التدليس في التاريخ..
التاريخ الاسلامي بكل موضوعاته بل الاغلب ما نقل رافقت تدوينه حملات التزييف والتدليس منذ ابان العصر الاول , والتاريخ الذي يقرأ اليوم والمتبع منهج الامويين والتيميين، والنظرة العامة للمسلمين على انه الإسلام الحقيقي والتعاطي معه منهجا اسلاميا يُدرس ويلقّن للناس جيل بعد جيل والحقيقة هذا فهم منقوص، وخلاف الإسلام وحقيقته , ويجب على الأمة إن أرادت أن تفيق من سكرتها أن تقرأ التاريخ جيدا وبطريقة مختلفة ، والأهم لمن يريد أن يفهم التاريخ فهما صحيحا لا غلو فيه ولا تفريط عليه أن يدرس كل جوانبه فعلى سبيل المثال جدلية سيدنا أبو طالب (ع) أو العداء التاريخي مع ال النبي (ص) جميعا وان حاول بعض الكتاب دس السم بالعسل وفي هذا التاريخ الكثير من الروايات غير مقبولة عقليا ولا نقلا, وروايات تتناقض العقل والمنطق، وتتعارض مع مجريات الإحداث المنطقية المطلوب توافرها في تلك الإحداث.. أبو طالب مات كافراً؟ ولم يكتفي هؤلاء بل ادعو ان هناك تحذير من الله تعالى للنبي (ص) أن لا يستغفر له بقوله: ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) هذه الآية وردت في سورة التوبة، وسورة التوبة مدنية، ومن أواخر ما نزل , ووفاة أبي طالب (ع) كانت بمكة قبل الهجرة ،
والحق ان سيدنا أبو طالب (ع) مؤمن برسول الله (ص) قبل البعثته بخمس عشرة سنة، والدليل ما جاء بخطبته: (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع اسماعيل، وضئضئ معد، وعنصر مضر، وجعلنا حفظة بيته، وسواس حرمه، وجعل لنا بيتا محجوجا، وحرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن ابن اخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلا رجح شرفا ونبلا، وفضلا وعقلا، وهو والله، بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جسيم)..
وهذا لا يدل على ان سيدنا أبو طالب (ع) يعلم الغيب بل كان هو وابيه وأغلب أهل بيته موحدين يدينون بالحنيفية الإبراهيمية , والده عبد المطلب كان موحدا ونقل التاريخ انه نزل في جوف الليل الى الكعبة وأخذ بحلقة بابها يدعو اللّه ويقول مناجيا اللّه سبحانه: اللهم أنيس المستوحشين، ولا وحشة معك فالبيت بيتك، والحرم حرمك والدار دارك، ونحن جيرانك، انك تمنع عنه ما تشاء، وربّ الدار أولى بالدار.
وكان سيدنا ابو طالب (ع) من أعظم حماة رسول الله (ص) وناصره والمدافع عنه ايما دفاع، وهناك أدلة كثيرة وردت في المصادر التاريخ تذكر مواقف ابو طالب (ع) وايمانه وتقديم اولاده فداء للرسول الله(ص) ، وذكر ابن إسحاق أن أبا طالب قال شعرًا حين أجمع لذلك من نصرة رسول الله والدفاع عنه على ما كان من عداوة قومه :
وَاللهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ ** حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينَا
فَامْضِي لِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةٌ ** أَبْشِرْ وَقِرَّ بِذَاكَ مِنْكَ عُيونَا
وَدَعَوتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّكَ نَاصِحِي**فَلَقَدْ صَدَقْتَ وَكُنْتَ قَبْلُ أَمِينَا
وَعَرَضْتَ دِينًا قَدْ عَرَفْتُ بِأَنَّهُ **مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ الْبَرِيَّةِ دِينَا
لَوْلَا الْمَلَامَةُ أَوْ حِذَارِي سُبَّةً **لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذَاكَ مُبِينَا
واختص الشيعة دون غيرهم ، بالقول: ان آباء الرسول الاكرم محمد (ص) وأجداده، وأمهاته وجداته كانوا جميعا موحدين، ما أشرك أحدهم باللّه شيئا، وأن محمدا منذ الخليقة كان ينتقل من الأصلاب الطاهرة الى الأرحام المطهرة حتى ساعة ولادته (ص) ولكن غيرهم قالوا بالشرك وأنهم في النار وهذا حسب المنهج السياسي للدولة , وحتى وان كان أبو الخليفة كافر بل زنديق , لكن توضع له روايات وعن رسول الله أنه من المبشرين بالجنة ، ومنافق وفعل ما فعل هذا لا حساب عليه لأنه صحابي! ،ما رواه أحمد وصححه الألباني في ظلال الجنة عن أبي رزين قال : قلت يا رسول الله أين أمي، قال: أمك في النار، قال: قلت: فأين من مضى من أهلك، قال: أما ترضى أن تكون أمك مع أمي في النار , والعلامة القارئ في شرح الفقه الأكبر ويشهد لصحة هذا الحديث ُ الصحيحُ وهو: إن أبي وأباك في النار؟!
والحمزة بن عبد المطلب (ع) كان اسلامه حمية لابن أخيه لا عن الإيمان بالإسلام؟! وهو أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء ولو شهادته بين يدي رسول الله (ص) لقالوا عنه كما قالوا عن اخيه ابو طالب (ع) .
السؤال هنا لماذا سيدنا أبو طالب والحمزة (ع) ومحاولات وعاظ السلاطين اخراجهم من الإسلام والتشكيك بإسلامهم؟
الجواب: حمزة (ع) قاتل عتبة وابو طالب ولده الإمام علي (ع) الذي قتل الوليد وكان لسيف ذو القفار صولات وجولات مع الكفار، ومن جانب اخر يقول وعاظ السلاطين: إيمان هند بنت عتبة وأبو سفيان ومعاوية وحتى يزيد بن معاوية ثابت بالنقل المتواتر، وإجماع أهل العلم، وكان معاوية أحسن إسلامًا من أبيه، ويزيد أحسن إسلامًا من جده وأبيه، لان الأول حارب رسول الله (ص) والثاني امير المؤمنين علي (ع) والثالث قتل الامام الحسين (ع) واهل بيته: (اقتلوهم لا تبقوا لأهل هذا البيت باقيه)..
ومراجعة بسيطة للتاريخ أيضا نجد الامام الحسن (ع) لا يصلح للحكم وتنازل لمعاوية خال المؤمنين والإمام الحسين (ع) خارجي , وكل من يتبع اهل البيت (ع) روافض ومشركين وصفوية ومجوس وعبدة القبور ..
عادل الزركاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق