المقال
خاص جدا..
الى
اصحاب العقول الراقية مع التحية (ظلموا العمامة)...
الى
اصحاب العقول الراقية مع التحية (ظلموا العمامة)..
وبعد
: أنا أعجب من شخص يكتب مقال ويؤيده بعض واول كلامه كذبٌ وبهتان , وهذا الكاتب لا
يخجل حتى من نفسه وهو ينقل للناس قصص مكذوبة لا دليل على صحَّتها إلا نقل كاتبها
الذي هو لا يوثق به اصلاً ويختلف معنا في اغلب الادبيات والاخلاقيات , وهذا النوع
يعيش الازدواجية حيث عندما يصل الامر الى نفسه واهله يعود الى اهل الدين
والمعرفة!, والعقل يقول ان أهل الدين على الأقل هم الاقرب للَّذِينَ آمَنُوا , وان
كانت درجات الايمان متفاوتة لا يعلمها إلا الله جل وعلا , وبالنتيجة هم لا يرفضون
الدين ولم يختصوا بشيء ولم يبتدعوا شيء جديد , وفي الإسلام لنا الظاهر والله يتولى
السرائر, لو سلَّمنا بوقوع بعض الاخطاء والجميع معرض للخطأ والعصمة لأهلها ولا
معصوم بيننا , ولا يقاس طالب العلم بالأئمة (عليهم السلام) ابداً لا من قريب ولا
من بعيد بل(عليهم السلام) الاسوة والقدوة الحسنة لنا جميعاً , وطالب الحوزة كأي
شخص عادي في الشارع والبيت والمدرسة والمقهى مع الاصدقاء والارحام ولا يخلوا
كلامهم من المزحة الخفيفة والطرفة الرصينة , وكلمات المحبة جل حديثهم والتي تشيع
أجواء المرح والانبساط , لكن ذِمَم القوم واسعة ولهم القدرة أن يلفِّقوا قضايا
وقصص ويلصقوها بطلبة الحوزة , وهذا ليس جديداً ولا ينتهي بل كان اكثر منه ايام
زمان وعندما كان شعارهم : (بعد شهر ماكو مهر والقاضي نذبه بالنهر)، وعندما كانت لا
تصلح النَكَّات والمزاح إلا على رجل الدين والعمامة بل على كل المتدينين من دعاة
الحملة الايمانية واتباع عبد الله المؤمن , والكفران وبطرق مختلف ومقززة كما ينقل
لنا بعض الثقات , والان عادَ مروجيها معاً ورغم اختلافهم والدَماء التي سالت بينهم
, لكن اتحدوا بالهدف لان النتيجة واحدة وهي اسقاط الدين , وهم لا يعلمون ان الدين
ليس شخصاً ولا مؤسسة ولا كتاب, وهذا ما لا يمكن اسقاطه والقضاء عليه إلا من خلال
اسقاط المتدينين والبداية المعممين لأنهم العنوان المهم والابرز بينهم , واليوم
الكلام والتهجم على مطلق مفهوم العمامة ومصاديقها ، وخصوصاً في مواقع التواصل
الاجتماعي والفضائيات بمناسبة وبغيرها، وكان كلام هؤلاء قبل عامين مختلف وجاء
بالتدريج العمامة السياسية والعمامة المدسوسة ! وتحول اليوم على الجميع , ولو
تابعنا بتمعن ودقة المدافع عن الدين والمذهب سيرى جلياً الحقيقة واضحة كالشمس , في
شهر محرم يستهدف اهل المواكب الحسينية وماذا قال التطبير وماذا فعل الزنيجل ,
ولماذا هذا التبذير ولما هذا المسير , وفي شهر رمضان الصائمين ونقدهم والتجاهر
بالإفطار وموسوم البرامج الهابطة والمسلسلات والافلام وحتى الكتابات الغير لائقة ,
ومع وجود الارضية السالكة والطرق السهل للعقول البسيطة التي لا تؤمن إلا بالكذب
ولا تقبل الصدق بكل اشكاله ولو كان من السماء , وهذا ديدن وطريق المبتذلين
والمرتجفين والمستهلكين اعداء الدين والانسان منذ بداية الخليقة , وتشترك معهم
جهات منحرفة تدعي الدين والدفاع عن الشريعة والتي هي السبب الاول في بعض الاخطاء
والتي يعتقد اتباعها ان تسقيط الحوزة العلمية والمرجعية اجتماعيا سيكون لهم
السيطرة الكاملة على المجتمع بدون منافس.
انا
الان والله شاهد اتحدث بتجرد تام ويشاركني الكثير من الاخوة المحترمين المتدينين
والمثقفين وغير المتدينين وحتى اللادينيين المنصفين , ونحن ابناء هذا البلد ولا
يخفى علينا ما في المجتمع لأنا منه ومتكون منا , ونعرف اغلب الناس والمعممين
اصدقائنا واقربائنا , ولا اعتقد بمعزل عنا وعلى الاقل في مناطقنا , والحق يقال هم
أجل وأتقى من أن يصدر منهم شيء خلاف الاخلاق والذوق, ولا نقول عنهم ملائكة ولا هم
فوق البشر , لكن هم كما اي انسان عادي محترم لا يختلف إلا انه معمم فقط ولا يعني
هم الأعلم ولا منهم بداية الحكمة ونهايتها ولا الافضل ولا العارفين بكل الاشياء ,
وان كان البعض الناس يعتقد ذلك لا ذنب للمعمم , ولا غرابة من ان نرى احدهم يصلي
خلف متدين غير معمم امر طبيعي جداً, وانا وغيري الكثير نأخذ ونتعلم من الآخرين
مهما كان الزي والمستوى نسمع ونقرأ , وانا شخصيا كثيراً ما اقف احتراماً لقصيدة
شاعر واردها اكثر من شاعرها او مقال كاتب راقي اشعر بكلماته او لوحة جميلة تعجبني
ضربات الفرشاة فيها ويعجبني لاعب يتعامل مع كرة باحتراف .
ايها الاخوة المسألة ليست فرضيات وقصص واحقاد
احمد الكاتب الذي لا يحترم حتى عقله الخرف او عَقِيدَة وعَقَدة عرعور او فلان او
علان, وهنا لا اريد ان أشوهْه المقال بذكر أسمائهم , والأنكى من هؤلاء جميعا هناك
من يدعو الى ليبرالية او علمانية وهو معمم !!, او الذي يرى ان الدين بالضد منه على
طول الخط , وهذا طبعاً غير صحيح اطلاقاً , ولا يفوتنا القول أن بعضهم بلغَ من
الحقد والتجاوز الى درجة الهوس على كل شيء على الهوية والدين والاشد على العمامة,
وهذه ليست ردود افعال وتنتهي بل هي حرب فكرية رخيصة واصحابها على علم ودراية بها
وبنتائجها , ويأتي هذا بعد دراسة طويلة وتدريب مستمر والمران مُطعّم بالاستدلال والبرهان
والوجدان والحذلقات والالتواءات ، ويتحول فيها الأسود إلى أبيض والأبيض إلى أسود ،
والضحية هذا الساذج المسكين وذاك الجاهل القاصر الذي اختلطت عليه المفاهيم واصبحوا
أداة بأيديهم يسخرونه لمصالحهم الأنانية الضيقة فيظلمون عباد الله به وسلاح اعلامي
يردد ما يقولون كالببغاء , ونحن حقيقة وكل من يحترم نفسه لا يمكن لنا ان نتعامل
بهذا المستوى لأنه متدني جداً , ومثال بسيط وبصراحة في الساحة امامكم وقد يلاحظ
هذا الامر الكثير , وهو الكلام على المحجبة اكثر من السافرة لماذا !؟
بل
هناك من يدافع عن السافرة ويعتبرها رمز للثقافة والتحرر والمحجبة في الدولة
المتقدمة أكثر اضطهادا، واغلب هذا الكلام عليها من غير المحجبة طبعاً وان كانت أقرب
الناس لها!! وهذا الامر اعتقد لا يحتاج الى تفسير ومَؤُونَة زائدة، لنسمع جواب
السيدة الغير المحجبة (السافرة) وهذه ليست فرضيات بل حقيقة تقول: هذه التي ترتدي
الحجاب تظن نفسها انها الافضل والاطهر والاشرف منا نحن غير المحجبات!! _ من قال لك
ذلك؟! لا بالعكس لم نسمع من المحجبة إلا كلمات الاحترام والتقدير لغيرها، وتعتقد
هذه الامور الحرية الشخصية ولا تتدخل فيها؟ اذن "الحالة نفسية وشعور خاصة
وعقدة النقص والدونيّة هي السبب الرئيسي عند البعض لا الكل, ولا قصص فصل الدين عن
السياسة ولا داعش والتحجر ولا المعمم ولا الاسلام السياسي ولا الخطيب الفلاني ,
ولا حتى الشعار النشاز (باسم الدين باگونا الحرامية) هي دوافع تسقيط مقصودة والهدف
منها إسقاط العمامة منطلقاً من رغبته في الانتصار لأجل الغايات الخاصة والتي لا
تخفى علينا وقد بينا شيء منها , ويعتقد اغلب هؤلاء ان الدين عبارة عن قيود ويقف في
طريق التطور والوصول للقمر وضد المدنية , وهذه التطور والحرية ان يكتب مقالاً يضرب
من خلاله العمامة بشكل عام، أو يصورها على ما في داخله يراها بعَينِ طَبعِهِ وانها
رمز للفساد والضلالة والتخلف لمجرد أنه لاحظ منهم موقف معين او اختلف مع احدهم او
سمع من اخر او قرأ في الموقع او الصفحة الفلانية , او بدر منهُ سلوك لم يعجبهُ او
انهُ يرى المعمم كالإمام المعصوم (ع) وهذا لا يمكن او عمل احدهم عمل غير منضبط
وهذا وارد والمعممين من بشر لا من الملائكة , وهم جِهَة كحال المعلمين او العمال
او الأطباء فكما أنه لا يمكن أخذ الأطباء جميعاً بجريرة أحد منهم ارتكب خطأ طبياً
كبر أم صغر, ولا المعلمين ولا العمال , وكذلك لا يصح تعميم النقد لكل العمائم لأجل
خطأ عمامة واحدة بقصد او دونه، فان هذا على خلاف النقد الموضوعي والصحيح احترام
عَقُولُ الأخِرُين , واعتقد الامر صار واضحاً عندنا وما المراد من هذه الثقافة
والتي هي خطوة تمهيدية من أجل تسقيط مقام المرجعية الدينية وتوهينها , فإذا أصبحت
العمامة وجوداَ لا قيمة له سيتسنى عندئذ ضرب المرجعية بيسر وسهولة ومن ثم كل الدين
والعقيدة والمجتمع , ونحن نقرأ ونسمع بين الحين والاخر تجاوزات المفكر المتحرر
وذاك الحداثي المتنور على الرسول الله (ص) واخرهم ذاك الموتور يقول : (القرآن
المِحْرَف) ويناقش النقاط والشَده والهَمزة وآخرين يدعون انهم حماة الشريعة وهذا
مشكلة بحد ذاتها , واخر مَعْتُوه يتحدث عن الائمة (ع) وكأنه افضل منهم ويشاركه
اعدائهم بالتلذذ بالتجاوز عليهم بحجة الحوار والنقاش العلمي.
واغرب ما وصل لي مقال من أحد الاخوة الكرام
والذي تحت عنوان (تجار الدين) يقول: آخر الإحصائيات تتحدث عن عدد المعممين في
العراق يقارب ال 83 ألف معمم!!, ويسأل: هل شاهدتم معمم يعمل كباقي الناس إلا ما
ندر منهم؟! مثلا يعمل في محل أو فلاح أو نجار أو حداد أو سائق تكسي أو إسكافي أو
يرعى المواشي وإلى آخره من الأعمال واستمر بكلامه ..والى ان يقول نحن نعلم ويحدثنا
التاريخ أن أغلب الأنبياء (ع) كانوا يعملون بعيداً عن الدين وتجارة الدين!
اقول له هل سمعت يوماً ان احد الانبياء او
الائمة (ع) كان يدرس عند معلم او جلس في حلقة درس , طبعا لا يوجد هم ((
الرَّاسِخُونَ فِي العِلمِ )) , ولا يوجد عالم بدون دراسة وهذه الدراسة المفروض
تستوعب كل عمره لأن العلم بالدرس ولا علم بدون دراسة , وللعلم الحوزة العلمية
المؤسسة الوحيدة بين المؤسسات الدينية في كل العالم قديماً وحديثاً من الناس والى
الناس وهذا سر قوتها , لا ترجع الى الدولة في شيء ابدا لا معنوي ولا مادي , وفي
العراق بل في العالم كل المعممين او رجل الدين معمم وغير معمم في كل المذاهب
والديانات لهم رواتب شهري من الدولة كأي موظف وحقوق كاملة وتقاعد وحتى خادم المسجد
او التكية او الكنسية لهم مثله , واما طالب الحوزة العلمية والذي لا يساوي راتبه
ربع راتب اصغر موظف في الدولة وهذا الراتب قد لا يستمر يكون او لا يكون في كل شهر
وبعد رحيله لا يكون له من الحوزة إلا قطعة نعي سوداء على جدار احد المساجد , ولا
غرابة ان تجد طالب علم العباءة او الصاية عمرها 10 سنوات او اكثر ولا يخجل منها
ولم يشكو يوماً لأحد ولم يتَمَلْمل ويمكن ان يبقى بدون اموال في جَيْبُه والى ايام
ولا ينزعج ولا يدعي يوماً ان صاحب اموال ولم يبخل على احد من ما عنده وان كان قليل
, ويقول هذا الكاتب الكاذب وان صح التعبير (آخر الإحصائيات تتحدث عن أن عدد
المعممين في العراق يقارب ال 83 ألف معمم) والحق وانا اتكلم من موقع مسؤول عدد طلبة
الحوزة العلمية ومن ضمنهم الشهداء والمجاهدين والصغير والكبير لم يتجاوز العدد 8
الف , لكن المحترم كان خياله واسع جدا وثقته بالعقول الساذجة كبيرة وان قال اكثر
من هذا العدد , وللعلم الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي هي اكبر مساحة واكثر
عدد سكان لم يبلغُ هذا العدد من الطلبة وعلى حسب علمي 50 الف معمم , والعدد
الحقيقي في النجف للطبة 8 الف معمم في احسن حالاتهم وهم الى انواع منهم الموظَّفين
كالمعلم والدكتور والمحامي والاستاذ الجامعي وحتى القاضي في اغلب دوائر الدولة
ومنهم الخطباء والكتاب وشعراء وآخرين يعملون في المؤسسات الدينية والعتبات المقدسة
, وحتى المؤسسات الاهلية غير الدينية , وهناك من لهُ تجارة خاصة مع عائلته وهناك
من العوائل الكبيرة والتي لا يحتاج الراتب ولا غيره بل هو من يقوم بمساعدة الاخرين
وكذلك منهم طلبة من جنسيات مختلفة من كل الدول , ولكن في كل هذا النسبة الاكبر
منهم الطبلة المتعففين الاغنياء بصبرهم وثباتهم ورغم عواصف الحقد وامراض العصر,
وهنا يمكن لأي أعلامي منصف يريد الحقيقة ويضرب به وجه الجهل والحقد والانحلال
والتدني الاخلاقي يقوم باستقراء كامل لأحوال طلبة الحوزة العلمية وينقل الحقيقة
وانا سأكون بخدمته , وان كانت هذه الحقيقة لا يمكن لها ان تدخل العقول المريضة ,
لكن لأجل ان يطمئن قلبي ..
تكملة الجواب للسائل من بعض كلمات الشيخ
حسن زاده الاملي (حفظه الله) : مسكين ومظلوم هو المعمم في مجتمعنا فأن نزل للمجتمع
وخالط الناس والشباب قالوا عنه :ليس اهلا للعمامة وما ترك لها قيمة ! , وان اعتزل
الناس وصار حبيس الدرس او البيت قالوا عنه : لا يمارس دوره في مجتمعه او متكبر
مغرور !, وان ترك العمل وتفرغ لطلب العلم قالوا عنه: سارق ولص ويأكل بأموال الخمس
والزكوات !, وان عمل وصار من اهل الحِرف قالوا : عجيب كيف للمعمم ان يعمل ومتى
يطلب العلم لقد اساء لقدسية العمامة , وقائمة التهم طويلة لا تنتهي ولا تقف وحسبنا
قصة جحا مع ابنه وحماره فهي شاهد ودليل على ان رضا الناس غاية لا تدرك..
لنرتقي وكفانا مهاترات وتسقيطات وأقاويل
وأفكار وطروحات لمروجي الشقاق والنفاق والفتن والابتذال والتراجع الاخلاقي لان
كلامهم لا ينتهي وكل قصصهم صارت سمِجة , وكل انسان غيور يجب أن يحاسب نفسه اولاً
ويصلحها واذا كل منا اصلح نفسه صلح المجتمع لان البلد والدين والمذهب بذمتنا وانت
جزء مني وانا منك واليك والمذهب الحق يجمعنا ونحن في طريق والمصير واحد تحياتي
واعتزازي بالجميع _قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ
الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لهَمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا
وَالآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
عادل
الزركاني