الأربعاء، 16 يوليو 2025

 الهجمة على الدين وأهله.. قديمة مستمرة.

الهجوم المنهجي على الدين والمتدينين ليس أمرًا جديدًا، بل هو قديم قِدَمَ الصراع بين الخير والشر، بين أهل الصلاح وأهل الانحراف، منذ اللحظات الأولى من الخليقة. وقد سجّل القرآن الكريم مواقف صريحة تكشف طبيعة هذه العداوة، فحين واجه الأشراف من قوم لوط حملة الانحراف، لم يدّعِ أولئك القوم أنهم أفضل منهم، بل قالوا بوقاحة:{أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون}, أي أنهم يرفضون وجود الطاهرين والعفيفين في مجتمعهم، لأن الطهارة تفضح قذارتهم، والعفاف يكشف انحرافهم، ولهذا طالبوا بطردهم , أما اليوم، فإن التاريخ يُعيد نفسه. فهؤلاء الشواذ فكريًا وسلوكيًا، رغم وضوح أقوالهم وأفعالهم المنحرفة، يحاولون بكل وقاحة أن يتهموا المتدينين ويشوّهوا صورتهم: تارةً بالسخرية، وأخرى بالتشويه، بل ويذهبون أبعد من ذلك حين ينسبون إليهم أفعالًا منحرفة هم وأتباعهم أول من يمارسها , والمصيبة أنهم لا يرون في أنفسهم باطلًا، بل يرفعون صور من مات منهم على أنه "شهيد في سبيل الله"، رغم أنه لا يعرف الله ولا دينه، بل كان ساخرًا من المقدسات، متجاوزًا على القيم، غارقًا في وحل السفالة والتدنّي. والغارق لا يرى ما حوله، كما أن الصرصار الخارج من أنابيب الصرف الصحي يختنق من هواء نظيف لم يعتده، ويموت خارج أجوائه القذرة , هكذا هم، كلما واجهوا نقاءً أو طهارةً أصيبوا بالاختناق! , إنهم لا يرون في القيم والدين سوى "تخلف ورجعية ودجل"، لأنهم غارقون في أيديولوجيات منحرفة، لا يعترفون بغيرها، بل يعتبرون ما سواها خطأً مطلقًا. وعندما يشنّ هؤلاء حربًا ممنهجة على الدين والقيم، فإنهم يفعلون ذلك تحت شعارات كاذبة، لا تختلف كثيرًا عن شعار قوم لوط , وهم اليوم يرددون: "نحن في القرن الواحد والعشرين، وأنتم ما زلتم تتحدثون عن دين، وأخلاق، وحجاب، وعباءة؟", ويزعمون أن هذه الأمور "تقليدية" لا تليق بالأذواق العصرية، وأن التقدّم الحقيقي يكمن في التعرّي والانحلال، وأن الحرية تعني أن يفعل الإنسان ما يشاء، ولو خالف كل العقائد والأعراف , لكن الحقيقة أن كل سخرية من الشرف هي فضيحة أخلاقية لهم، وكل استهزاء بالعفاف شهادة على إفلاسهم القيمي. فالحرب لم تكن يومًا بسبب عيب في المتدين، بل لأن المتدين يُزعج المنحرف، ويحرجه، ويفضح زيفه .. وإذا سأل أحدهم فتاة سافرة عن سبب هجائها للمحجبة، تقول: "هل كل من تلبس عباءة شريفة؟ "وهي تعلم جيدًا أن الذنب ليس في العباءة، بل فيمن تسيء استعمالها. فالأصل في الحجاب والعباءة أنهما عنوان ستر وعفاف، ومن تخرج عنهما لا تمثل إلا نفسها , لكننا نعيش اليوم في صراع غريب: محجبة تحرص على ألا يظهر شيء من مفاتنها، وسافرة تسعى بكل وسيلة لإبراز كل موضع إغراء، حتى لو لجأت إلى الأطباء لتحسين أو إبراز تلك المناطق، في مشاهد مخجلة لا تمتّ للذوق والحياء بصلة , والأغرب أن هؤلاء — رغم تناقضهم الظاهر — يشاركون أحيانًا في بعض الممارسات الدينية، لا احترامًا لها، بل بهدف خبيث: لتسفيه المقدسات، وتسخيف القيم، وتفريغ الرموز الدينية من معناها. يرتدون العباءة أو يستخدمونها في عروض إعلامية مشوّهة، لا اعترافًا بقداستها، بل لتوصيل رسالة ماكرة: أن هذه الرموز لم تعد لها قيمة , لكن الحقيقة تبقى ساطعة: المحترم يبقى محترمًا، والعفيف عنوانه واضح، مهما قالوا أو فعلوا , والعباءة ليست مجرد قطعة قماش، بل هي راية من رايات العفة، ورمز أخلاقي عميق، لا يفهمه إلا من تربّى على الطهارة والكرامة , وكل محاولة لتسخيف هذا العنوان الشريف، أو جره إلى وحل الانحراف، لا تعكس إلا شخصية صاحبها، ونوع البيئة التي نشأ فيها، فـفاقد الشيء لا يعطيه , ومن السذاجة أن يُتابَع هؤلاء، أو يُؤخذ كلامهم على محمل الجد، إلا من كان على شاكلتهم… لكنه لم يصرّح بعد!...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  الدين لو الوطن أولى ؟ ليس بين الدين والوطن صراع، بل الصراع الحقيقي في العقول الساذجة , فالدين أكبر من أن يُقاس بالمادة، لأنه عقيدة تتجاوز ...