الاثنين، 17 أكتوبر 2022

 

ما هو العقل؟

    مفهوم العقل في اللغة والاصطلاح جاء بعدة معاني منها الحبس، ونقيض الجهل، يقال عقل يعقل عقل، والحجر والنهي ضد الحمق والجمع عقول، والعقل اصطلاح جاء بتعريفات كثيرة أيضا بعضها يجعل العقل هو الروح، لأن العقل لا إدراك له بلا روح، وبعضهم يجعله هو القلب، لأن محل العقل القلب، وبعضهم يجعله هو الإنسان لأن ما يميز الإنسان عن غيره العقل، وبعضهم يجعله غريزة تعرف بها العلوم، وبعضهم يجعله ذات العلوم , والعقل في الانسان إذ يدرك بالعقل التجريدات الخالصة أو المعاني الكلية مثل: الله، الملائكة، الروح، الرياضيات، الهندسة وغيرها. ويمتلك هذا العقل ثلاث درجات , العقل بالقوة، وهو العقل المنفعل أو العقل الهيولاني (المادي)، فإذا ما أدرك صور الأجسام في الخارج صار عقلاً بالفعل، إذ يكون فارغاً من المعلومات، إلا أنه يتقبل المعلومات كلها , ويحتفظ بصور الموجودات وفقاً لماهياتها وليس لمادياتها، إذ يجرد الموجودات وينزع عنها آليتها محتفظاً بمعانيها المجردة , والعقل بالفعل، وهو يكون بعد حصول صور الموجودات، إذ يدرك المعقولات بعد انتقاله من وضع الفعل، وذلك بواسطة المعرفة المكتسبة، المعقولات التي كانت بالقوة تصبح بعد انتزاعها معقولات بالفعل , وهذه الصور أو المعقولات ليست كالأشياء خاضعة للأين والمتى والوضع والكيف والكم والفعل والانفعال، بل هي مجردة عن المادة , وهذا لا يعني أن العقل هو غير المعقولات بل هما شيء واحد تماماً، كالشمعة المشتعلة يُنقش فيها النقش على السطح وفي أعماقها في آن، والسطح والعمق منصهران تماماً كالعقل والمعقولات، ولكن عملية هذا الانتقال من القوة إلى الفعل لا تكون بفعل الإنسان، والعقل المستفاد، وهو العقل الذي أصبح بالفعل يدرك المعقولات كلها، وقد اكتسبها في نفسه من حيث صورها المجردة لا مادياتها، وأن الإنسان الذي استكمل عقله المنفعل بالمعقولات كلها، صار عقلاً بالفعل، ومعقولاً بالفعل، وصار المعقول منه هو الذي يُعقل، عندها يحصل له عقل هو فوق رتبة العقل المنفعل , وهذا العقل هو أرقى من العقل المنفعل وأكثر كمالاً، وأكثر اقتراباً من العقل الفعال وابتعاداً عن المادة.   

بعد هذه المقدمة علينا التحدث وباختصار عما تحدث العلماء والفلاسفة عن العقل ومن ثم نضع النتيجة وما نعتقد به وجاء عن اهل العلم الكرام، وهو ان مفهوم العقل يحتل مكان بارزة بل يمكن ان يكون الأول عند الفلاسفة والعلماء وهذه في الفلسفة اليونانية وقبلها، وله من المعاني التي أثير بشأنها الجدلُ قديمًا وحديثًا موضوع متشعب ومثير بين المفكرين ومن تخصصات مختلفة، هل العقل هو جوهر أم هو عرض؟ وما هي وظيفته؟ ,وهل هو القلب؟ أم هو العلم، أم هو عملٌ بالعلم؟ وما عَلاقة العقل بالدماغ الإنساني؟

     تعددت الإجابات منذ بداية الفلسفة والى زمانا الحاضر , ومن يقال عنهم فلاسفة الإسلام؛ كابن سينا، والكندي، والفارابي هم على نهج أرسطو وكل ما لديهم متأثر به حيث يحدد أرسطو معنى العقل بأنه جوهر قائم بنفسه، وله أنواع متعددة؛ العقل الهيولاني، أو العقل بالقوة، وهو الاستعداد المحض لإدراك المعقولات، وهو قوة محضة خالية من الأفعال، وسمي بالهيولاني نسبة إلى الهيولَى الأولى الخالية من الصور كلها , والعقل الفعَّال، وهو العقل العاشر، وسمي فعالاً لكثرة أفعاله في عالم العناصر , والعقل بالفعل؛ أي النفس الناطقة , وهناك العقل المستفاد والعقل المطلق , ويأتي ابن رشد، ويقسم العقول إلى ثلاثة أنواع ولكل من الفلاسفة قول لا يبتعد كثيرا عن الاخر إلا بعض الإضافات , وكل هذا هي عبارة عن فلسفات لا تصمد امام المضمون الحقيقي للعقل وان هذه الأشياء ما هي إلا كلام نظري وناتج عن تأملات خيالية، نعم هي مقولات محترمة لكن خلاف الواقع , الحديث هنا بتجرد واطلاع بحذر ولا يعتقد من يقرأ اسم كبير لفيلسوف او كاتب أن النص مطابق للحقيقة ولا يختلف عن النصوص السماوية وهذا تفكير وتعاطي بسذاجة مع الأفكار  حقيقة , وهنا يجب ان يخضع النص الديني والتاريخي واللاهوتي والعقيدي والتنبؤي والفلسفي الى البحث المعمق واذا كان خلاف نص السماء هو كما اوضحنا  , والفلاسفة ليس كلهم فلسفتهم آراءٌ وتأملات مبنيَّة على رؤيتهم العقلية للوجود والحياة، وقد تصل إلى بعض الحقيقة وقد لا تصل، وهنا لا ادعي الانغلاق او اريد ان أقول كل شيء يخرج من المسجد او الكنيسة  او التموقع في النصوص دون الاستعانة بالفكر والمفكرين لا ابدا ولم يقل احد من العلماء بذلك بل العقل يقول كل علم يرجع به لأهل الاختصاص لا حسب المذاقات الفكرية او النفسية واستنتاجات لا أساس لها او التأويل الفلسفي , وكل أصحاب النظريات بشر يدرك المعلومة أو بالأحرى، كل ما وصل له وجهة نظر , وانا وحسب عقيدتي لا يوجد إلا علم واحد وفهم واحد كامل وتام أعطاه الله للإنسان من أجل التوصل إلى غاية الحقيقة واحدة ولنجاة في الدار الآخرة، دار النعيم و الخلود ، وهذا العلم متضمن كله في الكتب السماوية ومنها القران الكريم وهذا يكون شرحه وتفسيره عن طريق اهل الاختصاص واهل الاختصاص اخذوه من روايات اهل البيت : قال رسول الله r: (إنّ على كلِّ حقٍّ حقيقة وعلى كلِّ صوابٍ نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه)([1]) , والنتيجة عندي الإيمان ضروري للعقل، والعقل ضروري للإيمان، وهذا المعنى موجود حتى عند الفلاسفة في العصور الوسطى: آمِن كي تعقِل , وأبو العلاء  المعري يقول العكس ذلك : اعقِل كي تؤمن , وأبو العلاء المعري هو صاحب منهج الشك و الظاهر كل من جاء بعده اخذ منه .

كذب الظن لا إمام سوى العقل

 

مشيرا في صبحه والمســاء

     وفي هذا بحث طويل لا يسعه المكان وليس كل ما يقوله العقل او يؤمن به هو الحقيقة وليس مصدراً موثوقاً للحقيقة، فالعقل مثلاً يقول أشياء ولكن هذه المعلومة قد تكون خاطئة، وفي الكثير من الإشكاليات المنطقية يستطيع العقل أن يثبت الشيء، ويثبت عكسه بنفس الكفاءة، انا أقول بما قالوا آمِن كي تعقِل نعم بالعقل عرفنا الله تعالى والحسِّ والفِطرة والشرع إدراكَ وجود إله خالق، يَختلف بالكلية عن الإنسان، بل وكل الموجودات , والعقل السليم لا المشوش ولا كفر ولا شك إلا من الكلام وأهل الكلام والجدال والمراء والخصومة ، بخلاف العقل سليم والفِطرة النقية التي توصل للحقيقة، مهما كانت التبريرات والنظريات والفروض؛ فالعدم لا يُنشئ وجودًا، مهما حاول أصحاب تلك النظريات نشرها وإثبات صحتها , وكل النظريات والتفسيرات، تتغير حسب الأشخاص والظروف , في اغلب الاحيان آراء متناقضة وعبثية", وهي نظريات وتفسيرات وشكوك لا يعتبر نسقا فلسفياً يقدم إجابات لكل أسئلة الوجود، إنما هو "موقف"، وموقف محايد أيضا، إن الشاك الحقيقي لا ينفي أي فكر أو عقيدة كما لا يثبتها أيضاً، إنه أقصى درجات الإحباط، يرى بيرون أننا لا نعرف شيئا ولن نعرف شيئا، وأن الأسئلة الوجودية الكبرى ستبقى معلقة، دون إجابات , أغلب الفلاسفة كانوا إما مؤمنين أو شكاكين ، أفلاطون له موقف خاص يدافع من خلاله على وجود عالم معقول متعال لا يمكن إدراكه إلا بواسطة العقل , وكذلك الفيلسوف الفرنسي باسكال يقول: (للقلب أسبابه التي لا يدرك العقل عنها شيئاً، فالقلب هو من يشعر بالله تعالى لا العقل، وهذا هو الإيمان؛ أن تجد الخالق بقلبك لا بعقلك") ولا يمكن للعقل ان يعرف كل شيء وبعضنا يقحمه في مجالات لا يستطيع استيعابها.

 العقل مدرك للحكم لا حاكم وليس منشئاً، الأحكام العقلية لا تُنشأ؛ لأنها لو أنشِئت لكانت وضعية، بل هي أحكام ثابتة في نفس الأمر (الواحد نصف الإثنين)، هذا الحكم لم يضعه أحد بل هو ثابت في نفس الأمر، هو مرآة الوجود، هل المرآة تخطئ! المرآة عاكسة الوجود، المرأة تعطي الوجود ما أعطاها الوجود، ولو أعطيت له مقدمات غير مطابقة للواقع، سيعطيني نتيجة غير مطابقة للواقع، فالنتيجة غير المطابقة للواقع هل تسمى خطأ عقلي؟ طبعاً لا، الخطأ هنا لا ينسب للعقل، بل الخطأ ينسب للواضع لهذه المقدمات، هنا الخطأ، ويكون الخطأ شخصيّاً، هذا الشخص الذي وضع المقدمات وضعها دون ملاحظة مطابقة الواقع، وبالتالي أصدر أحكاماً غير مطابقة للواقع، هذه الأحكام ليس منشؤها العقل , والعقل لا يحكم كما تقدم بل مدرك ولا يدرك الأشياء الا بواسطة حاسة، بعبارة أخرى لا يدرك الجزئيات بذاته من غير استعانة بآلة ادراكية كالحس والوهم وكذا الوهم لا يدرك بذاته المحسوسات من غير توسط الحواس والا فلا مدرك بالحقيقة للكليات والجزئيات في الانسان الا القوة العاقلة وفي الحيوانات لا مدرك للموهومات والمحسوسات الا الوهم , والنتيجة إدراك العقل مقصور على الكليات وأدراك الحس مقصور على الجزئيات فلو وجب للحاكم على الجزئي بالكلي , ولدينا العقل نوعين العقل النظري والعقل العملي حيث يُدرك العقل النظري الواقعيات، والعقل العملي يُدرك الأوامر والقوانين , يعتقد البعض أن الإنسان ليس لديه نوعين منفصلين من العقل، بل هو عقلٌ واحد وهو آلة الإدراك , وبناءً على هذه الاعتقاد يكون الفرق بين العقل النظري والعقل العملي يعود إلى أمرٍ واحد وهو الإدراك , والحكم قد يقع من الحيوانات التي لا عقل لها إذ لولا ذلك لتعذرت عليها الحياة ولو لم يكن الشم والشكل دالا لها على الصورة المطلوبة لم تطلبها أو على الصورة المهروب عنها لم تهرب عنها فظهر ان للمحسوسات الظاهرة اجتماعا في قوه جزئية ادراكية وليس شيء من الحواس الظاهرة كذلك فلا بد من مدرك باطني جزئي وهو المسمى بالحس المشترك , والحواس الظاهرة لا تدرك الأمور الماضية والأمور المستقبلة فالبصر لا يدرك لونا موجودا في الأمس والشم لا يدرك رائحة موجودة في الغد , وادراك المغيبات مقصور على الحس الباطن لكونها غير منطبعة في المادة , وهناك شيء يقال له الحاسة السادسة (الحس الداخلي)([2]) ويعتقد علماء النفس أن كل شخص يملك حواس خفية موازية للحواس العادية الملموسة على سبيل المثال، يُمكنك أن تقطف زهرة وتشم رائحتها عبر حاسة الشم، بينما يُمكنك أن تشم رائحة زهرة غير موجودة اعتماداً على الحاسة الخفية لديك، الموازية لحالة الشم , وحيث إن هذه القدرة على إدراك الحواس الخفية لا يستشعرها الجميع، لكنها موجودة عند كل الناس، وبحاجة لتفعيل قبل أن يتمكّنوا من استخدامها , ويقول العلماء هي قدرة إضافية يمتلكها البشر، لكن نادراً ما يقومون باستخدامها في حياتهم العملية, والظاهر عند الحيوانات، يبدو الحدس أكثر تطورا، حيث استطاعت الفيلة -على سبيل المثال- بقدرتها على إدراك الاهتزازات فوق الصوتية للموجات الزلزالية أن تختبئ وتنجو من إعصار تسونامي الذي ضرب سواحل المحيط الهندي في قارة آسيا عام 2004. ومن المعروف أن لدى الحيوانات حساسية عالية تجاه التغيرات في الضغط الجوي والمجال المغناطيسي.

يعدّ التفكير عملية مزاوجة بين الأفكار داخل خزان العقل لإنتاج فكرة ما، ولا تقتصر مهام العقل على التفكير لإنتاج الأفكار فقط، بل الاحساس والشعور والسلوك , وتعود دقة التفكير إلى مستوى وعي الفرد فكلما كان مكتسباً للخبرات والعلوم الحديثة زادت قدرته على طرح أفكار دقيقة والتصرف بسلوك صحيح متوافق مع أعراف المجتمع وقيمه، ما يزيد شأنه الاجتماعي ويقل شأنه خلاف ذلك.

    مفهوم العقل في الفقه الشِّيعي هو مصدراً من مصادر التَّشريع، إلى جانب الكتاب والسنَّة والإجماع، ويراد منه هنا منظومة الأحكام القطعية النَّظريَّة والعملية، حينما نراجع المصادر والنصوص الدينية نجد ان الاسلام يؤكد كثيرا على العقل وهذا الامر من خصائص الدين الاسلامي وهذه المسألة غير موجودة في بقية الأديان، وكما جاء في صحيحة محمد بن مسلم، عن الامام الباقر×: (لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر...) وهذا يدل على ان طاعة  اوامر الله عز وجل تكون على اساس العقل، فالعاقل هو الذي يطيع الله عز وجل ومن يعصي الله عز وجل فليس بعاقل. ثم قال (وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب الي منك) وهذا يعني انه لا يوجد مخلوق أحب الى الله أكثر من العقل، وان نعمة العقل أحب النعم الى الله (هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن أحب)([3]).

     يصرّح الشيخ المفيد1  بعدم وضع العقل مع الكتاب والسنَّة في منزلة سواء، ويرى أنَّ وظيفته الأساسية هي فهم النُّصوص الشرعية ([4]) وهناك استدلالات عقلية في الكتب الفقهية والاصولية كثيرة , وعندما مراجع الفقه والاصول وكلمات الفقهاء استدلالات عقلية في النصوص الفقهية والاصولية , مثلا في باب الحج حينما تطرح مسألة البدار فانهم يقولون (يجب البدار بحكم العقل) فان الدليل الرصين الذي هو من جملة اهم ادلتهم هو العقل , ومن أهم الادلة التي تذكر للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو العقل , هو وجوب ارشادي اي ان العقل يحكم بوجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والشارع اكد هذا الحكم , ويشار ايضاً الى العقل في أبحاث دفع أقل القبيحين ففي مباحث علم الاصول ، وقد طرح في مباحث الالفاظ الملازمة بين حكم العقل وحكم الشارع والملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذي المقدمة، اجزاء الامر الظاهري عن الامر الواقعي وصولا الى بحث النزاع بين الاصولي والاخباري، والنزاع بين الاخباريين والاصوليين حيث ان الجهة الأولى يتمسكون بأطلاق الرواية ويقولون لو ان الدليل العقلي القطعي حكم بأمر فنحن لا يحق لنا طبقا لهذه الرواية ان نأخذ بما يحكم به الدليل العقلي القطعي , والجهة الثانية الأصوليين يقولون ان العقل هو احد مصادر الاستنباط ومن الادلة الأربعة , ومن جملة المواضع التي يقع النزاع فيها بين الاخباريين والأصوليين في مسألة العقل هي مسألة الحسن والقبح العقليين والحسن والقبح الذاتي وهكذا جريان الاستصحاب في الاحكام العقلية وهل ان الاستصحاب يجري في الاحكام العقلية اولا؟ وهل يجري في الاحكام الشرعية التي تستند الى العقل او لا؟ فالشيخ  الانصاري 1لا يرى جريان الاستصحاب في ذلك , ويقول الشيخ المظفر في (اصول الفقه): ( ان علماءنا الاصوليين من المتقدمين حصروا الادلة على الاحكام الشرعية في الاربعة المعروفة التي رابعها الدليل العقلي )) و (لم يظهر لي بالضبط ما كان يقصد المتقدمون من علمائنا بالدليل العقلي, حتى ان الكثير منهم لم يذكره من الادلة, أو لم يفسره, أو فسره بما لا يصلح أن يكون دليلا في قبال الكتاب والسنة) ,والمسلمون جميعا متفقون على أن الحكم لله تعالى, وأنه وحدة الذي له حق التشريع , والعقل ليس له القدرة على جعل الحكم ,كما أن ليس له القدرة على الاستقلال بنفسه لأدراك الاحكام الشرعية (لان أحكام الله توقيفية فلا يمكن العلم بها الا من طريق السماع من مبلغ الاحكام المنصوب من قبله تعالى لتبليغها, ضرورة أن أحكام الله ليست من القضايا الاولية, وليست مما تنالها المشاهدة بالبصر ونحوه من الحواس الظاهرة بل الباطنة, وليست أيضا مما تنالها التجربة والحدس, واذا كانت كذلك فكيف يمكن العلم بها من غير طريق السماع من مبلغها, وشأنها في ذلك شأن سائر المجعولات التي يضعها البشر كاللغات والخطوط والرموز ونحوها , وكذلك ملاكات الاحكام كنفس الاحكام، لا يمكن العلم بها الا من طريق السماع من مبلغ الاحكام، لأنه ليس عندنا قاعدة مضبوطة نعرف بها أسرار أحكام الله وملاكاتها التي انيطت بها الاحكام عنده, والظن لا يغني عن الحق شيئا)([5])  وكلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع : مفاد هذه القاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع, فكلّ ما يحكم به العقل يحكم به الشرع, لكن لم يبيّن الفقهاء مرادهم من دليل العقل تحديداً, ولا حدود هذه الملازمة, وحدود إدراك العقل, وقد اختلفوا في ذلك اختلافاً شديداً, حتّى يصعب الوصول إلى محصِّلة من كلماتهم , فعندما يطلقون دليل العقل, لهم في ذلك ثلاث معان:

الأوّل: الأصل المنتج للحكم الشرعي، مثل حكم العقل بالبراءة الأصليّة وقبح العقاب بلا بيان، كذلك ما يصطلح عليه باستصحاب حال العقل.

الثاني: البحث في الملازمة بين حكم شرعي وحكم عقلي آخر، كما لو حكم الشارع بوجوب شيء، فإنّ العقل يحكم بوجوب مقدّمته، لأنّه لا يمكن امتثال الواجب من دون توفير مقدّمته، وكذلك البحث في وجوب الشيء وحرمة ضدّه عقلاً.

الثالث: إدراك العقل بنفسه ومباشرة لحكم الشارع. وفي هذه النقطة بالتحديد وقع النزاع في حكم العقل.

والثابت من كلماتهم: الأول : أنّ ما يدركه العقل من الآراء المحمودة التي تطابق عليها العقلاء, مثل: حسن العدل وقبح الظلم وحسن الصدق وقبح الكذب وحسن الأمانة وقبح الخيانة ونحو ذلك, فكلّ ذلك كما يحكم به العقل يحكم به الشارع؛ لأنّ الشارع من العقلاء, بل سيّدهم , لكن ذلك لا يُعين على استكشاف الأحكام الشرعيّة وتعيين مصاديقها, فإنّ ذلك من المبادئ العامّة, فذلك أشبه بما يذكرونه من تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد, فإنّ أصل التبعيّة لا غبار عليها, لكن الكلام كلّ الكلام في إدراك المصالح والمفاسد , والثاني: ما يدركه العقل ممّن لا يندرج في الآراء المحمودة, مثل إدراكه ضرورة التوسّع في المعاملات الاقتصادية وتشريع عقود جديدة لم تكن موجودة في زمن الشارع, وإدراكه لوجوب تصدّي الفقيه لشؤون الاُمّة باعتباره أكثر الناس حرصاً على مصالحها, ونحو ذلك ممّا يمكن أن يدّعى إدراكه العقل, فهنا القول بالملازمة يتنافي مع مبدأ توقيفيّة أحكام الشارع, ومع ما ورد من أنّ دين الله لا يصاب بالعقول.

 الا بألة جزئيه واما ثانيا فلان هذا الحكم قد يقع من الحيوانات التي لا عقل لها إذ لولا ذلك لتعذرت عليها الحياة ولو لم يكن الشم والشكل دالا لها على الصورة المطلوبة لم تطلبها أو على الصورة المهروب عنها لم تهرب عنها فظهر ان للمحسوسات الظاهرة اجتماعا في قوه جزئيه ادراكية وليس شيء من الحواس الظاهرة كذلك فلا بد من مدرك باطني جزئي وهو المسمى بالحس المشترك.

 والى اليوم مازال الخلاف بين الفلاسفة حول حدود العقل وإمكانياته يقول ابن خلدون: إن العقل ميزان صحيح، لكن لا تطمع أن تزن به أمور التوحيد، فإن ذلك طمع محال" , ويقول ايمانويل كانط : ستطيع أن أصف لك كيف يبدو لي العالم، لكني لا أستطيع أن أصفه كما هو في الواقع" , ويقول بيرون : نحن لا نعرف شيئاً، ولن نعرف شيئاً" , يدركها العقل بسهولة ,. ويرى لوك : أنه لابد من التسليم عدم قدرة العقل البشري الخوض في المسائل التي تتجاوز إدراكه، فبعد الفحص الدقيق لكل القضايا تبين أنها تفوق قدرة العقل على استيعابها "ويقول العقاد : (فالعقل في مدلول لفظه العام ملكة يناط بها الوازع الأخلاقي أو المنع عن المحظور والمنكر، ومن هنا كان اشتقاقه من مادة (عقل) التي يؤخذ منها العقال).. وبقدر اختلافهم واختلاف بيئاتهم كانت النتائج مختلفة وخاصة منهج الشك يشكون في العقل نفسه وليس لديهم ينفي لأي فكر أو عقيدة كما لا يثبتها أيضاً، وقولهم أننا لا نعرف شيئا ولن نعرف شيئا، وأن الأسئلة الوجودية الكبرى ستبقى معلقة، والنتيجة العقل هو ملكة الإدراك والتفكير والإبداع وأعلى مراتب الإدراك للعقل، وقد ميز الله تعالى الإنسان بالعقل المدرك والمميز والواعي والمبدع والمفكر والخلاق، والمخ نعمة إلهية أنعم الله تعالى بها على الكائنات الحية، القرآن الكريم لا يذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه , والتفكير نعمة أنعم الله بها على كثير من بني البشر وسلبها من بعضهم , وجعل الله تعالى التفكير فريضة قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْ_تِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ)([6]) وأولو الألباب هم العقلاء حقا فهم كما قال تعالى: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) ([7])

 

 


 

 



[1] _ روى ثقةُ الإسلام الكليني في الكافي : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله 7

[2] _ يسميها بعض الناس "الحدس" أو "الغريزة"، وتُعرف أيضا بـ"الحاسة السادسة"، تقول الكاتبة ناتالي سابيرو في تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" (lefigaro) الفرنسية، إن "الحاسة السادسة" شيء مدهش لأغلب الناس، فهي عبارة عن معلومات تُفرض علينا من دون وعي ولا يمكن تفسيرها تفسيرا منطقيا.

[3] لشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٠ - الكافي

[4] _ الشيخ المفيد، أوائل المقالات، المؤلفات الكاملة، ج4، ص 44 و45.

[5] _ اُصول المظفّر 112 - 111.

[6] _ آل عمران 190

[7] _ آل عمران191

 

العقل الواعي لا يمكن أن يَقْبَل الأفكار بما هي أفكار بل له الحق ان يرفضها وينتقدها، وإلا لا يمكن أن يحترم الأوهام والتفاهات على أنها حرية فكر..

الأحد، 16 أكتوبر 2022

 عقولنا من الممكن أن تصبح أفضل إذا كان لنا القدرة على تصفير مشاكلنا النفسية مع الآخرين ونَحملُ الجميع على الصحة تصحوا أنفسنا، أفكارنا الإيجابية والسلبية تخلق واقعنا.. 

عادل الزركاني 


الخميس، 13 أكتوبر 2022

 تَعامَل مع الحاقد والحاسد بما لديك من إيجابية وبما تعلمتهُ من القدوة، وحاوَل تَغِيّر مسيرته بالأفعال التي تحمل المحبة والمودة لأن هذا نتاج الظروف والمجتمع ونحن من هذا المجتمع، وحاوَل أَظْهار السمات الإيجابية فيه وساعدهُ على التخلص من هذه الامراض..
  قد يذَكِرَكَ الأخرين بخير أو أنك تنشر قد اقوال وافعال وهذه بالحقيقة استفزاز لهُ، لكن حاوَل أن تشركهُ في عملكَ أو تَذكرهٌ بخير ولا تعطيه سبب إضافي للحقد والحسد ولا تتعامل معهُ بوقاحة لأن هذا مرضٌ نفسي، ولا تعتقد انهُ عدو لشخصكَ بل هو من الأشخاص الذين لديهم مشاعرٌ سلبية اِتِّجَاه الأشياء الجميلة وأن كان لا يشعر.



الأربعاء، 12 أكتوبر 2022

 

إن في أعماق كل منا صوتً يأخذنا الى الخير والفضيلة، وهو خارج عن مملكة العقل، وهو فطري فينا، لو اتبعنا هذا النداء بدون الأوهام والتراكمات الفكرية والنفسية سنكون في الاتجاه الصحيح نحو طريق الكمال.
   هنا يجب ان نلفت النظر الى امر مهم جدا وهو ان هناك جهات ومؤسسات دولية كبيرة بيدها المال والاعلام تعمل على تحوُّل الديني أو السياسي أو الأخلاقي حسب ما تقتضي الحاجة واستغلَّ هؤلاء المجتمعات وخاصة الحلقات الضعيفة فيها والتي يراد تَسيرَها حسب المنهج الخاص بهم ومن خلال دراسات نفسية ويكون التحول بطرق منها طبيعية وأخرى مفتعلة ولكي يكون التحويل مؤثِّرًا يجب أن تستثار انفعالات الشخص حتى يَصِل إلى درجة شاذَّة من درجات الغضب أو الخوف أو النشوة، ويمكن زيادة حدَّتها بوسيلة أو بأخرى، وينتهي الأمر بالشخص إلى حالة من حالات الهستيريا، وحينئذٍ يصبح أكثر استعدادًا لتلقِّي الإيحاءات التي قد لا يتقبَّلها في الظروف العاديَّة، وقد يحدُث بديلاً عن ذلك مرحلة من المراحل: المتعادلة أو المتناقضة أو شديدة التناقض، أو قد يَحدث انهيار امتناعي كامل يقضي على كلِّ المعتقدات السابقة , ويغرْس معتقدات وأنماط سلوك جديدة، كما يقول بعض المتحولين الدين تخلف والقيم خرافات والحشمة والحياء رجعية , التخلف له أسبابه، والتقدم له أسبابه، وإقحام الدين والستر والأخلاق في هذه الأمور خدعة مكشوفة..


الأحد، 25 سبتمبر 2022

 

   مفهوم الطبيعة البشرية..

 من المفاهيم الكبيرة والتي كتب فيها الكثير وهذا المفهوم تقوم عليه فلسفة الحياة، هل الانسان متغير ام ثابت كما شركاءنا في الحياة من حيوانات ونباتات وكما يبدو مبرمجين على الأفعال والتفاعلات نفسها طوال حياتهم، لهم حياة كما هي منذ بداية الخلق كل المخلوقات الحية تفعل الأشياء نفسها في كل دورة " مثال النّحلة والدراسات الّتي قام بها العلماء حول هذا الكائن ذي النظام الاجتماعيّ العجيب قبل ألفَيْ سنة، والى الان لا تدلّ على تطورًا قد حصل في حياة هذا الكائن الحيّ، إذ أنّ التنظيم الّذي يسود خلاياها اليوم هو نفسه التنظيم الّذي كان عليه منذ آلاف السنين, وهذا في كل الحيوانات طبعا وتكتفي هذه المخلوقات بالتكيف مع البيئة، وسد حاجاتها المباشرة إن أمكن، وتموت إنْ لم تستطع تحقيق هذا وذاك؛ فتخضع لتوازن البيئة، ونظرية التطور لا تصلح للنقاش لأنها اكذوبة كما أي كذبة عقائدية أو فكرية , وأن الإنسان نتاج تطوّر لحياة على الأرض عمرها نحو كم مليار سنة وتطورَ هذا الحيوان في طفرة وراثية وبمراحل انتصبت خلالها قامته واتسعت جمجمته وأخذ يرمِّز ويصنع الأدوات ويفكر ويرسم, وأن كل ما حدث يُسمّى مبدأ مكر الطبيعة والواقع هذه الحشرات كانت وماتزال منذ ملايين السنين وأجريت عليها تجارب وهي كما هي ولم ولن تتطور , يبقى الحيوان كما هو بطبيعته وشيء واحد لا نعرفه ماذا يدور في رأس الحيوان نفسه غير العلف أو الفرار من يد الانسان, يقولون ان القرود أبناء عمومة للإنسان منذ عصور قديمة، وليس من الأسلاف المشتركين خلال العصور المتأخرة على الرغم من تشابه الحمض النووي بينهم بنسبة 90 في المئة , الحل لهذه القضية في أجراء تجربة تزويج او تهجين وان يتزاوج الانسان الشمبانزي وجاء الجواب العلمي الجواب لا ينتج عن هذا التزاوج مخلوق اخر, لاختلاف عدد الكروموسومات (الصبغة الجينية) وحتى التهجين للحيوان تكون سلالة عقيمة غير قادرة على الإنجاب بمعنى لا يمكن الاستمرار إلا ضمن قانون الخالق الموجد.

 رسالة الى الاخوة في وكالة ناسا هل شاهدوا بداية خلق أبناء العم القرود هل كانوا قبل ذلك سحالي او أبو بريص وكم مليار سنة حتى أصبح أبو بريص بهذا الشكل قردٌ وأنتصبت قامته واتسع انفه وفمه وصغرة جمجمته، وكل هذه الأفكار العبثية نتاج للأفكار العلمانية وغياب الوازع الديني والابتعاد عن كلام الله تعالى، وبعد كل العبثيات والانكارات وفشلها وصل الى حقيقة قد تكون الأخيرة نعم للكون خالق لكن لا حاجة لمعرفته مادام هو أخفى نفسه! وهو فوق الأمور الحسية والعقل الحسي لا يمكن ان يصل الى معرفة ما هو أكبر من العقل ,وكل الحواس والأدوات التجريبية مختصة بمعرفة ما هو في دائرة عالم المادة فقط، ويتَرَكَ معرفة الخالق للمستقبل ونفكر ونفتش في الطبيعة ونحن جزء من الطبيعة، لكن يجب ان نتخطاها، ونخلق شيئًا جديدًا، ونجعل الطبيعة بما تتلاءم معنا، ونتجاوز توازنها ونتمرد عليها وهذا الوجود كله مُلْك لنا ملكية الخاصة، ونفعل ما يحلو لنا دون ضوابط وقوانين حتى وان كانت خلاف النواميس الكونية، فقط الحيوان لن يتخطاها لأنه مبرمج، هذا الجدل في فكر الوجوديون الملحدون ,وان على هذا الإنسان ان يكون مبدع ويقوم بإيجاد معنى لحياته، في عالم خالٍ من أي معنى جوهري أو فطري، ولا تنتظر من السماء ان تخلق لك عالم ,أنت من يجب عليه ان يخلق عالم لنفسه ,وإيجاد معنى للحياة ,والغيب مهما سعينا خلفه وعظّمناه وجعلناه محوراً لحياتنا، يبقى بالأخير مثل دحرجة حجر على منحدر ولا يزيد أو يقلّ قيمةً عن ذلك، وهذا منهج العبثية والعدمية , والحقيقة الجواب واضح لهذه الأفكار المكررة التي شاخت دون فائدة غير الشك المتعب والكفر وتكبر والعناد ليس مع الدين بل مع النفس الأمّارة وهذا الامر مع المؤمن أيضا في اغلب الأحيان تنتصر عليه نفسه الأمّارة بالسوء , لكن يعود الى ربه في حالة اللوم المتكرر من النفس لأنه يعلم ان الفعل غير صحيح شرعا والإنسانية والأخلاق التي فيه تنهى عن ذلك , وكل من الطرفين المؤمن والملحد يقول بالإنسانية وانه هو من يقول بها وصاحبها ويتهم الاخر انه على خلافها , النتيجة في هذا والتي لا يختلف عليها الاثنين ان كل الأشياء تخضع لقانون ولا يتم الا بقانون وخلافه لا نتيجة , مثال نزرع حبة القمح لكن دون سقي أو تربة صالحة لا يمكن ان يكون هناك انتاج للقمح بل تفسد الحبة , وهذا القانون ليس من صنع الانسان بل هو قانون ثابت وضعهُ من أوجدَ الحبة , وهذا الكون وهذا الانسان لا يمكن ان يسير دون قانون وهذا القانون لابد ان يكون قبل خلق الانسان , وفي الواقع كل جهاز لابد ان يكون له قانون تصنيع ورقة تشغيل (كتلوك) ولا يمكن للجهاز أن يضع لنفسه او يَوْضَع له قانون من غير صانعه , وجدا طبيعي الانحراف او الابتعاد عن الحق او حتى الأشياء الأخرى من صنع الانسان تَّوْضَع لها فلسفات وقانون وقواعد خاصة ويقدسها اتباعها وان كانت خرافة او هواية, وان الحياة لا تسير إلا بها والوجود لا يستقيم إلا عليها كما يقول اتباع كرة القدم الحياة بدونها ليست حياة وكذلك الصيد او حتى السباحة وغيرها من الأشياء التي يتابعها او يسير خلفها الكثير من الناس , وللعلم لا وجود لها بل وضعها اشخاص من خيالهم لأفراطهم في حب هذه الاشياء ونرى الاف من العلماء لا يعرفون كرة القدم ولا حتى الرسم او باقي الأشياء وكانوا قمة الإنسانية والنبل بل افضل أنواع الانسان ,لا شيء يقَوَّمَ الانسان ويجعل منه مثالياً وفاضل إلا العودة لقانون السماء الأنبياء موسى وعيسى (ع)ومحمد (ص) كلهم ساروا ضمن قانون السماء .

     أقول لكم لماذا يجمع الاثنين والابتعاد عن الإلحاد لأنه طريق بلا قانون ومنزلق للانحراف بل يدعو له، ولا يقال ان هناك ملحد يدعو للفضيلة بل الى خلافها تماما لان كل شيء لديه مباح! وإنكار وجود الله هو إنكار لوجود أساس موضوعي للأخلاق وهنا لا توجد مرجعية أخلاقية تنظم حياتهم وتقيم حقائق أخلاقية وبناء حياة سويّة على أساسها، ويردّ الملاحدة على ذلك وانه يمكن بناء معاير أخلاقية تقيم أسس العدالة والحقيقة والخير والأخلاق دون اللجوء إلى الإله، ولكن الواقع يقول غير ذلك , حيث نرى اليوم الملاحدة هم الأكثرية بل المؤمنين هم النسبة الأقل في كل المستويات وحتى الدجال يندرج تحت مفهوم الإلحاد لان لو كان مؤمنا لما فعل ذلك وهو خلاف قانون الإله كما الملاحدة , الحروب والغزوات قبل الإسلام وبعده يقوم بها الملاحدة او بعبارة أدق الدجال الملحد عنوان جامع مانع لهذا النوع الخارج عن قانون السماء ,وهناك عدد من خلفاء ملحدون وكان إلحادهم صريح والكلام ليس له علاقة بالشيعة او السنة وحتى الإسلام او انا طالب حوزة او شيعي هو بحث علمي في مفهوم الطبيعة البشرية ,مثال علماء السنة المعتزلة يعتبرون معاوية بن ابي سفيان ملحد قال ابن ابي الحديد المعتزلي : معاوية مطعونٌ في دينه عند شيوخنا يرمى بالزندقة ، وقد ذكرنا في نقض السفيانية على شيخنا ابي عثمان الجاحظ ما رواه اصحابنا في كتبهم الكلامية عنه من الإلحاد والتعرض لرسول الله (ص) وما تظاهر به من الجبر والإرجاء، ولو لم يكن شيء من ذلك لكان في محاربته الإمام ما يكفي في فساد حاله([1]) ويزيد بن معاوية : ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل ... لعبت هاشم بالملك فلا ملك جاء ولا وحي نزل([2]) وعبد الملك بن مروان يعترف أن القرآن والإسلام لا علاقة لهما بحكمه فقد "قال ابن أبي عائشة : أفضى الأمر إلى عبد الملك، والمصحف في حجره فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك" ([3]) والوليد بن يزيد التاسع من خلفاء الأمويين كان أبعد ما يكون عن الأخلاق، وتحكي كتب التاريخ الإسلامي أنه قرأ ذات يوم في المصحف" واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد" فدعا بالمصحف فنصبه غرضاً للسهام وأقبل يرميه وهو يقول : أتوعد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد .. إذا ما جئت ربك يوم الحشر فقل يا رب خرقني الوليد.

   وكذلك ماكسمليان روبسبير قائدا للثورة الفرنسي ,وأتيلا الهونى واحدا من أكثر الحكام شراً وشراسة في التاريخ، وبول بوت زعيم الخمير الحمر ورئيس وزراء كمبوديا ارتكبت حكومته الشيوعية المتشددة العديد من الجرائم؛ فقتلت وشردت الملايين من الأبرياء، وجنكيز خان مؤسس الإمبراطورية المغولية ارتكب هو وجيشه وسلالته من المغول العديد من الجرائم البشعة، وإيفان الرهيب أول قيصر لروسيا كان مولعا بالتعذيب بالخوازيق، وحرق الناس أحياء، وأمر جنوده ببناء جدران قوية في جميع أنحاء المدينة، حتى لا يستطيع الناس الهروب وكان يأمر قواته بإحضار المئات ليشهد قتلهم وتعذيبهم بنفسه , وأدولف أيخمان كان واحدا من المنظمين الرئيسيين للمحرقة، وهو صاحب مقولة: "إن وفاة خمسة ملايين يهودي على يدى يعطى لضميري رضا غير عادى", وملك بلجيكا دولة الكونغو الحرة استغلالا وحشيا لدولة الكونغو الحرة، عمد إلى استخدام أسلوب السُخرة في العمل لاستخراج المطاط والعاج هناك، الأمر الذى أسفر عن مقتل أكثر من 3 ملايين الكونغوليين وأدولف هتلر لقب الديكتاتور،إذ كان سببا رئيسيا في اندلاع الحرب العالمية الثانية والمحرقة، وقتل ستة ملايين يهودي وعشرات الملايين من الناس عانوا وماتوا بسبب جنونه ,وكل هؤلاء خارج المؤمنين ويندرجون تحت قانون الطبيعة وخلاف قانون الخالق وجعلوا الطبيعة بما تتلاءم مع أهدافهم وتطلعاتهم وان كان فيها تجاوز , لكن هذه هي وجهة النظر للطبيعة والتمرد عليها والقيادة لأجل توازن مادام كل هذا الوجود ملكًا لهم ملكيته الخاصة حسب فكر الانسان وله ان يفعل ما يحلو له دون ضوابط وقوانين لان هو القانون ومفهوم الرحمة والإنسانية مفهوم الضعفاء , المشكلة في الملحد يخالف قانون الخالق وهذا حرية وامر طبيعي ولكن يعتبر من يخالف قانون المرور خارج على القانون والفاضلة بحجابها متخلفة والعارية في ابتذالها او السافرة متحررة , في مرة كنت مع صديقي ملحد نوعا ما كان خارج العراق واخذ يتحدث معي عن الدين هو سبب تراجع الامة وضياع الانسان ومن هذه الاحاديث المعتادة وهو يتحدث كان عندي نسخة مصورة من لوحة الموناليزا واخذتُ قلم الألوان ووضعت عليها عدد من الخطوط , واذا به يقطع كلامه ماذا تفعل هذه لوحة عالمية كيف لك ان تشوها بهذه الخطوط ؟! قلت له عجيب هذه لوحة رسمها رسام ممنوع نضع عليها او نغير شكل الصورة، وانت ما صنعه الخالق او حتى الطبيعة في أحسن تقويم تضع عليه وتغير ما تريد وتقول يفعل ما يريد وكيف ما يشاء وهذه لوحة رسمها انسان وان انسان اضع عليها خطوط تعتبرها تشويه هذا هو التشويه الحقيقة للجمال وخرق للقانون.

عادل الزركاني



[1] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١ - الصفحة ٣٤٠

[2] البداية والنهاية-ابن كثير ج8

[3] (تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 217)  




السبت، 24 سبتمبر 2022

  النبي موسى (ع) من انبياء أولو العزم أنفق عشر سنوات من عمره الشريف من اجل سيدة من  وهذه السنوات كان مهراً لها، وماهي هذه الفتاة التي كان لأجلها كل هذا وما هي اوصافها، الجواب من القرآن الكريم في قوله تعالى: (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) اِستحياء: مصدر اِستَحَى وهو بمعنى حَياء، القران لم يذهب الى شكل الفتاة ولا حتى نسبها او أموالها، ذكر ارفع شيء فيها بل  وأغلى شيء عندها وهو الحياء..

اذا لم يكن الحياء زينة المرأة والحجاب سترها كل الكلام والاقوال والاعذار لأجل رفع الحياء والخجل وبالتالي بدون اخلاق وقيم : (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)..



الجمعة، 23 سبتمبر 2022

 

 نظرية سهو النبي (ص)  .. عادل الزركاني

   سنحاول البحث عن جواز السهو على النبي (ص) وعدمه؟!

  ما ورد عن جمهور المسلمين واجماع الشيعة يقتضي الحكم بنفي السهو عنه لان العصمة في القول والفعل واستحالة السهو عليه مطلقاً., وهناك ابحاث كثيرة في هذا الموضوع يمكن مراجعتها , نظرية سهو النبي (ص) من المسائل الكلامية الإسلامية التي كثير الكلام فيها , واتفق علماء الشيعة على نفي السهو والنسيان عن النبي (ص) وهو معصوم في جميع أعماله واقواله في التبليغ وغيره , قال تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) وهذه النظرية غير مقبولة عند الشيعة كافة , وقد ذكر عن الشيخ الصدوق والسيد المرتضى والطبرسي انهم ذهبوا إلى جوازه على النبي (ص) في شؤونه الحياتية وأنه معصوم في مقام التبليغ فقط واستدلوا برواية مفادها أن النبي (ص) سَهى في صلاته، واعتبر أكثر العلماء النافون للسهو عنه (ص) أن هذه الرواية وأمثالها غير معتبرة، ونعم هذه الرواية من الأخبار الآحاد، وأنَّ السهو لا يجتمع مع النبوة , روى الشيخ الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه الحديث بسنده : إن الغلاة من المفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي (ص) ، يقولون: لو جاز أن يسهو (ع) في الصلاة جاز أن يسهو في التبليغ، لأن الصلاة عليه فريضة , وقيل للإمام الرضا(ع) (إن في الكوفة قوماً يزعمون أن النبي (ص) لم يقع عليه السهو في صلاته, فقال: كذبوا ـ لعنهم الله ـ إن الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلا هو) وقال بعض العلماء هناك من يحاول أن ينسب إلى الشيخ الصدوق : أنه يقول بجواز السهو على النبي (ص)، وأنه يسهو كما يسهو غيره من البشر.. والحقيقة هي أنه (قدس سره ) لم يقل بجواز السهو على النبي (ص)، بل قال: إنه يجوز الإسهاء للنبي(ص) , قال الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي: (ذكر السهو في هذا الحديث وأمثاله ـ يقصد حديث السهو ـ محمول على التقية في الرواية, كما أشار إليه الشيخ وغيره, لكثرة الادلة العقلية والنقلية على استحالة السهو عليه مطلقاً) فان كل الروايات التي ظاهرها يوحي الى نسبة السهو للنبي (ص) يجب ان تأول الى ما يتوافق مع الدليل القاطع، سواءاً كان ذلك الدليل القاطع عقلياً أو نقلياً وعلى هذا الأساس حمل الشيخ العاملي الروايات على التقية، وسنبين حقيقة قول الشيخ الصدوق ومن تبعه من الاعلام والقصد من ذلك , لكن هناك الكثير من المسلمين من يفرق بين القول والفعل وليس كل قول هو من الوحي وتفسير هذه الآية ليس كل كلام ينطق به النبي (ص) ابتداء يكون وحيًا من عند الله، وإنما معناها أنه (ص) معصوم من الخطأ فيما يبلغه عن الله، بخلاف غيره من الكلام الذي يحتمل الاجتهاد , وهذا الاجتهاد يمكن ان يصب او يكون خطأ وإذا اجتهد في حكم وكان صوابًا أُقر عليه، وإن كان خطأً لم يُقر عليه, ونزل الوحي مبينًا ذلك , ودليلهم في هذا الكلام قوله تعالى (ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) عوتب على استبقاء أسرى بدر بالفداء، وعلى الإذن لمن ظهر نفاقهم في التخلف عن غزوة تبوك، والعتاب لا يكون فيما صدر عن وحي، فيكون عن اجتهاد , واجتهاده (ص) في الأمور الدنيوية وقصة تلقيح النخل وأنه (ص) مرَّ بقوم يلقحون نخلهم، (أنه مرَّ بقوم يلقحون نخلهم فقال: لو لم تفعلوا لصلح, فخرج شيصًا، فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا؟ قال: أنتم أعلم بأمر دنياكم.

فجواز السهو عليه في أعماله مستلزم لجوز السهو عليه في التبليغ ولا يشك أحد في أنه لو صدر من النبي (ص) عمل مرة واحدة في عمره لدل صدور ذلك الفعل منه على جوازه كما تمسك المسلمون قاطبة في أمور كثيرة بعمل النبي (ص) ولو صدر منه مرة واحدة " أقول: إنما يتم هذا الاشكال إذا كان القائل بالاسهاء أو السهو يعتقد جواز السهو عليه مطلقا لا في موارد خاصة مع اعلامه بلا فصل فبعد أن أعلم - على فرض صحة الروايات - فلا مجال لهذا الاشكال , والصدوق لا يعتقد جواز السهو عليه مطلقا , وفي هذه المسألة كلام طويل , لكن نحاول قد الإمكان بينان شيء منه , نحن الشيعة ندعي أن الأنبياء والأئمة معصومين عن كل شيء قولا وفعلا , لكن هناك اشتباه عند البعض في قول الشيخ الصدوق (رض) بإمكان سهو النبي وهذا فهم خاطئ لكلامه طبعا, كلامه صحيح لكن الفهم خطأ , ونحن نقول تبعا لأساتذتنا والعلماء الإمكان على ثلاث أقسام هي مطالب فلسفية ومنطقية..

اولا.. الإمكان الذاتي.. وكما عرفوه تساوي الطرفين طرف الوجود والعدم , وهناك مقدمة نمر عليها سريعاً الشيء بما هو شيء اما أن يكون موجود وعرف ثابت عين الذي يخبر عنه , ويمكن أن يشار إليه , فهذا الذي يشاره اليه بهذه الهاذية سواء كان إشارة حسية للمكنات أو اشارة عقلية كما في واجب الوجود... هذا يقال له موجود , يقابله الذي لا يمكن أن يشار إليه هو العدم باعتبار أن العدم لا يشاره له لأنه معدم ، ما بينهم هو الإمكان الذاتي الذي تساوي طرفيه ، لم يتصف بالوجود بعده ولم يتصف بالعدم بعده ، امكان أن يتصف بالوجود وامكان أن يتصف بالعدم، فالممكن الذاتي بما هو ممكن متساوي طرفاه الوجود والعدم ,هو لا موجود ولا معدم يقال له الإمكان الذاتي.

ثانيا : الامكان الاستعدادي: مرتبة ثانية من مراتب الإمكان , وقلنا الإمكان الذاتي هو إمكان ان يوجد شيء أو إمكان ان يعدم الشيء ، الممكن بما هو ممكن الإنسان بما هو الإنسان , وزيد بما هو زيد ممكن ان يوجد وممكن أن لا يوجد وأن يكون معدوما , والامكان الاستعدادي هو مرحلة أشد ومرحلة ثانية من مراحل الإمكان ، وهو كذلك فيه احتمال الأمرين الوجود والعدم ، لكن هذه المرحلة يعبرون عنها بالإمكان الاستعدادي اي انه فيه استعداد بأن يتصف بالوجود ، فهذا الإمكان هو أقرب للوجود من الإمكان الذاتي ، لان الإمكان الذاتي بما هو إمكان والممكن بما هو ممكن لا يوصف بأنه موجود ولا يوصف بأنه معدوم، الإمكان الاستعدادي كذلك لا يوصف بكلاهما ، لكن وصف الوجود أقرب إليه فهو فيه الاستعداد أن يصف فيه الوجود يمثلون له بالنطفة، النطفة لم تصبح بعد أنسان لم تصبح بعد زيد، لكن فيها الإمكان الاستعدادي أن اتصف بالإنسانية وبالموجودية , كذلك العلقة قالوا الإمكان الاستعدادي يختلف عن الإمكان الذاتي بما يختلف بالشدة والضعف، الإمكان الاستعدادي فيه مراتب النطفة فيها الإمكان الاستعدادي أن تكون بشرا ، والعلقة فيها الإمكان الاستعداد أن تكون أيضا أنسان والعلقة أشد امكانية استعداديا من النطفة لتكون أنسانا ، والمضغة أشد استعداد من العلقة , وعموما كل هذا نطفة وثم علقة وثم مضغة ثم كسونا عظام هذا كل إمكان استعدادي لأن يوصف بالوجود، هذا كله غير موجود , لكن فيه الإمكان الاستعدادي ان يكون موجود ، ممكن ان يكون مضغة علقة عظام ثم يموت يعدم فلا يتصف بالوجود , الإمكان الاستعدادي هو تساوي طرفيه، لكن اتصافه بالوجود أقرب إليه من اتصافه بالعدم ، ففيه الاستعداد أن يفاض عليه بالوجود.

ثالثاً: الإمكان الوقوعي هذا الممكن المحتاج إلى علة، بعد اتصافه بالوجود يكون ممكن وقوعا اي واقعا أي وقع هذا الإمكان النطفة ثم المضغة ثم وكسوناه لحما وعظاما هذا كله امكان استعدادي لأن يوجد بعد أن تفاض عليه الحياة ويخرج إلى الدنيا يكون واقعا ممكن واقعا..

بعد هذه الأقسام الثلاثة نعود الى المطلب الأول هو كلام الشيخ الصدوق وقوله في سهو النبي ماذا يقصد الشيخ بهذا السهو للأنبياء هل يقصد الإمكان الذاتي أو الإمكان الاستعدادي أم الإمكان الوقوعي، هذا مبني على مطلب اختلط عند القوم، باعتبار قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي.. بما أنه بشر ممكن، والبشر يخطئ ويصيب ويسهو، والا أن لم يخطئ ولم يسهو خرج عن كونه ممكنا وصار واجب الوجود، وهم قالوا (نزهونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم) هم عباد الله مخلصون هم عباد الله صادقون.. النبي عيسى يقول أني عبد الله نبينا (ص) يقول أني عبدا لله أمامنا يقول أني عبد الله، عبد مخلص مطيع ، وهذا لا ينافي طهارتهم ونزاهتهم وعبادتهم ، كلما خلص الإنسان لمحض العبودية لله ارتقى وارتفع وهم لا ينكرون أنه عبيد لله و هم من ممكناته ومخلوقاته ومعلولاته ، وهو علة الوجود والعلة الخلق وهو موجد الكون ، إذن في الإمكان الذاتي والامكان الاستعدادي نعم الآن الأنبياء بشر ، والبشر لابد أن يخطئ ولابد أن يسهو في هذا القسم من هذه الإمكان ،لما إذا قلنا لا يمكن السهو ولا الخطأ عليهم ولا النوم والموت عليهم خرجوا من كونهم ممكن صار كونه واجب وجود وصار شريك للباري وهذا كفر.. 

ف بالتالي في الإمكان الذاتي والامكان الاستعدادي، نعم وهو أصل الممكن ناقص محض النقص الممكن نقص، نعبر عنه هو الاحتياج والنقص، ويقسم الوجود إلى واجب الوجود المستغني في ذاته عن جميع الاشياء وممكن الوجود المفتقر والمحتاج في إمكانه الاستعدادي الذاتي..

النقاش في الإمكان الوقوعي هل من الممكن يقع منهم السهو والغفلة، هذا ما لا يلتزم به اي شيعي، أنه في الامكان الوقوعي لا يقع منهم السهو والغفلة لماذا لا يقع منهم ذلك لأنه يلزم عليه عدة إشكالات.

اولا: لو انه قبلنا يلزم ترجيح بلا مرجح، معنى ذلك ما معنى المرجح، إذا كان يسهو يخطئ ويغضب ما هو المرجح أن يكون هو النبي وحجة علينا دون غيره إذا كان يقع منه هذا الشيء.

ثانيا: يلزم تغير أحكام الله، يكون حلال الله حرام وحرام حلال، لماذا لان قوله وفعله وتقريره حجة علينا، وإذا قال شيء مخالفا وخطأ فلزم ان يكون حلال الله حرام وحرام حلال، وهذا لا نقبله على البشر فضلا عن الأنبياء.

الثالث: انه لا يصح في هذا المقام الاحتياج علينا بهم إذا قلنا بالسهو والنسيان أصلا لا يصح الاحتياج بهم ، ولدينا القاعدة تقول قبح العقاب بلا بيان الله تعالى كونه عادل واراد ان يعاقب نحتج ونقول لما تعاقبنا انت لم تبين ، وهي العلة في بعث الأنبياء في بيان والحكمة من بعثهم لهذا، ويقبح من العادل أن يعاقب بدون بيان، وهذا حتى في الممكنات مثلا ملك مقتدر واراد ان يعاقب بدون بيان ، لأن العقلاء يعاتبوه لأنه يعاقب بدون بيان ، نعم انت قلت للعبد انا عطشان لما تأتي لي بالماء ، لكن لم تبين ذلك لم تقل له ذلك، أو انت قلت له عطشان ، لكن لم تقل بما يسد عطشك بالعصير باللبن لم تبين له، فكيف بالله هو سيد الحكماء وسيد العقلاء يعاقب بدون بيان.

فلابد أن يرسل الأنبياء والرسل والأئمة لبيان، وإذا كانوا يخطئون وينسون ويسهون ويهمون ويغصبون لما صح الاحتياج بهم عليه تعالى، لعل ما جاءوا به خطأ.. حتى يصح بها الاحتياج علينا، إذا كان ممكن عليهم الخطأ والسهو، وقد يكون البيان خطأ وقد يكون الواجب ليس واجبا إذا كان يقع عليهم ذلك.

فإن ثبتت العصمة صح الاحتياج بهم علينا هم حجج الله علينا.. بالإمكان الوقوعي لا يمكن أن يسهو أو يخطئ..

وهناك مطلب آخر في الإمكان الوقوعي كثر القول في استحالة الظلم على الله تعالى في كتاب الباب الحادي عشر في بداية الحكمة وعقائد المظفر يستحيل الظلم عليه، ما معنى يستحيل الظلم معنى الاستحالة في الاصطلاح بمعنى الامتناع، يمتنع عليه ظلم العباد، وإذا قلنا يستحيل الظلم وكما تسالم عند الفقهاء والعلماء والفلاسفة وكما هو قال ليس الله بظلام للعباد، وهذه الآية ليست كاملة، بل هناك آيات تكمل هذا الكلام أن شاء يعذبكم وأن شاء يغفر لكم.

ف بالتالي أنه لو قلنا يستحيل الظلم عليه بمعنى يمتنع الظلم عليه للزم سلب القدرة، ولزم خروج من أن يكون واجب الوجود إلى ممكن لأنه مسلوب القدرة ف بالتالي فيه نقص فهو ليس واجب الوجود، واجب الوجود كامل من جميع الجهات، إذن ماذا نفسر الاستحالة يستحيل الظلم عليه، نفسرها بالإمكان الوقوعي، نقول هو قادر على الظلم...

 وقد يقال الظلم فيه اعتبارات باعتبار الشخص نفسه وباعتبار الله غير ظلم، الظلم نفسه بما هو ظلم بما هو جور ، ممكن يظلم، نعم ممكن ان يظلم له القدرة أن يظلم، لكن هل يقع منه ، لا يقع منه،  له القدرة ان يظلم نعم إلا يلزم سلب القدرة عنه تعالى وخروجه كونه واجب وجود ، ورد في روايات تدخلنا بالجنة برحمتك وتدخلنا بالنار بقدرتك، أن شاء يعذب وأن شاء يغفر ، هو قادر لكن هل يقع منه ،ونقول إمكان وقوعي لا يمكن ،لماذا لأن حكيم يقبح منه الظلم كونه عادل لأن الواجب المستجمع لجميع صفات الكمال يقبح منه الظلم ، فلا يقع فإمكان وقوعي لا يمكن منه ، هذا لا يلزم القدرة عنه، لا يقع باعتبار كونه عادل فيقبح منه الظلم وإلا هو قادر أن يظلم ، نعم هو قادر ان يظلم ، هو الإنسان الممكن قادر أن يظلم فضلا عن واجب الوجود المقتدر المتصف بجميع تلك الصفات ،لا يمكن أن يظلم عبيده ، يقدر أن يظلم يقدر لكن هل يصدر منه هل يقع منه ؟ نقول لا يقع في الإمكان الوقوعي لا يمكن لأن ينافي عدله، في بالتالي عندما نقول هل ممكن ان الله تعالى يظلم بالإمكان الوقوعي لا يمكن، لأنه ينافي عدله فيقبح منه، هل ممكن النبي يسهو لا يمكن في الإمكان الوقوعي لأنه أن أمكن فلا يصح الاحتياج بهم علينا..

يجيب معرفة الأقسام الثلاثة. الإمكان الذاتي والامكان الاستعدادي والامكان الوقوعي..

حتى نفهم كلام الله تعالى ونفهم كلام العلماء أيضا، فعندما يقال يستحيل الظلم ليس بمعنى يمتنع ليس بمعنى سلب القدرة عنه بمعنى يقبح، وإذا قلنا عدم سهو النبي نعم في الإمكان الوقوعي، وإذا قلنا يمكن ان يسهو نعم يسهو في الإمكان الذاتي والامكان الاستعدادي لأنه بشر ومقتضى البشر ممكن ومقتضى الممكن تصدر منه هذه الأشياء، وإلا خرج من كونه ممكن وصار واجب الوجود ويلزم الكفر..

والحمد لله رب العالمين


الأربعاء، 7 سبتمبر 2022

 هل تكفي الدموع والحسرات والزفَرات والحرقات يا سيدي، ولمصابكَ تخجلُ الدُّموع السَّوافِح وهذا ما هو إلا تخفيف عن الألم , والله لا يكفي حتى لو بكينا العمر أياما.
  يا مولاي يا أبو عبد الله كيف للسماء ان تَحَفَّظَ هذا المنظر الى أَبَدَ الزّمان وكيف للزّمان ان يبقى زَمان وكيف للمكان ان يبقى مكان ,  مصيبة ليس لها تاريخ محدد وزمان ومكان معين بل تسَّعُ الزمان مصيبة ليس مثلها ولا بعدها مصيبة بكت لها السموات والارض بالدماء وناحت لها الوحوش والحيتان في لجج الماء واقامت الملائكة فوق سبع الطباق , بَكَى عليه  الانبياء وسيدهم المصطفى والمرتضى سيد الاوصياء وسيدة النساء والسبط الزكي قبل شهادته , والمؤمنين الى يوم الدين ...  إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ (علیه السلام) حَرَارَةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَبْرُدُ أَبَداً. .
عادل الزركاني



السبت، 3 سبتمبر 2022

 سأذهب الى أعلى شيء في نفسي وأجلسُ هناك وأنظر الى الأسفل وأرى وأسمع وأقرأ، قد يسعدني ذلك الاطراء ويزعجني خلافه، ولكن أريدُ ان أكونَ معتدل المزاج في كل الأحوال في الرخاء والشدة، وأن كان ذلك صعب جداً، لكن علِيَ المحاولة، وأهم الأمور التي تجعلك معتدلاً ان تعتزل الجميع لا أعني المقاطعة لا سامح الله بل الابتعاد عن اماكن الفتن والصراعات النفسية والتنافس الدنيوي والحسد والحقد.