جلسة
تحضير الأرواح
بسم
الله الرحمن الرحيم
قال
تعالى: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ
مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)..
قال القوم: بصراحة الدين قيد والمتدين معقد
وعقله مقفل , والفتاة الملتزمة لا تلفت النظر , وهؤلاء قوم النبي لوط واهله
واصحابه من المتدينين يتحرجون من ما نفعل (الكلام لقوم النبي لوط هنا) ونحن
ليبراليين متحررين من العُقد والعادات البالية والخرافات , والكينونات الدينية , نريد
ان نعيش ونريد ان نفرح , ونفعل ما نريد , والحياة يجب أن تكون كلّها سعادة , ولا
تستحق أن تُعاش إلا كما نريد, ولا وجود للحرية في الدين , وان كانت فهي ضَيقة
والكلاسيكيّة القديمة, والحرية اكبر من ذلك واعمق واوسع, نريد ان نمارس حريتنا
بالطول والعرض, وبدون عادات ولا اعراف ولا تقاليد , نحن المتمردون احرار نريد حرية
الجسد والحركة الحرية والسلوك والخلق والتعبير والتفكير والاختيار والمنهج والمذهب
والقرار والحياة عموماً, متعتنا في الحرية في كافَة حقوقينا الحياتية ودون اي
موانع او كوابح او معوقات.
المتطهرين: ونحن ايضا احرار، ونريد ان نعيش كما
أمر الله تعالى، فلا سبيل امامنا سوى الايمان والطهارة والعفَّة والأخلاق، ولا
نريد إلا النظام السماوي منهجاً للتفكير وطريقاً للحياة والسعادة، ونعتزُّ بديننا
شكلاً ومضموناً وخلاف هذا عزلة والسلبية، فستتأثر انت حتماً بحقول الابتذال
والانحراف وهذه طاقة السلبية في فترة بسيطة: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) ....
قال
القوم:
لكن افعالكم هذه تزعجنا وتذكرنا بالإيمان ونحن لا نحب مَظاهرُ التّديّنِ؟!
المتطهرين: أنتم تدفعَكم فطرتكم السافلة لاتِّخاذ
موقف مضاد من الفطرةِ السليمة، ومن الطبيعي بالشعور او بدونه الفطرةَ الفاسدة
المريضة تكرهُ الفطرةَ النقيَّة السليمة وترفضها، بل وتتَّخذ منها عدو، وتضع عليها
اشياء واوهام وقصص من الخيال.
قال
القوم:
لكن هناك من يدعي الدين، هو بعيد عن الدين؟
المتطهرين: لكن العيب ليس في الدين بل في هؤلاء الاشخاص، طبيب غير جيد هل نترك الطب، وهل هذا عذر ان نترك الدين، لان شكل الدين في هؤلاء لا يعجبنا، ونتمسّكَ بالشّكل ونتركَ المضمون، وهل شكل المبتذل او المبتذلة أفضل حتى يكون بدليل وتترك الفضيلة لان شخص غير جيد وغير فاضل وتذهب لجمع كلهم هو خلاف الفضيلة , الدّين اكبر من الاشخاص ولا يقاس الدين بهم , كان يزيد يلبسُ ذات العمامة التي كان يلبسها الإمام الحسين (ع) وكان لعمر بن العاص لحية طويلة كلحية ابو ذر الغفاري , الدين والعبادة بمفهومها الشامل لا بالأشخاص والاحداث , وهناك الكثير من امثالكم كان خلفَ معاوية ويزيد ويفكر كما عمر بن العاص , وفي المقابل هناك أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ يتبعون الامام الحسين (ع) كحبيب بن مظاهر واخرين ومع الإمام علي (ع) كسلمان المحمدي وعمر وابو ذر الغفاري.
قال
القوم:
الحرية التي ندعو لها هي موجة الوعي الجمعي، والاندفاع بقوة إلى الأمام، ورفض
للعادات والتقاليد البالية المظلمة وقيود الدينية، الرجل وجب عليه الصلاة والصوم
والعمل الشاق لبناء اسرة ويقضي حياته دون معنى، مجرد عبد للعائلة، والمرأة في سجن
الحجاب والنقاب والحياء والعفة، نريد اشياء مختلفة وفلسفة جديدة للحياة، حيث لا
محظور اخلاقي ولا شرعي ولا قبلي ولا عائلي، نُلغي كل المُسميات، وبهذه الطريقة
تتلاشى جميع الآلام والأحزان.
المتطهرين: اذن أنتم بصراحة ضد الدين لا ضد بعض
المدعين، وهذه الاقوال والافعال لأقناع السذج، كل مجالات الحياة فيها الأخيار
وكذلك الاشرار، وهناك معلم فاسد هل يعني نرفض الجميع ونترك التعليم، ومثله من
المهندسين هل نرفضهم ومن العمال والتجار وهناك الطيب ويقابله الخبيث، وإذا كان
القياس بهذه الطريقة تتوقف الحياة، والحق والباطل والصراع بينهم سنة كونية فهما ضدان،
وجود أحدهما يستلزم مزاحمة الآخر وطرده، ودفعه وإزالته، أو إضعافه ومنعه من أن
يكون له تأثير.
وبصراحة انتم بكل هذا التهجم والحملة المسعورة
علينا , ولإخراجنا من القرية وقلوب الناس لأنا (أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)
وهؤلاء المدعون والمنافقون يحسبون عليكم , وهم غير متطهرين بل هم اكثر منكم عداء
للدين والمتدينين , وانتم وهم لا يكفيكم بقاؤكم على الباطل، بل تسعون إلى سحق الحق
وأهله، وصد الناس عنهم بالقتال وبذل المال، وهذا شأن الباطل وقوته، هذه القوة
تدفعه إلى إزالة الحقِّ وأهله بالقوة، قال تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ
يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا).قال
تعالى (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى
اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) , للعلم هذا نبي معصوم وأهله (أُنَاسٌ
يَتَطَهَّرُونَ) لا مجال للكلام عليه لانهم نوع من ارقى الناس واشرف واطهر , وانت أيها
المتدين لا تنزعج هذا نبي وفعل معه قومه هكذا وقالوا عنه ما قالوا الاخلاق والدين شيء
قبيح والابتذال الذي يقوم به القوم حسن .
عادل الزركاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق