مصطلح
النصب والنواصب ليس مصطلحاً شيعيّاً، بل إسلامي عام، ورد
هذا المصطلح في جملة من الأحاديث النّبويّة، ويشترك في استعماله السنّة والشيعة،
لكن الدراسة الأكثر والاعمق لهذا المفهوم عند الشيعة من ناحية آثاره الفقهيّة.
وقع
الخلاف في سعة دائرة النواصب، لكن القدر المُتيقن هو أنّه يصدق على كل من عادى الإمام
علي بن أبي طالب Aأو أحداً من أئمة أهل البيت A وحكم الفقهاء على أن النواصب كفار عند جميع مذاهب المسلمين، وهناك
من يُفسّقهم من أهل السنة، وأبرز نماذج النصب والنواصب هم الخوارج. ([1]) قال رسول الله J: يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وأعمالكم مع أعمالهم
يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية تنظر في
النصل، فلا ترى شيئا تنظر في القدح فلا ترى شيئا تنظر في الريش، فلا ترى شيئا
وتتمارى في الفوق. ([2])
تعريف الخوارج تعريفين عام وخاص.
العام:
ذكره الشهرستاني في قوله:(كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه
يُسمى خارجيّا، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم
على التابعين بإحسان، والأئمة في كل زمان) ([3])
الخاص: هم الطائفة
التي خرجت على الإمام علي بن ابي طالبA في صفين يوم التحكيم حيث كرهوا الحكم
والتحكيم وقالوا: «لا حكم الا لله» وخرجوا عن إمرته وخلافته، وقالوا: «شككت في
أمرك، وحكمت عدوك في نفسك»، ثم كفَّروه وكفّروا معاوية وكل من رضي بالتحكيم. ([4])
الخوارج
كما هو الواضح ليس وليد معركة (صفين) وقضية التحكيم وبهذه السرعة تكون هذا الفكر او
انه نقطة البداية، وهو من غير الممكن في معركة وقتل وقتال وهناك من يأسس لفكر اخر
او تشكيل تنظيم وكان الخوارج مجموعة كانوا مع الامام علي A مرة في قبول التحكيم ثم تراجعهم عن
موقفهم - بقبول التحكيم - وطالبوا أمير المؤمنين A
باستئناف القتال , وكان عددهم يبلغ إثنا عشر ألفًا يتزعمهم عبد الله بن الكواء،
وشبث بن ربعي، وعبد الله بن وهب الراسبي، وحرقوص بن زهير البجلي , وهذا العدد
واجتماعه خلف شخص ومنهج وشعار ليس وليد حادثة او موقف , اعتقد هو الحق والذي يقبله
العقل والمنطق وهو ان الخوارج في وجودها مرّت بمرحلتين، إحداهما مرحلة الوجود
الكامن المستتر الخفي، والثانية مرحلة الظهور والإعلان مرحلة التستر والكتمان: وكما
هو واضح وجودهم منذ الصدر الأول للإسلام إلى سنة (37 هـ) .
واقعة
التحكيم وكان اعلانهم الرسمي في صفين كفرقة عقائدية سياسية([5]) ,كان للخوارج في هذه
المرحلة طوران: طور النشأة (الجذور)بداية الصدر الأول حتى سنة 24هـ حيث استلم عثمان بن عفان الحكم،(ويمكن ان يقال
الخارجي الأول (ذي الخويصرة) في عهد النبي Jكانوا ينتمون إلى ما كان
يُعرف بطبقة القُرّاء ,طور التنظير والتمذهب: ويمتد من سنة 24هـ إلى سنة (37 هـ)،
فيستغرق ثلاث عشرة سنة، وهي مدة حكم عثمان بن عفان وسنتين من خلافة أمير المؤمنين
عليA
ومؤسّس هذه الفرقة، ابن صفار، وانّهم إنّما سمّوا بصفرة لصفرة
عَلَتْهم، بينما الأشعري والشهرستاني ينسبانها إلى زياد بن أصفر، ولكن يقول
المقريزي: إنّهم أتباع زياد بن الأصفر ويُضيف، ربّما يُقال: إنّهم أتباع النعمان
بن الصفر، وقيل: بل نسبوا إلى عبداللَّه بن صفار، ويُقال لهم أيضاً: الزيادي .
هل للخروج عقيدة معينة تخالف عقيدة الإمام بالمعنى الخاص ويكون ناصبي ولا
يختلف عن حكم الخوارج او ما حدث بين الإمام عليA
وكما يقول العامة ما هي إلا فتنة انتهت على نحو ما انتهت عليه , وليس خروجا على
الإمام ولا يجوز الحديث فيها بل يحرم الخوض فيها عند بعضهم ، وخروج الإمام الحسين A
حسب الفقه السياسي الاموي ومن معه خوارج ,وان لم يصرح به من يقول
بعدالة معاوية , لكن هو الخروج لا يختلف الان خلاف الشريعة حسب المبنى العام ولا
يوجد حكم خاص عندهم , وان صرح بعضهم بفضل معاوية على الإمام الحسن A
وان معاوية خليفة وحاكم عادل ولا يجوز الخروج عليه , وكذلك يزيد
ومن ثم صبحت عقيدة ولها أسس واحاديث موضوعة , واما الكتاب والسنة قطعا للغيار حسب
الحاجة للسيطرة على الناس , وان كان هذا التستر تفضحه سقطات ألفاظهم وهفوات لسانهم
فصرحوا بأنفسهم بعدم موالاة اهله بيت نبيهم , ومن خلال ذكرهم الإمام الحسين Aويلمح
بعضهم الى ان خروجه على إمام زمانهم!! بوصف الإمام A بأنه أخطأ في خروجه وزل
فتسبب بقتل نفسه قبل غيره!! ولا يجوز التأسي به في الخروج على الفاسدين، ولابد من
الاتعاظ به وعدم تكرار فعله لأنه لا خير فيه...! ويكون الإمام الحسين A
خارجياً أو مخطئاً والنبي J
يصفه بسيد شباب الجنة؟! وهذا واضح في المباني عندهم وان كان بعضهم يقول خلاف ذلك
كذبا ونفاقا , وأيضا لهم فيه تخريج فقهي خاصة وهذا الكلام ليس على نحو الاطلاق لكن
هذا رأي واضح واستقر إجماع أهل السنة بعد ذلك على تحريم
الخروج بالسيف على الإمام المسلم الجائر أو الظالم،
من أي جاء هذا الحكم؟! والامام الحسين A خرج على الحاكم الجائر والظالم والفاسق يزيد , وهو الاعرف بسنة جده رسول
الله J وخروج
معاوية على الإمام علي A وعلى الإمام
الحسن A من بعده، لماذا استقر إجماع أهل السنة بعد
ذلك على تحريم الخروج بالسيف على الحاكم، وهذا الحكم كان في زمن متأخر ولا يعلم به
اهل البيت bبل حتى الصحابة الذين كانوا مع الائمة علي والحسن
والحسينb , هذا
الاجماع جاء من النهج السياسي الاموية كما هو الواضح ,لأجل طاعة ولي الأمر (السلطان)
بين الإسفاف والإجحاف… «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ،
وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ», وهذا توظيف لنصوص مختلقة للحاكم وولاء له مهما
كان ظالم فاسق وكل من خرج عليه خارجي .
سنة حسب
رأي الحاكم والنصوص صناعته خاصة من واعظ السلاطين في كل زمان , وأن كانت هذه
النصوص يضرب بعضها ببعض وتناقض واضح .
خروج الإمام الحسين A وهو سيد شباب الجنة واعلم الصحابة في زمانه وهو الاعرف والأدري
بسنة جده رسول الله J وقبل ذلك خروج
معاوية وعائشة وغيرهم كيف يكون ويبرر ويضع تحت نظرية اجتهد فأخطأ.
هكذا الدين لا عدالة فيه وخاصة للصحابة وكل ما
يفعله والصحابة أعظم وأكبر من النبوة وكل ما يفعله الصحابي مسموح وله ضمانه لأنه
صحابي حتى لو تعدى وظلم، واسسوا لهذا قاعدة الاجتهاد (المجتهد إذا أصاب فله أجران
وإذا أخطأ فله أجر واحد)، والادهى ان تعدي وظلم له اجر أيضا، ام غيره يكون خارجي
ويحكم عليه بالقتل وسبي عياله ونهب أمواله، وإذا لعنت او ذكرت فعل قبيح لاحد
الصحابة يحكم عليك بالكفر والقتل , وقال الإمام القرطبي: لا يجوز أن يُنسب إلى أحد
من الصحابة خطأ مقطوع به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه، وأرادوا الله عز وجل،
وهم كلهم لنا أئمة، وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم، وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر
لحرمة الصحبة، ولنهي النبي J عن سبهم،
وأن الله غفر لهم، وأخبر بالرضا عنهم , ومن هذا وذاك نهج وفقه داعش اليوم من هذه المدرسة.
تحويل الدين الى أداة بيد طبقة من رجال الدين
المتحالفين مع السلطة واستمر في النهج الإسلامي بشكل عام كلام الحاكم مقدم على
الفقيه ويعبر الفقيه الحاكم ولي امر المسلمين ولا يجوز مخالفته في الفعل والقول وحتى
وان كان فاسقا، والفقه موظف في سلطان الحاكم وتحت إمرته.
كان
الخوارج يرون أبا بكر وعمر كخليفة للنبي J، وبالنسبة
إلى عثمان، فإنهم قبلوه خليفته في ست سنوات الأولى من حكمه، وأما الإمام عليA فإنهم يرون خلافة صحيحة حتى قضية التحكيم،
ويكفرون الأخيرين (عثمان والإمام على A) فيما تبقى
من حكمهم، ويعزلونهم من منصبهم. وان كان في هذا كلام تستر الى وقت معين وظهرت عقيدتهم.
اختلف
الفقهاء في معنى النصب والنواصب، وذلك على خطوط ثلاثة أساسيّة:
الرأي الأوّل: وفيه تفصيل الناصبي هو الذي يعادي أهل البيت b أنفسهم، فبدل أن يُبدي المودّة ويكنّ المحبّة لهم، فهو يظهر
العداء ويبطن البغض لهم، وهذا الرأي يجعل طرف المعاداة هم أشخاص أهل البيت A، فالناصبي يعادي عليّاً بشخصه، ويعادي الحسن والحسين وفاطمة وزين
العابدين bوباقي الأئمّة الإثني عشر b ويُقصد منها خصوص معاداة جميعهم، أو أنّ الأمر يشمل معاداة أيّ
واحدٍ منهم، فلو عادى الحسين Aدون غيره فهل هو ناصبي لأنّ
حكمهم واحد، وهم الذين قالوا بأنّ النصب هو المعاداة تديّناً، بمعنى أنّ هذا الشخص
يقوم بمعاداة أهل البيت مثلاً معتقداً أنّ ذلك شريعة دينيّة وأمر ديني مطلوب منه،
فهو يدين الله بمعاداتهم، ويتعبّده ببغضهم , ولا يقصد بها إنكار فضيلة أو التشكيك
بمنصب لأهل البيت b منحهم الله إيّاه، فهذا لا
علاقة له بمفهوم المعاداة عند جمهور العلماء، نعم يوجد رأي طرحه بعض علماء
الإخباريّة الشيخ يوسف البحراني وينسب لغيره من العلماء أيضاً، ويذهب إلى انطباق
عنوان النصب على جميع المخالفين للإماميّة على الإطلاق، عدا قليل من المستضعفين
منهم، لكن في هذا الباب بحث فقهي واسع وفيه الاتفاق تقريباً على طهارة المخالفين
مطلقاً عند العلماء مستثنين منهم النواصب، ولم تتمّ الموافقة على الاستدلال بنجاسة
الناصبي على نجاسة مطلق المخالف، بل تمّ التمييز بينهما , وأنّ الناصبي هو الذي
يعادي أهل البيت b ويتعبّد ببغض علي وآل عليّ
, وكذلك الذي يبغض ويعادي بوصف ذلك حالة قلبيّة، سواء أعلن ذلك وأشهره، بحيث صار
يعرف به، أو لا، فلو علمنا أنّه ناصبي ولكنّه كان ساكتاً بالإجمال العام فهو ناصبي
تترتّب عليه أحكام النواصب , وليس مطلق من عادى أهل البيت b، بل لابدّ فيه من أن يكون مبرزاً ذلك ومعلناً لنصبه وعدائه لهم،
وإلا سمّي منافقاً ؛ لأنّ عنوان النصب عندهم يتضمّن الإعلان والإشهار، وإلا لم
تترتّب عليه أحكام الناصبي، وكل من يبغضهم ولكن لا يظهر النصب والعداء لهم فليس
ناصبيا بالمصطلح الفقهي أي لا يترتب عليه احكام الناصبي ويحكم بإسلامه وطهارته
ظاهرا وان كان واقعا وعند الله تعالى هو ليس كذلك إلا ان في الدنيا يعامل معاملة
المسلم , وهذا ما ذهب إليه كثير من الفقهاء ـ بل لعلّه المشهور , والفقهاء يميّزون في الفقه
بين عنوان الخارجي والناصبي هذا رأي الشيخ الانصاري , وكل من يبغضهم ولكن لا يظهر
النصب والعداء لهم فليس ناصبيا بالمصطلح الفقهي أي لا يترتب عليه احكام الناصبي
ويحكم بإسلامه وطهارته ظاهرا وان كان واقعا وعند الله تعالى هو ليس كذلك الا ان في
الدنيا يعامل معاملة المسلم.
الاسلام يتعامل مع الناس بحسب ما يظهرونه فمن
كان يظهر الاسلام وتشهد الشهادتين فهو مسلم وتجري عليه احكام الاسلام ويحكم
بطهارته (فالحكم بطهارته يتوقف على أن يظهر الاسلام بالإقرار بالشهادتين وإن كان
اقرارا صوريا ولم يكن معتقدا به حقيقة وقلبا يدل عليه – مضافا إلى السيرة المتحققة
فإن النبي J كان يكتفي في اسلام الكفرة بمجرد اجرائهم
الشهادتين باللسان مع القطع بعدم كونهم بأجمعهم معتقدين بالإسلام حقيقة وإلى قوله
عز من قائل: (والله يشهد أن المنافقين لكاذبون) ([6])
الرأي الثاني: وهو الرأي الذي يقول بأنّ
الناصبي هو الأعم من الذي يُبدي العداوة لأهل البيت b أو لشيعتهم من حيث هم شيعة
لأهل البيت bومتبعون لهم، فهذا الشخص
يعادي الشيعة؛ لأنّهم شيعة أهل البيت b،
ويحارب أتباع عليّ وآل علي؛ لأنّهم يشايعون علياً وآل عليّ b.
وبناءً على ذلك نبين شيء مهم في المقام وكما
قال به الفقهاء العداوات التي تقع بين أهل البيت b
وخصومهم نتيجة تنافس سلطوي أو حسد أو مصالح دنيويّة، مغايرة
لمفهوم النصب الشرعي الذي تترتّب عليه آثار شرعيّة، فلو حارب طلحة والزبير عليّاً
فهذا وإن كان مخالفاً للشرع، لكنّه لا يعبّر عن نصب العداء لعليّ تديّناً
بالضرورة، إذا انطلق من مجرّد مصالح شخصيّة ورغبة في الوصول إلى السلطة، وهذا ما
قاله به الكثير من الفقهاء وان كان فعلهم اكبر من النصب إلى نفي عنوان النصب الذي
تترتب عليه آثار شرعيّة عن كثير من المعارضين لأهل البيت bفي
زمانهم نتيجة انطلاق معاداتهم من عناصر دنيويّة وليس من اعتقاد دينيّ , وان كان
فعلهم اكبر من النصب بحقيق واقعا .
النواصب لغة: قال الجوهري:
نصبت لفلان نصباً، إذا عاديته وناصبته الحرب مناصبةً , واصطلاحاً قال الفيروز آبادي:
النواصب والناصبة وأهل النصب المتدينون بِبُغض عليA؛
لأنهم نصبوا له، أي عادوه.
ويرى الفقهاء أن النواصب
كفّار، وقيل بأنه محط إجماع , والنصب لهم b، أي عادوه وكذلك شيعتهم لانهم شيعة , روى
الشيخ الصدوق: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَمِّي عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ
اللَّهِ A يَقُولُ: «لَيْسَ النَّاصِبُ مَنْ نَصَبَ
لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ؛ لأَنَّكَ لاَ تَجِدُ أَحَداً يَقُولُ أَنَا أبْغِضُ
مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ، وَلَكِنَّ النَّاصِبَ مَنْ نَصَبَ لَكُمْ وَهُوَ
يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَتَوَالَوْنَا وَتَتَبَرَّءُونَ مِنْ أَعْدَائِنَا». وقَالَ A: «مَنْ أَشْبَعَ عَدُوّاً لَنَا فَقَدْ قَتَلَ وَلِيّاً لنا"_
وإنكار فضائل أهل البيت b تقديم
غير الإمام علي Aوالاعتقاد
بإمامة وخلافة أعداء أهل البيت b مُعاداة أهل البيت b هتك حرمتهم وسبّهم ومُعاداة الشيعة ومن مصاديق للنواصب معاوية
بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية والخوارج بجميع طوائفهم وحريز بن عثمان وإسحاق بن
سويد بن هبيرة العدوي وزياد بن جبير الثقفي وبن تيمية وابن عبد والوهاب.
في هذا المقام اقوال عديدة:
عن الشيخ الصدوقH: واعتقادنا فيمن جحد إمامه
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده bأنه
كمن جحد نبوة جميع الأنبياء واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدا من
بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء وأنكر نبوة نبينا محمدJ, قال
النبي J: (من جحد عليا إمامته بعدي فقد جحد نبوتي، ومن جحد نبوتي فقد جحد
الله ربوبيته) ([7])
يقول الشيخ المفيد H: لا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل
مخالفا للحق في الولاية ولا يصلي عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية
فيغسله تغسيل أهل الخلاف ولا يترك معه جريدة ,إذا صلى عليه لعنه ولم يدع له
فيها"([8])
ويقول الشيخ الطوسي H بعد نقل كلام الشيخ المفيد: فالوجه فيه ان المخالف لأهل الحق كافر
فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل، وإذا كان غسل الكافر لا يجوز
فيجب أن يكون غسل المخالف أيضا غير جايز وأما الصلاة عليه فيكون على حد ما كان
يصلي النبيJ والأئمة b على المنافقين ([9]) قال بهذا ابن إدريس الحلي صاحب السرائر المخالف لأهل
الحق كافر بلا خلاف بيننا، ومذهب المرتضى في ذلك مشهور في كتب الأصحاب محتمل
لإرادة نفي الخلاف عنه في الجملة لا بحيث يشمل المقام، كالمحكي عن الفاضل محمد
صالح في شرح أصول الكافي، بل والشريف القاضي نور الله في إحقاق الحق من الحكم([10]) .
المحقق الحليH
(الناصب) ويعني به من يظهر العداوة والشنان لأهل البيت عليه السلام،
وينسبهم إلى ما يقدح في العدالة، كالخوارج، ومن ماثلهم. ([11])
*العلامة
الحلي H: الناصب - وهو
المعلن بالعداوة لأهل البيتb كالخوارج - وإن أظهر الإسلام.
وكما هو واضح ان معظم المتأخرين من العلماء
إذ يرجعون في الواقع إلى مباني ومسلكية الشيخ الأعظم في الأصول والفقه، وكان ردّ الشيخ
الأنصاري في كتاب الطهارة على صاحب الحدائق وانحاز إلى القول بإسلام المخالفين
وعدم نصبهم. وذكر أيضا أنَّ المؤسس هذه المبنى الفقهي (أي إسلام المخالفين ظاهراً
وكفرهم واقعاً) الشيخ عبد الله بن صالح البحراني.
ويقول المرجع السيد الخوئي H المراد بالنصب: نصب العداوة والبغضاء.. ومن هنا يُحكم
بإسلام الأوليّن الغاصبين لحق أمير المؤمنين Aإسلاماً ظاهرياً، لعدم نصبهم ظاهراً عداوة أهل البيت،
وإنما نازعوهم في تحصيل المقام والرئاسة العامة، مع الاعتراف بما لهم من الشأن
والمنزلة، وهذا وإن كان أشد من الكفر والإلحاد حقيقة
إلا أنه لا ينافي الإسلام الظاهري، ولا يوجب النجاسة المصطلحة) فالوجه فيه ان المخالف لأهل الحق كافر فيجب أن يكون
حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل، وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون
غسل المخالف أيضا غير جايز وأما الصلاة عليه فيكون على حد ما كان يصلي النبي Jوالأئمةb على المنافقين ([12])
واقعا
هم نواصب وإسلام ظاهرا لعدم نصبهم عداوة أهل البيتbوإنما نازعوهم في تحصيل المقام والرياسة العامة وهم في
مقام أكبر من النصب كما عبر أشد من الكفر والإلحاد حقيقة إلا أنه لا ينافي الإسلام
الظاهري، والظاهر من كلام السيد H انهم
من اهل النفاق فلا نجاسة.
ويقول المرجع السيد محمد الشيرازيHالراحل
في كتابه (من فقه الزهراء Bأنهم كفّار بالموضوع لا الحكم.. ([13]) تعبيرا جديدا جامعا
يحل المعضلة فقهيا كما قال أحد الفضلاء وذكر قولا للسيد الخوئيH
انه سمعه من فاضل في الحوزة العلمية تعبيرا آخر: أنهم كفّار
علميا، مسلمون عمليا.
قول للسيد الخميني H، ليس المراد منه المعنى الاشتقاقي الصادق على كل من نصب بأي عنوان
كان، بل المراد هو الطائفة المعروفة وهم النصاب الذين كانوا يتدينون بالنصب،
ولعلهم من شعب الخوارج. وأما سائر الطوائف من النصاب بل الخوارج فلا دليل على
نجاستهم وإن كانوا أشد عذابا من الكفار، فلو خرج سلطان على أمير المؤمنين A لا بعنوان التدين بل للمعارضة في الملك أو غرض آخر كعائشة وزبير
وطلحة ومعاوية وأشباههم أو نصب أحد عداوة له أو لاحد من الائمة bلا
بعنوان التدين بل لعداوة قريش أو بني هاشم أو العرب أو لأجل كونه قاتل ولده أو
أبيه أو غير ذلك لا يوجب ظاهرا شيء منها نجاسة ظاهرية. وإن كانوا أخبث من الكلاب
والخنازير لعدم دليل من إجماع أو أخبار عليه. بل الدليل على خلافه، فان الظاهر أن
كثيرا من المسلمين بعد رسول الله J كأصحاب الجمل والصفين وأهل الشام وكثير من
أهالي الحرمين الشريفين كانوا مبغضين لأمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرينb وتجاهروا فيه ولم ينقل مجانبة أمير المؤمنين وأولاده المعصومين b وشيعته المنتجبين عن مساورتهم ومؤاكلتهم وسائر أنواع العشرة،
والقول بأن الحكم لم يكن معلوما في ذلك الزمان وانما صار معلوما في عصر الصادقين bكما
ترى مع عدم نقل مجانبة الصادقين b وأصحابهما وشيعتهما وكذا سائر الائمة عليهم
السلام المتأخرة عنهما وشيعتهم عن مساورة شيعة بني أمية وبني العباس ولا من خلفاء
الجور، والظاهر أن ذلك لعدم نجاسة مطلق المحارب والناصب، وأن الطائفتين لعنهما
الله لم تنصبا للائمة عليهم السلام لاقتضاء تدينهما ذلك، بل لطلب الجاه والرياسة،
وحب الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة، أعاذنا الله منه بفضله.([14])
قول المرجع الميرزا جواد التبريزيH: لا
نصب إلا مع إظهار العداء لأهل البيتb ([15]).
قول
السيد محمد صادق الحسيني الروحاني: ثم إن الظاهر اختصاص الناصب بمن يظهر العداوة والنصب،
ولا يتحقق بمجرد البغض والعداوة الباطنية. ([16])
الظالم والغاصب إذا لم يتدين بالعداوة
والبغضاء، بل كانت الخصومة لأمر دنيوي او هذا المنافق والذي واضح نفاقه الحكم عليه
ظاهرا مسلم ولا يوجب النجاسة لا سبيل لإثبات ذلك بحسب الظاهر، نحن كما بالدليل
والا هم في حكم الحكم العدل جل وعلى أكثر أشد من الكفر والإلحاد حقيقة، وهل إبليس
كافر وهو الذي وصل ان يكون مع الملائكة ويعلم من خلقه ويصلي له وهل الكفر يكون قبل
او بعد الايمان.
وقال القرافي: اتفق الناس على تكفير إبليس بقصته مع آدمA وليس
مدرك الكفر فيها الامتناع من السجود وإلا لكان كل من أمر بالسجود فامتنع منه كافرا
وليس كذلك، ولا كان كفره لكونه حسد آدم على منزلته من الله تعالى وإلا لكان كل
حاسد كافرا، وليس كذلك، ولا كان كفره لعصيانه وفسوقه وإلا لكان كل عاص وفاسق كافرا
([17]).
اختلفوا في كفر إبليس هل كان جهلا أو عنادا على
قولين لأهل السنة، ولا خلاف أنه كان عالما بالله تعالى قبل كفره، فمن قال: إنه كفر
جهلا قال: إنه سلب العلم الذي كان عنده عند كفره، ومن قال: كفر عنادا قال: كفر
ومعه علمه، قال ابن عطية: والكفر مع بقاء العلم مستبعد إلا أنه عندي جائز ولا
يستحيل مع خذلان الله تعالى لمن يشاء. وكل من القوليين فيه كلام لو ان الله سلب
منه العلم وتحول الى الكفر ليس له ذنب لان الله تعالى يفعل ما يشاء وسلب منهم وهو
مسير في هذا الفعل، والثاني بقاء العلم وان كان هذا في ضمن الإمكان، لكن الله تعالى
ترك لعبده الاختيار والحرية، فيطيع أو يعصي باختياره، وسيجازى على ذلك. وكان إبليس
حاسد وحاقد على ادم A والحسد
والحقد أكثر من الكفر ضرر على الاخرين.
وهذا
ينبه على أن الظلم الذي وقع منهم كان طمعا منهم في المنصب والرئاسة، وليس لإظهار
بغضهم وعدواتهم الواقعية في الظاهر بحيث يترتب عليهم عنوان النصب وأحكام النجاسة ,
والغاصب والحاسد يعلم بفضل الذي حسده والا يقع منه هذا اذا كان هو الأكثر منزلة
ورفعة , الشيطان لان المولى امر الملائكة بالسجود له كان منه ما كان وكذلك
الغاصبين ومن تبعهم كان على علم ودراية بفضل اهل البيت b وذكروا ذلك ولو المنصب والرئاسة وحب الدنيا لما فعلوا ما فعلوا وأبو
بكر يقول في أواخر أيامه : وددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة ([18])، وتمنى خليفة المسلمين ابو بكر ان يكون ( بعرة )
ولم يكن بشرا :عن الضحاك انه قال: رأى ابو بكر طيرا واقفا على شجرة , فقال : طوبى
لك يا طير , والله لوددت ان كنت مثلك تقع على الشجرة , وتأكل من الثمر ثم تطير
وليس عليك حساب , ولا عذاب , والله لوددت اني كنت شجرة الى جانب الطريق , مرّ عليّ
جمل فآخذني فادخلني فاه فلاكني ثم ازدردني ثم اخرجني بعرا ولم اك بشرا )
وللعلم الراوي الضحاك ناصبي .
وتمنى
خليفة المسلمين عمر بن الخطاب أيضا ان يكون عذرة ولم يكن بشرا يقول: ((يا ليتني
كنت كبش اهلي سمنوني ما بدالهم حتى إذا كنت أسمن ما اكون زارهم بعض من يحبون
فجعلوا بعضي شواء وبعضي قديدا ثم اكلوني فأخرجوني عذرة ولم أكن بشرا) ([19]) وغيرها من الكلمات
وهذا يدل ان الخليفة لديه ذنوب كبيرة، بخلاف صاحب الحق امير المؤمنين A عندما اغتاله الخارجي ابن ملجم كان كلمته A (فزت ورب الكعبة) وهذا اليقين الذي لا يعادله
يقين الا من لا ينطق عن الهوى J.
عادل الزركاني
[1] _ لقد سُمي
الخوارج بعدة تسميات، منها: الحرورية، والشراة، والمارقة، وغيرها، ولهم عدّة فرق،
وهي: الأزارقة، والنجدية، والصفرية، والإباضية. الحرورية: وأقدم الأسماء التي عُرف
بها الخوارج، ويعود إلى معركة صفين، وانفصال الخوارج عن جيش الإمام علي A، ونزولهم
بحروراء فنُسبوا إليها وسُمّوا (الحرورية) وذكر المبرد أن الإمام علي A هو الذي
أطلق عليهم هذا الاسم، فقد قال لهم بعد أن ناظرهم: ما نُسميكم؟ ثم قال: أنتم
الحرورية لاجتماعكم في حروراء , والشراة: ومفهوم الشراية والخروج كان من الأسس
الرئيسية التي قام عليها هذا الحزب، لأن الخوارج قالوا: «شرينا أنفسنا في طاعة
الله»، لذلك كان هذا اللقب محببا إلى نفوسهم لما يتضمنه من أسس عقيدتهم , والخوارج:
وهو من أشهر ألقابهم، والمُحكّمة: واستمد
من حادثة التحكيم، حيث رفع المعارضون لهذا التحكيم شعار (لا حكم الا للّه) , والمارقة:
وهو اللقب الذي أطلقه أعداء الخوارج عليهم استنادا إلى حديث (ذي الخويصرة) فهم
الذين قال عنهم النبيJ : «سيخرج من ضئضئ هذا الرجل قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من
الرمية»
[2] _ الأصبحي،
موطأ مالك، ج 3، ص 318.
[3] _ الشهرستاني، الملل والنحل، ج 1، ص 114.
[4] _ الأشعري، مقالات الاسلاميين، ج 1، ص 167.
[5]
_ كفّروا عليا وعثمان وطلحة والزبير وعائشة وابن عباس وكل
المسلمين. كفّروا القَعَدة وكل من لم يهاجر إليهم. أباحوا قتل أطفال المخالفين،
والنساء أيضا. إسقاط الرجم عن الزاني إذ ليس في القرآن ذكره. حكمهم أن أطفال
المشركين في النار مع آبائهم. التقية غير جائزة في قول، ولا عمل. تجويز أن يبعث
الله نبيا يعلم أنه يكفر بعد نبوته، أو كان كافرا قبل البعثة. أجمعت الأزارقة على
أن من ارتكب كبيرة من الكبائر كَفَر كُفر ملّة خرج به عن الإسلام جملة، ويكون
مخلدا في النار مع سائر الكفار. النجدية ينتسبون إلى زعيمهم الأول نجدة بن عامر
الثقفي، وقد سُمي أتباعه بالنجدات العاذريّة لعذرهم أهل الخطأ في الاجتهاد إذا
كانوا جاهلين بوجه الصواب فيه، وقد كان نجدة مع نافع يدا واحدة إلى أن نَقِمَ عليه
أشياء رأى نجدة أنها من البدع المضلة، ففارق نافعا، واستقل عنه بمن تبعه من
أصحابه.
[6] _ كتاب الطهارة، السيد الخوئي، ج2 / ص69)
[7]
_الاعتقادات في دين الإمامية - الشيخ الصدوق - الصفحة ١٠٤
[8]
_المقنعة - الشيخ المفيد - الصفحة ٨٥
[9]
_ تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة ٣٣٥
[10]
_جواهر الكلام - الشيخ الجواهري - ج ٦ - الصفحة ٦٢
[11]
_ المعتبر/ج 2/صفحة 766
[12] _ في كتاب فقه الشيعة ج 3 ص 139.
[13]
_ من فقه الزهراء عليها السلام – المجلد الثالث
[14]
_كتاب الطهارة - السيد الخميني - ج ٣ - الصفحة ٣٣٧
[15]
_ صراط النجاة/الجزء1/صفحة 560/سؤال 1561
[16]
_ فقه الصادق/جزء 21/الشرح صفحة 476
[17] _ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦٠ -
الصفحة ٣٠٩
[18] _ المعجم الكبير للطبراني 1: 62
[19] _ المصادر: كنز العمال: 6/345. الفتوحات الاسلامية، احمد بن زيني دحلان مفتي
مكة المكرمة: 2/408. حياة الصحابة للكان دهلوي الهندي: 2/99. حلية الاولياء: 1/ 52.
نور الابصار للشيخ مؤمن الشبلنجي: 60. تاريخ الخلفاء لجلال الدين السيوطي: 144.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق