ذكرى وفاة أمِّي..
ما أسرع السنوات وما أقسى الأيام بدونكِ، ها نحنُ من جديد نودع سنة ثانية وأنتِ في حُفْرَة الغياب، والفراق كأَنَّهُ يبدأُ تواً، ونستغرقُ في تفاصيله كأَنَّنا لا نستوعب فِكْرة الفقْدان، أثقلني وأتعبني وأوجعني فراقكِ.
أمِّي الغالية : منذ ذلك المساءَ الأخير الذي غَلَبَكِ فيه النوم الأَبَدِيَّ، وأنا أحاول ان أعود كما أنا لم أتمكن، صَوَّرٌ ومواقف عالقة وتتَضاعَفَ في داخلي وبمرارة طاحنة.
يوماً مشؤوم دَمَّرَ في داخلي أشياء وأشياء وصَبَغَ أيامي بلون واحد، فراقكِ صَعْبٌ ونسيانكِ أَصْعَب.
كنتِ تقولينَ إنكِ رَاحِلةٌ عما قَريِب، وكنا نضحك أو إنا لا نريد أن نصدق، ولم نَضع في حساباتنا كيفَ سَيبدو العمر بدونكِ، نتوجَّعُ صمتاً وحسرةً كلما مرَّ ذكرُكِ، وفي بعض الأحيان نُبوحُ عمَّا في داخلنا من خلال الحروف التي نكتبها او الدموع التي نذرفها، والى اليوم عندي أمل أن نجتمعُ مجدداً تحت سقف ذلك البيت الجنوبي القديم الذي فيه كل الذكريات والآهات، وعندما أزوره احدِّقُ صوبَ مكانكِ لعليِ أرى عصابتكِ السوداء أو طرفاً من عباءَتِكِ أو أسمع صوتِكِ الذي أسكتَهُ الموت.
أمِّي ايتها النائمة في تلك المقابر , أبي ايها الراحل في السنوات العجاف مُخَضَّباً بِدَمِك مظلوماً انتم أصدق وأطهر حب يمكن أن يعيشه الإنسان في الوجود وانقى علاقة في الحياة، وهو الحب الحقيقي والمثالي والاجمل لأنه نابع من الغريزة والوجدان، لا وجود للمصالح او المكاسب المادية او الأمور الدنيوية الزائفة فيه...ابي أمِّي ايتها العظيمة سأبكيكِ وأرثيكِ واتطلّعُ إليكِ ما حييت..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق