السنة الاموية خلاف السنة النبوية.. (بحث الوضوء)
قال تعالى:
﴿يا أَيهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وأَيدِيكُمْ إِلَى
الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَين﴾.()
نقل الشيخ الكليني 1 عن زرارة أنّ الإمام الباقر× قال:
ألا أحكي لكم وضوء رسول الله
؟
فقلنا بلى، فدعا بقعب فيه شيء من ماء ثم وضعه بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس
فيه كفه اليمنى،
ثم قال: هكذا إذا كانت الكف طاهرة,
ثم غرف فملأها ماءً فوضعها على جبينه،
ثم قال: "بسم الله"
وسدله على أطراف لحيته ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينه مرة واحدة ثم غمس يده
اليسرى فغرف بها ملاها ثم وضعه على مرفقه اليمنى وأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء
على أطراف أصابعه, ثم غرف بيمينه ملاها فوضعه على مرفقه اليسرى وأمر كفه على ساعده
حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية بلة
يمناه .
قال:
وقال أبو جعفر ×: إنّ
الله وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين, وتمسح
ببلة يمناك ناصيتك وما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمنى وتمسح ببلة يسارك ظهر
قدمك اليسرى. قال زرارة:
قال أبو جعفر×: سأل رجل
أمير المؤمنين ×عن وضوء
النبيّ ’ فحكى له مثل ذلك.()
القراءة المشهورة اللام في (أرجُلكُم)
تُقرأ بالفتح وهي منصوبة وفي الأدب العربي السبب في نصب هذه الكلمة ليس إلا أحد من
هذين السببين: إما أن تكون «أرجُلَكُم» معطوفة على «بِرُؤوسِكُم» فتصبح
مفعولا لفعل «اِمسَحُوا» و «مَحَلّاً منصوب»، و في هذه الصورة لا بد أن
تمسح الرجلان مثل الرأس , و إما تكون «اَرجُلَكُم» معطوفة على «وُجوهَكُم»
فتصبح مفعولا لفعل «اغسِلوا» ومنصوبة، () و
في هذه الصورة لا بد أن تغسل الرجلان مثل الوجه و اليدين .
ويعتقد
الشيعة بأنّ قواعد اللغة العربية تؤيد كلامهم فضلا عن السنة والروايات، لأنّ
الاحتمال الثاني يخالف فصاحة القرآن الكريم، لأنه في موضع يمكن عطف «اَرجُلَكُم»
والعطف على البعيد غير مستساغ في العربية
وإنما عطفت على القريب فجاءت منصوبة وتقديرها فامسحوا برؤوسكم وامسحوا ارجلكم ثم
ان قراءات وردت بكسر الارجل , ومن علماء السنة من قال بقول الشيعة في الوضوء مثل
الرازي في تفسيره الذي قال فيه ان القرآن جاء بمسح الرجلين والسنة جاءت بالغسل , وقال
ابن حزم في (المحلى ) : ( مسألة 200: مسألة :
وأما قولنا في الرجلين فإن القرآن نزل بالمسح . قال الله تعالى : { وامسحوا
برءوسكم وأرجلكم } وسواء قرئ بخفض اللام أو بفتحها هي على كل حال عطف على
الرءوس : إما على اللفظ وإما على الموضع ، لا يجوز غير ذلك . لأنه لا يجوز أن يحال
بين المعطوف والمعطوف عليه بقضية مبتدأة .
وهكذا جاء عن ابن عباس: نزل القرآن بالمسح -
يعني في الرجلين في الوضوء - وقد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف، منهم علي
بن أبي طالب وابن عباس والحسن وعكرمة والشعبي وجماعة غيرهم، وهو قول الطبري، ورويت
في ذلك آثار. منها أثر من طريق همام عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثنا علي بن
يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه - هو رفاعة بن رافع - أنه سمع رسول الله ﷺ يقول :
إنها { لا تجوز صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل ثم يغسل وجهه
ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين}, ()
اذن الوضوء وكما هو ظاهر عند جمهور المسلمين وحسب الروايات الغسل وحكم المسح الذي
جاء به القرآن هو منسوخ بحكم الغسل الوارد من السنة، وهذا القول خلاف القرآن قال
تعالى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}
()والغسل
الذي جاء على خلاف النص القرآني جاء من بعض الصحابة الذي يذهب إلى شرعية قول
الرجال ، وصحة الاجتهاد قبال النص ، لأنّهم قد عرفوا ملاكات الأحكام وروح التشريع
! والبعض الآخر يدعو إلى لزوم استقاء الأحكام من القرآن والسنة المطهرة ولا يرتضى
الرأي والاجتهاد وفي قباله طائفة المجتهدين الذين كانوا يفتون بالرأي في محضر
النبي ’ويبتغون المصلحة مع وجود النص ، وهؤلاء كانوا
معتقدين برسالة الرسول ’لكنهم لم يعطوه تلك
القدسية والمكانة التي منحها الله إياه ، فكانوا في كثير من الأحيان يتعاملون معه
كأنه بشر غير كامل يخطئ ويصيب ، ويسبّ ويلعن ثم يطلب المغفرة للملعونين , وفهم
بعضهم ، ما هو إلاّ سلطانٌ جاهد فانتصر ، وإنّ تعاليمه ما هي إلاّ مقرّرات أصدرها
من عند نفسه ولم يُنزل الله سبحانه فيها شيئاً (),
وهذا خلاف القرآن قال تعالى: ( وَمَا
يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ , إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ)
()
وقوله تعالى : (
مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ) وقوله تعالى: ( وَمَا
كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن
يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)()
وقوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا
فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ)()
, الله تعالى امرنا بطاعته وطاعة النبي ’مقرونة
في أكثرها بطاعة الله تعالى أطيعوا
، ربَّكم ورسوله فيما أمركم به ونهاكم عنه , كان رسول الله ’
قد حذّر أصحابه من هذا التهافت المقيت في تعاملهم مع النصوص القرآنية والنبوية ؛
إذ الإيمان بالله ورسوله يقتضي التسليم والانقياد لما يقوله الله ويأمر به الرسول ’
، فعدم التسليم بقدسية النبي ’وأقواله وأفعاله يتقاطع مع
الإيمان المطلق بالله والرسول , وهناك من يضع قدسية للصحابة ويعارض قدسية النبي ’ واهل
بيته ^
, بل يتهم الشيعة بالكفر وانهم يعبدون اهل
البيت ^وهذا الحب لاحبهم
لرسول الله ’وحبه لهم وهم أولياء الله تعالى والذي يحدث هو جاء من
المنهج السياسي وتحول الى عقيدة ردت فعل نتيجة تفضيلهم على الجميع
الصحابة , هذا من جانب ومن جانب آخر الكثير من الصحابة ومنهم أبو بكر
وعمر لم يكونا بمنأىً عن الاجتهاد والاعتراض على رسول الله ’وعدم
امتثال أوامر , كاعتراض عمر على النبي ’في صلاته
على المنافق()
، واستيائه من قسمة قسمها النبي ’ ، ومواجهته للنبي
’ بلسان
حادٍّ في صلح الحديبية(،
ومطالبته النبي’ أن يستفيد
من مكتوبات اليهود في الشريعة ()،
وقوله في أخريات ساعات حياة النبي’:
إنّه ليهجر أو غلبه الوجع() , واجتهاد
عائشة صلاتها في السفر ,()واتهام
عائشة لمارية القبطية زوجة النبي ’, ()
وخروجها
على الإمـام أمير المؤمنين ×وتآمر
عائشة وحفصة على النبي ’ حدثنا : سفيان ، حدثنا : يحيى بن سعيد
قال : سمعت عبيد بن حنين يقول : سمعت ابن عباس يقول : كنت أريد أن
أسأل عمر ، عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله (ص) فمكثت سنة
فلم أجد له موضعاًً حتى خرجت معه حاجاً فلما كنا بظهران ذهب عمر
لحاجته ، فقال : أدركني بالوضوء فأدركته بالإداوة فجعلت أسكب عليه الماء
ورأيت موضعاً ,فقلت : يا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا ، قال إبن
عباس فما أتممت كلامي حتى قال : عائشة وحفصة(). واجتهاد خالد بن الوليد وما
فعله يوم فتح مكة مع سبق نهي النبي ’عن القتل وبطشته الجاهلية في بني
جذيمة()
, واجتهاد معاوية كالحاق زياد بن أبيه
بأبي سفيان()
وعهده بالخلافة الى ابنه يزيد وجرائم معاوية في حق الصحابة واليمن قتله الصالحين من عباد الله (), ذكر السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي مائة مورد من
اجتهاد الخلفاء والحكام وبعض أقربائهم أمام النص في حياة النبي ’وبعد رحيله
الى الرفيق الأعلى ونقلا عن المصادر السنية المعتبرة ()
وما يحكم على دوافع اقتراف هذه المخالفات بل واستدلوا
على شرعية هذا الاختلاف بالاجتهاد , وحديث
الاجتهاد رواه عمرو بن العاص وما جاء في الصحيحين عن النبي ﷺ قال: إذا حَكَمَ
الحاكمُ فاجتَهَدَ فأصابَ فلَهُ أجرانِ، وإذا حَكَمَ فاجتَهَدَ فأَخطأَ فلَهُ أجرٌ,!!()
وهذا الاجتهاد حتى في الدماء مسلمين وغير مسلمين لم تُرَقْ إلا بتأويل، فأصحابها
كانوا يرون ذلك صوابًا، ونص جمهور أهل العلم على أن الدماء التي تصاب في مثل هذا
القتال الصحابة حق او باطل، لا قَوَدَ فيها؛ روى الإمام الشافعي بإسناده عن الزهري
قال: أدركت الفتنة الأولى في أصحاب رسول الله ’
فكانت فيها دماء، وأموال، فلم يقتص فيها من دم، ولا مال، ولا قرح أصيب بوجه
التأويل() وقال المازري في المعلم بفوائد مسلم: ومعاوية
من عدول الصحابة، وأفاضلهم، وما وقع من الحروب بينه وبين علي، وما جرى بين الصحابة
من الدماء، فعلى التأويل والاجتهاد، وكل يعتقد أن ما فعله صواب وسداد (),
وقد يختلف مالك، وأبو حنيفة، والشافعي في مسائل من الدماء؛ حتى يوجب بعضهم إراقة
دم رجل، ويحرمه الآخر،()
ولا يستنكر هذا عند المسلمين، ولا يستبشع؛ لما كان أصله الاجتهاد , وهل الاجتهاد
في زمن معين او لجماعة يقال لها (الصحابة) ولا يجوز لغيرهم وهذا القول وحسب النصوص
مطلق لم يحدد في زمن ولا جماعة وكل حاكم يقتل الناس هو مجتهد وولي الامر ,و لا
يجوز منازعة ولاة الأمور، ولا الخروج عليهم , وحتى وان كان الإمام الحسين ×لأنه خروج على إمام زمانه!! وأنه أخطأ
في خروجه وزل فتسبب بقتل نفسه قبل غيره!! ولا يجوز التأسي به في الخروج على الفاسدين
()،
ولابد من الاتعاظ به وعدم تكرار فعله لأنه لا خير فيه. والقران يذكره بقوله تعالى: (إِنَّمَا
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً)!!() والنبي
’ يصفه بسيد شباب الجنة؟!وهذا الاجتهاد خلاف القرآن :
(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا
فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)()
وبسبب هذه النصوص المتناقضة والاجتهاد في قبال النص كفر المسلمين حسب المنهج السياسي
الذي تحول عقيدة وقتل الناس , وقد يقول قائل كل طرف يكفر الاخر وهذا يحتاج بيان التكفير
نوعان: أحدهما تكفير عقيدي نظري يردده أصحاب علم الكلام في من ينكر أصولهم من
الفرق المختلفة وهذا لا يخرج عن الإسلام ولا يبيح الدم, وتكفير شرعي عملي فروعي
وهذا يحكم به الفقهاء وهو مخرج عن الإسلام يبيح الدم كالردة أو منكر الصلاة أو
الزكاة, ولكن بعضهم وخاصة السلفية الاموي التيمي الوهابي ومن تبعهم خلطوا بين
الأمرين فنزّلوا كل تكفير نظري على العملي وأفتوا بجواز قتل صاحبه , وحتى الاختلاف
لديهم شرعي بقوله ’: (اختلاف أمتي رحمة)() وهذا الحديث خلاف
القرآن أيضا قال تعالى : (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا
وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ
عَذَابٌ عَظِيمٌ) ()وهذا
الانقسام بين الصحابة كان من جملة الأسباب التي أدت لاختلاف المسلمين في الأحكام
الشرعية بعد رسول الله ’ وستمر
هذا الامر عند العلماء جيل بعد
جيل ينتمون الى مدرستين الأولى مع جمهور الصحابة باختلافهم والثانية الشيعة حسب نص
رسول الله ’ وفعله وتقريره حجة وهو معصوم عن الخطأ وكل ما يبلغ عنه
حجة وعن واهل بيته ^ المعصومين يجري قوله مجرى قولِ النبيّ’’ مِن كونِه
حُجّةً على العبادِ واجبِ الاتّباعِ , و الطاعة والامتثال لمطلق الأحكام الصادر عن
الله ورسوله ، وهؤلاء كانوا لا يسمحون لأنفسهم ولا لغيرهم ـ العمل في الأحكام
الشرعية بآراء شخصية واجتهادات غير مأخوذة من النص, ولا الاجتهاد في مقابل
النص , بخلاف السنة الذين توسّعوا في اصطلاحِ " في كل العبادات والمعاملات
واختلفوا في ما بينهم علماء ومذاهب وحتى في نفس المذهب وان كان يجمعهم عنوان واحد
السنة , ونعود لأصل البحث
الوضوء وغسل الرجلين او المسح , أحمد بن حنبل جوَّز مسحهما ()،
واخرين قالوا وجوب الغسل والمسح , والنتيجة جمهور المسلمين لديهم اختلاف بعض يقول بالغسل وبعض يقول بالمسح ، وهذا حسب الروايات
التي لديهم وعند التعارض المستقر وعدم إمكان الجمع بين المتعارضين يصار إلى تساقط
المتعارضين معا عن الحجية ، وحيث تساقطت الأخبار يكون المرجع هو كتاب الله تعالى
القرآن الوارد فيه حكم المسح لا الغسل , ومحاولات الاختلاف التي تبتعد عن المنهج
العلمي لا نعرف سبب ذلك لأجل الخلاف او لأجل ان نقول السنة اوضح من القرآن ومحاولة
الرازي الجمع بين المتناقضين في هذا المقام :جاء فيها : ( أن الغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس ، فكان الغسل
أقرب إلى الاحتياط ، فوجب المصير إليه) () وهذا
الكلام غريب والرجل عالم وله دراية كاملة بالمفاهيم والمعاني والغسل والمسح
مفهومان مختلفان (وجودي وعدمي ) وهذا الخلاف وحسب الروايات الدقيقة لم يكن
موجود في حياة الرسول ’ لأنه ’ بين أحكامه وفروضه وكيفيته ونواقضه وموجباته
أحسن بيان أمام أنظار المسلمين خلال حياته’ ,ووقع
الاختلاف في الوضوء في عهد عثمان بن عفّان وهو صاحب فكرة الوضوء الجديد ، وله
اختلاف في الكثير من الأحكام الفقهية مع كبار الصحابة إضافة إلى اختلافه معهم في
الأحكام السياسية والإدارية
, وهذا الواقع المحسوس في كتب التاريخ والاخبار
الصحيحة يذكر لنا وجود صحابة كانوا يسمحون لأنفسهم بتخطئة الرسول’ والوقوف أمام أقواله
وأفعاله، بل بعضهم حرف ورفض سنة الرسول’، وهذا معاوية قال: أيّها الناس! أقلّوا الرواية عن
رسول الله، وإن كنتم تحدّثون، فحدّثوا بما كان يُتَحدَّث به في عهد عمر()’ وجعل سيرة الشيخين المصدر الأول للتشريع قبل الكتاب الله
وسنّة النبي ’ بصريح العبارة فإنّ
تشريع سنّة الشيخين وتطبيق ما سُنّ على عهدهما من آراء، والذهاب إلى شرعيتها، وعدم السماح للآخرين بمخالفتها، والسماح بمخالفة السنة! وعثمان أيضا اتخذ لهم
منهج خاص واجتهد أيضا في قبال النص وسيرة الشيخين وكان يعتقد بأنّه لا يقل عن الشيخين بشيء، فما هو المبرر لتمسّكه بسيرتهما دون
أن يجعل لنفسه سيرة واجتهادات خاصة؟! ومنها اجتهاده في الوضوء كما بينا انه وهو
صاحب فكرة الوضوء الجديد فلم يعهد خلافاً وضوئياً في عهد أبو بكر، ولو كان لبَان، وحتى في عهد عمر وذكر خلاف في مسألة جواز المسح على
الخفّين وعدمه، إذ
تخالف عليٌّ × وعمر فيها، وقد بُيِّنَ فيها الوضوء بقوله تعالى :( وَامْسَحُوا
بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) ()
وهي تعني أنّ المسح على القدمين لا على الخُفّين.()
ولو كان الغسل لذكر في الرواية، والغسل جاء بعهد عثمان بسنة عثمان لا سنة رسول
الله ’ولا حسب النص القرآني الدليل
ما روى المتقي الهندي ، عن أبي مالك الدمشقي قوله : حدّثت أن عثمان بن عفّان
اختُلف في خلافته في الوضوء , وأخرج مسلم في صحيحه ، عن قتيبة بن سعيد ، وأحمد بن
عبدة الضبي ، قالا : حدثنا عبدالعزيز ـ وهو الدراوردي ـ عن زيد بن أسلم ، عهن
حمران مولى عثمان قال : أتيت عثمان بن عفّان بوضوء ، فتوضّأ ثمّ قال : إنّ ناساً
يتحدّثون عن رسول الله ’بأحاديث
لا أدري ما هي ، إلاّ أنّي رأيت رسول الله ’ توضّأ
مثل وضوئي هذا. ثمّ قال : ) من توضأ هكذا غُفِر له ما تقدم من ذنبه (()
والواضح من الاحاديث ان
عثمان تجاهل , وان الوضوء
الذي فعله اجتهادا هو الذي يجب ان يكون سنة للمسلمين , والوضح من الادلة كثيرة
دالة على ان عثمان بن عفّان هو الذي بَدَأ الخلاف في الوضوء ، وجنّد مواليه لنقل
فكرته الوضوئية عنه ، كحمران وابن دارة ، مع أنّ حمران كان يهوديّاً من سَبْي عين
التمر وقد أسلم في السنة الثالثة من خلافة
عثمان ، وهذا يدل على أنّ صدور نقله للوضوء عن عثمان جاء متأخراً عن هذا التاريخ ,
وجاء معاوية أيضا وطوّره فغسل رأسه في الوضوء بزيادته مسحَ الرأس بغرفة من ماء
حتّى يقطر الماء من رأسه أو كاد يقطر ، وأنّه أراهم وضوء رسول الله ’ وقول
عثمان : رأيت رسول الله ’ توضأ وضوئي هذا ، ولم يقل كما رأيت رسول الله. والغسل
في الوضوء من مبتدعات الدينية الفقهية اليقينية التي صدرت من عثمان بن عفان إضافة
الى إتمام الصلاة بمنى، وزيادته
النداء الثالث في يوم الجمعة في السنة السابعة من عهده وقد عابوا عليه ذلك وقالوا
: بدعة ، وكتقديمه الخطبة على الصلاة في العيدين وبسبب مساوئ سياسته المالية
والإدارية والبدع قتل عثمان , ومنع من دفنه في مقابر المسلمين ، حتّى دُفن ليلاً
في حشّ كوكب وهي من مقابر اليهود وتحت الخوف ، إذ حملوه على باب وإنّ رأسه على
الباب ليقول (طق طق )()
، وأراد الذين دفنوا عثمان أن يُصَلُّوا عليه فَمِنُعُوا ، وأنّ كان المسلمين لم
يأخذوا بقوله وفعله أيام حياته؛ والذي جعله وضوء السنة الحكّام الأمويين والعباسيين
لمصالح ارتضوها في العصور اللاحقة , والملفت للنظر ان الخلاف في الوضوء مع سنة
النبي’ وانه امر شخصي ومن بعجه وال النبي ^حيث بين الإمام علي
× كيفية الوضوء
وجاء للحكم بعد عثمان لكن المسلمين السنة كانوا على سنة الشيخين او بعبارة اصح على
سنة عثمان والنهج الاموي وما جاء عنهم .
المسح ذكره الإمام علي× في كتابة
كيفية الوضوء لواليه محمد بن أبي بكر ∙في جملة ما كتبه إليه ، وكان في كتابه × ) تمضمض ثلاث مرات ، واستنشق ثلاثاً ، واغسل وجهك ، ثمّ يدك اليمنى ، ثمّ
اليسرى ، ثمّ امسح رأسك ورجليك... فإني رأيت رسول الله’ يصنع
ذلك)()
, ولمّا استشهد الإمام علي × وهادن الإمامُ الحسنُ ×معاويةَ ، تولّى معاوية
السلطة فراح يترسّم خطى عثمان فقهياً ويدعمه عقائديّاً ويتبنّى آراء ابن عمه وغسل الرجلين في الوضوء , وهذا ليس
له علاقة الفتحة ولا الكسرة ولا الروايات بل هي سنة ال امية، وهذه السنة واختلاف الامة الى يومنا الحاضر بسببها
تفرقت الامة ومنها جاء الاجتهاد في قبال النص لتذهب فيه الأرواح والأموال وتهتك
الحرمات وهذه السنة الاموية هي خلاف الإسلام الحقيقي وبصريح القرآن قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ
وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ
اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)().
_ هذه الحادثة رواها ابن
هشام في غزوة حنين في السيرة النبوية ج 14 100 ولعلها قد تكررت من خالد_ هذه
القضية في " عبقرية عمر " للأستاذ العقاد ص 266 .