أنا
أفهم عقيدتي وفلسفة كل جزئية فيها بطريقة تختلف عن فهم الآخر، الذي يعارضني
ويتهمني بالكفر والجهل والابتعاد عن الحق. هذا الانطباع والفهم ينبع من تفسيره
لعقيدته هو، وليس لعقيدتي، لأنه مهما سمع أو اطّلع على عقيدتي، فإنه لا يشعر بها
ولا يفهم فلسفتها وحقيقتها التي أؤمن بها، لأن الشخص المخالف، مهما كان، يتحدث وفق
فهمه الخاص.
جوهر
التباعد في الفهم بيني وبين الأفراد الذين ينتمون إلى عقائد مختلفة يكمن في رغبتهم
في تأطير عقيدتي ضمن فهمهم الخاص، وليس كما هي في حقيقتها. فالعقيدة ليست مجرد
أفكار تُسمع أو تُقرأ، بل هي تجربة وجدانية، منظور داخلي، ورحلة روحية تتجاوز حدود
الإدراك السطحي. لذلك، فإن من ينظر إليها من الخارج قد يجدها غريبة أو حتى غير
منطقية وفق منظومته الفكرية، لأنه يراها من خلال عدسة أيديولوجيته الخاصة، وليس من
جوهرها الحقيقي كما يعيشه المؤمن بها.
هذا
التصادم في الفهم ليس جديدًا، بل هو جزء من طبيعة التعددية الفكرية التي عرفها
الإنسان عبر العصور. المشكلة ليست فقط في الاختلاف، ولكن في غياب الاستعداد لفهم
الآخر. لو كان هناك رغبة صادقة في إدراك فلسفة العقيدة من خلال منظور المؤمن بها،
وليس عبر التأويلات الخارجية، لقلَّت الاتهامات المبنية على سوء الفهم. فالفهم
الحقيقي يبدأ عندما يتخلى كل طرف عن تصورات جاهزة حول الآخر، ويستمع بروح منفتحة
بعيدًا عن التصورات النمطية والأحكام المسبقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق