زواج يوسف
الصديقA وزليخا بين الخرافة والخيال.
ملخص
البحث:
الكثير
منا اتخذ من المسلسل يوسف الصديقA مصدر له في بعض الاحداث في قصة النبي يوسف A، وان زليخا رجعت إلى الشباب بعد الشيخوخة، والمسلسل
صادر عن مجموعة مختصة في ذلك حيث ذكر ان السيناريو المسلسل كتبه 20 شخص، وقد
استعانوا بـالقرآن وكتب التفسير والتاريخ والحديث، وذكر ايضا في المصادر أن يوسفA تزوج في
مصر، وكان له ابنان أحدهما إفرائيم وهو جدّ النبي يوشعA، والآخر
ميشا(). كما ورد في بعض الروايات
أن يوسف تزوج من زليخا بعد أن أصبح عزيز مصر ()، وقد روي أنه دعا لزليخا،
فرجع شبابها، ثم تزوجها، وذكر البعض أن ابني يوسف
(أفرايم ومنشا) كلاهما من زليخا.() وهذا الراوي جعلها
زوجة نبي وحفيدها نبي !!
هذه القصة الظاهر مأخوذة عن أهل الكتاب , ولا يعني
القطع بثبوت هذه القصة () والكتب اهل الكتاب الإنجيل
(العهد الجديد) والكتاب المقدس عند اليهود التوراة عرف بالعهد القديم , وكتاب آخر كالزبور والتلمود فيه قصص وتفاصيل ما ذكر
القرآن الكريم من قصص الانبياء وغيرهم, وقصة زواج يوسف في كتب العامة عن رواية وهب
بن منبه , وأن يوسف قد رزق من زليخا ـ حسب رواية وهب ـ واسنث ـ حسب رواية التوراة ـ
بولدين ذكرين , وكان وهب بن منبه من كبار أهل الكتاب في اليمن، وكانت له دراية واسعة
بالكتب السماوية , ومن هذا الباب عدّه الكثير من علماء الشيعة والسنة من جملة الذين
أدخلوا الإسرائيليات إلى المجتمع المسلم , و كان وهب بن منبه يروي عن النبي J مرسلا، و ادرك عدة من الصحابة،
و قد كانت مادة حديثه التوراة و الانجيل و شروحهما و حواشيهما، فكانت المنبع الضخم
للقصاص، و دخلت في التفاسير و في كتب الحديث , و لذا قال الذهبي في سير أعلامه: و روايته
(أي وهب) للمسند قليلة، و انما غزارة علمه في الاسرائيليات، و من صحائف أهل الكتاب,
و ظل أثرها السيّئ يسري في فكر المسلمين إلى أن يشاء اللّه , و كان لوهب تلامذة كثيرون:
و لداه عبد اللّه و عبد الرحمن، و عمرو بن دينار، و سماك بن الفضل، و همام بن نافع
أبو عبد الرزاق، و جماعة كثيرون عد منهم الذهبي , اضافة الى ثلاثة له الدور مع
وهب في الروايات الإسرائيلية وهم عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي الانصاري
، وكعب الاحبار، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج , () واختلف فيهم بعض
وثقهم والاخرين رماهم بالكذب . وبعد ذلك في الازمنة بعد رسول
الله J
كثر تفسير من الاخذ من الروايات الإسرائيلية , والسبب دخول الكثير من اهل الكتاب الى
الاسلام.
والقرآن الكريم لم يثبت أو ينف زواج نبي الله يوسف A من (زليخا) فإنه أفرد سورة
كاملة من سوره حملت اسم (يوسف A) للحديث
عن حياة نبي الله A، ومحنته مع إخوته، ومع امرأة العزيز، ونسوة مصر،
وإدخاله السجن.
وهذا
البحث البسيط للنقاش لا اعتراض على العمل الفني الجميل ولا على الروايات ، قد يكون
عَقلي لم يفقها جيدا , واختلف العلماء في حقيقة هذا الزواج في كتب بعض التفاسير
ودراسات المؤرخين والعلماء , وكان محور الاختلاف في عدم وجود ما يثبت أو ينفي هذا
الزواج , واغلب المصادر تذكر الرواية الشيخ الصدوق H وهي رواية مرسلةٌ , والثابت لدينا أن زوجات
الأنبياء D منزَّهات من فعل الفاحشة , وقول آخر لم تحصل الفاحشة بل فيها إشارة الى مراودتها فقط ,
ولا يوجد دليل نقلي ولا عقلي قطعي يدل على ان زوجات الانبياء والرسل منزهات حتى عن
المراودة , بل فيها اشارة الى مراودتها ولا تعارض مع ما جاء في القرآن , الا من خلال
الاتيان بدليل عقلي قطعي يدل على ان نساء الانبياء منزهات حتى عن المراودة ولا دليل
قطعي على ذلك .
الجديد في هذا طرح ان حب زليخا ليوسف A لم يكن
حباً عفيفاً ألهي , بل كان حباً شهوي وعملها كان فاحشة , وعرف اهل اللغة الفحش هو
: أَتَى فِعْلاً فَاحِشاً , سَيِّئاً ، قَبِيحاً , والفاحشة: ما عظم قبحه من الأفعال
والأقوال، وكلّ خصلة قبيحة فهي فاحشة وقال: (إن الله لا يأمر
بالفحشاء) وقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ
عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ) , وتحصين من ارتكاب الفاحشة،
لا لخصوصية في ذات المرأة، بل لخصوصية النبوة التي يربطها بها رباط الزوجية.. وهذا
الكلام عندما تكون زوجة للنبي وعلى عصمته , وزليخا هذا الامر كان قبل قصة الزواج ,
وعرف فعلها من جميع الناس في زمان النبي يوسف A وتحدث
النساء بأمره وأمرها , قال تعالى : (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي
الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا
حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) والمسلمين عرفوا هذا الامر
من خلال القران الكريم كما قالت النسوة وهي كانت في ضلال المبين , وكما بينا لا لخصوصية
في ذات المرأة بل للنبي يوسف A.
وبعد
ذلك كل هذا تحول الحب الى اعجاز ويتزوجها النبي يوسفA ؟
سؤال : لأجل بيان الموضوع , هل كان عَمل زليخة فحشاً او
عمل ليس بفحش؟
الجواب : (المراودة)
بعناها التحرش الجنسي وهذا لا يعتبر من الالفاظ المعرفة في الثقافة العربية ،
المراودة لفظ يصف محاولة امرأة العزيز إغواء يوسف وإغرائه وإثارته ، قال تعالى (وَلَقَدْ
هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ
لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا
الْمُخْلَصِينَ) , لو تنازلنا لهم في قبول سيناريو المسلسل , وان زليخا
تزوجت من يوسف A وانها تابت عن الفاحشة , والله تعالى يقبل التوبة , والتائب من الذنب كمن لا ذنب له
, والقرآن الكريم بيان واضح في صرف السوء والفحشاء عن النبي يوسف A, فقط
ولم يذكر الطرف الاخر زليخا , قال تعالى : (لِنَصْرِفَ عَنْهُ
السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) , ونقول
جدلا تاب وتزوجت النبي يوسفA , ولا يجوز ان نذكرها بسوء او نذكر عملها لأنها زوجة نبي
ومن المؤمنين عن أبي الحسن موسى A قال:
(قلت له: جعلت فداك، الرجل من إخوتي يبلغني عنه الشيء
الذي أكره له، فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات. فقال لي: يا محمد
كَذّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة، وقال لك قولاً فصدّقه
وكذّبهم، ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به، وتهدم به مروته، فتكون من الذين قال
اللّه عز وجل ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن
تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) , وزليخة كما اسلفنا وحسب الرواية أصبحت مؤمنة وتزوجت من
نبي , وحرمة الكلام على الذين آمنوا , وذكرهُ بشيء فاحش او قبيح , لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي
الَّذِينَ آمَنُوا) , وهذه الحادثة قبل 3900 سنة تقريباً قبل نزول القران الكريم
, ونحن لا نعلم بهذه الحادثة الا من القران وهي عبرة : (لَقَدْ
كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَاب) ويذكر لنا القران أن
زليخا كانت تراوده عن نفسه , وهذا عمل فاحش وقبيح , وذكر هذه الحادثة هل هذا من
باب تَشِيع الْفَاحِشَة بالذين امنوا لأنها تزوجت النبي يوسف
A بعد ذلك العمل , لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي
الَّذِينَ آمَنُوا) والقران يذكر لنا هذه الفاحشة وبعد هذه القرون من
الحادثة ونحن نقرأ القران منذ 1400 سنة ونذكر هذا العمل القبيح والسَيِّئ الفاحش,
هل هو اشاعة للْفَاحِشَةُ ام عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَاب ؟!
الجواب هو عبرة ولا صحة لزواج يوسف A من
زليخا , والقران لم يذكر غير عملها الغير جيد والصديق يوسفA كيف كان
في ايمانه وتقواه اختار السجن على ان لا يأتي فاحشة , ولم نجد ولا حتى اشارة الى
الزواج او انها تابت .
ذكر الشريف المرتضى في الفصول المختارة
في معرض رده على بعض المخالفين:
أنه لا خلاف أن النبيJ كان من أحكم الحكماء وأفصح الفصحاء
ولم يكن يشبه الشئ بخلافه ويمثله بضده وإنما كان يضع المثل في موضعه فلا يخرم مما مثله
به في معناه شيئا, ونحن نعلم أن صويحبات يوسف إنما عصين الله وخالفنه بأن أرادت كل
واحدة منهن من يوسفA ما أرادته الأخرى وفتنت به
كما فتنت به صاحبتها, وبذلك نطق القرآن قال الله جل وعلا: ( فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم
, قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) , ولم تكتف
زليخا بهذا اللوم للنسوة، بل هددت وتوعدت يوسف في وجودهن الا ان يفعل
ما تريده من عمل فاحش : (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ
لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ) وكانت مصرة على ان تقوم
بهذا الفعل , ووضعت له مشروعية من خلال عتبها
(قالت فذلكن الذي لمتنني فيه) وان كل واحدة منهم
قطعت يدى عند رؤية يوسف A, وزليخا
من ضمن صويحبات يوسف الذين كان يشبه النبي J فيه
ولو كانت زوجة نبي وكانت اية كما هو
واضح وعادها يوسف A بأمر الله تعالى شابه وتزوجها لو شبه النبي فيها احد
لأنها اية وزوجة اخيه النبي يوسف A ...
النتيجة زواج يوسف الصديق A من
زليخا خرافة..
عادل الزركاني