات وجود الله بين الفلسفة والدين.

     أولا: أدله إثبات وجود الله في الفلسفة اليونانية بشكل مختصر:

  ا_ الدليل الغائي: قال به سقراط وأفلاطون، ومضمونه أن لكل شيء في الطبيعة غرضا، لا يمكن تفسيره إلا بافتراض وجود موجود غير مادي، يتجاوز الطبيعة وينظم كل الظواهر على نحو منسجم دليل الحركة: ووضعه أرسطو ومضمونه: الحركة تحتاج إلى محرك..

     ب- الحركة والمحرك متزامنان.

     ج- كلّ محرك إما أن يكون متحركاً وإما أن يكون ثابتاً.

     د- كل موجود جسمي متغير ومتحرك.

 هـ- التسلسل والدور في الأمور المترتبة غير المتناهية محال.

    النتيجة: تنتهي سلسلة الحركات إلى محرك غير متحرك.

   ب: الدليل الكوني (دليل العلية): وقال به أرسطو أيضا، ومضمونه أن الله تعالى موجود باعتباره العلة الأولى لكل الأشياء والظواهر.

     ثانيا: من أدله إثبات وجود الله في الفلسفة الوسيطة:

     الدليل الوجودي: وقد وضعه أنسلم ([72]) ومضمونه: انه لا شك أن كل إنسان مهما كانت درجته، يستشعر في عقله ضرورة أن يكون هناك موجود ليس هناك من هو أكمل منه. وفكرة الكمال تظل ناقصة ما لم يوجد لها مقابل في الخارج، ولكي تكون هذه الفكرة كاملة لابد وأن يكون هناك موجود في الخارج غاية في الكمال لا يوجد من هو أكمل منه. وهذا الوجود الأكمل على الإطلاق هو الذي نطلق عليه اسم الله ([73]).

     ثالثا: من أدله إثبات وجود الله في الفلسفة الحديثة:

    ا/ الدليل الأنطولوجي: وقال به ديكارت يعرف أيضا بالبرهان السبي، ويعتمد على مبدأ أنه: إذا وجد أي شيء فلابد من وجود شيء آخر هو سببه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وقد وجد ديكارت من بين أفكاره الفطرية فكرة الكائن الكامل اللامتناهي، التي لا يمكن أن يكون هو سببها لأنه شاك فهو ناقص، إذ أن الشك ينطوي على النقص، ولما كان ما هو ناقص لا يمكن أن يكون سبباً لما هو كامل فمن المحال أن نحصل على فكرة الكمال اللامتناهي من تراكم أفكار أشياء متناهية، لأن المتناهيات لا يمكن أن تؤدي إلى لا متناهي.

      وأخيراً لما كان الوجود الموضوعي الصوري للفكرة لا يمكن أن ينشأ من قبل كائن موجود بالقوة حسب، بل من قبل كائن له وجود صوري وفعلي أيضاً، فإنه ينبغي أن نستنتج أن سبب فكرة الكمال اللامتناهي هو كائن كامل لا متناهي بالفعل وهو الله. فالله باعتباره الكائن الكامل اللامتناهي موجود ضرورة.

   ب/ الدليل الشخصي: وهو دليل مأخوذ من دليل السابق، مؤداه أنه موجود غير تام الكمال، ناقص، وهو بالتالي ليس الكائن الوحيد في الوجود، إذ لابد لوجوده من علة، والعلة لابد أن تكون مكافئة على الأقل للمعلول إن لم تكن أكثر منه فضلاً وكيفا وديكارت لو كان علة وجود نفسه، لكان يستطيع أن يحصل من نفسه لنفسه على كل ما يعرف أنه ينقصه من الكمالات، لأن الكمال ليس إلا محمولاً من محمولات الوجود، والذي يستطيع أن يهب الوجود يستطيع أن يهب الكمال , وإذن تكون علة وجوده ذاتاً لها كل ما يتصور من الكمالات وهذه هي ذات الله تعالى.

   ج/ الدليل الهندسي: وقال به ديكارت أيضا ومضمونه انه كما أن فكرتنا عن المثلث تستتبع أن تكون زواياه الداخلية مساوية لقائمتين (180 درجة)، كذلك فإن فكرتنا عن الله باعتباره كائناً كاملاً متناهياً تستلزم وجوده بالضرورة. وعليه فإذا كان من التناقض أن نقول إن الزوايا الداخلية للمثلث لا تساوي قائمتين، فمن التناقض كذلك أن نقول إن الله تعالى غير موجود، لأن الوجود متضمن في ماهية الله على نحو ما تكون مساواة الزوايا الداخلية للمثلث لقائمتين متضمنة في تعريف المثلث.

    د/ الدليل الأخلاقي: وقد وضعه كانط ([74]) الذي يرى استحالة البرهنة نظريا على وجود الله، ولكن يمكن البرهنة على وجوده من ناحية أخلاقية، إذ يرى أن للإنسان شعور فطري بالعدالة، والعدالة تقتضي أن يثاب المحسن ويعاقب المسيْ، ولكن في الحياة نجد أن هناك محسن لا يثاب ومسىْ لا يعاقب لذا لابد من وجود يوم آخر يعاقب فيه هذا المسيء ويثاب فيه هذا المحسن، ولابد من وجود إله يوجد هذا اليوم ويحاسب فيه الناس ويحقق العدالة.

   رابعا: من أدله إثبات وجود الله في الفلسفة الإسلامية:

دليل الإمكان والوجوب: وقال به ابن سينا، ويتكون من مقدمات ثلاث هي:

     المقدمة الأولى: إنّ موجودات هذا العالم ممكنة الوجود، وهي ذاتاً لا تقتضي الوجود؛ إذ لو كان واحد منها واجب الوجود لتم إثبات المطلوب.

    المقدمة الثانية: كل ممكن الوجود فهو محتاج في وجوده إلى علّة تمنحه الوجود.

     المقدمة الثالثة: استحالة الدور والتسلسل في العلل.

   النتيجة: إنّ كلّ واحد من موجودات هذا العالم _ الممكنة الوجود حسب الفرض _ يحتاج إلى العلّة الفاعلية، ويستحيل أن تمتد سلسلة العلل إلى ما لا نهاية، ولا يمكن أيضاً الدور؛ إذن لابدّ أن تنتهي سلسلة العلل من ناحية البدء إلى علّة ليست محتاجة إلى علّة، وهي التي نسميها واجب الوجود، وهو المطلوب.

   خامسا: من أدله إثبات وجود الله في علم الكلام الإسلامي

   ا/ دليل الخلق والاختراع: ومضمونه إن وجود المخلوقات بعد العدم دليل على وجود الخالق، وذلك لافتقار المخلوق إلى الخالق قال تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ ([75]), ويرتكز هذا الدليل على فكرتين بديهيتين الأولى: حدوث المخلوقات، وهذا معلوم بالمشاهدة في آحاد الحيوان والنبات، وبالضرورة العقلية في سائر المخلوقات، ألا مسخرة، والمسخر مخترع من قبل غيره ضرورة. والثانية: حاجة المحدَث إلى محدِث: وهذه الفكرة معلومة بضرورة العقل، فالمحدَث لابد له من محدِث لا يفتقر إلى غيره، وهو الله تعالى.

    ب/ دليل العناية: ومضمونه أن ما في الوجود من مظاهر العناية بالمخلوقات عامة، والإنسان خاصة، هي دليل على وجود الخالق. ويدخل في هذا الدليل كثير من صور الاستدلال، منها:

  أ / دلالة الإتقان: فكل مخلوق يحمل من كمال الإتقان ما يدل على وجود خالقه وكمال ذاته وصفاته، قال تعالى: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) ([76])

  ب/ دلالة التناسق: فالعالم كله يخضع لسنن كونية متناسقة، ثمرﺗﻬا الاتساق بين المخلوقات، والاتساق مع وجود الإنسان، قال تعالى ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. ([77])

     سادسا: قضية إثبات وجود الله من منظور منهجي إسلامي: قضية إثبات وجود الله كجزء من الإيمان بالغيب: إن قضية إثبات وجود الله (تعالى) في المفهوم الإسلامي تندرج تحت إطار الإيمان بالغيب، والإيمان لغة هو التصديق كما في قوله تعالى على لسان إخوة يوسف A ﴿وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ([78]).

أما الغيب لغة ما غاب عن حواس الإنسان أما الإيمان بالغيب اصطلاحا فهو الإقرار والتسليم بأن الوجود لا يقتصر على الوجود الشهادي، المحدود بالحركة خلال الزمان والتغيير في المكان، ويمكن للإنسان أن (يشاهده) بحواسه وبالتالي يدركه بوعيه، ويشمل الوجود التسخيري (الطبيعة) وألاستخلافي (الإنسان).

 بل يمتد الوجود ليشمل الوجود الغيبي (عالم الغيب) بشكليه المحدود، غير القائم بذاته، كوجود الملائكة، والمطلق، القائم بذاته وكل وجود سواه قائم به، وهو وجود الله تعالى. فهو وجود (غائب) عن حواس الإنسان، وبالتالي عن إدراكه وتصوره، إذا المعنى الاصطلاحي للإيمان بالغيب قائم على تسليم وإقرار العقل بصحة فكرة أو اعتقاد، لا يمكن إثباتها بالتجربة والاختبار العلميين، لأن الوجود موضوع الفكرة أو الاعتقاد غير محدود بالزمان أو المكان، أي وجود غيبي.

     الرد على دعوى تعارض الإيمان بالغيب مع العلم، هنا يتضح لنا خطاْ قول منكرو وجود الله تعالى بان الإيمان بالغيب (والذي يتضمن قضية إثبات وجود الله تعالى) يتناقض مع العلم، لان كلا من الإقرار بوجود الله تعالى (أي الإيمان)، وإنكار وجوده تعالى (أي الكفر أو الإلحاد) هو اعتقاد موضوعه وجود غيبي، وبالتالي لا يمكن إثباته بالتجربة والاختبار العلميين.

الإيمان بالغيب والاستدلال: كما أن المفهوم الإسلامي يرفض الإقرار والتسليم  بالوجود الغيبي (عالم الغيب) (المتضمن لوجود الله تعالى ) بدون برهان أو دليل، ويعتبر أن هذا التسليم والإقرار هو الخطوة الأخيرة من شكل من أشكال الاستدلال العقلي (الانتقال من مقدمه عقليه إلى نتيجة عقليه)، القائم على الاستدلال بالوجود الشهادي المحدود (الكون)،على الوجود الغيبي المطلق (المتضمن لوجود الله تعالى)،قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ([79]).

بناءاً على هذا فان المفهوم الإسلامي يقوم البرهنة وبالتالي يدعوا إلى البرهنة على وجود الله تعالى، ولكنه يستند في برهنته على إثبات وجود الله تعالى على شكل من إشكال الاستدلال الذى يسبقه شكل من أشكال الاستقراء (الانتقال من مقدمه حسية إلى نتيجة عقليه) مضمونه النظر في الكون وقال تعالى:﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ([80]) وهنا نجد احد أوجه الاختلاف بين المفهوم الإسلامي والفلسفة الغربية العقلية منذ أرسطو لأنها حاولت البرهنة على وجود الله تعالى استنادا إلى شكل من أشكال الاستدلال الذى لا يسبقه أي نوع من أنواع الاستقراء، فجاءت براهينها مستند إلى معيار الاتساق دون معيار التطابق مع الواقع، التمييز بين الوجود والماهية،كما يميز المفهوم الإسلامي بين وجود (عالم الغيب)  وكيفيهخصائصعالم الغيب،فالأول يمكن للعقل أن يدركه ويبرهن عليه،أما الثاني فلا يمكن للعقل أن يتصوره إلا بالوحي، لذا تضمن الإيمان بالغيب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، قال تعالى:﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلً ([81]) وفي الحديث القدسي (تفكروا في مخلوقاتي ولا تفكروا في ذاتي فتهلكوا).

وهنا نجد أحد أوجه الاختلاف بين المفهوم الإسلامي والفلسفة الغربية العقلية التي لم تتميز في برهنتها على وجود الله تعالى بين الوجود والماهية، أي ترى إمكانية إدراك أو تصور العقل لوجود وماهية عالم الغيب، لأنها تنظر إلى العقل باعتباره وجود مطلق، وليس فاعليه معرفيه محدودة تكوينيا بالسنن الإلهية في إدراكه لعالم الشهادة، وتكليفيا بالوحي في إدراكه لعالم الغيب كما في المفهوم الإسلامي.

       تحرير فكرة الله من الأديان القائمة، أكانت وثنية أو بدائية أو توحيدية، هي نفسها مهمة فلسفية من الطراز الرفيع... يقول هنري برغسون : أنّ الفلاسفة لا يملكون أيّ طريق موصلة إلى تخريج مسألة وجود الإله أو طبيعته؛ وذلك أنّ تلك الطريق توجد أصلا في أفق آخر , فإذا كانوا لا يحكمون على شيء ما بأنّه موجود إلاّ متى شهدوا أنّه مدرَك أو يمكن أن يُدرك في تجربة فعلية أو ممكنة، فإنّ مشكل الإله سوف ينقلب بالضرورة إلى سؤال عن إمكانية معرفة موجود ما يختص بالتميّز عن بقية الموجودات الأخرى بأنّه "لا يمكن أن تبلغ إليه تجربتنا"، ورغم ذلك هو لا يقلّ "فعلية" عن الموجودات التي لدينا؛ هذا الموجود يُشار إليه باسم الإله.([82])  والملحد الذي يعيش مع العلم المادي وسيطر عليه الوهم يقول أن الله وهم وتصور وخيال ليس حقيقة , هو شيء وهمي تصوري يلجا اليه الانسان لتحميله واجب تحديات الحياة , نتيجة كسله او قلة ارادته او فشله او قلة معرفته وخبرته الحياتية او قلة قدرته الجسدية والفكرية وضعف نفسيته او ضعف شخصيته بتركيبتها الشمولية , واخرين يقولون الطبيعة هي التي أوجدتني ؟

وما هي تلك الطبيعة؟ ما حقيقتها وما معناها؟

 هل تستطيع الطبيعة أن تنفرد بالخلق؟

هل هي شيء واحد أم أشياء كثيرة متعددة ومتنوعة؟

هل لها عقل يدبّر لها أم أنها لا عقل لها؟

 وهل يستطيع ما لا عقل له أن يخلق العاقل المفكر؟  

  أم أن هناك إلهًا خلق كل هذا الكون وأبدع خلقه وأتقنه، ووضع كل شيء في موضعه، بحيث لو لم يكن كل شيء كما نراه الآن لانعدمت الحياة؟

  الله تعالى هو عَلم على الذات واجب الوجود المستحق لجميع المحامد، وهو اسم الذَّات العليَّة، خالق الأكوان والوجود، وهو الإله الحق لجميع المخلوقات ولا معبود بحق إلا هو. ويؤمن المسلمون بأن الله واحد، أحد، صمد، ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد ولا وزير له ولا مشير له، ولا عديد ولا نديد ولا قسيم ولا شريك له.

    عجز العقل عن معرفة كنه ذات الله تعالى، الله تعالى يعرف بآياته وآثار صنعه، ويعرف بسبيل معرفة أوليائه الذين جعلهم حفظة لسره وعيبة لعلمه وساسة لعباده وأمناء على بلاده وخلفاء في أرضه وهم أهل البيت b الذين ورد عنهم: (لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا) ([83]).

عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن قال، سمعت أبا عبد اللهA يقول: جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين A فقال يا أمير المؤمنين "وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم؟

 فقال A: نحن على الأعراف، نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الأعراف الذي لا يعرف الله عز وجل إلا بسبيل معرفتنا، ونحن الأعراف يعرفنا الله عز وجل يوم القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه.

إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا، فإنهم عن الصراط لناكبون، فلا سواء من اعتصم الناس به ([84]) ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد لها ولا انقطاع". ([85])

    كل محاولة لطلب معرفة ذاته فهي محاولة محكوم عليه بالفشل، وهي مجازفة في مسلك خطر، ولذلك ورد النهي عن التفكر في ذات الله فإنه يؤدي إلى الحيرة والضلال بل إلى الكفر.

     الله تعالى موجود لماذا لا نراه بأعيننا، ولا ندركه بحواسنا كما ندرك ونرى الموجودات؟

        الانسان يدرك عن طريق الحس والرؤية مثال علماء الفلك يقدرون وجود كواكب بيننا وبينها ملايين السنين الضوئية، وقدَّروا مواقعها والأبعاد بين بعضها؛ لأن وجودها في المواقع التي حددوها، يفسر لهم آثارًا وظواهر معينة في حركة الكواكب التي رصدوها، ويستدلون بما رأوه على ما لم يروه، ويتبين بالملاحظات العلمية صحة الفرض الذي فرضوه، وكل ما يقوله العلماء نتيجة علمية ومقبولة عند من يؤمن بالجانب الحسي ويؤمن بما قال العلماء على بما لم يروه ولم يحسوه، مع أنهم اهتدوا إليه بالمنطق الرياضي الذي يعتمد على الأرقام لا على الأوهام؟

هؤلاء العلماء قد اعتمدوا على منطق بسيط الاستدلال بالأثر على المؤثر وعرفوا الكواكب البعيدة بآثارها لا بذاتها، وغيرهم من العلماء على نفس هذا المنهج منطق الاستدلال بالآثار، لكن هذا المنطق لا يستخدم في معرفة الخالق! ويستخدم في علوم الطبيعة والفلك وينكر في معرفة الخالق؟، الشيء الذي لا نشاهده في الواقع الحسي لا يلزم عقلاً أن يكون غير ممكن الوجود، فعدم الوجود فعلاً لا يدلُّ على استحالة الوجود، فما بالك بالحكم على الخالق بأنه غير موجود، وبأنه متناقض وجوده، لمجرد أننا لم نشاهده في دوائر حواسنا المحدودة!؟

الانسان يحس بالمحيط بالحواس والعقل يعجز عن معرفة الله تعالى، الانسان حسي يستشعر الأشياء بالحس، والحواس هي الباصرة والسامعة والذائقة واللامسة والشامة، وهذه الحواس هي المجسات او العوامل الوحيدة المدخلة للمعلومات لدى العقل وهذه الحواس لها امكانية محدودة وليس مطلقة وتتطبع مع البيئة المحيطة بها على حسب قوة رصد الحاسة , بمعنى ان العقل يختص بادراك العلّية - دون العلة والمعلول- فلولا الحواس لما وجد تصور في الذهن البشري يعني تخبره عن صفات , والنتيجة ان الحواس لا تدرك او تمتلك القدرة على رؤية الله تعالى او الاحساس به عن طريقها، اذ يتبين لنا ان للعقل الحكم الاخير بطريقة الاستنتاجات المنطقية التي يعتمد فيها على المقدمات - المعلومات الواردة من الحواس ليولد قواعد عامة ويكوّن قالبا فكريا رصينا لتشكيل منظومة استنتاجات يقينية مادية ومعنوية والتي من شانها اثبات وجود الله تعالى.

 سئل أمير المؤمنين A: بم عرفت ربك؟  

قالA: بما عرفني نفسه.

قيل: وكيف عرفك نفسه؟

قالA: لا يشبهه صورة، ولا يحس بالحواس، ولا يقاس بالناس. ([86])

الإمام الصادق A في تنزيهه سبحانه وتعالى: سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لا يحد ولا يحس ولا يجس، ولا تدركه الأبصار ولا الحواس، ولا يحيط به شيء، ولا جسم ولا صورة ولا تخطيط ولا تحديد، كل شيء حسته الحواس أو لمسته الأيدي فهو مخلوق. ([87]) عنه A في مناظرته للطبيب الهندي: قلت: إنه لما عجزت حواسك عن إدراك الله أنكرته، وأنا لما عجزت حواسي عن إدراك الله تعالى صدقت به.. قال: وكيف ذلك؟

قلت: لان كل شيء جرى فيه أثر تركيب لجسم، أو وقع عليه بصر للون، فما أدركته الأبصار ونالته الحواس فهو غير الله سبحانه؛ لأنه لا يشبه الخلق، وأن هذا الخلق ينتقل بتغيير وزوال، وكل شيء أشبه التغيير والزوال فهو مثله، وليس المخلوق كالخالق، ولا المحدث كالمحدث. ([88])

ومن السبل الأولى لمعرفة الله تعالى معرفة النفس فقد ورد في الحديث: (من عرف نفسه فقد عرف ربه) وكيفية ذلك: أن تجرد نفسك عن سبحاتها اي عن الحجب المانعة لها عن إشراق فيضه سبحانه، فإن النفس الإنسانية تترقى بهذه المعرفة وتصير شيئا لا كالأشياء، وحينما تكون كذلك تصير آية معرفة الله لأنه عزوجل ليس كمثله شيء ([89]).

ويعتمد علماء الكلام في إثبات وجوب معرفة الله تعالى على أدلة عقلية عديدة أهمها:        

       الدليل الأول : تجنُّب الضرر او وجوب دفع الضرر : العقل يحكم على الإنسان بوجوب تجنب الأضرار المحتملة ودفع الضرر الذي قد يتعرض له , وهذا الضرر مجهول عنده ولكن عدداً كبيراً من الأنبياء والصلحاء الصادقين، دعوا المجتمعات البشرية على مرّ العصور إلى الاعتقاد بوجود خالق جبّار مقتدر لهذا الكون و لما فيه من موجودات، و دعوا الناس إلى إطاعة هذا الخالق ـ و هو الله ـ و امتثال أوامره وتجنب مخالفته أمثال للقانون , ومعرفة هذا الخالق جل وعلا تزيل من الإنسان الخوف المحتمل والمُعتد به من استحقاق العقاب والحرمان من الثواب الذي بيّنه الأنبياء على مرّ العصور. وكلّ ما يؤمّل به زوال الخوف المُعتد به فهو واجب. فلهذا يثبت وجوب معرفة الله تعالى.

     الدليل الثاني : شكر المُنعِم :  الإنسان في حياة فيها أنواع النعم والتي لا يستطيع حتى إحصائها، ولا يستطيع إنكارها أو غض الطرف عنها، والعقل يحكم بلزوم شكر مصدر هذه النِعم ـ أي المُنعِم، وشكر المُنعِم لا يتحقق طبعاً إلا بعد معرفة ذلك المُنعِم، وجوب شكر المنعم ومعرفته , الواقع يشهد بتلوث بعض الفطر؛ ولذلك نحتاج الدلائل العقلية لرد الإنسان إلى فطرته، وترسيخ ما يتعلق بها، إذ أننا بحاجة إلى التذكير بهذه المعرفة الفطرية وإزاحة الغبار عنها، مع التأكيد على أننا لسنا بصدد إحداثها، إذ أنها أمور حاصلة في النفس-كما بيَّنا-ابتداءً. كما أنَّ البعض لا يكفيه فقط هذه الدلائل الفطرية على وجود الخالق، فمن أجل هذا أرسل الله الرُسل وأيَّدهم بالأدلة على صدق دعواهم.  ودليل الخلق والإيجاد يقوم هذا الدليل على الاستدلال بحدوث الكون بعد أن لم يكن على ضرورة وجود خالق عليم أحدث هذا الكون، فالكون حَدَثٌ من الأحداث، فلا بد له مِن مُحدِث يقوم بإحداثه وفعله وإيجاده من العدم.

     لا يعرف العقل الأشياء إلاّ بحدود وجودها وبما أنّ الله منزّه عن الحدّ، فلهذا يستحيل على العقل معرفة كنه ذات الله تعالى، والعقل لا يعرف الأشياء إلاّ عن طريق مقايستها مع سائر الأشياء، والله تعالى لا يقاس بأحد، لأنّه لا مثيل له ولا شبيه فلهذا يستحيل على العقل معرفة كنه ذات الله تعالى، ولهذا قال الإمام علي A: اعرفوا الله بالله. ([90])

 معنى قوله A: اعرفوا الله بالله، أي: إنّ الله لا يشبه جسماً ولا روحاً. فإذا نُفي عنه الشبهين: شبهُ الأبدان وشبهُ الأرواح، فقد عرف الله بالله، وإذا شبّهه بالروح أو البدن أو النور فلم يعرف الله بالله, وغاية ما يقدر عليه العقل هو معرفة الله عن طريق المفاهيم الذهنية وبما أنّ هذه المفاهيم محدودة، والذات الإلهية غير محدودة , فلهذا يعجز العقل عن معرفة كنه الذات الإلهية.([91]) النفوس البشرية، تستطيع أن تتعرف على الأمور من حولها، وتستطيع التمييز بين الأشياء، فما هو مادي يقع تحت سلطان الحواس تميزه بما يلائمه من الحواس، فالمرئي بالبصر، والمسموع بالأذن، والملموس بحاسة اللمس وكذا الروائح والأطعمة، لكن ما الذي يميز بين هذه الحواس , والقائد والذي يحرك هذه الحواس هو العقل الذي وهبه اللَّه لنا، وفضلنا به على سائر الحيوانات، فنحن مثلاً لا نذهب للتهلكة او الضرر، لأن لدينا عقلاً يقودنا الى المحافظة على النفس، وكل معلوم له ما يميزه من الحواس , اثبات وجود الله تعالى الفطري واضفاء شرط كون الفطرة سارية الحجية -ان تكون موجودة في كل انسان بأصل ولادته- نجد في الاستقراء الواضح للبشرية ان الفطرة موجودة في كل انسان وهذا من اوضح الواضحات التي تترفع عن اثباتها بالدليل , وبما ان فطرة الإنسان من الأمور البديهية فمن بديهياتها ايضاً هي دوافع الفطرة، وهناك عدة دوافع يفصلها علم النفس التي من خلالها جعلت الإنسان يشعر بوجوده ويعرف نفسه، ويترتب على ذلك رحلة البحث عن خالق هذا الوجود , والدافع الفطري هو كما عرفها علم النفس: هي الحالة التي تثير السلوك في ظروف معينة وتواصله حتى ينتهي إلى غاية معينة >

 في رواية عن الامام الصادق A في مناظرة مع كبار الملحدين في اوانه أبو شاكر الديصاني- حيث وجّه فيها أبو شاكر السؤال التالي للإمام A قائلاً: ما الدليل على أنّ لك صانعاً؟

   فأجابه الإمام A قائلا: (وجدت نفسي لا تخلو من إحدى جهتين: إما أن أكون صنعتها أنا أو صنعها غيري. فان كنت صنعتها فلا أخلو من أحد معنيين: إما أن اكون صنعتها وكانت موجودة فقد استغنيت بوجودها عن صنعتها، وإن كانت معدومة فإنك تعلم أنّ المعدوم لا يحدث شيئاً، فقد ثبت المعنى الثالث: أنّ لي صانعاً وهو ربّ العالمين) ([92]).

     حوار أخر جرى بين الإمام جعفر بن محمّد الصادق A وأحد الزنادقة حول إثبات وجود الله تعالى: قال الزنديق: إنّي لا أرى حواسّي الخمس أدركته (أي: أدركت الله تعالى)، وما لم تدركه حواسّي فليس عندي بموجود؟!

قال الإمام الصادق A: إنّه لمّا عجزت حواسّك عن إدراك الله أنكرته، وأنا لمّا عجزت حواسي عن إدراك الله تعالى صدّقت به.. ثمّ بيّن الإمام الصادق A بأنّ الحواس لا تدرك إلاّ الأشياء المركبّة، والمركّب من شأنه الاحتياج إلى أجزائه، وبما أنّ الله تعالى منزّه عن الاحتياج فهو غير مركّب، فلهذا لا تستطيع الحواس إدراكه([93]) ليس من حقّ المتمسّك بالأدوات المعرفية الحسية إنكار وجود الله، بل غاية ما يسعه مع لحاظ كثرة المجهولات البشرية ـ هو الاعتراف بعدم العلم، والإذعان بعجز الحواس عن إثبات وجود الله تعالى , فالحقيقة أن الحياة هي أن يؤدي كل شيء مهمته في هذا الكون، ونحن ننظر إلى الجماد على أنه ليس فيه حياة وحركة ولا نلتفت إلى أن مهمته في الحياة تقتضي ذلك، وإذا تدبرنا قول الحق تبارك وتعالي في كتابه العزيز : ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ([94]) لأدركنا أنه طالما كل شيء سيهلك إذن فكل شيء فيه حياة لأن الهلاك هو عكس الحياة، ولذا يمكننا القول أن الله خلق للجماد حياة تناسبه وللحيوان حياة تناسبه وللنبات تناسبه، وهذه الأشياء كلها تسبح لله مصداقًا لقول الله تعالى :﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ ([95])

 جاء في حوار جرى بين الإمام جعفر الصادقA وأحد الزنادقة: قال الإمام الصادقA للزنديق: أتعلم أنّ للأرض تحتاً وفوقاً؟! _ الزنديق: نعم.

    الإمام A: فدخلت تحتها؟!

الزنديق: لا. الإمام A: فما يدريك بما تحتها؟!

 الزنديق: لا أدرى إلاّ أنّي أظّن أن ليس تحتها شيء.

    الإمام A: فالظن عجز ما لم تستيقن. ثمّ سأل الإمام A فصعدت السماء؟!  الزنديق: لا. الإمام A: فتدري ما فيها؟

الزنديق: لا.

   الإمام A: فأتيت المشرق والمغرب فنظرت ما خلفهما؟

 الزنديق: لا.  قال الإمام A: فعجباً لك، لم تبلغ المشرق، ولم تبلغ المغرب، ولم تنزل تحت الأرض، ولم تصعد السماء، ولم تخبر هنالك فتعرف ما خلفهنّ، وأنت جاحد ما فيهنّ، وهل يجحد العاقل ما لا يعرف؟!

   الزنديق: ما كلّمني بهذا أحد غيرك!

الإمام A: فأنت في شكّ من ذلك، فلعلّ هو أو لعلّ ليس هو.

 الزنديق: ولعلّ ذاك. قال الإمامA: أيّها الرجل ليس لمن لا يعلم حجّة على من يعلم، فلا حجّة للجاهل على العالم.

 يا أخا أهل مصر تفهّم عنّي، فإنّا لا نشك في الله أبداً، أما ترى الشمس والقمر والليل والنهار يلجان ولا يشتبهان، يذهبان ويرجعان، قد اضطُرّا، ليس لهما مكان إلاّ مكانهما؟ فإن كانا يقدران على أن يذهبا فلا يرجعان فلِمَ يرجعان؟!

وإن لم يكونا مضطرين فلِمَ لا يصير الليل نهاراً والنهار ليلاً؟!

اضطرّا والله يا أخا أهل مصر إلى دوامهما، والذي اضطرهما أحكم منهما وأكبر منهما.

الزنديق: صدقت.

 قال الإمامA: يا أخا أهل مصر، الذي تذهبون إليه وتظنّونه بالوهم. فإن كان الدهر يذهب بهم لِمَ لا يردّهم؟! وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم؟!

 القوم مضطرّون ... يا أخا أهل مصر السماء مرفوعة والأرض موضوعة. لم لا تسقط السماء على الأرض؟

 ولم لا تنحدر الأرض فوق طاقتها؟ فلا يتماسكان ولا يتماسك من عليهما.

 فآمن الزنديق بوجود الله تعالى، وأقرّ بأنّ الله تعالى هو المدبّر للعالم ([96]).

إنّ الله في كلِّ مكان، ولا يخلو منه شيء. شأنه عالٍ، والأعلى دائماً يدل على الرفعة والعلو في الشأن، كما هو غير خافٍ على أحد.

 كما قال امير المؤمنين A في حديث رواه الكلينى في الكافى والصدوق في التوحيد في باب انه لا يعرف الا به: داخل في الاشياء لا كشيء داخل في شيء وخارج من الاشياء لا كشيء خارج من شيء سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره ([97]).

 قال A في حديث ذعلب الّذي رواه في باب جوامع التوحيد من الكافي ورواه الصدوق في كتاب التوحيد: هو في الاشياء كلها غير متمازج بها ولا بائن منها، وقال A في حديث آخر لذعلب رواه الصدوق في التوحيد أيضا: هو في الاشياء على غير ممازجة خارج منها على غير مباينة، فوق كل شيء فلا يقال شيء فوقه وامام كل شيء فلا يقال له امام، داخل في الاشياء لا كشيء في شيء داخل وخارج منها لا كشيء من شيء خارج.

 وقال A في خطبة رواها الصدوق في الباب الثاني من التوحيد : فارق الاشياء لا على اختلاف الاماكن وتمكن منها لا على الممازجة، وقال A في خطبة رواها أيضا في ذلك الباب : بل هو في الاشياء بلا كيفية، وقال رسول الله Jجوابا للسائل في حديث رواه الكليني في باب النهى عن الكلام في الكيفية والصدوق في الباب الثالث والاربعين من التوحيد : هو في كل مكان، وليس في شيء من المكان بمحدود، وقال الحسين بن علي A في دعاء عرفة : وانت الّذي تعرفت الى في كل شيء فرأيتك ظاهرا في كل شيء وانت الظاهر لكل شيء.([98]) إنّ وجود الله تعالى وجود غير مادّي، فهو موجود في كلّ مكان، وفي كلّ جهة، لا بمعنى التحّيز والمحدودية، بل بمعنى الإحاطة القيومية والإشراقية، ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان، بل نسبة جميع الأمكنة إليه سبحانه وتعالى على السواء؛ قال تعالى: ﴿وَللّه المَشرق وَالمَغرب فأَينَمَا توَلّوا فثَمَّ وَجه اللّه إنَّ اللّهَ وَاسعٌ عَليمٌ ([99]) أي: إنّ الله تعالى يملك ما بين المشرق والمغرب، فله تعالى السلطة والقدرة على ما بينهما، فأينما توجّهوا وجوهكم، فثَمَّ وجه الله، أي لا يخلو منه تعالى مكان ولا جهة، وقد وَسِعَ كلّ شيء قياماً وإشراقاً وعلماً وقدرة ورحمة وتوسعة على عباده، وعليم بمصالح الكلّ، وما يصدر عن الكلّ في كلّ مكان وجهة، ولا يخفى عليه خافية قال تعالى: ﴿وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِن حَبلِ الوَرِيدِ،([100]) وجاء في (الاحتجاج) للشيخ الطبرسي في ذيل هذه الآية: فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت الله فأحلت على الغائب فقال أبو عبد الله الصادق A: (ويلك! كيف يكون غائباً من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم، ويعلم أسرارهم؟!).

فقال ابن أبي العوجا: فهو في كلّ مكان، أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض، وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء؟

فقال أبو عبد الله A: (إنّما وصفت المخلوق الذي إذا انتقل من مكان اشتغل به مكان، وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأمّا الله العظيم الشأن، الملك الديّان، فلا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان) ([101]) إن الإيمان بوجود الله وبقدرته هو رأس الإيمان، والأصل الذي يتفرع عنه كل إيمان آخر. والإيمان بالله هو إيمان بوجود لا يحدّه شيء وليس كمثله شيء. ونحن نستدل عليه من آياته في الكون والطبيعة والإنسان: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ ([102]) غاية ما يقدر عليه العقل هو معرفة الله عن طريق المفاهيم الذهنية، وبما أنّ هذه المفاهيم (محدودة)، والذات الإلهيةغير محدودة. فلهذا يعجز العقل عن معرفة كنه الذات الإلهية ([103]) المفاهيم الذهنية، وإن كانت عاجزة عن تبيين كنه الذات الإلهية، ولكنّها قادرة على تبيين الذات الإلهية بصورة إجمالية، ومثال هذا التصوّر الإجمالي كمن يحس بحركة وراء جدار فيحكم بوجود شيء وراء ذلك الجدار.

      قال الإمام علي Aلا تحيط به الأفكار، ولا تقدّره العقول، ولا تقع عليه الأوهام، فكلّ ما قدّره عقل أو عرف له مثل فهو محدود. ([104])

قال الإمام الحسن بن علي b: لا تدرك العقول وأوهامها، ولا الفكر وخطراتها، ولا الألباب وأذهانها صفته. ([105])

وقال الإمام موسى الكاظم A: إنّ الله تبارك وتعالى أجلّ وأعظم من أن تحيط بصفته العقول ([106]) وقال الإمام علي الرضا A: أخطأ من اكتنهه ([107]) النهي عن التفكير في ذات الله تعالى، عجز العقل عن معرفة كنه ذات الله هو الذي أدّى إلى تأكيد أهل البيت b على التحذير من التفكير في ذات الله عزّ وجلّ، ومن هذه الأحاديث الشريفة، قال الإمام محمّد بن علي الباقرb: اذكروا من عظمة الله ما شئتم ولا تذكروا ذاته. ([108])

وقال الإمام الباقر A: تكلّموا في خلق الله، ولا تكلّموا في الله، فإنّ الكلام في الله لا يزيد صاحبه إلاّ تحيّراً ([109]) وقال الإمام الباقرA: دعوا التفكير في الله، فإنّ التفكير في الله لا يزيد إلاّ تيهاً ([110]) و قال الإمام الباقرA: إيّاكم والتفكّر في الله، ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظيم خلقه)([111])وقال الإمام جعفر بن محمّد الصادق A: من نظر في الله كيف هو هلك ([112]) , قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا ([113]) جعل في قلوبكم نوراً تفرّقون به بين الحق والباطل، وبهذا النور يهتدي الإنسان إلى معرفة ربّه.

       جعل الله تعالى لنفسه بعض الصفات والأسماء ليتعرّف العباد بها عليه، كما أنّه تعالى منح العقل البشري القدرة على معرفته بصورة إجمالية، وإضافة إلى ذلك، فإنّ فيما بيّنه الأنبياء والأوصياء في هذا الخصوص الكفاية لمعرفة الله، مراحل معرفة الله تعالى.

  الأولى: المعرفة الذهنية وهي أن يتعرّف الإنسان على الله عن طريق المفاهيم الذهنية، سواء كانت هذه المفاهيم حصيلة الجهود العقلية أو كانت مما أرشد إليها الأنبياء والأوصياء.

   الثانية: المعرفة القلبية وهي أن يلتزم الإنسان بتقوى الله والمجاهدة في سبيله وفق ما جاءت به الشريعة الحقّة، ليصل بعد ذلك إلى نوع من الشهود الباطني والقلبي الذي يتعرّف به على الله من دون توسّط المفاهيم الذهنية. ولهذا قال الإمام علي A مشيراً إلى هذه المرحلة من معرفة الله: الحمد لله المتجلّي لخلقه بخلقه ([114]).

ولكن إذا بلغ الإنسان في معرفته لله إلى المرحلة القلبية فإنّه سيستغني عن المعرفة الذهنية، وتكون المعرفة القلبية هي الأساس في معرفته لله تعالى.

ولهذا قال الإمام الحسين A مشيراً إلى هذه المرحلة الرفيعة من معرفة الله تعالى: كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتّى يكون هو المظهر لك؟! متى غبت حتّى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟!

 ومتى بعدت حتّى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟!

عميت عين لا تراك، ولا تزال عليها رقيباً. ([115])

 يقول الإمام علي A: تكلموا في خلق اللّه (يعني في مصنوعات اللّه) ولا تكلموا في اللّه فإن التكلم في اللّه لا يزداد صاحبه إلا تحيرا ([116])

وقال أيضا A: كيف أصفه بالكيف وهو الذي كيّف حتى صار كيفا. ([117])

وقال أيضا A: ما رأيت شيئا إلا ورأيت اللّه قبله وبعده ومعه([118]) الله تعالى اتم الحجة على عباده والدليل على وجوده تعالى , بقوله  تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ([119]) وقوله تعالى : ﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ([120])وقوله تعالى : ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ([121]) وقوله تعالى : ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى * مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى([122]) وقوله تعالى : ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ([123]) وقوله تعالى : ﴿وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ([124])وقوله تعالى : ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ * وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ([125]) كل شيء في الوجود طريق إلى معرفة الله تعالى , هذا الكون بما فيه  من كواكب وسماء وارض وخلق  دليلٌ واضح على وجود الله تعالى جميعها من صنع الله تعالى وإبداعه سبحانه وتعالى .

    وفي نهاية هذا البحث لابد من الإشارة الى شيء مهم هناك من يجادلُ في وجوده تعالى، دون فهم للموضوع وخاصة الملحدين الذين كما هو واضح وجود خلل في النظام المعرفي ونفسي يمنعهم من رؤية الحقيقة.

 ويحاول هذا وذاك طرح شبهات لا معنى لها، ومن أهمّ الخدع التي يمارسها الإلحادُ هو محاولة التستر بالعلم والقول أنّ الأدلة العلمية لا يمكنُ أن تثبتَ وجود إلهٍ خارج حدود الطبيعة، ومن هنا يعملُ على تهميش الأدلة العقلية وتسخيفها بوصفها مجرّد افتراضات نظرية، وكما يبدو أنّ هذه مغالطةٌ واضحة؛ لأنّ أصل الخلاف بين الإيمان والإلحاد هو خلافٌ فلسفي وليس علمياً.

 صرّحت الأكاديمية الامريكية للعلوم: العلمُ هو وسيلة للمعرفة عن العالم الطبيعي، ويقتصرُ على تفسير العالم الطبيعي (اي المادي) من خلال الأسباب الطبيعية، لذلك لا يمكنُ للعلم أن يقول أيّ شيء عمّا هو فوق طبيعي، فمسألة وجود الله أو عدم وجوده هي أمرٌ يقف العلم تجاهها على الحياد , وكلّ شيء يقع خارج هذا العالم فإنه يقعُ خارج مجال العلم، ونظراً لأنّ الإله ليس جزءاً من هذا العالم، وبالأحرى ليس أحد مظاهره، فلا يمكن أن يقول العلم  أيّ شيء عنه ,والبحث عن تاريخ ما قبل المادة، أو ما قبل الحياة، أو ما قبل الإنسان، يتعدّى حدود المختبر والتجربة الحسّية، وهناك موجوداتٍ في الخارج، وهذه الموجودات لا تخلو من أحد أمرين، فهي إمّا واجبة الوجود، او حادثة ممكنة الوجود، فإن كانت واجبة ثبت المطلوب، وهو أنّ هناك موجود أزلي لا يفنى ولا يقبل العدم، فإنّ وجوب الوجود يعني أنّ وجوده ضروري لا يمكنُ أن ينفك عنه، وإن كان ممكنَ الوجود فكلّ ممكنٍ يتوقّف على غيره.



[1] _الزخرف 87

[2] _ الزخرف 9

[3] _ البراهين كثيرة والطرق إلى الله تعالى بعدد أنفاس الخلائق كما قال أمير المؤمنينِA، إلاّ أنّ هناك برهاناً اسمه برهان الحركة ومفاده أنّ لكلّ متحرّك محرّك يحرّكه، وهكذا مغزل العجوز إن حرّكته تحرّك، وإن تركته سكن واستقرّ، فكيف بهذا الكون المتحرّك المتغيّر يتحرّك بدون محرّك هذا محال؟

[4] _ تعريف المنطق من ناحية علمية، هو دراسة مناهج الفكر وطرق الاستدلال السليم وأول من عرف هذا المجال هو الفيلسوف الشهير أرسطو، ويقال أيضاً عن المنطق على أنه علم أو دراسة كيفية تقييم الحجج والأدلّة المنطقية، ويشار إلى أهميّته، لأنّه يساعد الناس على التمييز بين الأفكار المنطقية القوية منها والضعيفة، حتى يتمّ الوصول.

[5] _ أحيقار، كان وزيرا آشوريا ينسب إليه كتاب "حكم أحيقار" المكتوب حوالي 500 ق.م. بالآرامية والذي عثر عليه في إلفنتين في مصر. وبحسب القصة المذكورة في هذا الكتاب كان أحيقار وزيرا لكل من أسرحدون ووالده سنحاريب من قبله وقد قام بتبني ابن أخيه «ناداب/نادان» لكي يخلفه غير أن الأخير يتهمه أمام أسرحدون فيسجن أحيقار في انتظار إعدامه غير أنه يخبر المسؤول عن عملية الإعدام كيف أنه خلصه من الموت سابقا فيقوم هذا بقتل أحد السجناء بدلا منه، وهنا تنقطع القصة لفقدان بقيتها، غير أن نسخا أخرى تذكر هربه إلى مصر ومن ثم عودته منتصرا إلى منصبه بعد إثبات إخلاصه لأسرحدون كما تذكر نسخ أخرى لقائه بابنه بالتبني الذي يلقى حتفه بعد ذلك. يحتوي كتاب "حكم أحيقار" على العديد من الأمثال التي يتردد صداها في حكم سفر يشوع بن سيراخ وفي سفر الأمثال.

[6] _ فيثاغورث أو فيثاغورس أوفيتاغورس: الساموسي هو فيلسوف ورياضي إغريقي (يوناني) عاش في القرن السادس قبل الميلاد، وتنسب إليه مبرهنة فيثاغورث. تحاك حول شخصية بيتاغوراس العديد من الروايات والأساطير وانه ولد في جزيرة ساموس على الساحل اليوناني. في شبابه قام برحلة إلى بلاد ما بين النهرين (سوريا والعراق حاليآ) والفلسفة استقاها من مصر القديمة قد تعلم في مصر معظم أفكاره من الهندسة وعلم العدد إلى سرية التعاليم الفلسفية..

[7] _ لقمان الحكيم هو لقمان بن ياعور ابن اخت أيوب، أو ابن خالته، وهو من أسوان بمصر، وقد قال فيه خالد ابن الربيع أنه كان نجارا، وقيل إنه كان خياطا، وقيل إنه كان راعيا، وقد عاصر داوود، أخذ منه العلم وقد أعطاه الله الحكمة عندها.

[8] _ لقمان 12 _ 13

[9] _ ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣١٢٤

[10] _ الطور 35

[11] _ نعم كان هناك صراع فكري لكن الائمة b او اهل الفكر المعتدل من المسلمين في كل العصور ولم يمنعهم أحد بحجة أنها تناقض الدين، ولم يسجل التاريخ أن أحدا من فلاسفة المسلمين أعدم أو حرقت كتبه كما كان يحدث في أوروبا في الفترة الزمنية نفسها، وبقي الفلاسفة : ابن سينا، وابن ماجة، وابن خلدون، وأبو حامد الغزالي، وابن طفيل، وابن رشد، وحسن زاده آملي، ومحمد إقبال، ومالك بن نبي، ومحي الدين ابن عربي، وابن سينا، وصدر الدين الشيرزاي، وأبو علاء المعري أحياء وكتبهم موجودة، من تعرضوا إلى الاضطهاد كان ذلك لأسباب سياسية ولو أن التهمة كانت الزندقة.

[12] _ القصد في المطالب الفلسفية وليس البديهيات والقرائن موجودة لا تحتاج الى بيان أكثر بل بالإشارة.

[13] _ النمل - 65

[14] _ الجن - 26

[15] _يوسف 101

[16] _ جاء التعبير بأنّه تعالى أحسنُ الخالقينَ في موضعَينِ من القرآن (المؤمنون 23: 14، والصّافات 37: 125.) ممّا يشير بأنّ هناك خالقينَ سوى اللّه ليكون هو أحسنهم!! في حين أنّه تعالى ينفي بكلّ شدّةٍ أن يكون خالقٌ غيره إطلاقاً وأنّه خالق كلّ شيء ولا خالق سواه، غير أنّ الخَلق بمعنى الإبداع وإيجاد الصورة بالتركيب الصناعي.

[17] آل عمران: 49.

[18] _ المائدة: 110  

[19] _ الأعراف: 54 

[20] _ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﻫﻮ ﻏﻨﻲ ﻋﻨﻬﻢ، والسائل يضع السؤال كما على اخر مثله الله تعالى ليس كما الانسان يخلق لأجل الفائدة او النفع المستقبلي او انه يفكر بالنفع، والتفكير حالة تسبق الفعل وهذه الأمور لا يمكن ان نكون في الله تعالى الله تعالى منزه الله تعالى لا تقوم به الحوادث وأنّ أمره ونهيه وإخباره حادث، لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره.

[21] _ _الاسراء 85

[22] _ ويمكن ان تبيض الدجاج وبحركة لا نعلم كيف صارت تم تلقيح البيضة وبالصدفة تكون الفرخ في داخل البيضة، وكان حرارة الجو الخارجي نفس درجة حرارة الدجاجة، وتستمر مع الصدفة الى ان تكون دجاجة كاملة والى اخره ولكن باقي الدجاج كيف تكون او هناك صدفة ثانية جاء ببيضة ثانية وفي نوع اخر من الدجاج يقال له ذكر واكتملت الصورة دجاجة وديك.

[23] _ ذكر الفخر الرازي أن يحتاج الأول إلى الثاني، والثاني إلى الأول إما بواسطة أو بغير واسطة أو كما قال الفيلسوف الإسلامي الطبطبائي: هو توقف وجود الشيء على ما يتوقف عليه وجوده، إما بلا واسطة وهو الدور المصرح، وإما بواسطة أو أكثر وهو الدور المضمر.

[24] _الذاريات/ 49

[25] _ وهذا لا يعني الزوجين فقط الزوج والزوجة خلق جل وعلا الأشياء متنوعة على أساس الزوجية أيضا، كالنور والظلمة، والصلابة والسيولة، والقوة والضعف، والبرد والحر، وهكذا. وهذا ما يدلنا عليه ما جاء في خطبة لأمير المؤمنين Aإذ يقول: «ضادَّ النور بالظلمة، واليبس بالبلل، والخشن باللِّين، والصّرد بالحرور، مؤلِّفًا بين متعادياتها، مفرِّقًا بين متدانياها، دالَّةً بتفريقها على مفرِّقها، وبتأليفها على مؤلِّفها، وذلك قوله: وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ». (الكافي الشريف ج1 ص139)

[26] _ الرحمن 52

[27] _ الرعد: 3

[28] _ الأنعام: 141

[29] _ الشعراء: 7

[30] _ طه: 53

[31] _ الزمر: 6

[32] _ هود: 40

[33] _ خطاب إلى الذئب ـ في استعارةٍ تخييليه ـ بأنّه يحمل على ما تغافل من صيدٍ فقد يُصيبه وقد لا يصيبه.

[34] _ جامع البيان، ج12، ص25 ـ 26، ومعنى البيت: أنّ أصوات المقانِب وهي جماعة الخيل تجتمع للغارة، كَنّ المقانب: سترت أي فاقت صوته، وكان ممّا يزيّنه الأزواج من النور جمع نَوار وهي البقرة تنفر من الفحل، والمشرّب: ما ارتوى من الحيوان..

[35] _ النساء 82.

[36] _ الإسراء - 88

[37] _ هود - 13

[38] _ البقرة - 23

[39] _ الحجر 9.

[40] _ سورة المسد.

[41] _تشارلز روبرت داروين (بالإنجليزية عالِم تاريخ طَبيعي وجيولوجي بريطاني ولد في إنجلترا في 12 فبراير 1809 في شروبي لعائلة إنجليزية عَلمية وتوفيَ في 19 أبريل 1882. والدهُ هوَ الدكتور روبرت وارني داروين، وكان جَدُه "راسموسن داروين" عالماً ومؤلفاً بدوره. أكتَسبَ داروين شهرته كمؤسس لنظرية التَطور والتي تَنص على أنَ كل الكائنات الحَية على مر الزَمان تَنحَدِر من أسلاف مُشتركة، وقام باقتراح نَظرية تَتَضَمن أن هذه الأنماط المتفرعةَ من عَملية التَطور ناتِجةَ لعَملية وَصفها بالاصطفاء (الانتخاب) الطَبيعِي، وكَذلك الصراع من أجل البقاء لهُ نفس تأثير الاختيار الصناعي المُساهم في التكاثر الانتقائي للكائنات الحية.

[42] _ ونشر هذا الاقتراح في ورقته البحثية المُسمّاه «الاعتبارات الكونية» عام 1917 للنظرية النسبية العامة.

[43] _ ستيفن ويليام هوكين (بالإنجليزية: (عن هذا الملف استمع) ولد في أكسفورد، إنجلترا (8 يناير 1942 - 14 مارس 2018)، هو من أبرز علماء الفيزياء النظرية وعلم الكون على مستوى العالم، درس في جامعة أكسفورد وحصل منها على درجة الشرف الأولى في الفيزياء، أكمل دراسته في جامعة كامبريدج للحصول على الدكتوراه في علم الكون، له أبحاث نظرية في علم الكون وأبحاث في العلاقة بين الثقوب السوداء والديناميكا الحرارية، كما له أبحاث ودراسات في التسلسل الزمني.

[44] _ الكافي: الشيخ الكليين، ج1, ص40.

[45] _ د ميتشيل كاكو هو عالم مختص بمجال الفيزياء النظرية ومتخصص في نظرية الحقل الوتري بالإنجليزية

[46] _ مثل هذا الإله من السهل جدا إنكاره خصوصا إذا أضفنا إليه الصفات التي وردت له في التلمود من تعلقه ببني إسرائيل وتدليله لهم وغضبه أحيانا عليهم ثم يضرب وجهه ويندم ويبكي ويلعب مع الحوت الكبير ويعقص شعر حواء.. إلى آخر تلك الصفات التي تدل على سقوط المتصف بها فضلا عن اعتقاد احترامه.

[47] _ الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٨٤

[48] _ النجم: 42

[49] _ العنكبوت - 46

[50] _ البقرة - 139

[51] _ التوحيد - الشيخ الصدوق - الصفحة ٧٦

[52] _ نهج البلاغة, 13, خ1.

[53] _ تفسير العياشي: لمحمد العياشي، ج2, ح155.

[54] _التوحيد: للشيخ الصدوق، ب 67, ح13.

[55] _ الكافي: 8 / 247.

[56] _ التوحيد: للشيخ الصدوق، ب 67, ح13.

[58] _ النمل - 14

[59] _ جموعه من الصفات والقابليات التي تُخلق مع المولود، ويتّصف بها الإنسان في أصل خلقته سواء القابليات البدنية، أو النفسية، أو العقليّة

[60] _ الكافي: للشيخ الكليين، باب فطرة الخلق على التوحيد، ج2, ح3.

[61] _وما رواه محمد بن علي بن بأبويه مرفوعاً الى عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جده امير المؤمنين Aانه قال:(ان الله خلق نور محمد قبل خلق المخلوقات كلها بأربعمائة ألف سنه واربعة وعشرين ألف سنة، خلق منه اثني عشر حجاباً). والمراد بالحجب الائمة فهم الكلمة التي تكلم الله بها ثم ابدى منها سائر الكلم، والنعمة التي افاضها وافاض منها سائر النعم والامة التي اخرجها واخرج منها سائر الامم ولسانه المعبر عنه ويده المبسوطة بالفضل والكرم وقوامه على عباده بالحكم والحكم.

[62] _ الأمالي: للشيخ الصدوق، ص468, م90, ح1.

[63] _ نهج البلاغة، خ49.

[64] _ شيخو، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، ص 159.

[65] _ البقرة الآية:١١٥

[66] _ الفطرية البديهية المستقرة في النفوس، لا يمكن إنكارها، فلا يمكن لصحيح الفطرة أن يدعي وجود حادث بدون محدث أحدثه، ولا يمكنه أن يقول: هو أحدث نفسه. ‏وإن وجود هذه الموجودات بعد العدم، وحدوثها بعد أن لم تكن، يدل بداهة على وجود من أوجدها وأحدثها ‎‎وليس شرطًا أن يقف كل أحد على حدوث كل شيء حتى يصدق بذلك والإنسان إذا رأى حدث أدرك بداهة أنه له محدِث وإذا رأى فعل أدرك بداهة أن له فاعل.

[68] _ الشعراء: 23

[69] _ القصص: 38

[70] _ القصص: 36 ـ 37

[71] _ الإسراء: 102

[72] _ وأنسلم فيلسوف ولاهوتي إيطالي، اشتهر بدليله الأنطولوجي في إثبات وجود الله، من أهم أعمال: (العظة)، و(المناجاة). وهو أكبر اسم عُرف في القرن الحادي عشر من الميلاد..

[73] _ د. طه حبيشي/ أدلة الفلاسفة على وجود الله تعالى.

[74] _ إيمانويل كانت أو إيمانويل كانط هو فيلسوف ألماني من القرن الثامن عشر (1724 - 1804). عاش حياته كلها في مدينة كونيغسبرغ في مملكة بروسيا. كان آخر الفلاسفة المؤثرين في الثقافة الأوروبية الحديثة. وأحد أهم الفلاسفة الذين كتبوا في نظرية المعرفة الكلاسيكية. كان إيمانويل كانت آخر فلاسفة عصر التنوير الذي بدأ بالمفكرين البريطانيين جون لوك وجورج بيركلي وديفيد هيوم. طرح إيمانويل كانت منظورا جديدا في الفلسفة أثر ولا زال يؤثر في الفلسفة الأوربية حتى الآن أي أن تأثيره امتد منذ القرن الثامن عشر حتى القرن الحادي والعشرين. نشر أعمالا هامة وأساسية عن نظرية المعرفة وأعمالا أخرى متعلقة بالدين وأخرى عن القانون والتاريخ.

[75] _ الطور: 35:36

[76] __ النمل - 88

[77] _ النحل - 12

[78] _ يوسف - 17

[79] _ البقرة: 164

[80] _ الحج: 46.

[81] __ الاسراء 85

[82] _ كتاب منبعا الأخلاق والدين الفصل الرابع هنري برغسون

[83] _ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨ - ص ٣٣٨

[84] _ يعنى ليس كل من اعتصم الناس به سواء في الهداية ولا سواء فيما يسقيهم بل بعضهم يهديهم إلى الحق والى طريق مستقيم ويسقيهم من عيون صافية وبعضهم يذهب بهم إلى الباطل والى طريق الضلال ويسقيهم من عيون كدرة كما يفسره فيما بعده، يفرغ أي يصب بعضها في بعض حتى يفرغ (في).

[85] _ الكافي للشيخ الكليني ج 1 - ص 184.

[86] _ الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٨٦ شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٨٤   اعرفوا الله‌ بالله‌: معرفة‌ الله (المجلد الثانی).

[87] _الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٠٤ – الكافي، کتاب الكليات في علم الرجال، صفحه ۲۵۲.

[88] _ بحار الأنوار - ج3واﻟﻜﺘﺎﺏ: ﻣﻨﺎﻇﺮﺍﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ Aﺍﻟﻤﺆﻟﻒ: ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺣﺴﻴﻦ ﺍﻟﺸﺎﻛﺮﻱ

[89] _ لمسلك في أصول الدين، المحقّق الحلّي: النظر الثاني، البحث الرابع، ص 97 ـ 98. ص 41

[90] _الكافي، الشيخ الكليني: كتاب التوحيد، باب أنّه لا يعرف إلاّ به، ح1، ص 85.

[91] _ _ذكرنا هذا المطلب في مكان اخر لكن لأجل إتمام البحث نعود ونضع منه فيما يتسحق البحث.

[92] _ بحار الأنوار: 3/50 عن التوحيد للصدوق..

[93] _ بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 3، كتاب التوحيد، باب 5، حديث الإهليلجة، ص 154.

[94] _ القصص_ 88

[95] _ غافر_ 44

[96] _ التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 42: باب إثبات حدوث العالم، ح4، ص 286 ـ 288.

[97] _ شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - ص ٨٦

[98] _ التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 42: باب إثبات حدوث العالم، ح4، ص 286 ـ 288.

[99] _ توضيح المراد المؤلف: الحسيني الطهراني، السيد هاشم الجزء: 1 ص: 495

[100] _ ق - 16

[101] _ الاحتجاج: ج2 ص75

[102] _   فصلت 53

[103] _التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ح 34، ص 76 ـ 77.

[104] _ التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ح 34، ص 76 ـ 77.

[105] __- المصدر السابق، ح 5، ص 46.

[106] __ المصدر السابق، ح 30، ص 73.

[107] _المصدر السابق، ح2، ص 38.

[108] _ التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 67، ح 3، ص 441.

[109] __ - الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، باب النهي عن الكلام في الكيفية، ح 1، ص92.

[110] _ التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 67، ح 13، ص 443

[111] _ لكافي، الشيخ الكليني: ج 1، باب النهي عن الكلام في الكيفية، ح 7، ص93.

[112] _ بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 3، باب 9، ح 24_لا0 خ0حص 264.

[113] _ الأنفال - الآية 29

[114] _   نهج البلاغة، الشريف الرضي: خطبة 108، ص 200.

[115] _ مقطع من دعاء عرفة للإمام الحسين Aبحار الأنوار العلامة المجلسي ج ٦٤ - الصفحة ١٤٢

[116] _ الشيخ الكليني - ج ١ - ص ٩٢ - الكافي

[117] _ شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢١٥

[118] _ العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت b - الصفحة ١٣٧

[119] _ النحل: 78

[120] _ النحل: 79

[121] _الإسراء: 12

[122] _ طه: 53 – 55

[123] _ الأنبياء: 30

[124] الأنبياء: 31

[125] _الأنبياء: 32، 33


السبت، 4 مارس 2023

 الألوان هي الألوان ولا فضل للأبيض على الأسود ولا الأخضر على الأصفر نحن من يصنع هذه الفوارق وننتقدها..

عادل الزركاني

 من عَرَفَ تماماً أن الْمَوْت لَيْسَ لهُ مَوعِد مُعيَّن، يَعِيش حَياةُ الأولياء..

عادل الزركاني


 مشكلتنا نحن جميعا ثوار ونَّطِيحُ في بعضنا البعض وبَعدَها يحَكَمنا الدكتاتور بعَدله المخالف لكل القوانين..
عادل الزركاني

 العجيب والغريب من أناسٍ آثار السياط على أجسادهم والذل والمهانة كانت في كل اوقاتهم لكنهم يبكون جَلاّدهم وزمنهُ الجَمِيلُ!!..

عادل الزركاني

 الأفكار المشلولة والعقول الاموية تفضل معاوية على علي (ع) ومعاوية يقول: لا والله، إني لأعلم أنَّه أفضل منِّي وأحقُّ بالأمر منِّي، ولكن جَعِلْتُ اِتِّبَاعَي لا يميزون بين الناقة والجمل..

 عادل الزركاني


الجمعة، 24 فبراير 2023

 كل التقلبات الفكرية والثقافية التي تحدث خلاف الدين والأخلاق لا قيم لها إلا النزول بالإنسان الى الأسفل والابتعاد عن الحقيقة..  

عادل الزركاني



الخميس، 23 فبراير 2023

    هناك أشياء تجعلنا نذهب بالاتجاه المعاكس للحقيقة ونَضع حِجاب يُغطِّي العقل عن رؤية الحقيقة واكتشافها، أقول لماذا لا نُمَارِس التأمل والغَوْصُ في الأفكار للوصول , ولا نأخذ أفكار وأفعال الآخرين على أنها من الْمُسَلمَات ونبرر ونصحَّحَ ما يفعلون ورغم أنها خلاف القيم والأَخْلاَقِ والدين، كلامي في أصل الأَخْلاَقِ والدين الحقيقي، والإسلام بالمعنى العام هو التعبد لله تعالى بما شرعهُ من العبادات التي جاءت بها رسله، فمذ أن خلق الله الخلق إلى أن تقوم الساعة ,كل الأديان جاءت لصناعة الأنسان أخلاقياً وتعزيز مواهبه العلمية والفكرية , بعضهم يقول: أَخْلاَق الشعوب وثقافتهم المتحضرة ونظرتها للدين تَخْتَلِف، وحتى الدين يخْتَلِف والأَخْلاَق والقَيم والعَفة والشَرف تَخْتَلِف والحياة بشكل عام تَخْتَلف والفهم للأشياء يخْتَلِف, وهذا الفهم الذي هو خلاف الأصل خلاف الدين هو الانحراف والابتعادعن الاخلاق والدين , ويتحول الفهم للأشياء حسب الأيديولوجية الماركسية أَخْلاَق لا معنى لها بل هي تَخلفٌ ورجعية يقول نيتشه : أن أَخْلاَق الرحمة والإحسان والصبر هي حيلة ابتكرها الضعفاء لكي يَضْحَكُو بها على الأقوياء، ولكي يأخذوا من منهم مكاسب ومنافع.

عادل الزركاني



الأربعاء، 15 فبراير 2023

 

نحن لا نستعمل الأكاذيب والاشاعات لأجل الانتصار على الخصم لان هذه أساليب رخيصة ومتدنية، بل نعمل باحترام وإيجابية وقبول الاخر هو هذا النصر العظيم.


 

الخلاف في الأفكار حالة صحية لكن المرضية التعصب للفكرة مهما كانت!!


 

كل الأخطاء لون واحد وهو الخروج عن الاخلاق والقيم، والدفاع عنها وتبريرها أكبر خطأ..



 

هناك من يرى الفضيلة نقص والابتذال شهرة ووصول، نعم وصول الى القَعَرَ..



 

مهما كانت سنوات العبادة وحتى الدراسة لا قيمة لها ما لم تظهر في السلوك الإنساني ولا قدم في هذه الأشياء ولا واسطة.