الأحد، 31 أكتوبر 2021

في مثل هذا اليوم 2016/10/31 استشهد الاخوة الافاضل في سبيل العقيدة والوطن سماحة السيد الشهيد عبد الرضا الفياض والشيخ الشهيد جعفر المظفر (رضوان الله تعالى عليهما).




السبت، 30 أكتوبر 2021

 

العودة للقيم ..

    الانتماء للقيم والمبادئ من اهم المفاهيم التي تحدد طبيعة الفرد وعلاقته بالمجتمع ويقابلها بالضد تماماً مفهوم الاغتراب الفكري والثقافي , وهذا الاغتراب يجعل البعض بالضد من كل القيم والمبادئ التي عَرفها , ويحاول المغترب الخروج منها الى غيرها , ويريد ان يفرضها على المجتمع , واول رفض للأخلاق الدينية لأنها تؤدي الى اغتراب الانسان عن ذاته , هذا حسب قولهم , وبطبيعة الحال هذا نوع من الانسلاب الثقافي والاخلاقي وتدمير للأجيال , وهذه ليست ظاهرة جديدة , كانت وعادت بطريقة مختلفة نوعا ما , وبكل الاتجاهات واشدها الفكري والديني , المتتبع لواقع العراقي والعربي يجد شريحة كبيرة ومهمة واقعون تحت تأثير منحنيين خطيرين، إما التطرف والتشدد، أو الانحلال والابتذال , وكلاهما يرفضون الخيار الثالث بل يحاولون القضاء عليه بكل الطرق , والذي يدعو للاعتدال والعودة للقيم والاخلاق الاسلامية الصحيحة , وهذين المنحنيين قد لا يختلف عن بعضهم وفي ازدواجية معقدة , واغلبهم يتعاملون بذات المفاهيم والتي هي بالحقيقة تحجيم العقول , ويَدْعُون الى قبول الاخر نظرياً , لكن واقع الاكثر تعصباً وقمعاً للآخر دينياً وفكرياً وثقافياً, يؤمن بالفكرة ويدافع عنها اكثر من الحقيقة , وعلى رغم عدم دقتها وسذاجتها، وظهور زيفها , والتي هي عبارة عن مستنقع للأوهام السوداء والتي يعتقد اصحابها ان عليهم مسؤولية الدفاع عن الاسلام او اخرج الناس من الاسلام والقيم القديمة, ونجد الكثير منهم يتكلم بالمثاليات لكن هو الابعد عنها, واغلب هذه الآراء عادة ما تأتي نتيجة الانتماءات الفكرية والنفسية ومن الحقيقة الغائبة التي صنعوها من ظلام أنفسهم , لهم الحق في تزييف الواقع ولوي أعناق الحقائق وادعائهم انهم يريدون الحق او بناء مدينة مدنية فاضلة بعيدة عن الاخلاق القديمة والقيم السماوية التي لا تصلح للإنسان الذي وصل للقمر والى اعماق البحار , الحياة بحاجة الى استقرار فكري حقيقي وهدوء بالتعامل مع كل هذه الاشياء وليس معنى ذلك ان نلغي الانتماء لكن لا نلغي الاخر .  

عادل الزركاني


 


 

 

 

 

 

 اتَّكأُ على الايام وتحت ظل الحزن في محطة القطار لعل الغائب يعود يوما , أنا أعلم لن يعود أبداً , لكن هذا الانتظار حالة من الكَذِب الصادق مُهدِئ للنفس ليس إلا ..

عادل الزركاني


الاثنين، 11 أكتوبر 2021

 

 

ذكرى وفاة أمي ...

في مثل هذا اليوم من العام الماضي في ساعاته الأخيرة اِنْتقلت أمي لتسكن عَالَمها الجديد ..

كان الله في عونكِ يا أمي وكيف اِنْقَضَّتْ عليكِ تلك الليلة الغريبة المُثقِلة بالأوجاع وآلام الفراق الأبدي , منذ ذلك اليوم المختلف أرتَدَيَتُ جِلبــابَ الحِدَاد العميق , بعمق حزن المطر .

     سَنَةٌ كاملة امارِس فيها تراتيل الحزن , اِنْزَوَيت مع أوجاعي هناك على مصطبة الانتظار على أَحَرَّ من الجمر , أبكي بصمت مع أفكاري التي تأتي وتغدو , وأتذكر حياة طويلة في الجهاد والصبر والبذل , كانت لَوحة من الحنان والوفاء والعطاء... هذه كلماتي ودموعيِ لا أظنها تشفع لي عندها وأكون بَارٌّ فأنا أَديُن لها بكل شيء , أعترف لقد خذلتني كلماتي وسأرثيكِ بما تَبَقَّى من أيامي وبعمري يا أثمن مفقوداتي والخسارة الحَقيقيةَ ..

كانت أمي قلبٌ كبير ونحن بكل ما فينا من أحزان وأفراح وحتى تفاهات الشباب ومزاجهم المتقلب حمَلتِنا, وكانت لنا قلَبَ الوالدة وقلب الوالد , وأنا أعلم وعلى يقين قبل أن تغْفَو عَيَّنَها للمرة الأخيرة كانت تردد أسماء أولادها وكأنهم اسمٌ مركب , واذا ذَكرت أحدهم تذكر الجميع , هي من الأمهات بالمعنى الحقيقي اللواتي لم تغرهن زخارفِ الحياةِ وزينتِها .. كان تعيش لأجلنا ولم تفكر بذاتها , منذ كنتُ طفلاً صغيراً. لم أرى أمي إلا وعصابتها السوداء والتي صارت جزء منها.

الرحمة والرضوان لروحكِ وانتِ عند رب كريم رحيم ..

ولدكِ الثاكل


الأحد، 10 أكتوبر 2021

 

الاسلام الحقيقي ..

الإسلام الحقيقي هو دينُ الرحمة والمحبة والإنسانية والسلام والتسامح والتحرر , دينُ الوسطية والاعتدال هذا هو الوجه الحقيقي للإسلام , وقد يظن البعض غير ذلك , وان الإسلام دين القسوة والحرب والقتل والقتال ، والتوسع والإكراه والتعصب ,   لكنّ هذا الظن خاطئ وغير الإسلام الذي اتحدث عنه واؤمن به.

الإسلام هو رسالة النور والفكر السماوي العظيم جاءت لإصلاح الإنسان ولإعمار الدنيا والعمل للآخرة , قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) إلى كل الناس بل لكل الخلائق رحمة ونعمة ؛ وصف الله تعالى رسوله الكريم بما يحمل في قلبه من رحمة للجميع المشركين قبل المؤمنين : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) , وهذا منهج كل الأنبياء والرسل (ع) وهم على نفس الطريق , الدَّعوة إلى الله تعالى وإخراج النَّاس من الظلمات الجهل والضياع إلى الإيمان والمحبة , وهذه الدعوة بالخلق الحسن والحكمة , قال تعالى: ( فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى),وقال تعالى: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ), المنهج هو الحوار بالحكمة والموعظة والتسامح وقبول الآخر ,والمحبة للجميع نحصل على النتيجة المنشودة , لا اخراجهم من الدنيا اشلاء مقطعة بسيوف الحقد ومفخخات الغل والكراهية.

نطرح آثارنا الفكرية والعلمية والأدبية وحتى السياسة , والنظريات والكلمات وحتى المقالات أمام الجميع , تقديم الإسلام بصورته الجميلة _ محمد (ص) الإنسان ,وعليا (ع ) والرعية , والحسن والحسين التضحية لأجل حياة الآخرين , والزهراء (ع) العفة والايمان , هي صورٌ لذوات في منتهى الإنسانية وهو العنوان الابرز للإسلام , ونحن كمسلمين لا اعتقد نختلف عليهم, واما اسلام (لقد جئتكم بالذبح) تحول الى نقمة للعالمين , وهذا خلاف الاصل طبعاً , الاسلام السياسي الجديد الذي اخذ الامة الى منعطف تاريخي كسر ظهر الامة , وانبثق منه إسلام القبلية _ اسلام السلطة _ اسلام المصالح الخاصة , ((في قبال الإسلام النبوي الذي رفع لواءه اهل البيت (ع))), وبطبيعة الحال الناس تسير خلف السلطان , وذا كان معزز بحديث مزور عن النبي (ص) : (السُّلْطَانُ ظِلُّ اللهِ فِي الأَرْضِ، فَمَنْ أَكْرَمَهُ أَكْرَمَهُ اللهُ، وَمَنْ أَهَانَهُ أَهَانَهُ اللهُ) , وادوات السلطان الاموال والسوط والسيف , وبهذه المنطق : (ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا، إنكم لتفعلون ذلك ولكني قاتلتكم لأتأمَّر عليكم وعلى رقابكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون) , حقيقة قد تكون مؤلمة على من اخذ هؤلاء قدوة وعملهم منهاج للدين , ويتعبد بأقوالهم ويفتخر بأفعالهم   

 

عادل الزركاني

 

المراهقة الفكرية  ..

  المراهقة الفكرية ليس لها عمر معين ولا طابعٌ فردي بل قد يكون مجتمعي وخاصة في الأمم المتأخرة سريعة الذوبان في الثقافات الأخرى أو الدعوات المنحرفة , والمراهق صاحب الثقافة الهجينة هو الأشد على القيم والمبادئ الاسلامية يتمادى كثيراً في طرحه , وفي بعض الاحيان يجعل من نفسه المرجع الأقدر على التواصل فكريّاً ولغويّاً مع الغرب قِبلة الطامحين , ويفتي بهدم الثوابت الفكرية الاسلامية , لأنها السبب الأول لتراجع وتخلف الأمة على حسَبَ زعْمِهِ , هذا من جهة والجهة الثانية الواهمين الذين يعملون بالظلام وعلى أنهم متصلين بالسماء ويريدون إصلاح الأمة , وهم المفسدون , لكن لا يشعرون , وجاء هؤلاء بفكر منحرف لنَسَفَ المنظومة الكاملة من المعتقدات الراسخة , واغلب الاتباع على نفس الثقافة والفهم والميول ورغم الشهادات الجامعية , لكن السذاجة لا تختلف من شخص الى آخر , والجهتين لديهم نفس الافكار وهي عبارة عن سفسطات وشبهات وخرافات قديمة أجرى عليها بعض التحديث ..

  واليوم اصبحنا نحمّل الدين كل شيء ونخلق له في داخلنا صراع وهمي مع الثقافة مع الفكر مع العلم مع المدنية , وان كل من يريد شيء من مبالغة وترف فكري او الشهرة السريعة لا يجد أمامه الا الدين لينال منه لفراغ عميق في داخله.

 عادل الزركاني

 

المحكّمة ((الخوارج )) كفروا وحاربوا الإمام علي(ع)لانهم اعتقدوا بعقولهم الخاوية والمشوشة والتي ليس لها القدرة على تمييز الحق من الباطل وانهم يتقربون الى الله تعالى بمحاربة اوليائه , والى اليوم الكثير من المسلمين لا يعرفون من هو الإمام علي(ع) والحال هو نفسه لكن بصوراً اخرى ومن الخوارج والاتباع حيث يقدم الجاهل والمهرج على العالم والحكيم..

قلب المجنون في بلسانه، ولسان العاقل في قلبه. (مثل روسي)

عادل الزركاني

 

كــــــــــــــــــلام يجب ان يقال ..

حقيقة هذا الكلام قد يزعج البعض لكن يجب ان اقوله وبصراحة, واظن هو غائب عن الكثير , وخاصة عند من يضع نفسه الناقد والمحلل لكل حركة او سكون للآخرين ويستعين بفرضيات نفسية مبنية على سوء الظن والحكم المسبق , ويحاول بطريقة واخرى التشكيك بالنوايا والافعال والتقليل من قيمة العمل والنيل من العاملين ويتفنن في ابتكار اشياء وهمية للإثارة ، ليظهر أمام المجتمع بمظهر الانساني والحريص على الاخرين ، وان كان الناقد لا يرتقي لفعل شيء غير الكلام الساخر والذي يبين حقيقته الثقافية وبيئته الاجتماعية والضحالة الفكرية والمعرفية ,  يستشهد بكلام سوقي يَخدش الذوق العام او يُجافي الحياء .

 الرقيَّ بالذوق من معالم التطور الفكري والثقافي والمدني بل هو جوهر الانسانية , والمفروض انتقاء ما يُكتب للناس وما يُسمَع ويُشاهَد ، وهنا لا اتهم شخصاً بعينه , ولا اريد ان اقلل من اهمية النقد البناء , وانا اعتقد انهُ اهم وسيلة لتمحيص الافكار وغربلتها وتطويرها واكتشاف زيفها ، وكشف سلبياتها, لكن الذي اتحدث عنهُ ليس نقداً بل هو حقداً ورثه الابناء باللاشعور من الآباء والذين تربوا على ان الدين افيون الشعوب , وفي كل مرة تتكرر اطروحة الثنائية رجل الدين والمثقف , وكأن الثقافة بالضد من الدين على طول الطريق , والحق المثقف ليس له في هذا الجهل والتراجع الفكري نصيب , لكن بعض دعاة الثقافة يحاولون جاهدين زرع القطيعة بينهما , تحت فرضية كل مثقف لابد وأن يكون ناقداً للدين وضد رجال الدين، وكذلك رجل دين لابد وأن يكون ضد المثقفين والمفكرين !! كل منهما يختار أسوأ النماذج او اقلها علماً وثقافة ويصورهم للجميع انهم الممثلين لكل الفئة , وكما اعتقد ابناء المؤسسة الدينية اقل حدة من غيرهم حسب ما ارى حيث انا وغيري الكثير نتابع نتاجات كبار المثقفين والمفكرين وبكل عناية واهتمام , وهؤلاء الكبار اكيد غير محسوبين على أصحاب الثقافة الاستعراضية نشطاء صفحات التواصل الاجتماعي , والذي يزيد من نشاطهم تفاعل ومجاملة البعض على حساب المبادئ والدين والثقافة والمعرفة , كم من الاخوة يجتمعون على موضوع لاعتقادهم ان امر ثقافي ويجب ان نشاركه به او انه من باب حرية الرأي , والبعض لا يعرف حقيقة الموضوع لكن الطبيعة حاكمة عليه ، لو سألنا احدهم خصوصاً الشباب هل كنت ترغب بهذا الكلام ولماذا ؟!، باعتقادي لا جواب مقنع مجرد رأى بسيط بعيد عن الحقيقة ، ولكن هناك من يسعى لتغيير افكارهم بل حتى معتقداتهم , يجلسون معنا في كل المحافل والمجالس والى المراقد المقدسة وحتى الى الحج , لكن الذي في داخلهم لا يتغير ومازال يعيش المرحلة سابقة من التاريخ, وكل شخص عندما يريد ان يقوم بعمل خير اكيد يريد ان يُظْهِرَهُ بصورة في منتهى الروعة ولا يقصد الاساءة للآخرين , لا حسب ما يرى هو الناقد والذي لا يقبل عنهُ بكل الاحوال , ويعتقد ان كل ما يقول او يفعل هو الكامل ونية خالصة للإصلاح.

عادل الزركاني



 

   الفلسفة .. 

   هناك اختلاف في كلمة فلسفة وان كان العلماء يقولون هي كلمة (حكمة), لهذا نجد الكثير من الفلاسفة المسلمين يستخدمون كلمة (حكمة) كمرادف لكلمة (فلسفة) التي دخلت إلى الفكر العربي الإسلامي كتعريب لكمة Philosphy اليونانية.

والفلسفة هي بكل بساطة شكل من إشكال التفكير الإنساني يتميز بأنه يقدم تبريراً عقلياً أي كل ما يسعى العقل إلى تبريره يمكن اعتباره من التفكير الفلسفي, وهو خلاف الحكمة التي تستلزم فقط ان نعرفها ونطيعها وننفذها وهنا فارق بين الاثنين , على سبيل المثال, النفس الروحانية والنفس تختلف عن الجسد وان الروح خالدة فهذا من الفلسفة فانا ملزم إن أقدم تبريرا عقليا, وحين أقول أطع أمك وأطع أبوك أو حبهما, فلست بحاجة إلى تقديم تبريرا عقلي والمرء يكفيه إن لا يكذب ويقول الحقيقة وصدق القول.

وإن كانت كلمة فلسفة ضمن سياق الحضارة الإسلامية بقيت ملتصقة بمفاهيم الفلسفة اليونانية الغربية, وتوصف الفلسفة أحيانا بأنها ( التفكير في التفكير ) أي التفكير في طبيعة التفكير والتأمل والتدبر , كما تعرف الفلسفة بأنها محاولة الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون فلسفياً , وهذا خلاف الحكمة وكما بينا , وقد يكون تداخل في الكلمات وليس المفهوم , واستفادة الفلسفة من العرفان فانه يفتح لها حسن الاستدلال وحسن النتائج معا, ولا يكون سير الفيلسوف سيراً في ظلام, بل تكاملا في نور, ولا يحس بذلك إلا من جربه , بمعنى أن الفلسفة بلا عرفان قشر بلا لب, والعرفان بلا فلسفة لب بلا قشر, وهناك العدد من الفلاسفة اخرج فلسفته بالعرفان, فأصبحت من هذه الناحية من أفضل الفلسفات واجلها.   

عادل الزركاني









 

من الشك الى اليقين ..

الشك باب من ابواب اليقين وهو شيء طبيعي أذا كان منهجياً وضمن أدوات معرفية لا شك عبثي يبدأ بشك وينتهي الى شك اكبر, بل شك يوصل إلى اليقين ويكون يقينه وإيمانه أعمق من الاخرين لان هذا اليقين جاء عن معرفة وعلم , والحق يقال لم اجد احد من اهل العلم يقول الدين خارج عن دائرة الشك أو ان هذا الشك من قلة الايمان لا بل على العكس تماما , الشك مرحلة من مراحل الوصول إلى اليقين التام ، ويعتبر اول مراحل اليقين وبصراحة لا توجد  قيمة لأي فكرة يتبنها الإنسان بدون قناعة, والقناعة تحتاج إلى تفكَّر والتَّفْكِير وكل هذا يمر بطريق الشك والى اليقين , والكثير من علماء الطبيعة ومن على شاكلتهم سابقاً وحاضراً آمنوا بالله بعد ما كانوا من الجاحدين , يمكن مراجعة كتاب (الله يتجلى في عصر العلم) لكن اليوم أرى الغالب شكوك بعيدة عن المنهجية هي عبارة عن رواسب واحقاد متراكمة نمت وترعرعت في احضان البعض نتيجة الخلافات والأهواء النفسية والمصالح المادية الضيقة , وصار هذا الشك منهج وجزء من ذاتهم ويتحكم بهم الى درجة انهم يتعاملون مع الاخرين بِعَينِ طَبعِهِم وعلى انهم العدو الوهمي الذي يريد القضاء على احلامهم الوردية , ونحن جميعا نلاحظ كيف يتعامل هؤلاء عندما يجد صورة في صفحات التواصل للشخص تدل على انه متدين والحديث من اول كلمة وكأن له معه قضية استفزازية تتفجر غضبا وحقداً لا عن شيء فقط لأنه متدين , ويصدق هؤلاء كل شيء حتى وان كان من نسج الخيال ويتعاملون معه على نحو الحقيقة ويشترك في هذا الموضوع بعض عوام الناس الملوثة فطرتهم والذين يُجرون خلف الشهوات والملذات لا اكثر ويقول الجاحظ بأن عوام الناس يميلون إلى تصديق كل ما يسمعونه من إشاعات، بينما الخواص وهم قلة، يحاولون التحري والتثبت ويستخدمون مبدأ الشك للوصول إلى اليقين .

اليوم الكثير يستمع لكلمات وخطابات لا يفهم منها شيء وبدون معرفة ولا تحليل يؤيد ويصفق ويتهم الجميع بالجهل رغم جهله بالموضوع لكن يقف موقف المبارز والذي لا يريد الانهزام ومهما كان الذي يقابله حتى وان كان الحق بعينه  ..

عادل الزركاني







 

 ظل الحقيقة...

   البعض يعتقد ان الاشياء التي يؤمن بها أو بعضها عظيمة ومقدسة فهي عنده تراتيل السماء أو لا يمكن الاستغناء عنها , بل يفرضها على الاخرين بالقوة ومن يعمل خلافها هو مرتد أو جاهل أو متخلف , يقول ألبرت أينشتاين :(يستطيع أي أحمقٍ جعل الأشياء تبدو أكبر وأعقد، لكنك تحتاج إلى عبقري شجاع لجعلها تبدو عكس ذلك) , والحق ليس كل ما نعتقد هو الحقيقة المطلقة أو هو جزء منها أو خلافها , وليس كل ما تقوله الأغلبية هو الحقيقة بل الأغلب هو استنتاج خاطئ , والحقيقة التي عندي على خلاف التي وصل لها غيري , وليس بالضرورة ان احداهما هي الحق وتتطابق مع الواقع.

    الكل يحاول الوصول للحقيقة وان كانت الطرق مختلفة , والسعي للوصول الى الحقيقة بحد ذاته هدف سامي , لا توجد حقيقة مطلقة بل هي اختيارات فردية أو وجهات نظر تحاول ان تقترب من الحقيقة , ونحن قد نكون في ظل الحقيقة لا في ذاتها , فلا يمكن أن يمتد لأبعد من حدود الأنسان , ويتحول الكلام الى التحديد للحقيقة ابعد من فكر الانسان الى حقيقة الدين , وهل هذا الدين او ذاك وهل هذا هو الحقيقة المطلقة او ذاك , وهل يمكن التأكد من وجود دين حقيقي؟!، لان كل الأديان تدعي هي الطريق الوحيد للسماء , وهل لنا ان نجد اجابات عن معنى الحياة , وما بعد الموت , وهل هي حقيقة مطلقة , او ان هذا الامر في عقل الانسان , ولا توجد مطلقة إلا التي جاءت عن طريق السماء , والاخر يرفض هذه الحقيقة , واعتناق النسبية الأخلاقية وهذا امر واضح من اعتناق نظرية التطور كتفسير للحياة , وهدف هذه النظرية لا معنى ولا هدف للحياة ولا وجود للخطأ أو صواب المطلق , وعلى الإنسان ان يعيش بحرية وكما يريد بلا رقيب أو حسيب , ويرفض فكرة وجود الله ويوم الحساب , وهذا الجهل بالحقيقة وخلاف العلم يقول أينشتاين : (العلم بلا دين هو العرج، والدين بلا علم هو العمى).

   هناك الكثير وخاصة في العالم الافتراضي مؤمنين بهذا الكلام وينَظرون له , وعنده كل الاشياء تطور ومدنية وثقافة , لكن لا يطبقها على اهل بيته لكن يقبلها على زميلة او صديق , لا اقصد العلم لان العلم لا يحدد بالدين ولا المكان الله تعالى خلق الانسان وجعل فيه الحاجة ام الاختراع , وليس هناك أجيال تلقائية ليس هناك عبقري دون سابق أو بدون تعلم أو مدرسة خاصة  فالمخترعون الممتازون تتلمذوا على أيدي أساتذة ، وكل الاختراعات والاكتشافات ليست من إنتاج مخترع واحد مهما كانت عبقريته , إنما هي نتاج عمل مستمر للعديد من العلماء انشغلوا لفترات متعاقبة من الزمن وأمكنة مختلفة , وهذا ما أكده أحدهم أن آلة النسيج مثلا هي تركيب حوالي ثمان مئة اختراع , نعم العباقرة يمتازون بخصائص وقدرات نفسية وعقلية تمكنهم من تجاوز ما يعجز عنه الآخرون , وهو كفرد يتأثر بحاجات مجتمعه ومشاكله فينكب عليها محاولا إيجاد الحلول المناسبة لها , لكن النوع الذي اقصد لم نرى منه لا علم ولا فضيلة فقط رافض للواقع بدافعاً نفسي او ردود افعال ويرفع شعار الاصلاح وهو بحاجة له , بل هو يحتاج الى الاصلاح قال تعالى (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)..

     عوْدًا على بَدْءٍ هناك اكثر من مليون انسان يعتقدون ان القرد هو إله ويقدسونه ويعبدونه! وهم يعلمون ان هذا القرد في الدول المجاورة أو حتى من يعيش معهم في نفس البلد يضعون القرد في حديقة الحيوان , ويتفرج عليه ويضحكون على صراخه وحركاته ! وهناك من لا يختلف عنه يعتقد ان اصله قرد والجد الاول طفرة وراثية , هل اصل الانسان حيوان لا اقصد الحيوان الناطق طبعا , اقصد النوع , ولماذا هذه الطفرة الوراثية لم تتكرر في الحيوانات الاخرى؟! او ان الجن كان اصله الديك او العصفور مثلا وبطفرة وراثية ايضا تحول الى ما يطلق الى الجن او لا وجود لهذا المخلوق , الامر يحتاج الى بحث في كل هذه الامور بتأمل ..

   اغلب اهل العلم والفكر قالوا ان لهذا الكون خالق حكيم , والحكيم لا يترك ما خلق بدون قانون , وقانون الخالق الحكيم هو المناسب لما خلق , وقانون الانسان للإنسان غير كامل ولا يلبي كل الطموح البشري.

 عادل الزركاني  


 

  الإلحاد و التطرف .

     أيها السادة والسيدات الكرام وكل من يقرأ كلامي هذا أنا لا أريد منكم إلا النظر بعين المثقف المطلع .. هل أن الإنسان كان مجرد حيوان وتطور إلى ان أصبح بهذا الشكل , وهو بالأصل قرد او غير ذلك من هذه السفسطائيات التي كثراً روادها هذه الأيام , ومجموعة اخرى تدعي انها تمثل الله في الأرض تقتل الجميع بأمر الله !! وبطريقة وحشية , وتزايد بالتوازي ظاهرة الإلحاد في قبال التطرف الإسلامي وبشكل واضح، وصار لكل منهما صوتاً في وسائل الإعلام العراقية والعالمية , وهذا الصراع دائم بين التطرف والإلحاد وان اختلفوا في جوهر العقيدة لكن اتفقا على الجهل , الجهل ليس أمية الكتابة والقراءة أنما هو عدم القدرة على تحكيم المنطق في القياس والتصرف , التطرف يسير خلف روايات هي خلاف الشريعة والدين لكن اتخذوها منهاجاً لمحاربة الله , والثاني يرفض الغيب ولا يؤمن بغير المحسوس لا علما بعدم وجود الخالق !! وليس كل ما ليس بمقدورنا معرفته نرفضه بطبيعة الحال , وأرى ان هذا النوع أكثر جهلاً من قرينه المتطرف حيث يرى ان الثقافة ترفض الدين , والإلحاد ظاهرة صحية وعلامة للتمدن والعقلانية, وهؤلاء لا تجد لديهم قناعة فكرية أو أطروحات للمعرفة كما كان الحكماء بل هم يقلدون غيرهم حتى في مخالفة الله , وليس له مبدأ غير المصلحة الشخصية ويكذب على نفسه لأجل يحلل المحرم وقتل في داخله الإنسان الباحث عن الفضيلة بل المتفاخر بالرذيلة .

والنتيجة تقول ان التطرف الديني بصورة عامة والإلحاد وجهان لعملة قذرة تمثل الانحراف الديني والفكري في تجهيل الإنسان والأخذ به إلى طريق الضياع.





 

                    ليلة القدر ليلة الرحمة ..

       قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ , لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) صدق الله العلي العظيم ..

     هذه الليلة المباركة قد اختلفت الأحاديث في تحديدها، لعلّ المشهور  ليلة ثلاث وعشرين، فقد جاء في رواية عبد الله بن بكير عن زرارة عن أحد الإمامين الباقر والصّادقA، قال: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة الجهني، وحديثه أنّه قال لرسول الله J، إنّ منزلي ناءٍ عن المدينة، فمرني بليلةٍ أدخل فيها، فأمره بليلة ثلاث وعشرين , وان كان هذا الاختلاف نعمة ، لأنّ الله ربما أخفاها في اللّيالي، لينطلق العباد في أيّامه، ليصلوا إليها، ليتعبّدوا لله في أكثر من ليلةٍ، لاحتمال أنّها ليلة القدر، حتّى يتعوّدوا أن تكون لياليهم في معنى ليلة القدر في العبادة والخضوع والقرب من الله تعالى, وذلك ما يريده الله لعباده، أن يتقرّبوا إليه، ويلتقوا به، ليصلوا إليه بأرواحهم وقلوبهم، لأنّهم لا يملكون الوصول إليه بأجسادهم , وهذه الليلة سرّ من أسرار الله : (وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) ولها منزلة الرّفيعة وهي أشرف الليالي وأعظمها عند الله سبحانه، والعمل فيها مقبول، والدعاء فيها مستجاب، ليلة غفران الذنوب وليلة نزول القرآن الكريم , وتفتح في أولها أبواب السماء لتنزل الملائكة والروح ليكتبوا قضاء الله تعالى في الناس أعمارهم وأرزاقهم وأحوالهم وآجالهم , كلّ أحداث السنة ، من حياةٍ وموتٍ، وبؤسٍ وشقاءٍ، وحربٍ وسلمٍ وغير ذلك، قال تعالى : (فيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ , أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) , عن الإمام علي الرضا A قال : (ليلة القدر يقدر اللَّه عز وجل فيها ما يكون من السنة إلى السنة، من حياة أو موت أو خير أو شر أو رزق) وكما لها من القيمة الروحية امر عظيم قال تعالى : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) , هذه الليلة مباركةٌ في ذاتها (إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ) اضافة الى شرف نزول القران الكريم في هذه الليلة.

     ليلة القدر ليلة السلام الداخلي والطمأنينة , ليلة الرحمة والعطاء ، الله تعالى هو السلام ومنه السلام، السلام كلمة رائعة تغمر كيان الإنسان أملا وسعادة ورجاء , والسلام هو الأمان من الخوف، السلام الذي يغمر الكون ، وتفيض فيها رحمة الله تعالى وإحسانه ونعمه على الخلائق وتستمر حتى طلوع الفجر قال تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) وفي هذه الليلة المباركة الرّحمة تتضاعف، والعمل فيها يكبر، والخير فيها يكثر، وعطايا الله تتزايد , ليلة التحول النفسي لمن كان حاضرا كله لا جزء منه , بروحه وبإحساسه الى انسان كله خير وسلام ومحبة مع نفسه ومع النّاس، في هذه الليلة يكون الانسان متصالح مع ذاته ويشعر مضمون العبادة لا شكلها وعمق الدّين الحقيقي لا السطحي , وفلسفة هذه الليلة ان يكون الانسان حاضرا بروحه وبقلبه يقول الإمام علي الرضا A في كلمة رائعة: (من استغفر بلسانه ولم يندم بقلبه فقد استهزأ بنفسه) , ليلة القدر ليلة الخير والبركة لمن يعرف قدرها، كل دقائقها وساعاتها هي رحمة وعطاء من الله تعالى ولطف وبشارة برحمة الله والدخول في الجنان.

 عادل الزركاني