الشيعة في التاريخ ..
بقلم : عادل الزركاني
(الحلقة الثانية)
كما تقدم في الجزء الأول معرفة مفهوم الشيعة وسبب التسمية , وكمصطلح لغوي يقصد بها جماعة من المتعاونين على أمر واحد ، ويقال تشايع القوم إذا تعاونوا ، وربّما يطلق على مطلق التابع , وقد أستعمل الله تعالى هذا اللفظ في كتابه العزيز في قوله (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) [1]وقوله تعالى : (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [2]ولم يقتصر استخدام توصيف الشيعة على أتباع الإمام علي A فقط بل ذكر المؤرخين كالمسعودي في كتابه (التنبيه والإشراف) وابن تغري بردي في كتابه (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة) توصيف المطالبين بالثأر لعثمان بن عفان من الأمويين وأهل الشام، بأنهم (شيعة العثمانية) , ومؤيدو الدولة الأموية في عصر عبد الملك بن مروان، وفي أثناء الصراع مع عبد الله بن الزبير في مكة, بإسم (شيعة بني مروان)، ذكر ذلك ابن جرير الطبري في تاريخه , وفي العهد العباسي تسمية مناصري الثورة العباسية بإسم الشيعة أو شيعة العباسيين أو شيعة بني العباس, واستعمل الإمام الحسين A لفظ الشيعة في معركة كربلاء قال (يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم أعرابا) [3]ومع الزمن ربط هذا الاصطلاح (الشيعة) بأنصار الإمام علي A ومؤيديه , يقول سعد الأشعري، صاحب كتاب (المقالات والفرق): (فأوّل الفرق الشيعيّة وهي فرقة عليِّ بن أبي طالب رضوان الله عليه المسمّون شيعة عليِّ في زمان الرسول وبعده معروفون بالانقطاع إليه والقول بإمامته، منهم المقداد، وسلمان المحمدي، وأبو ذر ,وعمار بن ياسر، وغيرهم ممن وافق مودّته مودّة علي بن أبي طالب، وهم أوَّل من سمّوا باسم التشيّع من هذه الأمّة) , ويقول الكلام ذاته معظم علماء ومؤرّخي الشيعة وكتّابهم , قال الشيخ المفيد (اتبعوا أمير المؤمنين صلوات الله عليه على سبيل الولاء والاعتقاد لإمامته بعد الرسول، بلا فصل ونفي لإمامته عمن تقدمه في مقام الخلافة وجعله في الاعتقاد متبوعًا لهم غير تابع) , وقال العلاّمة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاءH: (إنَّ أوَّل من وضع بذرة التشيّع في حقل الإسلام هو صاحب الشريعة الإسلاميّة نفسه، يعني أنّ بذرة التشيّع وضعت مع بذرة الإسلام جنباً إلى جنب وسواءً بسواء) ويستدلّ على ذلك بما رُويَ عن النبي J في تفسير قوله تعالى:(أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) أنّه قال J مشيراً إلى علي A: (والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة).
كانت وما تزال محاولات كُتَّاب التاريخ الذين أعتادوا على تزوير وتزييف التاريخ وتميّع الحقائق وخاصة مع أتباع أهل البيت D لأنهم يشكلون المعارضة دائما , الرأي الاول : قال بعضهم تاريخ التشيّع ظهر بعد وفاة الرسول J من قبل بعض أنصار الإمام علي A الذين اجتمعوا في بيت فاطمة h ، الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر وهم قوم من المهاجرين والأنصار ، ومالوا مع علي بن أبي طالب ، منهم العبّاس بن عبد المطلب ، والفضل بن العبّاس ، والزبير بن العوام وخالد بن سعيد والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر والبراء بن عازب وأبي بن كعب ...
الرأي الثاني : يقول التشيّع وليد الفتنة التي وقعت في عهد عثمان ..
التكملة في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق