الخميس، 5 يونيو 2025

 

الحقيقة اليوم، العالم المحافظ يواجه أعتى حربٍ على الأخلاق والقيم، وقذائف الإفساد والفساد تصل إلى كل مكانٍ دون استثناء، بينما نحن عاجزون عن إيصال ما نؤمن به إلى مواقعهم ومناطقهم. ولأسبابٍ عديدة، يصعب تناول هذه المسألة في مقالٍ واحد.

هذا الواقع يفرض تحديات غير مسبوقة على القيم والمبادئ التي حافظت عليها المجتمعات لقرون، حيث تبدو موجات التحلل الأخلاقي وكأنها تجتاح كل زاوية بلا استثناء، مدعومة بأدوات حديثة تجعل انتشارها واسعًا وسريعًا. غير أن العجز الحقيقي لا يكمن فقط في عدم القدرة على الوصول إلى تلك المساحات التي تنشر الفساد، بل أيضًا في افتقاد استراتيجيات فعالة لمواجهة هذا المدّ، وغياب الخطاب القوي والمؤثر في هذا الصراع الفكري. هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في أساليب نشر القيم، بحيث لا يكون الأمر مجرد ردة فعل دفاعية، بل خطة متكاملة تُبنى على فهم عميق لما يحدث، وعلى استخدام الأدوات المناسبة لإيصال الصوت الأخلاقي بقوة إلى حيث يجب أن يكون.

وبنفس الأدوات، ولكن بأسلوب مختلف، وبدون ملل، فإنهم يتمتعون بشهرةٍ أكبر ودعمٍ أوسع. لكن الحل يكمن في العمل الدؤوب كما عمل الصالحون، الذين لم ينتظروا إلا النصر من الله. فإن تحقق الهدف، فهو نصرٌ، وإن لم يتحقق، فقد أدى الإنسان ما عليه من تكليف. إصلاح فرد أو منعه من الضياع له عند الله شأنٌ عظيم، وقد قيل: "وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلًا، خير لك مما طلعت عليه الشمس."

على كل منا أن يكون سفيرًا للقيم في محيطه، مستخدمًا أدوات الإعلام الرقمي مثل صفحات الفيس بوك وغيرها لنشر الرسالة، خاصةً أن العالم الافتراضي أصبح ساحةً مفتوحةً تُرسم فيها توجهات مختلفة؛ بعضها يحمل رسالة معرفية وتواصلًا نقيًا، وبعضها الآخر يستغل الاحتياجات النفسية ليجذب الأفراد إلى دوائر من الابتذال والتشويه الأخلاقي.

الجانب الأخلاقي لهذه المسألة ليس مجرد نتيجة عرضية، بل هو جزءٌ من منظومة تهدف إلى إعادة تشكيل القيم، سواء عبر التطبيع مع سلوكيات معينة أو خلق تصورات جديدة عن الحرية والتفاعل الاجتماعي. البعض يبرر هذه الظاهرة كوسيلةٍ للتعبير وكسر القيود المجتمعية، لكن تأثيرها العميق يتجاوز ذلك ليصل إلى إعادة تشكيل الوعي بطرق قد تكون بعيدة عن المبادئ الأصيلة التي تحافظ على تماسك الفرد والمجتمع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق