الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

 الشيعة والتاريخ ..

بقلم عادل الزركاني

الحلقة الثامنة ..

وبعد البحث الطويل لم اجد كتاب فيه روايات إسرائيلية أكثر من تفسير الطبري وصحيح البخاري , من أين جاءت هذه الروايات الى التراث الإسلامي ؟ كما بينا سابقا شيء منها إضافة الى أن اليهود كانوا في المدينة المنورة ومختلطين بالمسلمين، وبعضهم دخل الإسلام، إما نفاقًا وإما عن قناعة، فنتيجة هذا الاختلاط روى الصحابة عن اليهود بعض الروايات، ودخلت ضمن كتب التراث الإسلامي ، وضمن كتب الحديث، وهناك إتهام كما هو المعتاد ان هذه الروايات تسربت الى الشيعة أكثر من السنة لان المذهب كله أسسه يهودي اسمه ابن سبأ , وكما بينا في الحلقات السابقة عن هذه الشخصية الأسطورية والتي لا توجد له رواية واحدة لا في كتب الشيعة ولا حتى السنة مجرد إسم نقل في الكتب والكثير من الباحثين يقول أصلاً هذه قضية مختلقة لا وجود لهذه الشخصية , لكن العقل المخالف لا يمكن له إلا ان يقول موجودة لعذر نفسه في ما يأخذ أو يراعي حقده في ما يقول , وصانع هذه القصة سيف بن عمر، وسيف بن عمر في كتب علماء الرجال عند السنة لا الشيعة قدحوا في دينه وعبروا عنه بالزندقة فضلاً عن الكذب، هذا الذي روى القصة كلها، ومن رواية الإسرائيليات مستشار معاوية عمر بن العاص نقل عن أبن جرير الطبري، راجع تفسير أبن كثير، الجزء الأول، صفحة 253، نقل عن ابن جرير عن عبد الله بن عمرو، عبد الله بن عمرو بن العاص كان من رواة الإسرائيليات، كان دائمًا يروي إسرائيليات، لأنه ذهب إلى الشام في تجارة، ووجد خرجين من كتب اليهود والنصارى، فحملهما إلى المدينة وصار ينقل عنهما، فهو من رواة الروايات الإسرائيليات , وهؤلاء طبعا بعد أعمدة الرواية الإسرائيليات أمثال كعب الأحبار وقد استصفاه معاوية وجعله من مستشاريه ، وكذلك كان يروي الإسرائيليات وهب بن منبه، وعبد الله بن سلام.

ورجال مخلصون جاهـدوا في نشر السنة الحقيقية أمثال الصحابي ابو ذر الغفاري كما ذكرنا في الحلقة السابعة , جاء بعده الصحابي الجليل رشيد الهجري، فإنه لما تولى ابن زياد الكوفة قطع يده ورجله، فلما حمل الى أهله عاده الناس وهم باكون، فقال لهم: أيها الناس، ائتوني بصحيفة ودواة اكتب لكم ما يكون الى يوم القيامة، فاخبر ابن زياد فامر بقلع لسانه, ومن بعده صاحب امير المؤمنين (ع) ميثم التمار، نتوقف قليلا مع هذه الشخصية الكبيرة , وهو من اهل الكوفة والوقوف على قراءة منصفة وصحيحة للشيعة في الكوفة , وقبل الأيام لمجيء الإمام الحسين (ع) الى كربلاء وعند وصول عبيد الله بن زياد الى الكوفة وسيطرته على المدينة أخذ يزجّ أصحاب آل البيت في السجون ويقتل البعض منهم وكان من ضمن الذين زجّهم في السجن هو ميثم التمّار , قبل وصول مسلم بن عقيل حسب الظاهر , والتقى بالمختار في ما بعد في السجن , وقال له ميثم: انك وتخرج من السجن ثائراً بدم الحسين(ع) ، ناقلاً عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) : (إنك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين عليه السلام فتقتل هذا الذي قتلنا...). وكما رد في دعاء الإمام الحسين (ع): (اللهمّ احبس عنهم قطر السّماء، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف، وسلّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأساً مصبرة، فإنّهم كذبونا وخذلونا، وأنت ربّنا عليك توكّلنا وإليك المصير. والله لا يدع أحداً منهم إلاّ انتقم لي منه، قتلةً بقتلة وضربةً بضربة، وإنّه لينتصر لي ولأهل بيتي وأشياعي) , والمختار والكثير من الشيعة , وهذا دليل واضح ان البارزين من الشيعة بل أغلبهم وهم القلة كانوا في السجون والآخرين تم تصفيتهم , وكبار قادة الجيش المحارب للإمام الحسين(ع) كان من الكوفة ، أمثال: شبث بن ربعي وغيرهم , لكن لم يعرف عنهم التشيع , وكل هذا الكلام والذي قد نقل في الكتب والنقل هو من قلم واحد وحسب ما يريده الحزب الأموي من تشويهات تاريخيّة أسّسها وسار عليها أتباعهم لغرض النّيل من التّشيّع بشتّى الطّرق والمستويات.

والى ثورة الدم الكبرى شهادة الإمام الحسين (ع) التي حطمت هذه الخطط وهدمت ما بنوه , وفتحت باب كبير للمذهب آل محمد (ص) وكان لأئمة اهل البيت (ع) الفضل في نشر سنة رسول الله (ص) وفي هذا الخلط والمنع من واجبنا ان لا نقبل رواية إلا من أهل البيت (ع) والائمة فقط (ع) لانهم ال النبي (ص) وهم أعرف واحصر من الجميع على سنة جدهم المصطفى (ص) وهذا الكلام العقل والمنطق يقبله , وأنا اعلم ان هذا الكلام وهذه الروايات والأحاديث الصحيحة عن أهل البيت (ع) عن رسول اللّه (ص) جيل بعد جيل سلسلة ذهبية تزعج اولئك التابعين للمدرسة الأموية , في علم الدراية كل من يروي عن أهل البيت (ع) ومحب لعلي بالضعيف , وفي علم الرواية والحديث فدونوا كتبا واسقطوا منها هذا النوع من الأحاديث وكذا الأحاديث التي تمس بشخصية الحكام والخلفاء بعد الرسول(ص) فسموا هذه الكتب المدونة على هذا الشكل والأسلوب بالصحيح، حتى بلغ ‌عددها ستة، وكان حظ صحيح البخاري من حيث الإعتبار والوثوق أكثر من سائر الصحاح، لأن البخاري كان أكثر اعتقادا وتمسكا بالأصلين المذكورين، ولذا تراه يروي عن الخوارج، مثل: عمران بن حطان , ويقتطع وينقص الأحاديث التي تمس بكرامة الخلفاء، وعلى هذا الاساس نرى أتباع اسلام الخلفاء يعتقدون بان صحيح البخاري أصح كتاب بعد القرآن , أصح كتب التاريخ والسير لديهم تاريخ الطبري ، لأن الطبري انتهج في أسلوبه ما انتهجه البخارى من حيث التزامه بالاصلين المذكورين، فهو يترقب بان لا يروي حديثا فيه ما يخدش هوية هذه الفئة من الصحابة الموثوقين عندهم، ويروي كل حديث مزور ليبرر المواقف الظالمة لبعض الصحابة والخلفاء , ومن هذا المنطلق ترى الطبري يروي مئات الأحاديث التي دستها ايادي الزنادقة بحيث أنه اثبت القضايا والحوادث الواقعة في عهد النبي (ص) والخلفاء الاوائل مقلوبة ومعكوسة , ولما كان الطبري ملتزما ومقيدا للحفاظ على مصالح الخلفاء والصحابة الموثوقين عندهم حاز من العظمة والاحترام حتى سموه امام المؤرخين، من بعده ابن اثير وابن كثير وابن خلدون اقتبسوا ما كتبوه في كتبهم من كتاب الطبري , حتى بعض كتاب الشيعة تأثروا بهذه الكتب ,واعتبروا بعضها من الدين وهو من صناعة الأيادي الاجيرة والوضاعة للحديث , وبعد هذه المراحل من الدولة الإسلامية وكيف كانت وما هو طابعها , وهنا نريد ان نصل الى حقيقة الإتجاه الأول (الشيعة) وما هو موقفهم وعددهم في قبال الإتجاه الثاني ومتى اصبح مذهب متكامل من حيث العقيدة والقيادة الدينية والسياسية في قبال الإتجاه الثاني مذهب أهل السنة والجماعة , كان أتباع علي (ع) يقال لهم شيعته كانوا نخبة متميزة من صحابة الرسول (ص) أمثال : سلمان الفارسي المحمدي ، وأبي ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، لكن كيف بدأت الشيعة كعقيدة علينا أن نعود إلى البداية , هل كان مفهوم الشيعة كما اليوم , لم يكن أي خلاف عقائدي بين الاتجاهين كانت بداية الخلاف حول الخلافة الشيعة ومنهجهم التعبد بحرفية النص الديني , وكان النص الوصي الإمام علي (ع) وأيد هذا الرأي مجموعة من الصحابة من المهاجرين والأنصار امثال العباس بن عبد المطلب، والفضل بن العباس، والزبير بن العوام بن العاص، وخالد بن سعيد، والمقداد بن عمرو وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، وأبي بن كعب , واصح الاقوال اسم الشيعة كان يُطلق في عهد الرسول(ص) على بعض الصحابة واختصَّ بأربعةٍ منهم هم سلمان الفارسيُّ وأبو ذرٍ الغفاريّ وعمّار بن ياسر والمقداد بن أسود، وكانوا يتصرَّفون في حياة النبيِّ(ص) باعتبارهم شيعة علي(ع)، وكان ذلك يُعرف عنهم إذ خاطب النبي(ص) علياً(ع) بقوله: (يا علي أنت وأصحابك في الجنّة ) ولا تخفى صلات هؤلاء الأربعة بالإمام علي(ع) في حياة النبيّ(ص) وبعد وفاته، فكانوا يرون فيه المرجع الروحيّ والدينيّ والقائد السياسيّ، الأمر الذي تجلَّى في موقفهم الرافض لنتائج السقيفة ومطالبتهم بالخلافة لعلي واعتصامهم في بيت فاطمة الزهراء (ع) العدد اربعة وبعد وفاة النبي(ص) ..

التكملة في الحلقة القادمة

الشيعة والتاريخ .. بقلم عادل الزركاني

الحلقة التاسعة ..

عن أبن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كنا عند النبي (ص) فأقبل علي فقال النبي (ص) : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ، ونزلت : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) , فكان أصحاب النبي (ص) إذا أقبل علي قالوا : جاء خير البرية . وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً : علي خير البرية , وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال لما نزلت : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) ، قال رسول الله (ص) لعلي : هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين .

ولا تخفى صلات هؤلاء الأربعة بالإمام علي(ع) في حياة النبيّ(ص) وبعد وفاته، فكانوا يرون فيه المرجع الروحيّ والدينيّ والقائد السياسيّ ، الأمر الذي تجلَّى في موقفهم الرافض لنتائج السقيفة ومطالبتهم بالخلافة لعلي(ع) واعتصامهم في بيت فاطمة الزهراء (ع) وكان العدد أربعة وبعد وفاة النبي(ص) ,عدد الشيعة ثمانية لا يتجاوز أصابع اليدين , بعد انتخابات السقيفة ,وهناك من البحاثين والمؤرخين من العامة الذين ذهبوا إلى أنّ التشيع ظهر يوم السقيفة , وهذا الكلام لا دليل عليه ولا يناسب العقل والمنطق لأنّه من غير المعقول أن يتبلور التشيع بأسبوع واحد بعد وفاة النبي (ص) لأن كل فكرة بحاجة الى وقت حتى تتكون وتتبلور , بل كانت فكرة العقيدة السماوية تام وواضحة وكان هنا وموقف الممتنعين الشيعة عن بيعة أبي بكر وحجاجهم في ذلك الموضوع , وان ينظر الى مصلحة الإسلام والمسلمين في اجتهاده على النص .

والروايات الصحيحة تؤكد ان أمير المؤمنين (ع) جلس خمساً وعشرين سنة في بيته وولداه (ع) لم يفارقاه , ولم يكن مفهوم التشيع كما هو الآن فقط عند الشيعة كسلمان وابو ذر وعمار , وكان المسلمين رغم ان الكثير منهم كان حاضر في بيعة الغدير , لكن يميل إلى تقديم الإجتهاد في تقدير المصلحة , والإمام علي (ع) في نظرهم لا يصلح للخلافة لأنه حدث السن , قال الإمام علي (ع) : (أنا أحَقّ بهذا الأمر منه ، وانتم أولى بالبَيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتَجَجْتُم عليهم بالقرابة من الرسول (ص) ، وتأخذونه منا أهل البيت غَصباً , ألستُم زعمتم للأنصار أنَّكم أولى بهذا الأمر منهم لِمكانكم من رسول الله (ص) ، فأعطوكم المَقادة ، وسلَّموا لكم الإمارة , وأنا احتَجُّ عليكم بمثل ما احتَجَجْتُم على الأنصار ، أنا أولى برسول الله (ص) حيّاً وميّتاً , وأنا وصيُّه ووزيره ، ومستودَع سِرِّه وعِلمِه ، وأنا الصِّدِّيق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، أول من آمن به وصدَّقه ، وأحسنُكُم بلاءً في جهاد المشركين ، وأعْرَفُكُم بالكتاب والسنة ، وأفقهُكُم في الدِّين ، وأعلمُكُم بعواقب الأمور ، وأذرّ بكم لِساناً ، وأثبَتُكم جناناً , فعلامَ تُنازِعونا هذا الأمر ؟ أنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم واعرفوا لنا من الامر مثل ما عرفته الأنصار لكم، وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون )..

كانوا ينظرون له كصحابي وابن عم رسول الله (ص) حيث كان منطقهم في السقيفة منكم أمير ومنا أمير هو حكم متداول فقط , وأن كان بعضهم يعلم بالوصية ان الحق للإمام (ع) وجاء هؤلاء القوم إلى أمير المؤمنين بأجمعهم فقالوا يا أمير المؤمنين تركت حقا أنت أحق به وأولى منه، لأنا سمعنا رسول الله (ص) يقول: (علي مع الحق والحق مع علي يميل مع الحق كيف مال) ولقد هممنا أن نصير إليه فننزله عن منبر رسول الله (ص) (يقصدون أبو بكر ,) فجئناك نستشيرك ونستطلع رأيك فيما تأمرنا، فقال أمير المؤمنين (ع): وأيم الله لو فعلتم ذلك لما كنتم لهم إلا حربا، ولكنكم كالملح في الزاد، وكالكحل في العين، وأيم الله لو فعلتم ذلك لأتيتموني شاهرين أسيافكم مستعدين للحرب والقتال إذا لأتوني فقالوا لي بايع، وإلا قتلناك، فلابد من أن أدفع القوم عن نفسي، وذلك أن رسول الله (ص) أو عز إلى قبل وفاته قال لي: يا أبا الحسن إن الأمة ستغدر بك بعدي، وتنقض فيك عهدي، وإنك مني بمنزلة هارون من موسى، وإن الأمة من بعدي بمنزلة هارون ومن اتبعه والسامري ومن اتبعه، فقلت يا رسول الله فما تعهد إلى إذا كان ذلك؟ فقال: إن وجدت أعوانا فبادر إليهم وجاهدوهم إن لم تجد أعوانا كف يدك واحقن دمك حتى تلحق بي مظلوما.

وأول من تكلم بهذا الأمر حق الإمام (ع) بالخلافة خالد بن سعيد بن العاص ثم باقي المهاجرين ثم من بعدهم الأنصار، وروى أنهم كانوا غيبا عن وفات رسول الله (ص) فقدموا وقد تولى أبو بكر وهم يومئذ أعلام مسجد رسول الله (ص) فقام خالد بن سعيد بن العاص وقال: اتق الله يا أبا بكر فقد علمت أن رسول الله (ص) قال - ونحن محتوشوه يوم قريظة حين فتح الله له وقد قتل على يومئذ عدة من صنا ديد رجالهم، وأولى البأس والنجدة منهم: يا معاشر المهاجرين والأنصار إني موصيكم بوصية فاحفظوها ومودعكم أمرا فاحفظوه، ألا إن علي بن أبي طالب (ع) أميركم بعدي، وخليفتي فيكم، بذلك أوصاني ربي ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي وتوازروه وتنصروه، اختلفتم في أحكامكم، واضطرب علكيم أمر دينكم، ووليكم شراركم ألا إن أهل بيتي هم الوارثون لأمري، والعالمون بأمر أمتي من بعدي اللهم من أطاعهم من أمتي وحفظ فيهم وصيتي فاحشرهم في زمرتي، واجعل لهم نصيبا من مرافقتي، يدركون به نور الآخرة، اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فأحرمه الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض.

وبعد كتب للقوم: ليس إلى خروجي حيلة لأني في جمع كتاب الله الذي قد نبذتموه، وألهتكم الدنيا عنه، وقد حلفت أن لا أخرج من بيتي ولا أضع ردائي على عاتقي، حتى أجمع القرآن.

التكملة في الحلقة القادمة

تعّر تحميل '219422322_671653153759936_2129460323122685555_n.jpg'. TransportError: There was an error during the transport or processing of this request. Error code = 103, Path = /_/BloggerUi/data/batchexecute



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق