الأربعاء، 23 نوفمبر 2022

 

 ابن تيمية منافق..

وما أخرجه ابن عبد البر قال: (وروى عمّار الدهني، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ ببغض علي بن أبي طالب   ) وهذا سند صحيح، وما أخرجه الحاكم بإسناده) عن أبي ذر ـ.ـ قال: ما كنّا نعرف المنافقين إلاّ بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلّف عن الصلوات، والبغض لعلي ابن أبي طالب . هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

والقصص التي يتحدث بها البعض نافقا انهم يحبون عليا واهل البيت ^وانهم يعرفونهم أكثر من يدعي الانتساب لهم (الشيعة) واصناف التُّهَم والافتراءات والأراجيف لا لسبب إلا لأنهم فضلوا عليا× على غيره، وان رسول الله هو من امر بهذه الحب، قال محمّد بن يوسف الزرندي: (ويروى ان النبي ’ قال لعلي بن أبي طالب×: يا علي، كذب من زعم انه يحبني ويبغضك، يا علي من احبك فقد احبني، ومن احبني أحبه الله ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضك فقد ابغضني ومن أبغضني أبغضه الله ومن أبغضه الله ادخله النّار). وهذا البعض يدعي انه يحب اهل البيت ويكرمهم وهذا الكلام لا وجود له في الواقع، وعندما يذكر ابن تيمية يقول عنه شيخ الإسلام وهذا نوع من النفاق وقصص كاتب الوحي والخليفة المظلوم يزيد من سِنْخ هذا النفاق، والنهج والفكر الذي سار عليه ابن تيمية الفكري الاموي الناصبي والذي كان دائما هو الطعن بالإمام × كما قال في منهاج السنة /ج 7/ ص 237 : وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي عَلِيٍّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} لَمَّا صَلَّى فَقَرَأَ وَخَلَطَ .. واخذ منه هذا النفاق بعض العلماء والذين من نوع ابن تيمية.. يا أيها المسلم إذا كنت تريد الحقيقة لاتذهب خلف فلان ولا زيد ولا عمر انت ابحث بنفسك ستجد الحقيقة ..

عادل الزركاني





الثلاثاء، 22 نوفمبر 2022

 

نحنُ معشرَ الأنبياءِ لا نورَثُ ما ترَكناهُ فهو صدقةٌ..

سؤال: النبي يعقوب ×لديه أولاد 12 ابن وابنه، وهل كل أولاده لم يرث منه شيء، وهم لا يملكون الا الأموال التي كانت عند ابيهم، اذن تحل عليهم الصدقة من أموالهم التي كانوا يعملون فيها مع ابيهم! وأين العدالة في هذا؟ وغيرهم يرث الأموال من ابيه حتى وان كان فاسقا، فرسول الله القدوة في عمله وقوله هو كغيره من المسلمين الذين يورّثون أبناءهم، لا سيّما وأنه قدوة لغيره في توريث أولادهم، وقد ورّث رسول الله نساءه الحجرات اللاتي كن يسكنّ فيها، وقد تبرعت عائشة بسهمها وسهم غيرها من دون إذنهن لكي يدفن فيه أبو بكر وعمر بن الخطّاب، وهل هذا الامر ينطبق فقط على الأولاد ولا يرث منهم أحد؟ , ولو تنازلنا  مع الحديث : (إنّا معشر الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضة ولا أرضاً ولا عقاراً ولا داراً لكنّما نورّث الإيمان والحكمة والعلم والسنة), وهذا من السنة اذن السيدة فاطمة الزهراء÷ هي الشخص الذي يرث للنبي من الإيمان والحكمة والعلم والسنة , وهي اعلم من أبو بكر والجميع بالسنة وهي الاعلم على الاطلاق بقول النبي لأنها الوريث للعلم واعلم منهم بالقران , وسنته وفعله أو تقريره , لكن هذا الحديث لم يترك لها شيء لا من الأموال ولا حتى العلم والسنة لان أبو بكر رفض كلامها قالت ÷: أَيُهَا الْمُسْلِمونَ أاُغْلَبُ عَلى ارْثِيَهْ يَا ابْنَ أبي قُحافَةَ! أفي كِتابِ اللّهِ أنْ تَرِثَ أباكَ، وِلا أرِثَ أبي؟ (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً فَرِيًّاأَفَعَلى عَمْدٍ تَرَكْتُمْ كِتابَ اللّهِ، وَنَبَذْتُمُوهُ وَراءَ ظُهُورِكُمْ اذْ يَقُولُ: (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ), وهذا الحديث خبر واحد، لم يُعرفه أحدٌ من الصحابة وقد تفرّد أبو بكر بنقله، وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل , والامر الاخر والعجيب الذي سكت عنه المسلمون وهو اوضح من الوضوح من باب أن الصدّيقة فاطمة ÷تمنع من فدك وهي الاعلم والأكثر ايمانا وحكمة مع تقديم البيّنة على ذلك وتترك حجر أزواج النبيّ في أيديهن من غير بيّنة ولا شهادة , وكما هو واضح ان اول ما عمل عليه الوضّاعون للسيطرة على الحكم تكثر الأحاديث الموضوعة، وممارسة الكذب والدسّ والتزوير في أحاديث النبي الى يومنا الحاضر وكل ما يريدهُ الحاكم او قام بفعل يوضع له حديث معنعن في الصحيحين او غيره , وتتحول هذه الأحاديث الموضوعة في كتب المرويات سنة وعقيدة وكل ما يقول بضعف او يرفض شيء منها يعتبر ضد الإسلام ، و الحقيقة والتي يجب ان نعرفها كل نظريات القتل والإرهاب جاءت من هذه الأحاديث ومن هذه التاريخ , والعالم اليوم اصبح مفتوح للجميع للاطلاع ومتابعة التناقض في هذه المرويات والمكذوبات التي هي خلاف القران واخلاق وقيم الأنبياء وحتى الصحابة العدول ..

                                                                                              عادل الزركاني

                                                                   النجف الاشرف

                                                                      22/ 11/ 2022م


الأحد، 20 نوفمبر 2022

 

جلسة تحضير الأرواح   

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)..

    قال القوم: بصراحة الدين قيد والمتدين معقد وعقله مقفل , والفتاة الملتزمة لا تلفت النظر , وهؤلاء قوم النبي لوط واهله واصحابه من المتدينين يتحرجون من ما نفعل (الكلام لقوم النبي لوط هنا) ونحن ليبراليين متحررين من العُقد والعادات البالية والخرافات , والكينونات الدينية , نريد ان نعيش ونريد ان نفرح , ونفعل ما نريد , والحياة يجب أن تكون كلّها سعادة , ولا تستحق أن تُعاش إلا كما نريد, ولا وجود للحرية في الدين , وان كانت فهي ضَيقة والكلاسيكيّة القديمة, والحرية اكبر من ذلك واعمق واوسع, نريد ان نمارس حريتنا بالطول والعرض, وبدون عادات ولا اعراف ولا تقاليد , نحن المتمردون احرار نريد حرية الجسد والحركة الحرية والسلوك والخلق والتعبير والتفكير والاختيار والمنهج والمذهب والقرار والحياة عموماً, متعتنا في الحرية في كافَة حقوقينا الحياتية ودون اي موانع او كوابح او معوقات.

المتطهرين: ونحن ايضا احرار، ونريد ان نعيش كما أمر الله تعالى، فلا سبيل امامنا سوى الايمان والطهارة والعفَّة والأخلاق، ولا نريد إلا النظام السماوي منهجاً للتفكير وطريقاً للحياة والسعادة، ونعتزُّ بديننا شكلاً ومضموناً وخلاف هذا عزلة والسلبية، فستتأثر انت حتماً بحقول الابتذال والانحراف وهذه طاقة السلبية في فترة بسيطة: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) ....

قال القوم: لكن افعالكم هذه تزعجنا وتذكرنا بالإيمان ونحن لا نحب مَظاهرُ التّديّنِ؟!

المتطهرين: أنتم تدفعَكم فطرتكم السافلة لاتِّخاذ موقف مضاد من الفطرةِ السليمة، ومن الطبيعي بالشعور او بدونه الفطرةَ الفاسدة المريضة تكرهُ الفطرةَ النقيَّة السليمة وترفضها، بل وتتَّخذ منها عدو، وتضع عليها اشياء واوهام وقصص من الخيال.

قال القوم: لكن هناك من يدعي الدين، هو بعيد عن الدين؟

المتطهرين: لكن العيب ليس في الدين بل في هؤلاء الاشخاص، طبيب غير جيد هل نترك الطب، وهل هذا عذر ان نترك الدين، لان شكل الدين في هؤلاء لا يعجبنا، ونتمسّكَ بالشّكل ونتركَ المضمون، وهل شكل المبتذل او المبتذلة أفضل حتى يكون بدليل وتترك الفضيلة لان شخص غير جيد وغير فاضل وتذهب لجمع كلهم هو خلاف الفضيلة , الدّين اكبر من الاشخاص ولا يقاس الدين بهم , كان يزيد يلبسُ ذات العمامة التي كان يلبسها الإمام الحسين (ع) وكان لعمر بن العاص لحية طويلة كلحية ابو ذر الغفاري , الدين والعبادة بمفهومها الشامل لا بالأشخاص والاحداث , وهناك الكثير من امثالكم كان خلفَ معاوية ويزيد ويفكر كما عمر بن العاص , وفي المقابل هناك أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ يتبعون الامام الحسين (ع) كحبيب بن مظاهر واخرين ومع الإمام علي (ع) كسلمان المحمدي وعمر وابو ذر الغفاري.

قال القوم: الحرية التي ندعو لها هي موجة الوعي الجمعي، والاندفاع بقوة إلى الأمام، ورفض للعادات والتقاليد البالية المظلمة وقيود الدينية، الرجل وجب عليه الصلاة والصوم والعمل الشاق لبناء اسرة ويقضي حياته دون معنى، مجرد عبد للعائلة، والمرأة في سجن الحجاب والنقاب والحياء والعفة، نريد اشياء مختلفة وفلسفة جديدة للحياة، حيث لا محظور اخلاقي ولا شرعي ولا قبلي ولا عائلي، نُلغي كل المُسميات، وبهذه الطريقة تتلاشى جميع الآلام والأحزان.

 المتطهرين: اذن أنتم بصراحة ضد الدين لا ضد بعض المدعين، وهذه الاقوال والافعال لأقناع السذج، كل مجالات الحياة فيها الأخيار وكذلك الاشرار، وهناك معلم فاسد هل يعني نرفض الجميع ونترك التعليم، ومثله من المهندسين هل نرفضهم ومن العمال والتجار وهناك الطيب ويقابله الخبيث، وإذا كان القياس بهذه الطريقة تتوقف الحياة، والحق والباطل والصراع بينهم سنة كونية فهما ضدان، وجود أحدهما يستلزم مزاحمة الآخر وطرده، ودفعه وإزالته، أو إضعافه ومنعه من أن يكون له تأثير.

 وبصراحة انتم بكل هذا التهجم والحملة المسعورة علينا , ولإخراجنا من القرية وقلوب الناس لأنا (أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) وهؤلاء المدعون والمنافقون يحسبون عليكم , وهم غير متطهرين بل هم اكثر منكم عداء للدين والمتدينين , وانتم وهم لا يكفيكم بقاؤكم على الباطل، بل تسعون إلى سحق الحق وأهله، وصد الناس عنهم بالقتال وبذل المال، وهذا شأن الباطل وقوته، هذه القوة تدفعه إلى إزالة الحقِّ وأهله بالقوة، قال تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا).قال تعالى (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)  , للعلم هذا نبي معصوم وأهله (أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) لا مجال للكلام عليه لانهم نوع من ارقى الناس واشرف واطهر , وانت أيها المتدين لا تنزعج هذا نبي وفعل معه قومه هكذا وقالوا عنه ما قالوا الاخلاق والدين شيء قبيح والابتذال الذي يقوم به القوم حسن .  

 عادل الزركاني

 


الأربعاء، 16 نوفمبر 2022

 حَديثُ الثَّقلَينِ..

 قال رسول الله (ص) (إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ) هذا الحديث المعروف الذي كثُر فيها القولُ صِحَّةً وضعفًا، وتباينتْ فيه الأفهام، واشتبه على بعضِهم او حاولوا تضعيف المعنى والغاية منه ؛ بهذه الكلمات نحاول توضيحَ شيء ما قد يكون غائب عن الاذهان , ويعتبر حَديثُ الثَّقلَينِ من أهم الأحاديث التي يمسَّك به الشِّيعةُ في دائرة موضوع الولاية والإمامة ، وتمسَّك بعض أهلُ السُّنَّة بلفظ: (كِتاب الله، وسُنَّتي) وضعفوا لفظ (وعِترتي) وهذا بالحقيقة توهَّم واضح وسنحاول بيانُه من خلال النقل وعمال العقل وبدون تعصب وسنكون مع الدليل والذي أخذناه من بطون الكتب المعتبرة والموثقة عند الطرفين .

 الأول: حديث الثَّقلين جاء عن جمْعٍ من الصَّحابة؛ منهم الإمام علي (ع)، وأبو سعيد الخُدري، وجابر بن عبد الله، وجُبَير بن مُطعِم، وحُذيفة بن أَسيد، وزَيد بن أرقمَ، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن حَنطب، ونُبَيط بن شُرَيط، بألفاظٍ مختلفة، وقد صحح هذا الحديث الألباني وذكرها الكثير من علماء السنة.

والثاني : وجاء بلفظ:(كِتَابَ الله، وسُنَّتي) وأيضا ذكر انه جاء عن جمْعٍ من الصَّحابة , وهذا الحديث مشهور بين العامة ويكرره خطباء المساجد في خطبهم ولا اصل له وعلماء أهل السنة أنفسهم يطعنون به ، بعد التدقيق تبين انه ضعيف من الناحية السند والمتن وبيان سبب ضعف الحديث إضافة الى ما تقدم من تناقض كذلك الراوي إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي أبو عبد الله بن أبي أويس ابن أخت مالك , روى له الجماعة ، إلا النسائي ، قال أبو طالب عن أحمد لا بأس به ، وكذا قال عثمان الدارمي عن ابن معين، وقال ابن أبي خيثمة عنه صدوق ضعيف العقل ليس بذاك، يعني أنه لا يحسن الحديث ولا يعرف أن يؤديه أو يقرأ من غير كتابه ، وقال معاوية بن صالح عنه: هو وأبوه ضعيفان، وقال عبد الوهاب بن عصمة عن أحمد بن أبي يحيى عن ابن معين: ابن أبي أويس وأبوه يسرقان الحديث ، وقال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى : مخلط يكذب ليس بشيء ، وقال أبو حاتم محله الصدق وكان مغفلا ، وقال النسائي ضعيف ، وقالوا في موضع آخر: غير ثقة , وقال غيرهم مخلط يكذب ليس بشيء , وانه روى عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد , وقالوا كذاب كان يحدث عن مالك بمسائل ابن وهب , وقالوا أن ابن أبي أويس كان يضع الحديث,  قال لي سلمة بن شبيب : سمعت إسماعيل ابن أبي أويس ، يقول : ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم.

   و هذا الحديث لا يستقيم أصلا مع الواقع، فكيف يقول الرسول (ص) : تركت فيكم كتاب الله وسنتي , والسنة غير مجموعة ، ومن جانب اخر يستلزم حفظ السنة من الضياع كما هو حال القرآن ، ومن جانب اخر منع تدوين الحديث والنهي عن كتابة سنة النبي في حكم أبي بكر وعمر وعثمان، وقاموا بإحراق الكتب التي حوت أحاديث رسول الله(ص)وقال عمر بن الخطاب بعد هذا المنع: (حَسْبُنا کتابَ الله) وبعض الروايات عن منع كتابة الحديث بدأ في حياة رسول الله (ص) وبنفس الوقت يقول (ص) :(كِتَابَ الله، وسُنَّتي) ويمنع الكتابة وعمر يقول (حَسْبُنا کتابَ الله)! وهناك حديث عُمرَ بن الخطَّاب: (تركتُ فيكم أمرين لن تضلُّوا بعدهما: كتابَ الله جلَّ وعزَّ، وسُنَّةَ نبيِّه..) وهناك خلط وتناقض كما هو واضح، ونحن نعلم ان القرآن الكريم تلقاه النبي (ص)، من جبريل، وتلقته الصحابة وهو محفوظ بحفظ الله له، مصداقا لقوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) لكن لعمر رأي آخر  خلاف القران حيث أعرض عن التدوين معللا سبب إعراضه بأنه خاف أن يختلط القرآن بالروايات , والله تعالى (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) والاختلاط معناه الفَوْضى، والبَلْبلة، وهنا يمكن ان يقال الضياع , والقران يختلف بالتأكيد عن السنة اذا كان المراد هناك من يضع او يدلس فيها وهو الحاصل وقوله تعالى : (وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍۢ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍۢ مِّن مِّثْلِهِۦ وَٱدْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ) , وحتى كلام النبي (ص) لا يصل الى القران الكريم وان كان كلامه عن الله تعالى :(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه، لأن كلامه لا يصدر عن هوى، وإنما يصدر عن وحي يوحى , وهذا ما ذكرناه في بحث سهو النبي (ص) في الإمكان الوقوعي هل من الممكن يقع منهم السهو والغفلة، هذا ما لا يلتزم به اي شيعي في الامكان الوقوعي لا يقع منهم السهو والغفلة , لماذا لا يقع منهم ذلك لأنه يلزم عليه عدة إشكالات .

اولا: لو انه قبلنا يلزم ترجيح بلا مرجح، معنى ذلك ما معنى المرجح، إذا كان يسهو وحطئ ويغضب ما هو المرجح أن يكون هو النبي وحجة علينا دون غيره إذا كان يقع منه هذا الشيء.

ثانيا: يلزم تغير أحكام الله، يكون حلال الله حرام وحرام حلال، لماذا لان قوله وفعله وتقريره حجة علينا، وإذا قال شيء مخالفا وخطأ فلزم ان يكون حلال الله حرام وحرام حلال، وهذا لا نقبله على البشر فضلا عن الأنبياء.

الثالث: انه لا يصح في هذا المقام الاحتياج علينا بهم إذا قلنا بالسهو والنسيان أصلا لا يصح الاحتياج بهم ، ولدينا القاعدة تقول قبح العقاب بلا بيان الله تعالى كونه عادل واراد ان يعاقب نحتج ونقول لما تعاقبنا انت لم تبين ، وهي العلة في بعث الأنبياء في بيان والحكمة من بعثهم لهذا، ويقبح من العادل أن يعاقب بدون بيان، وهذا حتى في الممكنات مثلا ملك مقتدر واراد ان يعاقب بدون بيان ، لأن العقلاء يعاتبوه لأنه يعاقب بدون بيان  ، نعم انت قلت للعبد انا عطشان لما تأتي لي بالماء ، لكن لم تبين ذلك لم تقل له ذلك، أو انت قلت له عطشان ، لكن لم تقل بما يسد عطشك بالعصير باللبن لم تبين له، فكيف بالله وهو سيد الحكماء وسيد العقلاء يعاقب بدون بيان , فلابد أن يرسل الأنبياء والرسل والأئمة للبيان، وإذا كانوا يخطئون وينسون ويسهون ويهمون ويغصبون لما صح الاحتياج بهم عليه تعالى، لعل ما جاءوا به خطأ.. حتى يصح بها الاحتياج علينا، إذا كان ممكن عليهم الخطأ والسهو، وقد يكون البيان خطأ وقد يكون الواجب ليس واجبا إذا كان يقع عليهم ذلك، فإن ثبتت العصمة صح الاحتياج بهم علينا هم حجج الله علينا، بالإمكان الوقوعي لا يمكن أن يسهو أو يخطئ.

والصحابة وتعاملهم كما هو واضح مع السنة حسب المصلحة، وبعدهم الرواة والعلماء حيث يناقضون أنفسهم مثلا ابن حجر مثلا يقول عن الراوي في حفظه لين ثم يصحح الرواية! والالباني يضعف رواية رجل ثقه في حفظه لين ثم يناقض نفسه ويحسن رواية رجل صدوق في حفظه لين رغم ان الثقة اعلى رتبة من الصدوق , يضعون القاعدة في مناسبة ثم يخالفونها في مناسبة أخرى , وهذا عمر يقول (حَسْبُنا کتابَ الله) والقران يقول: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ) وقوله تعالى: (يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ ۖ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) لكن في مطالبة السيدة فاطمة الزهراء (ع) بميراثها الشرعي ترك القران وعاد للسنة , وقال حديث نسبه لرسول الله (ص) :(لا نورث ، ما تركنا صدقة) وتنازلا مع هذا الحديث وانها وعلي (ع) فاطمة يرثون علم النبي(ص) بمعنى اهل البيت (ع) يرثون علم النبي (ص) اذن الحديث الحق عترتي لانهم يرثون علمه وهم الاعلم بسنته , ومطالبته حق لأنها (ع) اعلم من أبو بكر بسنة النبي (ص) أعلم بدين محمد بنص الحديث وهذا الحديث حجة عليهم , وقول الامام علي (ع) حجة في حقه في الإمامة , وللمتابع الاحاديث تربط الاحاديث والمعاني بعضها بعض , ولهذا تم الاستعانة بوضع احاديث تضعف السنة وتشوها حقيقته , والكلام لعلماء السنة الذين يقولون (.. كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ) كتاب الله تعالى واضح القران الكريم ومن هي العترة ليس اهل البيت (ع) كما ذكر ابن تيمية : العترة هم بنو هاشم كلهم: ولد العبَّاس، وولد عليٍّ، وولد الحارث بن عبد المُطَّلب، وسائر بني أبي طالب وغيرُهم، وعليٌّ وحده ليس هو العِترة , والألبانيُّ الذي صحح حديث العترة وقالوا عنه متساهل بالتصحيح ولكن لم يبتعد عن المنهج المتبع وما قاله السلف رغم تصحيحه الحديث ولا يختلف عن ابن تيمية قال : أنَّ المراد من حديث (وعِترتي أهْل بيتي)، وأهل بيته في الأصل: هم نِساؤه (ص)، وفيهنَّ الصِّدِّيقةُ عائشةُ , ولا ادري لماذا ذكر عائشة وهي من نساء النبي (ص) لماذا التخصيص والتأكيد؟! , ويقول ايضا : وتخصيص الشِّيعة (أهل البيت) في الآية بعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين (ع)، دون نِسائه (ص) من تحريفهم لآياتِ الله تعالى؛ انتصارًا لأهوائهم .. لكن الحقيقة التحريف والتناقض واضح ونترك الحكم للقارئ الكريم، الحديث يقول: حسب تصحيحه: (... وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ) وقول الاخر اين العترة الان مفترقين منذ أكثر من 1000سنة، واذن لا معنى للحديث، وإلا انهم لمن يفترقا الى ان يردا على رسول الله (ص) إلا بالعودة للحديث ومعناه الحقيقي وعلى عقيدة اهل البيت (ع) والتي هي الحق القران والعترة فإنَّهما لن يفترقَا لم يفترقا قال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) وتأويل هذه الآية ولا بقى بعد مشرك وكافر ، إذا خرج القائم (ع) العترة مع القران بدون فصل قال تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) يرثها الامام المهدي (ع) وأصحابه في آخر الزمان.

والنتيجة القران والعترة لن يفترقَا حتى يرِدَا على رسول الله تعالى يوم القيامة ..

عادل الزركاني

السبت، 12 نوفمبر 2022

 التدليس في التاريخ..

التاريخ الاسلامي بكل موضوعاته بل الاغلب ما نقل رافقت تدوينه حملات التزييف والتدليس منذ ابان العصر الاول , والتاريخ الذي يقرأ اليوم والمتبع منهج الامويين والتيميين، والنظرة العامة للمسلمين على انه الإسلام الحقيقي والتعاطي معه منهجا اسلاميا يُدرس ويلقّن للناس جيل بعد جيل والحقيقة هذا فهم منقوص، وخلاف الإسلام وحقيقته , ويجب على الأمة إن أرادت أن تفيق من سكرتها أن تقرأ التاريخ جيدا وبطريقة مختلفة ، والأهم لمن يريد أن يفهم التاريخ فهما صحيحا لا غلو فيه ولا تفريط عليه أن يدرس كل جوانبه فعلى سبيل المثال جدلية سيدنا أبو طالب (ع) أو العداء التاريخي مع ال النبي (ص) جميعا وان حاول بعض الكتاب دس السم بالعسل وفي هذا التاريخ الكثير من الروايات غير مقبولة عقليا ولا نقلا, وروايات تتناقض العقل والمنطق، وتتعارض مع مجريات الإحداث المنطقية المطلوب توافرها في تلك الإحداث.. أبو طالب مات كافراً؟ ولم يكتفي هؤلاء بل ادعو ان هناك تحذير من الله تعالى للنبي (ص) أن لا يستغفر له بقوله: ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) هذه الآية وردت في سورة التوبة، وسورة التوبة مدنية، ومن أواخر ما نزل , ووفاة أبي طالب (ع) كانت بمكة قبل الهجرة ،
والحق ان سيدنا أبو طالب (ع) مؤمن برسول الله (ص) قبل البعثته بخمس عشرة سنة، والدليل ما جاء بخطبته: (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع اسماعيل، وضئضئ معد، وعنصر مضر، وجعلنا حفظة بيته، وسواس حرمه، وجعل لنا بيتا محجوجا، وحرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن ابن اخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلا رجح شرفا ونبلا، وفضلا وعقلا، وهو والله، بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جسيم)..
وهذا لا يدل على ان سيدنا أبو طالب (ع) يعلم الغيب بل كان هو وابيه وأغلب أهل بيته موحدين يدينون بالحنيفية الإبراهيمية , والده عبد المطلب كان موحدا ونقل التاريخ انه نزل في جوف الليل الى الكعبة وأخذ بحلقة بابها يدعو اللّه ويقول مناجيا اللّه سبحانه: اللهم أنيس المستوحشين، ولا وحشة معك فالبيت بيتك، والحرم حرمك والدار دارك، ونحن جيرانك، انك تمنع عنه ما تشاء، وربّ الدار أولى بالدار.
وكان سيدنا ابو طالب (ع) من أعظم حماة رسول الله (ص) وناصره والمدافع عنه ايما دفاع، وهناك أدلة كثيرة وردت في المصادر التاريخ تذكر مواقف ابو طالب (ع) وايمانه وتقديم اولاده فداء للرسول الله(ص) ، وذكر ابن إسحاق أن أبا طالب قال شعرًا حين أجمع لذلك من نصرة رسول الله والدفاع عنه على ما كان من عداوة قومه :
وَاللهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ ** حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينَا
فَامْضِي لِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةٌ ** أَبْشِرْ وَقِرَّ بِذَاكَ مِنْكَ عُيونَا
وَدَعَوتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّكَ نَاصِحِي**فَلَقَدْ صَدَقْتَ وَكُنْتَ قَبْلُ أَمِينَا
وَعَرَضْتَ دِينًا قَدْ عَرَفْتُ بِأَنَّهُ **مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ الْبَرِيَّةِ دِينَا
لَوْلَا الْمَلَامَةُ أَوْ حِذَارِي سُبَّةً **لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذَاكَ مُبِينَا
واختص الشيعة دون غيرهم ، بالقول: ان آباء الرسول الاكرم محمد (ص) وأجداده، وأمهاته وجداته كانوا جميعا موحدين، ما أشرك أحدهم باللّه شيئا، وأن محمدا منذ الخليقة كان ينتقل من الأصلاب الطاهرة الى الأرحام المطهرة حتى ساعة ولادته (ص) ولكن غيرهم قالوا بالشرك وأنهم في النار وهذا حسب المنهج السياسي للدولة , وحتى وان كان أبو الخليفة كافر بل زنديق , لكن توضع له روايات وعن رسول الله أنه من المبشرين بالجنة ، ومنافق وفعل ما فعل هذا لا حساب عليه لأنه صحابي! ،ما رواه أحمد وصححه الألباني في ظلال الجنة عن أبي رزين قال : قلت يا رسول الله أين أمي، قال: أمك في النار، قال: قلت: فأين من مضى من أهلك، قال: أما ترضى أن تكون أمك مع أمي في النار , والعلامة القارئ في شرح الفقه الأكبر ويشهد لصحة هذا الحديث ُ الصحيحُ وهو: إن أبي وأباك في النار؟!
والحمزة بن عبد المطلب (ع) كان اسلامه حمية لابن أخيه لا عن الإيمان بالإسلام؟! وهو أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء ولو شهادته بين يدي رسول الله (ص) لقالوا عنه كما قالوا عن اخيه ابو طالب (ع) .
السؤال هنا لماذا سيدنا أبو طالب والحمزة (ع) ومحاولات وعاظ السلاطين اخراجهم من الإسلام والتشكيك بإسلامهم؟
الجواب: حمزة (ع) قاتل عتبة وابو طالب ولده الإمام علي (ع) الذي قتل الوليد وكان لسيف ذو القفار صولات وجولات مع الكفار، ومن جانب اخر يقول وعاظ السلاطين: إيمان هند بنت عتبة وأبو سفيان ومعاوية وحتى يزيد بن معاوية ثابت بالنقل المتواتر، وإجماع أهل العلم، وكان معاوية أحسن إسلامًا من أبيه، ويزيد أحسن إسلامًا من جده وأبيه، لان الأول حارب رسول الله (ص) والثاني امير المؤمنين علي (ع) والثالث قتل الامام الحسين (ع) واهل بيته: (اقتلوهم لا تبقوا لأهل هذا البيت باقيه)..
ومراجعة بسيطة للتاريخ أيضا نجد الامام الحسن (ع) لا يصلح للحكم وتنازل لمعاوية خال المؤمنين والإمام الحسين (ع) خارجي , وكل من يتبع اهل البيت (ع) روافض ومشركين وصفوية ومجوس وعبدة القبور ..
عادل الزركاني

الخميس، 10 نوفمبر 2022

 

 ولدتُ عجوزاً..

أروي لكم قصة هي اغـرب مـن الـخـيـال، ولا يمكن أن تتحقق بالواقع ولا أعرف هل مـا حـدث صُـدفـة أم هو أعجاز أو مرض، صديقي أحمد الذي قبل أيام كان أكبر مني سناً الأن هو أصغر مني وأنا اتقدم بالعمر وهو بالعكس يعود إلى عمر الشباب!

يقول أحمد وُلدتُ وعمري في الخامسة والتسعين مختلف واختلف عن الناس عمري من أعلى الى الأسفل , كل اقراني يتقدمون بالعمر إلا أنا بالعكس أعود الى البداية , لا اتذكر شيء ألا اني كنت في أرذل العمر كالطفلٌ رضيع لكن عمره خمسة وتسعين سنة .

   قال تعالى (وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ)هذه الآية تقول (وَرَائِهِم بَرْزَخٌ) والوراء ظاهراً خلفهم برزخ ويقال الوَرَاءُ ولدُ الولدِ ,هل البرزخ خلفنا أو أمامنا , أنا متقدم الى الأمام وطبيعي البرزخ خلفي وكلما أتقدم في العمر أبتعد عنه وأنا الآن أصغر وسأصل له لأني أعود الى الخلف؟! وحسب الظاهر هكذا , لكن الصحيح (وَرَائِهِم) أمامهم, الوَرَاءُ يكون خَلْفَ وقُدَّامَ , وعندما نقول لشخص (وراك موت) يعني امامك موت , لأن العمر يسير الى الأمام لا الى الخلف , كل إنسان يتقدم بالعمر أي يسير إلى الأمام من عمره يوم وسنة وعشرة سنوات والى اخر العمر , إلا أنا على العكس أعود من عمر الكهولة الى الشيخوخة الى الشاب ويستمر بالنزول الى عمر الصبا الى طفل رضيع وهنا لا أتذكر شيء كما كنت!, وبعد الطفل الرضيع الى بداية تكوني والى العدم , وبهذا لا أصل الى البرزخ لأنه كان أمامي وأنا لم اتقدم الى الأمام كما باقي البشر بل كنت أعود إلى بداية العمر , لا أعلم عن أهلي شيء لأنهم كانوا يسيرون الى الأمام إلا أنا أعود من جديد , هذا النوع من التحول والعودة الى الحياة وبالطريقة المعاكسة قد يعتقد البعض شيء جميل لا على العكس تماماً , بل هي التعاسة والعذاب والآلام في زمن غير الزمن وحياة غير الحياة والناس مختلفين والأجواء كانت أكثر جمالاً فيها كل شيء مختلف القيم المبادئ والأخلاق , قبل سبعين حولا كنت اجوب البلاد طولاً وعرضا كان كل شيء مختلف وجميل الاحترام والمحبة والتعاون في كل الأماكن , والدين يقود الحياة والانسانية ليست شعار بل معاني حقيقية, كان الصدق موجود والصداقة والأخوة حقيقية والعائلة المتماسكة والابن باراً بوالديه والأب كان عظيماً رقيقاً رغم قساوته في التربية , كان الظل من حرارة الشمس وكان الدفء الحقيقي في هذه الحياة , ذهب كل الحب حين مات الأب, أخذ الأخ الأكبر دوره لكن لم يتقنه , لم أشعر يوماً أن الجيران كانوا من غير دين أو ومن غير قومية وهم ليسوا من ارحامي , كان جارنا الغير مسلم يحترم كل شعائرنا وطبائعنا , ونحن لم نتدخل في اشيائه ولم نسمعه أو نسمع منه نقد أو سخرية بل يتعامل معنا كأي أحد منا , قدرة عالية في قبول الآخر , قد يقال له في هذا الزمن نفاق لا بل اتفاق وقبول الآخر واحترام خصوصية الناس , لأننا جميعا خلق الله تعالى وليس بيننا ملك أو رسول من السماء , كانت جارتي محترمة جداً , كل بنات المحلة مُحتشَمات لم نسمع لهن صوت رغم العلم والثقافة لكن كان الاحترام والعفة والذوق والأخلاق والمفاهيم الراقية تملأ المكان , أنا لا أتحدث عن المدينة الفاضلة , بل كانت حياة جدا طبيعة لا تختلف عن الحالية إلا أني أشعر بغربة المكان والزمان , وضياع للقيم والأخلاق الفاضلة , لا وجود لقصص الإيثار والكرم والحلم والعشق المحترمة , كانت الثورات تختلف والاحتجاجات لا تشبه ما موجود هذه الأيام , كان الأحرار يقدمون كل شيء دون مقابل كلماتهم قوافي قصائد البطولة والفداء, وكان وقارهم سلوك وفكر أوفياء لمبادئهم , واذا اخطأ احدهم يخجل من فعله ويشعرهُ الآخرين به , اليوم العكس يتفاخر البعض بما يفعل من تدني أخلاقي بل هناك من يسخر من المحترم على أنه قديم والمحتشمة متخلفة , ويصفق الكثير لهؤلاء وكأنهم أبطال عادوا بالنصر على الأخلاق والقيم والدين !! وأنهم اصحاب الفكر الجديد الذي جاء للقضاء على هذه الأشياء والتي جاءت بالوراثة كالقيم والإيمان والمذهب والقبيلة والاسرة والزوجة والأم والأخت كل هذه الأسماء والأصناف والاوصاف صناعة قديمة بآلية لا تصلح لمجتمع وصل إلى مرحلة البلوغ العقلي والفكري والى عصر الحرية والتحرر والمدنية، ويمكن ان يحجر عليه في صفحات التراث العربي القديم!!

عادل الزركاني


الأربعاء، 2 نوفمبر 2022

 نختلف وقد يصل الاختلاف الى التخاصم وتتضارب المصالح والرؤى حول الحقائق، لكن المقابل يبقى محترم لأن كل منا له رأي او وجهة نظر ليس بالضرورة أحدنا هو الحق , وكل منا راد ومردود عليه إلا اهل العصمة , لكن علينا ان لا نفقد القيم الإنسانية والأخلاق الإسلامية , لأن هذه الدنيا لا تستحق ان تقهر أحد وتزعج آخر لأن العمر قصير والحاجة بعدهُ الى كل كلمة جميلة وموقف نبيل ..


الاثنين، 31 أكتوبر 2022

الشوك في الصحراء دليل على وجود الحياة، والذي يسكن في العراء تسعدهُ خيمةٌ يستظلُ بها من حرارة الشمس، ومن لا يملكُ دارً أمنيته حتى خَرِبة يسكنُ فيها، نحن منذ ألف سنة وأكثر لا وجود لدولة ترفعُ شعار آل محمد وأن تَحَقَّقَ ذلك كُنَّا من أشد من يقف ضدها..



الخميس، 27 أكتوبر 2022

 

تأمل فقط..

الملحدين يخطئون حين يعتقدون أن إلحادهم نتاج تفكير عقلاني لا يفهمه البسطاء ولا يرتقي له اهل الدين ،المتدين يقول :ان بعد هذه الحياة ثواب وعقاب وهذا الأمر احد أسباب ايمانه بوجود الخالق , وان كان هذا ليس سببًا عقلانيًا بل عاطفي , والملحد يحاول خداع المتدين أو بالأحرى خداع نفسه ويقول لا وجود للإله، وقد يخشى فِكْرة وجود حياة بعد الموت ، وهذا سبب عاطفي أيضا وقد يجعله متحيزًا ضد فِكْرة وجود حياة بعد الموت وإذا قدمت إليه حجة تدعم فِكْرة وجود حياة بعد الموت قد يرفضها دون مناقشتها أو بالتهرب منها لأنه هو الآخر يخاف هذه الفِكْرة.

المتدين لا يكون إيمانه قائمًا على العاطفة والتحيزات , بل من خلال الحجج الكثيرة كالمنطقية والعقلية التي تدعم الإيمان بوجود إله، مثل: حجة السببية وامتناع التسلسل السببي اللانهائي، أو حجة التصميم والضبط الدقيق للطبيعة، أو الحجج التي تستخدم الوعي أو العقل البشري وسيلةً للاحتجاج بأن هناك عالم آخر غير عالم المادة، كحجة المعرفة، أو الحجج الأخلاقية، أو حجة فطرية الدين أو الحجج الأنطولوجية لغودل وأنسلم: هي حجة فلسفية مبنية على أساس وجودي تقدم لدعم فِكْرة وجود الله , ويقول أنسلم: "نحن نؤمن بوجود الله ولكن 'الأحمق يقول في قلبه: لا يوجد إله' ، الحجج كثيرة لكن الابتعاد عنها واضح جدا ولأسباب عديدة .

  البشر في كل اشكالهم ويتأثرون بالعواطف وكما يعبر (الدوغمائية), لكن الملحد أو اللاديني يريد ان يقول انه مختلف اذن هو ليس إنسانًا , الإلحاد نتيج
ة نفسية وسياسية واجتماعية ؛ وليس العوامل الاقتصادية ولا حتى الفكرية , بل يريد الحياة حسب ما يريد لا نظام اخروي ولا دنيوي كل ما يقوله عقله صحيح , يقول إدوارد لارسون في بحث له منشور في مجلة "الطبيعة حيث استقرأ أن الأفراد الذين يزيد دخلهم عن 150 ألف دولار سنويًا ينتشر بينهم الإلحاد بشكل كبير, وهذا دليل على أن العامل الاقتصادي رافدٌ أساسيٌ من روافد ظاهرة الإلحاد , ويقول  الملحد توماس ناجل في كتابه ”الكلمة الأخيرة“: أنه ”ليس فقط غير مؤمن بوجود إله، ولكنه يريد ويأمل من أعماقه ألا يكون هناك إله، وهذه رغبة منه رفض عاطفي لفِكْرة الإله والذي يأخذ هذا الكلام او يسير على النهج هو غير العقلاني ومتحيز ضد الدين، وهذا بصراحة عالية منتهى الجهل ان تكون رغبات او فلسفات اشخاص عقيدة ومنهج للآخرين والملحد شون كارول يذكر في كتابه ”الصورة الكبيرة“ أن ”التحيزات موجودة عند كِلا الجانبين، فالمؤمن يرتاح لفِكْرة وجود إله يهتم به، ويحدد له ما يجب عليه فعله في الحياة؛ لذا يتحيز إلى فِكْرة وجود إله، لكنه يعترف أنه هو نفسه لا يحب فِكْرة وجود إله يقول له افعل ولا تفعل، ويحب أن يحدد سلوكه والقيم التي سيتبعها في الحياة بنفسه، وهذا قد يجعله متحيزًا ضد الدين“، فكما هو واضح، الملحدين كأي بشر يتأثرون بالعواطف، وقد تكون العاطفة أحد أسباب إلحادهم , وان كان اغلبهم يفقد العاطفة الاسرية ويرفض المفاهيم المتعارفة كالأبوة والأمومة او الاخوة والارحام والصداقة ويعتقد ان هذه مصطلحات يعتقد انه صناعة دينية ..

الاثنين، 24 أكتوبر 2022

 الاغلب يمكن ان يكون عرضة للتفكير الجمعي والأشكال الأخرى من عمليات الإدراك غير العقلانية... حيث يقع هؤلاء بين التأثر ووجود المؤثر الخارجي ، الاول يعود الى ضعف الإيمان والجهل في معرفة الدين، والثاني يعمل الى تسيفيه الدين وعلى انه تخلف ورجعية والإلحاد ظاهرة حضارية تقدمية، والعقول البسيطة تتأثر بالأفكار الشاذة وتقْبَلها على انها فكر تقدمي وترفض من يخالفها وتتحول الأمور من فكرية الى شخصية والى عداء نفسي وإفراط في معاداة الدين والسخرية منه، وهناك من يدعم هذا الموضوع ماديا واعلاميا , ومن يتبع الدين الشعورلديه مختلف وينظر له على انه ضحية ومن الصعوبة ان يعود من الشك الى اليقين لان ما حصل عليه من أفكارفوضوية وتأويلات منحرفة وعقله فارغ أصلا , ليس فيه إلا التشكيك في المسلّمات وهدم القيم والأخلاق وبدون منظومة بديلة ويقع أسيرا للعدمية المطلقة.. 

أرسل احدهم لاحد الاصدقاء اعتذار انه حظره من الصفحة لان في صفحته الشخصية رجل معمم !!!!



الاثنين، 17 أكتوبر 2022

 

ما هو العقل؟

    مفهوم العقل في اللغة والاصطلاح جاء بعدة معاني منها الحبس، ونقيض الجهل، يقال عقل يعقل عقل، والحجر والنهي ضد الحمق والجمع عقول، والعقل اصطلاح جاء بتعريفات كثيرة أيضا بعضها يجعل العقل هو الروح، لأن العقل لا إدراك له بلا روح، وبعضهم يجعله هو القلب، لأن محل العقل القلب، وبعضهم يجعله هو الإنسان لأن ما يميز الإنسان عن غيره العقل، وبعضهم يجعله غريزة تعرف بها العلوم، وبعضهم يجعله ذات العلوم , والعقل في الانسان إذ يدرك بالعقل التجريدات الخالصة أو المعاني الكلية مثل: الله، الملائكة، الروح، الرياضيات، الهندسة وغيرها. ويمتلك هذا العقل ثلاث درجات , العقل بالقوة، وهو العقل المنفعل أو العقل الهيولاني (المادي)، فإذا ما أدرك صور الأجسام في الخارج صار عقلاً بالفعل، إذ يكون فارغاً من المعلومات، إلا أنه يتقبل المعلومات كلها , ويحتفظ بصور الموجودات وفقاً لماهياتها وليس لمادياتها، إذ يجرد الموجودات وينزع عنها آليتها محتفظاً بمعانيها المجردة , والعقل بالفعل، وهو يكون بعد حصول صور الموجودات، إذ يدرك المعقولات بعد انتقاله من وضع الفعل، وذلك بواسطة المعرفة المكتسبة، المعقولات التي كانت بالقوة تصبح بعد انتزاعها معقولات بالفعل , وهذه الصور أو المعقولات ليست كالأشياء خاضعة للأين والمتى والوضع والكيف والكم والفعل والانفعال، بل هي مجردة عن المادة , وهذا لا يعني أن العقل هو غير المعقولات بل هما شيء واحد تماماً، كالشمعة المشتعلة يُنقش فيها النقش على السطح وفي أعماقها في آن، والسطح والعمق منصهران تماماً كالعقل والمعقولات، ولكن عملية هذا الانتقال من القوة إلى الفعل لا تكون بفعل الإنسان، والعقل المستفاد، وهو العقل الذي أصبح بالفعل يدرك المعقولات كلها، وقد اكتسبها في نفسه من حيث صورها المجردة لا مادياتها، وأن الإنسان الذي استكمل عقله المنفعل بالمعقولات كلها، صار عقلاً بالفعل، ومعقولاً بالفعل، وصار المعقول منه هو الذي يُعقل، عندها يحصل له عقل هو فوق رتبة العقل المنفعل , وهذا العقل هو أرقى من العقل المنفعل وأكثر كمالاً، وأكثر اقتراباً من العقل الفعال وابتعاداً عن المادة.   

بعد هذه المقدمة علينا التحدث وباختصار عما تحدث العلماء والفلاسفة عن العقل ومن ثم نضع النتيجة وما نعتقد به وجاء عن اهل العلم الكرام، وهو ان مفهوم العقل يحتل مكان بارزة بل يمكن ان يكون الأول عند الفلاسفة والعلماء وهذه في الفلسفة اليونانية وقبلها، وله من المعاني التي أثير بشأنها الجدلُ قديمًا وحديثًا موضوع متشعب ومثير بين المفكرين ومن تخصصات مختلفة، هل العقل هو جوهر أم هو عرض؟ وما هي وظيفته؟ ,وهل هو القلب؟ أم هو العلم، أم هو عملٌ بالعلم؟ وما عَلاقة العقل بالدماغ الإنساني؟

     تعددت الإجابات منذ بداية الفلسفة والى زمانا الحاضر , ومن يقال عنهم فلاسفة الإسلام؛ كابن سينا، والكندي، والفارابي هم على نهج أرسطو وكل ما لديهم متأثر به حيث يحدد أرسطو معنى العقل بأنه جوهر قائم بنفسه، وله أنواع متعددة؛ العقل الهيولاني، أو العقل بالقوة، وهو الاستعداد المحض لإدراك المعقولات، وهو قوة محضة خالية من الأفعال، وسمي بالهيولاني نسبة إلى الهيولَى الأولى الخالية من الصور كلها , والعقل الفعَّال، وهو العقل العاشر، وسمي فعالاً لكثرة أفعاله في عالم العناصر , والعقل بالفعل؛ أي النفس الناطقة , وهناك العقل المستفاد والعقل المطلق , ويأتي ابن رشد، ويقسم العقول إلى ثلاثة أنواع ولكل من الفلاسفة قول لا يبتعد كثيرا عن الاخر إلا بعض الإضافات , وكل هذا هي عبارة عن فلسفات لا تصمد امام المضمون الحقيقي للعقل وان هذه الأشياء ما هي إلا كلام نظري وناتج عن تأملات خيالية، نعم هي مقولات محترمة لكن خلاف الواقع , الحديث هنا بتجرد واطلاع بحذر ولا يعتقد من يقرأ اسم كبير لفيلسوف او كاتب أن النص مطابق للحقيقة ولا يختلف عن النصوص السماوية وهذا تفكير وتعاطي بسذاجة مع الأفكار  حقيقة , وهنا يجب ان يخضع النص الديني والتاريخي واللاهوتي والعقيدي والتنبؤي والفلسفي الى البحث المعمق واذا كان خلاف نص السماء هو كما اوضحنا  , والفلاسفة ليس كلهم فلسفتهم آراءٌ وتأملات مبنيَّة على رؤيتهم العقلية للوجود والحياة، وقد تصل إلى بعض الحقيقة وقد لا تصل، وهنا لا ادعي الانغلاق او اريد ان أقول كل شيء يخرج من المسجد او الكنيسة  او التموقع في النصوص دون الاستعانة بالفكر والمفكرين لا ابدا ولم يقل احد من العلماء بذلك بل العقل يقول كل علم يرجع به لأهل الاختصاص لا حسب المذاقات الفكرية او النفسية واستنتاجات لا أساس لها او التأويل الفلسفي , وكل أصحاب النظريات بشر يدرك المعلومة أو بالأحرى، كل ما وصل له وجهة نظر , وانا وحسب عقيدتي لا يوجد إلا علم واحد وفهم واحد كامل وتام أعطاه الله للإنسان من أجل التوصل إلى غاية الحقيقة واحدة ولنجاة في الدار الآخرة، دار النعيم و الخلود ، وهذا العلم متضمن كله في الكتب السماوية ومنها القران الكريم وهذا يكون شرحه وتفسيره عن طريق اهل الاختصاص واهل الاختصاص اخذوه من روايات اهل البيت : قال رسول الله r: (إنّ على كلِّ حقٍّ حقيقة وعلى كلِّ صوابٍ نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه)([1]) , والنتيجة عندي الإيمان ضروري للعقل، والعقل ضروري للإيمان، وهذا المعنى موجود حتى عند الفلاسفة في العصور الوسطى: آمِن كي تعقِل , وأبو العلاء  المعري يقول العكس ذلك : اعقِل كي تؤمن , وأبو العلاء المعري هو صاحب منهج الشك و الظاهر كل من جاء بعده اخذ منه .

كذب الظن لا إمام سوى العقل

 

مشيرا في صبحه والمســاء

     وفي هذا بحث طويل لا يسعه المكان وليس كل ما يقوله العقل او يؤمن به هو الحقيقة وليس مصدراً موثوقاً للحقيقة، فالعقل مثلاً يقول أشياء ولكن هذه المعلومة قد تكون خاطئة، وفي الكثير من الإشكاليات المنطقية يستطيع العقل أن يثبت الشيء، ويثبت عكسه بنفس الكفاءة، انا أقول بما قالوا آمِن كي تعقِل نعم بالعقل عرفنا الله تعالى والحسِّ والفِطرة والشرع إدراكَ وجود إله خالق، يَختلف بالكلية عن الإنسان، بل وكل الموجودات , والعقل السليم لا المشوش ولا كفر ولا شك إلا من الكلام وأهل الكلام والجدال والمراء والخصومة ، بخلاف العقل سليم والفِطرة النقية التي توصل للحقيقة، مهما كانت التبريرات والنظريات والفروض؛ فالعدم لا يُنشئ وجودًا، مهما حاول أصحاب تلك النظريات نشرها وإثبات صحتها , وكل النظريات والتفسيرات، تتغير حسب الأشخاص والظروف , في اغلب الاحيان آراء متناقضة وعبثية", وهي نظريات وتفسيرات وشكوك لا يعتبر نسقا فلسفياً يقدم إجابات لكل أسئلة الوجود، إنما هو "موقف"، وموقف محايد أيضا، إن الشاك الحقيقي لا ينفي أي فكر أو عقيدة كما لا يثبتها أيضاً، إنه أقصى درجات الإحباط، يرى بيرون أننا لا نعرف شيئا ولن نعرف شيئا، وأن الأسئلة الوجودية الكبرى ستبقى معلقة، دون إجابات , أغلب الفلاسفة كانوا إما مؤمنين أو شكاكين ، أفلاطون له موقف خاص يدافع من خلاله على وجود عالم معقول متعال لا يمكن إدراكه إلا بواسطة العقل , وكذلك الفيلسوف الفرنسي باسكال يقول: (للقلب أسبابه التي لا يدرك العقل عنها شيئاً، فالقلب هو من يشعر بالله تعالى لا العقل، وهذا هو الإيمان؛ أن تجد الخالق بقلبك لا بعقلك") ولا يمكن للعقل ان يعرف كل شيء وبعضنا يقحمه في مجالات لا يستطيع استيعابها.

 العقل مدرك للحكم لا حاكم وليس منشئاً، الأحكام العقلية لا تُنشأ؛ لأنها لو أنشِئت لكانت وضعية، بل هي أحكام ثابتة في نفس الأمر (الواحد نصف الإثنين)، هذا الحكم لم يضعه أحد بل هو ثابت في نفس الأمر، هو مرآة الوجود، هل المرآة تخطئ! المرآة عاكسة الوجود، المرأة تعطي الوجود ما أعطاها الوجود، ولو أعطيت له مقدمات غير مطابقة للواقع، سيعطيني نتيجة غير مطابقة للواقع، فالنتيجة غير المطابقة للواقع هل تسمى خطأ عقلي؟ طبعاً لا، الخطأ هنا لا ينسب للعقل، بل الخطأ ينسب للواضع لهذه المقدمات، هنا الخطأ، ويكون الخطأ شخصيّاً، هذا الشخص الذي وضع المقدمات وضعها دون ملاحظة مطابقة الواقع، وبالتالي أصدر أحكاماً غير مطابقة للواقع، هذه الأحكام ليس منشؤها العقل , والعقل لا يحكم كما تقدم بل مدرك ولا يدرك الأشياء الا بواسطة حاسة، بعبارة أخرى لا يدرك الجزئيات بذاته من غير استعانة بآلة ادراكية كالحس والوهم وكذا الوهم لا يدرك بذاته المحسوسات من غير توسط الحواس والا فلا مدرك بالحقيقة للكليات والجزئيات في الانسان الا القوة العاقلة وفي الحيوانات لا مدرك للموهومات والمحسوسات الا الوهم , والنتيجة إدراك العقل مقصور على الكليات وأدراك الحس مقصور على الجزئيات فلو وجب للحاكم على الجزئي بالكلي , ولدينا العقل نوعين العقل النظري والعقل العملي حيث يُدرك العقل النظري الواقعيات، والعقل العملي يُدرك الأوامر والقوانين , يعتقد البعض أن الإنسان ليس لديه نوعين منفصلين من العقل، بل هو عقلٌ واحد وهو آلة الإدراك , وبناءً على هذه الاعتقاد يكون الفرق بين العقل النظري والعقل العملي يعود إلى أمرٍ واحد وهو الإدراك , والحكم قد يقع من الحيوانات التي لا عقل لها إذ لولا ذلك لتعذرت عليها الحياة ولو لم يكن الشم والشكل دالا لها على الصورة المطلوبة لم تطلبها أو على الصورة المهروب عنها لم تهرب عنها فظهر ان للمحسوسات الظاهرة اجتماعا في قوه جزئية ادراكية وليس شيء من الحواس الظاهرة كذلك فلا بد من مدرك باطني جزئي وهو المسمى بالحس المشترك , والحواس الظاهرة لا تدرك الأمور الماضية والأمور المستقبلة فالبصر لا يدرك لونا موجودا في الأمس والشم لا يدرك رائحة موجودة في الغد , وادراك المغيبات مقصور على الحس الباطن لكونها غير منطبعة في المادة , وهناك شيء يقال له الحاسة السادسة (الحس الداخلي)([2]) ويعتقد علماء النفس أن كل شخص يملك حواس خفية موازية للحواس العادية الملموسة على سبيل المثال، يُمكنك أن تقطف زهرة وتشم رائحتها عبر حاسة الشم، بينما يُمكنك أن تشم رائحة زهرة غير موجودة اعتماداً على الحاسة الخفية لديك، الموازية لحالة الشم , وحيث إن هذه القدرة على إدراك الحواس الخفية لا يستشعرها الجميع، لكنها موجودة عند كل الناس، وبحاجة لتفعيل قبل أن يتمكّنوا من استخدامها , ويقول العلماء هي قدرة إضافية يمتلكها البشر، لكن نادراً ما يقومون باستخدامها في حياتهم العملية, والظاهر عند الحيوانات، يبدو الحدس أكثر تطورا، حيث استطاعت الفيلة -على سبيل المثال- بقدرتها على إدراك الاهتزازات فوق الصوتية للموجات الزلزالية أن تختبئ وتنجو من إعصار تسونامي الذي ضرب سواحل المحيط الهندي في قارة آسيا عام 2004. ومن المعروف أن لدى الحيوانات حساسية عالية تجاه التغيرات في الضغط الجوي والمجال المغناطيسي.

يعدّ التفكير عملية مزاوجة بين الأفكار داخل خزان العقل لإنتاج فكرة ما، ولا تقتصر مهام العقل على التفكير لإنتاج الأفكار فقط، بل الاحساس والشعور والسلوك , وتعود دقة التفكير إلى مستوى وعي الفرد فكلما كان مكتسباً للخبرات والعلوم الحديثة زادت قدرته على طرح أفكار دقيقة والتصرف بسلوك صحيح متوافق مع أعراف المجتمع وقيمه، ما يزيد شأنه الاجتماعي ويقل شأنه خلاف ذلك.

    مفهوم العقل في الفقه الشِّيعي هو مصدراً من مصادر التَّشريع، إلى جانب الكتاب والسنَّة والإجماع، ويراد منه هنا منظومة الأحكام القطعية النَّظريَّة والعملية، حينما نراجع المصادر والنصوص الدينية نجد ان الاسلام يؤكد كثيرا على العقل وهذا الامر من خصائص الدين الاسلامي وهذه المسألة غير موجودة في بقية الأديان، وكما جاء في صحيحة محمد بن مسلم، عن الامام الباقر×: (لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر...) وهذا يدل على ان طاعة  اوامر الله عز وجل تكون على اساس العقل، فالعاقل هو الذي يطيع الله عز وجل ومن يعصي الله عز وجل فليس بعاقل. ثم قال (وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب الي منك) وهذا يعني انه لا يوجد مخلوق أحب الى الله أكثر من العقل، وان نعمة العقل أحب النعم الى الله (هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن أحب)([3]).

     يصرّح الشيخ المفيد1  بعدم وضع العقل مع الكتاب والسنَّة في منزلة سواء، ويرى أنَّ وظيفته الأساسية هي فهم النُّصوص الشرعية ([4]) وهناك استدلالات عقلية في الكتب الفقهية والاصولية كثيرة , وعندما مراجع الفقه والاصول وكلمات الفقهاء استدلالات عقلية في النصوص الفقهية والاصولية , مثلا في باب الحج حينما تطرح مسألة البدار فانهم يقولون (يجب البدار بحكم العقل) فان الدليل الرصين الذي هو من جملة اهم ادلتهم هو العقل , ومن أهم الادلة التي تذكر للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو العقل , هو وجوب ارشادي اي ان العقل يحكم بوجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والشارع اكد هذا الحكم , ويشار ايضاً الى العقل في أبحاث دفع أقل القبيحين ففي مباحث علم الاصول ، وقد طرح في مباحث الالفاظ الملازمة بين حكم العقل وحكم الشارع والملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذي المقدمة، اجزاء الامر الظاهري عن الامر الواقعي وصولا الى بحث النزاع بين الاصولي والاخباري، والنزاع بين الاخباريين والاصوليين حيث ان الجهة الأولى يتمسكون بأطلاق الرواية ويقولون لو ان الدليل العقلي القطعي حكم بأمر فنحن لا يحق لنا طبقا لهذه الرواية ان نأخذ بما يحكم به الدليل العقلي القطعي , والجهة الثانية الأصوليين يقولون ان العقل هو احد مصادر الاستنباط ومن الادلة الأربعة , ومن جملة المواضع التي يقع النزاع فيها بين الاخباريين والأصوليين في مسألة العقل هي مسألة الحسن والقبح العقليين والحسن والقبح الذاتي وهكذا جريان الاستصحاب في الاحكام العقلية وهل ان الاستصحاب يجري في الاحكام العقلية اولا؟ وهل يجري في الاحكام الشرعية التي تستند الى العقل او لا؟ فالشيخ  الانصاري 1لا يرى جريان الاستصحاب في ذلك , ويقول الشيخ المظفر في (اصول الفقه): ( ان علماءنا الاصوليين من المتقدمين حصروا الادلة على الاحكام الشرعية في الاربعة المعروفة التي رابعها الدليل العقلي )) و (لم يظهر لي بالضبط ما كان يقصد المتقدمون من علمائنا بالدليل العقلي, حتى ان الكثير منهم لم يذكره من الادلة, أو لم يفسره, أو فسره بما لا يصلح أن يكون دليلا في قبال الكتاب والسنة) ,والمسلمون جميعا متفقون على أن الحكم لله تعالى, وأنه وحدة الذي له حق التشريع , والعقل ليس له القدرة على جعل الحكم ,كما أن ليس له القدرة على الاستقلال بنفسه لأدراك الاحكام الشرعية (لان أحكام الله توقيفية فلا يمكن العلم بها الا من طريق السماع من مبلغ الاحكام المنصوب من قبله تعالى لتبليغها, ضرورة أن أحكام الله ليست من القضايا الاولية, وليست مما تنالها المشاهدة بالبصر ونحوه من الحواس الظاهرة بل الباطنة, وليست أيضا مما تنالها التجربة والحدس, واذا كانت كذلك فكيف يمكن العلم بها من غير طريق السماع من مبلغها, وشأنها في ذلك شأن سائر المجعولات التي يضعها البشر كاللغات والخطوط والرموز ونحوها , وكذلك ملاكات الاحكام كنفس الاحكام، لا يمكن العلم بها الا من طريق السماع من مبلغ الاحكام، لأنه ليس عندنا قاعدة مضبوطة نعرف بها أسرار أحكام الله وملاكاتها التي انيطت بها الاحكام عنده, والظن لا يغني عن الحق شيئا)([5])  وكلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع : مفاد هذه القاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع, فكلّ ما يحكم به العقل يحكم به الشرع, لكن لم يبيّن الفقهاء مرادهم من دليل العقل تحديداً, ولا حدود هذه الملازمة, وحدود إدراك العقل, وقد اختلفوا في ذلك اختلافاً شديداً, حتّى يصعب الوصول إلى محصِّلة من كلماتهم , فعندما يطلقون دليل العقل, لهم في ذلك ثلاث معان:

الأوّل: الأصل المنتج للحكم الشرعي، مثل حكم العقل بالبراءة الأصليّة وقبح العقاب بلا بيان، كذلك ما يصطلح عليه باستصحاب حال العقل.

الثاني: البحث في الملازمة بين حكم شرعي وحكم عقلي آخر، كما لو حكم الشارع بوجوب شيء، فإنّ العقل يحكم بوجوب مقدّمته، لأنّه لا يمكن امتثال الواجب من دون توفير مقدّمته، وكذلك البحث في وجوب الشيء وحرمة ضدّه عقلاً.

الثالث: إدراك العقل بنفسه ومباشرة لحكم الشارع. وفي هذه النقطة بالتحديد وقع النزاع في حكم العقل.

والثابت من كلماتهم: الأول : أنّ ما يدركه العقل من الآراء المحمودة التي تطابق عليها العقلاء, مثل: حسن العدل وقبح الظلم وحسن الصدق وقبح الكذب وحسن الأمانة وقبح الخيانة ونحو ذلك, فكلّ ذلك كما يحكم به العقل يحكم به الشارع؛ لأنّ الشارع من العقلاء, بل سيّدهم , لكن ذلك لا يُعين على استكشاف الأحكام الشرعيّة وتعيين مصاديقها, فإنّ ذلك من المبادئ العامّة, فذلك أشبه بما يذكرونه من تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد, فإنّ أصل التبعيّة لا غبار عليها, لكن الكلام كلّ الكلام في إدراك المصالح والمفاسد , والثاني: ما يدركه العقل ممّن لا يندرج في الآراء المحمودة, مثل إدراكه ضرورة التوسّع في المعاملات الاقتصادية وتشريع عقود جديدة لم تكن موجودة في زمن الشارع, وإدراكه لوجوب تصدّي الفقيه لشؤون الاُمّة باعتباره أكثر الناس حرصاً على مصالحها, ونحو ذلك ممّا يمكن أن يدّعى إدراكه العقل, فهنا القول بالملازمة يتنافي مع مبدأ توقيفيّة أحكام الشارع, ومع ما ورد من أنّ دين الله لا يصاب بالعقول.

 الا بألة جزئيه واما ثانيا فلان هذا الحكم قد يقع من الحيوانات التي لا عقل لها إذ لولا ذلك لتعذرت عليها الحياة ولو لم يكن الشم والشكل دالا لها على الصورة المطلوبة لم تطلبها أو على الصورة المهروب عنها لم تهرب عنها فظهر ان للمحسوسات الظاهرة اجتماعا في قوه جزئيه ادراكية وليس شيء من الحواس الظاهرة كذلك فلا بد من مدرك باطني جزئي وهو المسمى بالحس المشترك.

 والى اليوم مازال الخلاف بين الفلاسفة حول حدود العقل وإمكانياته يقول ابن خلدون: إن العقل ميزان صحيح، لكن لا تطمع أن تزن به أمور التوحيد، فإن ذلك طمع محال" , ويقول ايمانويل كانط : ستطيع أن أصف لك كيف يبدو لي العالم، لكني لا أستطيع أن أصفه كما هو في الواقع" , ويقول بيرون : نحن لا نعرف شيئاً، ولن نعرف شيئاً" , يدركها العقل بسهولة ,. ويرى لوك : أنه لابد من التسليم عدم قدرة العقل البشري الخوض في المسائل التي تتجاوز إدراكه، فبعد الفحص الدقيق لكل القضايا تبين أنها تفوق قدرة العقل على استيعابها "ويقول العقاد : (فالعقل في مدلول لفظه العام ملكة يناط بها الوازع الأخلاقي أو المنع عن المحظور والمنكر، ومن هنا كان اشتقاقه من مادة (عقل) التي يؤخذ منها العقال).. وبقدر اختلافهم واختلاف بيئاتهم كانت النتائج مختلفة وخاصة منهج الشك يشكون في العقل نفسه وليس لديهم ينفي لأي فكر أو عقيدة كما لا يثبتها أيضاً، وقولهم أننا لا نعرف شيئا ولن نعرف شيئا، وأن الأسئلة الوجودية الكبرى ستبقى معلقة، والنتيجة العقل هو ملكة الإدراك والتفكير والإبداع وأعلى مراتب الإدراك للعقل، وقد ميز الله تعالى الإنسان بالعقل المدرك والمميز والواعي والمبدع والمفكر والخلاق، والمخ نعمة إلهية أنعم الله تعالى بها على الكائنات الحية، القرآن الكريم لا يذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه , والتفكير نعمة أنعم الله بها على كثير من بني البشر وسلبها من بعضهم , وجعل الله تعالى التفكير فريضة قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْ_تِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ)([6]) وأولو الألباب هم العقلاء حقا فهم كما قال تعالى: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) ([7])

 

 


 

 



[1] _ روى ثقةُ الإسلام الكليني في الكافي : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله 7

[2] _ يسميها بعض الناس "الحدس" أو "الغريزة"، وتُعرف أيضا بـ"الحاسة السادسة"، تقول الكاتبة ناتالي سابيرو في تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" (lefigaro) الفرنسية، إن "الحاسة السادسة" شيء مدهش لأغلب الناس، فهي عبارة عن معلومات تُفرض علينا من دون وعي ولا يمكن تفسيرها تفسيرا منطقيا.

[3] لشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٠ - الكافي

[4] _ الشيخ المفيد، أوائل المقالات، المؤلفات الكاملة، ج4، ص 44 و45.

[5] _ اُصول المظفّر 112 - 111.

[6] _ آل عمران 190

[7] _ آل عمران191