الأحد، 19 سبتمبر 2021

 الشيعة في التاريخ ..

بقلم عادل الزركاني

(الحلقة الاولى..)

    في بداية المرحلة الأولى للإسلام كان هناك اتجاهين رئيسين ومختلفين , الاتجاه الاول يؤمن بالتعبد بالدين وتحكيمه والتسليم المطلق للنص الديني في كل جوانب الحياة , وفي قبال اتجاه الثاني لا يرى أن بالدين يتطلب منه التعبد إلا في نطاق خاص من العبادات والغيبيات، ويؤمن بإمكانية الاجتهاد وجواز التصرف على أساسه بالتغيير والتعديل في النص الديني وفقا للمصالح في غير ذلك النطاق من مجالات الحياة .

     الاتجاه الاول : هم الشيعة اتباع الإمام عليA ومنهجهم التعبد بحرفية النص الديني.

    الاتجاه الثاني : جزء كبير من الصحابة يميل إلى تقديم الاجتهاد في تقدير المصلحة، واستنتاجها من الظروف، وقد تحمل الرسول J من هذا الاتجاه المرارة في كثير من الحالات , وهناك شواهد كثيرة الاعتراض كصلح الحديبية واحتجاجه عليه ، والموقف من تأمير أسامة ابن زيد على الجيش وخرج النبي Jهو مريض فخطب الناس وقال: (يا أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأمير أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقا بالإمارة، وإن ابنه من لخليق بها)[1] وغيرها من الواقف , وقد أدى هذا الاختلاف بين الاتجاهين إلى انقسام عقائدي عقيب وفاة الرسول الكريم Jمباشرة , وكان الاتجاه الثاني قد سيطر على الحكم فاستطاع أن يستوعب أكثرية المسلمين، أقصي الاتجاه الثاني وهو الاقلية والعدد بسيط جدا هم اتباع الإمام A (الشيعة) ولهذه الحقيقة تشير الأحاديث المتواترة التي ذكرها غير واحد من المفسرين والمحدثين والمؤرخين نذكر منهم على سبيل المثال الكنجي : أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنا عند النبي J ، فاقبل علي بن أبي طالب A فقال النبي J : قد أتاكم أخي , ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ، ثم قال : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ، ثم إنه أولكم إيمانا ، و أوفاكم بعهد الله ، وأقومكم بأمر الله ، وأعدلكم في الرعية ، وأقسمكم بالسوية ، وأعظمكم عند الله مزيّة , قال : ونزلت :﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾([2]) وقال ابن عساكر : أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنا عند النبي J فأقبل عليA ، فقال ـ أي النبي ـ : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة , فنزل قوله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ , وعن ابن حجر : أحمد بن حجر الهيثمي ، عن ابن عباس قال : لما أنزل الله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ ، قال رسول الله JلعليA : هم أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي عدوّك غِضابا مقمحين , وعن الطبري : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، ، عن محمد بن علي ، قال : لما نزلت الآية :﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ [3] ، فقال رسول الله J: أنت يا علي وشيعتك , وعن السيوطي : جلال الدين بن أبي بكر ، عن علي ، قال : قال رسول الله J لي : ألم تسمع قول الله تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ[4] ، أنت وشيعتك ، وموعدي و موعدك الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرّا محجلين ".إلى غيرها من المصادر الكثيرة التي ذكرت الألفاظ الدالة على أن النبي J هو الذي استعمل مصطلح " الشيعة " ومشتقاتها في الموالين لعلي A.

                                     التكملة في الحلقة القادمة .



[1] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢١ - الصفحة ٤١٠

[2] _ البينة - الآية 7

[3] البينة - الآية 7

[4] _ البينة - الآية 7


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق