الأحد، 13 يوليو 2025

الكرم بين الفضيلة والتوحّش. . .

الشيخ عادل الزركاني

الكرم، بلا شك، صفة جميلة وممدوحة، وهو من الأخلاق التي تحبّها النفوس وتقدّرها المجتمعات ’ لكن حين يتحوّل الكرم إلى مشهدٍ يخالف الذوق، وينحدر عن رُقيّ الطبع الإنساني، يفقد الكثير من بهائه ويقترب من صور الافتراس! ’ كم من مأدبةٍ بُنيت على نية الإكرام، فإذا بها تتحول إلى مشهد فوضوي، تُذبح فيها الشهية قبل أن تُلامس اللقمة، ويُجرَح فيها الذوق قبل أن يُخدش الجوع , حين ترى عددًا من الرجال يتزاحمون حول خروفٍ مذبوح، وُضع كاملًا على صحن كبير، أو حول جزور بتمامه، ينهشون منه دون ترتيب أو احترام، فإن الصورة أقرب إلى تجمّع للسباع حول فريسة، أو ذئاب تقتسم الغنيمة، منها إلى صورة الكرم الجميل , الكرم لا يعني ملء الموائد فحسب، بل يشمل أيضًا طريقة التقديم، وهدوء التناول، واحترام الحاضرين بعضهم لبعض , فالطعام ليس فقط ما يُؤكل، بل أيضًا ما يُقدَّم بذوق، ويُؤكل بأدب، ويُشارك فيه الآخرون بطمأنينة نفس، لا بزحام الأيدي ونهم الأبصار , الكرم فضيلة، لكنه يفقد نوره إذا غابت عنه الأناقة الإنسانية، وتحول إلى بهرج بصري أو فوضى بدائية , فلا تجعلوا موائدكم مسارح للغريزة، بل مجالس للبركة، والتهذيب، والمودّة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الدين لو الوطن أولى ؟ ليس بين الدين والوطن صراع، بل الصراع الحقيقي في العقول الساذجة , فالدين أكبر من أن يُقاس بالمادة، لأنه عقيدة تتجاوز ...