الأحد، 13 أغسطس 2023

 

الدين معرفة..

    لا دين بدون علم ولا علم بدون دين , بعبارة أدق ماذا افعل بالعلم إذا لم ينفعني في الدنيا والآخرة، فقط في الدنيا علم ينفعني وينفع الناس هذا الجزء الأول من الحياة وفي العالم الآخر لا شيء منه هذا الى الذي ليس لديه دين ولا يعتقد وجود خالق وبمجرد انتهاء هذا العمر البسيط ينتهي معي كل الشيء , ويأخذ حقه من العلم الذي اوصله الى هذه النتيجة في العالم الآخر ومن يقف له علمهُ أو  الناس أو خالق الناس الذي أنكره وكفر به وخالف كل تعالميه ، يقول الامام علي (ع): لا خير في عبادة ليس فيها تفقه، ولا خير في علم ليس فيه تفكر، ولا خير في قراءة ليس فيها تدبر.

      والأيمان كالعلم يقذفهُ الله في قلب من يشاء ولا يعني أن الله تعالى غير عادل وهو يجعل الايمان في قلب أحد والآخر، الله تعالى الحق المطلق والعدل المطلق بل لو شاء العبد في سريته النظيفة وله قلب غير هذا القلب الذي نُعَرِّفه اليوم بأنَّه عضوٌ في الجهة اليسرى من الصدر، ووظيفته ضخُّ الدم إلى جميع أجزاء الجسم حسب علم التشريح كان القدماء يعتقدون أنَّ القلب منبع الروح وموطن العقل. , والقلب كمفهوم ديني بمعنى العقل والإدراك كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ... ﴾ بيان للفائدة والتوضيح في وجود الإنسان مركزان قويّان الأول : مركز الإدراك، ويتكون من الدماغ و جهاز الأعصاب وبهما يشعر الانسان ويستقبل المسائل الفكرية في الدماغ حيث يتمّ تحليلها وتفسيرها, وإن كان الدماغ والأعصاب في الواقع وسيلة وآلة للروح , والثاني : مركز العواطف، وهو عبارة عن هذا القلب الصنوبري والمسائل العاطفية تؤثر أول ما تؤثر على هذا المركز حيث تنقدح الشرارة الأولى في كل الأشياء فرحة او حزينة يشعر القلب , والأول والثاني هم في الواقع وسيلة وآلة للمركز الأصلي للإدراك والعواطف هو الروح والنفس الإنسانية، لكن المظاهر وردود الفعل الجسمية لها مختلفة. ردود فعل الفهم والإدراك تظهر أولا في جهاز الدماغ، بينما ردود فعل القضايا العاطفية كالحب والبغض والخوف والسكينة والفرح والهمّ تظهر في القلب بشكل واضح، ويحسّها الإنسان في هذا الموضوع من الجسم.

  في أشد الحالات لا يترك الحق، هناك من يصل الى حق اليقين، وهي أعلى درجات اليقين، وهي مباشرة المعلوم وإدراكه الإدراك التام، ومراتب أخرى لليقين الأولى: علم اليقين، وهي انكشاف المعلوم للقلب، بحيث يشاهده ولا يشك فيه كانكشاف المرئي للبصر، والثانية: عين اليقين، أي مشاهدة المعلوم بالأبصار.

    من خلال هذه المقدمة نحاول بيان شيء السحرة الذين جمع فرعون لموسى (ع) وهم أربعة كبار السحرة وهم: ساتور , وعادور , وحطحط , ومصفى , وهؤلاء آمنوا برسالة موسى (ع) ايمان عالي جدا, فآمنت السحرة جميعاً " لكن فرعون ومن حوله لماذا لم يؤمنوا؟ , وايمان هؤلاء السحرة الأربعة مختلف عن الاخرين بمعنى مختلف عن قوم موسى (ع) الذي قالوا :(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)هم مؤمنين لكن قلوبهم ضعيفة لان فرعون جعل عندهم نسبة الخوف اكثر من الشجاعة (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) وكان المعجزات كثيرة امامهم لكن ليس لديهم قوة قلب للتضحية بأنفسهم وهؤلاء السحرة كانوا شهداء لإيمانهم برب موسى (ع) لانهم يعرفون الحقيقة آمنوا حين رأوا من سلطان الله تعالى , وصلوا الى حق اليقين أعلى درجات اليقين وإدراكه الإدراك التام , لانهم هم اهل اختصاص يعني هم يعلمون ما هو السحر وكيفية السحر وهو كل أمر يخفى سببه، ويتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع , بخلاف ما حدث أمامهم عصى تتحول الى الافعى حقيقية وتعود عصى حقيقة لا خيال ولا تميه , وهذا لا يكون إلا لخالق عظيم الله رب العالمين, وهم عندما اجتمعوا وألقوا ما في أيديهم من السحر، يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى , وكما هو واضح هم اكبر السحرة وعلم باختصاصهم وكان عصرهم معروف بالسحر والشعوذة , حتى النبي موسى (ع) كان خائف على الناس منهم :( فأوجس في نفسه خيفة موسى ) خاف على الناس أن يفتتنوا بسحرهم ويغتروا بهم , والنبي موسى(ع) غير مطلع على امر الله تعالى والعصى ، فأوحى الله تعالى إليه في والوقت المناسب (وألق ما في يمينك) والذي في يمين موسى (ع) عصاه ، ولما ألقى ما في يده تحوّل ثعبانا عظيما هائلا ذا عيون وقوائم وعنق ورأس وأضراس ، فجعلت تتبع تلك الحبال والعصي حتى لم تبق منها شيئا إلا تلقفته وابتلعته ، ، ثم جاء إليها فقبض عليها، فإذا هي عصا، والسحرة والناس ينظرون إلى ذلك عيانا جهرة ، نهارا ضحوة . فقامت المعجزة ، واتضح البرهان ، وبطل ما كانوا يعملون , فخرّ السحرة سجدا : (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى), وعناد فرعون والعزة بالآثم لم يؤمن وان كانت معجزة واضحة لكن هو لم يكن من اهل الاختصاص لا يميز بين السحر والاعجاز , وعندما سمع قولهم : (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) , لم يتراجع منهم احد بعد معرفته الحق واليقين الذي وصل له وقتلوا في سبيل الله وقول كلمة الحق والايمان بالله تعالى ورسالة نبيه موسى (ع) فكان أول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف فرعون (وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) وأول من صلب في جذوع النخل فرعون.

     الايمان بالله تعالى يحتاج الى معرفة وتأمل وتدبر لان الكثير تأخذه الشبهة وينحرف بقول مدعي او يسير خلف سلطان جائر حتى يعبدوه ويعتقد انه الحق , الحر كان في الجانب الثاني لكن عرف الحق ووصل الى حق اليقين في لحظة تأمل وتدبر ووضع الحسين (ع) ابن رسول الله (ص) ابن السيدة الزهراء وامير المؤمنين (ع) سيد شهداء الجنة , والجهة الثانية يزيد ابن معاوية ابن هند وأبو سفيان , وهذا العدد البسيط الذي جاء في قابل الاف من جيش ال امية طالب للحكم او انه جاء للقتال او الامر دنيوي العقل لا يقبلها وكلماته الواضحة التي هي على نهج القران ليس في الا انه جاء للموت وللعروج الى السماء شهيدا , وتحول بدون عصى موسى بل بنور الحسين (ع) الذي اشرق على قلبه وغيره الكثير , والطبيعي في كل جيوش العالم الذي يريد الحياة يذهب للجانب القوي ويبقى معه ويتمسك به , إلا في معادلة كربلاء الامر مختلف الجيش الكبير الذي ينتصر عسكريا والجانب الثاني جاء للموت دون شكل يذهب اليه هؤلاء الاحرار لانهم آمنوا بالحسين (ع) وانه الحق , وزهير بن القين(رض) ممكن أن يكون عثماني الهوى والحر كان قائد في الجيش الاموي فلا نستطيع أن ننفي ما اشتهر , وهذا ليس فيه حطّ من شأنه بل العكس عرف الحق واتبعه واصبح من خير الاصحاب اشرقت عليه شمس الحسين (ع) .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق