لماذا تُحارب مائدة الحسين؟
كلّما حلّ موسم ديني، كلّما ارتفعت رايات
الحسين، كلّما سارت قوافل الزائرين... خرج علينا من يُنكر ويشتم ويُحقّر! نفس
الصوت... نفس السؤال... نفس الأسطوانة المكرّرة: لماذا لا تُعطى هذه الأموال
للفقراء؟!"لماذا لا تطوفون ببيوت الفقراء بدل الطواف ببيت الله؟!" الحج
الحقيقي أن تطعموا الجياع، لا أن تمشوا إلى كربلاء! "لكن عجيبٌ أمرهم!
أين هم حين تُنفق الأموال على السفرات؟ , أين صوتهم حين تُصرف الملايين على السياحة، وعلى الكماليات، وعلى الحفلات؟ , لماذا فقط إذا رأوا مائدة في طريق الزائرين صاحوا: تبذير! , لماذا فقط إذا سمعوا طبّاخًا يطهو للزوار قالوا: هذا لا ينفع الفقراء! , تعالوا يا أحبة، تعالوا أشرح لكم كيف تُصنع هذه المائدة الحسينية العظيمة: ذاك الطفل الصغير، جمع في حصّالته خمسة آلاف... وتلك العجوز المسكينة، أعطت من راتبها خمسين ألفًا... وذاك العامل البسيط، وفّر من قوته مئة ألف دينار... وذلك الأب، جعل الطعام الذي كان في بيته، مؤدبة على طريق كربلاء! هذه الموائد لا تصنعها أموال الأغنياء فقط، بل تصنعها قلوب الفقراء! إنه تكافل... إنه تضامن... إنه حبّ الحسين الذي يوحّد القلوب ويكسر الحواجز! ووالله، لا يُطرد فقير، ولا يُهمَّش محتاج... بل الفقير في هذه المائدة في الصدارة، والمسكين أول من يُقدَّم له الطعام، والضيف له الكرامة قبل صاحب الدار...والخادم في هذه المواكب لا ينتظر أجرًا، بل يعتبرها كرامةً من الحسين أن يُخدم الزائر، لا منّة عليه! أين أنتم من هذا الفهم؟ أين أنتم من هذا النبل؟ أين أنتم من هذا العطاء الحسيني؟! يا من تعترض على مواكب الحسين... لو علمت أن مائدة الحسين لا تُقصي فقيرًا، ولا تهين محتاجًا، لركضت تمشي حافيًا تخدم فيها قبل أن تنتقدها! يا من تسخر من خدمة الأربعين... اذهب وتعلّم من ذاك الطفل، وتلك العجوز، وذاك الخادم، كيف يكون الحبّ حين يتجسّد فعلًا، لا شعارات! اللهم احشرنا مع الحسين وأصحاب الحسين، اللهم لا تحرمنا شرف الخدمة، ولا تمنعنا من مائدةٍ يجلس عليها الفقراء قبل الأغنياء، ويُذكر فيها اسمك يا الله، ويُبكى فيها على عبدك الحسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق