ولدتُ عجوزاً ..
أروي لكم قصةٍ هي اغـرب مـن الـخـيـال ولا يمكن أن تتحقق بالواقع ولا أعرف هل مـا حـدث صُـدفـة أم هو اعجاز أو مرض , صديقي أحمد الذي قبل أيام كان أكبر مني سناً الأن هو أصغر أنا اتقدم بالعمر وهو بالعكس يعود إلى عمر الشباب !
يقول أحمد وُلدتُ وعمري في الخامسة والتسعين مختلف واختلف عن الناس عمري من أعلى الى الأسفل , كل اقراني يتقدمون بالعمر إلا أنا بالعكس أعود الى الخلف , أنا لا اتذكر شيء ألا اني كنت في أرذل العمر كالطفلٌ رضيع لكن عمره خمسة وتسعين سنة , قال تعالى (وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ)هذه الآية تقول (وَرَائِهِم بَرْزَخٌ) والوراء ظاهراً خلفهم برزخ ويقال الوَرَاءُ ولدُ الولدِ ,هل البرزخ خلفنا أو أمامنا , أنا متقدم الى الأمام وطبيعي البرزخ خلفي وكلما أتقدم في العمر أبتعد عنه وأنا الآن أصغر وسأصل له لأني أعود الى الخلف؟! هذا حسب الظاهر هكذا , لكن الصحيح (وَرَائِهِم) أمامهم, الوَرَاءُ يكون خَلْفَ وقُدَّامَ , وعندما نقول لشخص (ما وراك موت) يعني امامك موت , لأن العمر يسير الى الأمام لا الى الخلف , كل إنسان يتقدم بالعمر أي يسير إلى الأمام من عمره يوم وسنة وعشرة سنوات والى اخر العمر , إلا أنا على العكس أعود من عمر الكهولة الى الشيخوخة الى الشاب يستمر بالنزول الى عمر الصبا الى طفل رضيع وهنا لا أتذكر شيء كما كنت!, وبعد الطفل الرضيع الى بداية تكوني والى العدم , وبهذا لا أصل الى البرزخ لأنه كان أمامي وأنا لم اتقدم الى الأمام كما باقي البشر بل كنت أعود إلى بداية العمر , لا أعلم عن أهلي شيء لأنهم كانوا يسيرون الى الأمام إلا أنا أعود من جديد , هذا النوع من التحول والعودة الى الحياة وبالطريقة المعاكسة قد يعتقد البعض شيء جميل لا على العكس تماماً , بل هي التعاسة والعذاب والآلام في زمن غير الزمن وحياة غير الحياة والناس مختلفين والأجواء كانت أكثر جمالاً فيها كل شيء مختلف القيم المبادئ والأخلاق , قبل سبعين حولا كنت اجوب البلاد طولاً وعرضا كان كل شيء مختلف وجميل الإحترام والمحبة والتعاون في كل الأماكن , والدين يقود الحياة والانسانية ليست شعار بل معاني حقيقية, كان الصدق موجود والصداقة والأخوة حقيقية والعائلة المتماسكة والابن باراً بوالديه والأب كان عظيماً رقيقاً رغم قساوته في التربية , كان الظل من حرارة الشمس وكان الدفء الحقيقي في هذه الحياة , ذهب كل الحب حين مات الأب, أخذ الأخ الأكبر دوره لكن لم يتقنه , لم أشعر يوماً أن الجيران كانوا من غير دين أو ومن غير قومية وهم ليسوا من ارحامي , كان جارنا الغير مسلم يحترم كل شعائرنا وطبائعنا , ونحن لم نتدخل في اشيائه ولم نسمعه أو نسمع منه نقدٌ أو سخرية بل يتعامل معنا كأي أحد منا , قدرة عالية في قبول الآخر , قد يقال له في هذا الزمن نفاق لا بل إتفاق وقبول الآخر واحترام خصوصية الناس , لأننا جميعا خلق الله تعالى وليس بيننا ملك أو رسول من السماء , كانت جارتي محترمة جداً , كل بنات المحلة مُحتشَمات لم نسمع لهن صوت رغم العلم والثقافة لكن كان الإحترام والعفة والذوق والأخلاق والمفاهيم الراقية تملأ المكان , أنا لا أتحدث عن المدينة الفاضلة , بل كانت حياة جدا طبيعة لا تختلف عن الحالية إلا أني أشعر بغربة المكان والزمان , وضياع للقيم والأخلاق الفاضلة ولا وجود لقصص الإيثار والكرم والحلم والعشق المحترمة , كانت الثورات تختلف والاحتجاجات لا تشبه ما موجود هذه الأيام , كان الأحرار يقدمون كل شيء دون مقابل كلماتهم قوافي قصائد البطولة والفداء, وكان وقارهم سلوك وفكر أوفياء لمبادئهم , واذا اخطأ احدهم يخجل من فعله ويشعرهُ الآخرين به , اليوم العكس يتفاخر البعض بما يفعل من تدني أخلاقي بل هناك من يسخر من المحترم على أنه قديم والمحتشمة متخلفة , ويصفق الكثير لهؤلاء وكأنهم أبطال عادوا بالنصر على الأخلاق والقيم والدين !! وأنهم اصحاب الفكر الجديد الذي جاء للقضاء على هذه الأشياء والتي جاءت بالوراثة كالقيم والإيمان والمذهب والقبيلة والاسرة والزوجة والأم والأخت كل هذه الأسماء والأصناف والاوصاف صناعة قديمة بآلية لا تصلح لمجتمع وصل إلى مرحلة البلوغ العقلي والفكري والى عصر الحرية والتحرر والمدنية , ويمكن الحجر في صفحات التراث العربي القديم!!
عادل الزركاني
أروي لكم قصةٍ هي اغـرب مـن الـخـيـال ولا يمكن أن تتحقق بالواقع ولا أعرف هل مـا حـدث صُـدفـة أم هو اعجاز أو مرض , صديقي أحمد الذي قبل أيام كان أكبر مني سناً الأن هو أصغر أنا اتقدم بالعمر وهو بالعكس يعود إلى عمر الشباب !
يقول أحمد وُلدتُ وعمري في الخامسة والتسعين مختلف واختلف عن الناس عمري من أعلى الى الأسفل , كل اقراني يتقدمون بالعمر إلا أنا بالعكس أعود الى الخلف , أنا لا اتذكر شيء ألا اني كنت في أرذل العمر كالطفلٌ رضيع لكن عمره خمسة وتسعين سنة , قال تعالى (وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ)هذه الآية تقول (وَرَائِهِم بَرْزَخٌ) والوراء ظاهراً خلفهم برزخ ويقال الوَرَاءُ ولدُ الولدِ ,هل البرزخ خلفنا أو أمامنا , أنا متقدم الى الأمام وطبيعي البرزخ خلفي وكلما أتقدم في العمر أبتعد عنه وأنا الآن أصغر وسأصل له لأني أعود الى الخلف؟! هذا حسب الظاهر هكذا , لكن الصحيح (وَرَائِهِم) أمامهم, الوَرَاءُ يكون خَلْفَ وقُدَّامَ , وعندما نقول لشخص (ما وراك موت) يعني امامك موت , لأن العمر يسير الى الأمام لا الى الخلف , كل إنسان يتقدم بالعمر أي يسير إلى الأمام من عمره يوم وسنة وعشرة سنوات والى اخر العمر , إلا أنا على العكس أعود من عمر الكهولة الى الشيخوخة الى الشاب يستمر بالنزول الى عمر الصبا الى طفل رضيع وهنا لا أتذكر شيء كما كنت!, وبعد الطفل الرضيع الى بداية تكوني والى العدم , وبهذا لا أصل الى البرزخ لأنه كان أمامي وأنا لم اتقدم الى الأمام كما باقي البشر بل كنت أعود إلى بداية العمر , لا أعلم عن أهلي شيء لأنهم كانوا يسيرون الى الأمام إلا أنا أعود من جديد , هذا النوع من التحول والعودة الى الحياة وبالطريقة المعاكسة قد يعتقد البعض شيء جميل لا على العكس تماماً , بل هي التعاسة والعذاب والآلام في زمن غير الزمن وحياة غير الحياة والناس مختلفين والأجواء كانت أكثر جمالاً فيها كل شيء مختلف القيم المبادئ والأخلاق , قبل سبعين حولا كنت اجوب البلاد طولاً وعرضا كان كل شيء مختلف وجميل الإحترام والمحبة والتعاون في كل الأماكن , والدين يقود الحياة والانسانية ليست شعار بل معاني حقيقية, كان الصدق موجود والصداقة والأخوة حقيقية والعائلة المتماسكة والابن باراً بوالديه والأب كان عظيماً رقيقاً رغم قساوته في التربية , كان الظل من حرارة الشمس وكان الدفء الحقيقي في هذه الحياة , ذهب كل الحب حين مات الأب, أخذ الأخ الأكبر دوره لكن لم يتقنه , لم أشعر يوماً أن الجيران كانوا من غير دين أو ومن غير قومية وهم ليسوا من ارحامي , كان جارنا الغير مسلم يحترم كل شعائرنا وطبائعنا , ونحن لم نتدخل في اشيائه ولم نسمعه أو نسمع منه نقدٌ أو سخرية بل يتعامل معنا كأي أحد منا , قدرة عالية في قبول الآخر , قد يقال له في هذا الزمن نفاق لا بل إتفاق وقبول الآخر واحترام خصوصية الناس , لأننا جميعا خلق الله تعالى وليس بيننا ملك أو رسول من السماء , كانت جارتي محترمة جداً , كل بنات المحلة مُحتشَمات لم نسمع لهن صوت رغم العلم والثقافة لكن كان الإحترام والعفة والذوق والأخلاق والمفاهيم الراقية تملأ المكان , أنا لا أتحدث عن المدينة الفاضلة , بل كانت حياة جدا طبيعة لا تختلف عن الحالية إلا أني أشعر بغربة المكان والزمان , وضياع للقيم والأخلاق الفاضلة ولا وجود لقصص الإيثار والكرم والحلم والعشق المحترمة , كانت الثورات تختلف والاحتجاجات لا تشبه ما موجود هذه الأيام , كان الأحرار يقدمون كل شيء دون مقابل كلماتهم قوافي قصائد البطولة والفداء, وكان وقارهم سلوك وفكر أوفياء لمبادئهم , واذا اخطأ احدهم يخجل من فعله ويشعرهُ الآخرين به , اليوم العكس يتفاخر البعض بما يفعل من تدني أخلاقي بل هناك من يسخر من المحترم على أنه قديم والمحتشمة متخلفة , ويصفق الكثير لهؤلاء وكأنهم أبطال عادوا بالنصر على الأخلاق والقيم والدين !! وأنهم اصحاب الفكر الجديد الذي جاء للقضاء على هذه الأشياء والتي جاءت بالوراثة كالقيم والإيمان والمذهب والقبيلة والاسرة والزوجة والأم والأخت كل هذه الأسماء والأصناف والاوصاف صناعة قديمة بآلية لا تصلح لمجتمع وصل إلى مرحلة البلوغ العقلي والفكري والى عصر الحرية والتحرر والمدنية , ويمكن الحجر في صفحات التراث العربي القديم!!
عادل الزركاني
تعديل
كل التفاعلات:
١٤أنت، وابو تيجان الزرگاني، وابو حسام الدراجي و١١ شخصًا آخر٣
أعجبني
تعليق
مشاركة
التعليقات
- ابو تيجان الزرگانيفعلاً شيخنا اختلفت موازين الأعم الأغلب ولا يفهم إلى الآن هل هكذا أمور هي وليده الصدفه وتغير الزمان ام انها خطوات مدروسه ويوجد من يعمل عليها.. لتهديم المجتمع اولآ ومن ثم الإسلام ثانياً......تحيتي لقلمك المميز١
- أحببته
- رد
- 3 ع
- تم التعديل
- Sami Naseemما كتبته متميز فنياً حيث إقتربت قليلأ من فن كتابة الخيال العلمي بمواضع كثيرة وصور سينمائية لها قيمة كبيرة وكذلك عناية فائقة باللغة الأدبية أراها تطور متقدم بفن كتابة هذا النوع الأدبي بالصياغة والغموض والايحاء وإثارة الأسئلة لدى القارئ وحثه على الإستنبا...عرض المزيد١
- أحببته
- رد
- 3 ع
- Alaa M Alzarkaniشئ اكثر من رائع ورصد لحالة المجتمع بشكل دقيق جداً وشفاف احسنتم شيخنا الفاضل.١
- أحببته
- رد
- 3 ع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق